سوق الأكباش بتطوان يغلي بارتفاع الأسعار.. هذا ما أجمعت عليه مختلف الشرائح الاجتماعية، التي استطلعت «المساء» آراءها أول أمس بسوق «الكرنة» بمدخل تطوان، على الطريق المؤدية إلى مدينة شفشاون. ويعود تاريخ هذا السوق إلى سنوات خلت، حيث عمدت ولاية تطوان إلى نقل مكان بيع أكباش عيد الأضحى بالحمامة البيضاء من فضاءات متفرقة وعشوائية دون أي تنظيم إلى هذا السوق. التبن أكثر من الأكباش أول ملاحظة تلفت انتباه المواطنين لدى توجههم إلى سوق الأكباش، يوم إنجازنا هذا الروبورتاج، هو أن عدد الشاحنات التي تقل على متنها رزم التبن أكثر من عدد الأكباش. «إن أغلبية الكسابة فضلوا هذه السنة التعامل مع أصحاب بعض المرائب والدكاكين الفارغة لبيع أضحية العيد»، يقول أحد «الشناقة» بالسوق المذكور، مما جعله يعرف فراغا كبيرا في عرض أكباش العيد، مقارنة بالسنة الماضية. ووفق محدثنا، فإن ثمن كراء مرأب لبيع الأكباش يتجاوز 15 ألف درهم في مدة لا تتراوح أسبوعين، مما يؤدي إلى رفع ثمن الأكباش، وبالتالي صعوبة اقتناء كبش «محترم» من طرف أغلبية العائلات التطوانية ذات الدخل المحدود والمتوسط. فيما صرح بعض «الكسابة» أنهم يؤدون مبلغ 3 دراهم يوميا للجماعة الحضرية ك«صنك» عن كل كبش مقابل توفيرهم هذا الفضاء لبيع أغنامهم. لكن يبقى العدد قليلا جدا بالنسبة للعرض، وهو ما يطرح إمكانية ارتفاع الأثمان إذا لم تعمل ولاية تطوان على جلب المزيد من الأغنام للمواطنين، حتى يتمكنوا من شراء كبش العيد وفق استطاعتهم وبأثمان معقولة. 2400 كبش في ستة أيام أفاد مصدر رسمي «المساء» أن الجماعة الحضرية استخلصت حاليا مبلغ 7000 درهم فقط من بائعي الأكباش. وبعملية حسابية ندرك أن عدد الأغنام المعروضة في السوق المذكور لم تتجاوز 2333 كبشا. وهو رقم جد ضئيل لساكنة مدينة يفوق عدد سكانها 400 ألف نسمة. ووفق ما عاينته الجريدة، فإن ثمن كبش متوسط الحجم يفوق 2000 درهم، فيما كان لا يتعدى ثمنه السنة الماضية 1500 درهم، أي بزيادة 30 بالمائة. بينما تعرف أكباش «الصردي» على قلتها بتطوان ارتفاعا كبيرا في الأثمان يصل إلى 3200 درهم، وهو الارتفاع الذي أخر اقتناء الأغنام من طرف المواطنين في انتظار تدخل السلطة أو ارتفاع العرض خلال الأيام القادمة. نفس الاستنتاج يصدر عن بعض سائقي العربات والدراجات النارية، التي تنقل الأكباش إلى غاية سكن المشترين، الذين أجمعوا على أن»الحالة ناعسة» و مازالت عملية شراء الأكباش لم تنطلق فعليا نظرا لغلاء الثامنة. وتقول إحسان، وهي مصورة فوتوغرافية، إن مناسبة مثل عيد الأضحى «تفزعها» لأنها تعتقد أن جيبها لن يقدر على تحمل كل الأعباء دون اللجوء إلى الاقتراض. «ثمن الأغنام أصبح تقريبا نصف ثمن مهر الزواج»، تسخر المتحدثة مما آل إليه الوضع في تطوان هذه السنة. فيما تقول سيدة أخرى إن الأثمان بتطوان غالية جدا مقارنة بمدن أخرى، «لقد اتصلت بابنتي وأكدت لي أنها اقتنت كبشا جيدا في مدينة أكادير بثمن جد معقول»، فيما أوعز العديد من المربين ارتفاع سعر الكبش إلى المضاربين و السماسرة الذين يغتنمون المناسبات والمواسم و يرفعون من سعر الماشية. الماعز ومرضى السكري وتعرف بعض مرائب مدينة تطوان رواجا كبيرا للماعز الذي يفد من عدة مناطق وقرى جبلية بتطوان. كما تختلف نوعية العلف وطبيعة المراعي الجبلية الخاصة به، حيث تضطر العديد من العائلات إلى شراء الماعز، لكون بعض أفرادها مصابون بمرض السكري. كما أنه لا يحتوى على كميات كبيرة من الدهون التي تزيد من مخاطر الإصابة به، وهو المرض الذي أصبح مشكلة صحية خطيرة في المغرب، إذ تشير الإحصائيات الرسمية الأخيرة إلى إصابة 6.6 في المائة من المغاربة بهذا الداء المزمن. في نفس الوقت يتوجه أفراد بعض العائلات إلى شراء أضحية العيد مباشرة من أصحاب الأغنام في قراهم ودواويرهم، مع اتفاق بشأن تركها في عين المكان إلى حلول العيد عناء الاهتمام بها داخل شققهم أو في أسطح عماراتهم قبل العيد. كما أنهم يكونون واثقين من جودة الأضحية وعدم تعريض جيوبهم للزيادة في الأسعار التي يقوم به الوسطاء و«الشناقة». مهن موسمية لمحاربة البطالة يعرف عيد الأضحى انتعاشا لبعض المهن الموسمية وبيعا كبيرا لبيع الأواني الفخارية الخاصة بطهي بعض أكلات العيد التقليدية، حيث يختص بعض شباب المدينة المعطلين ببيع علف الأغنام وسط أحياء المدينة العتيقة، فيما يقوم آخرون بعرض سلعهم الصينية التي يكثر عليها الطلب من مثل السكاكين والشوايات وغيرها من الأواني. كما يعرض آخرون طاولات وسط الأحياء الشعبية لبيع توابل عيد الأضحى التي يكثر عليها الطلب، وهي التوابل الخاصة بإعداد أكلات محلية تقليدية لا تستغني عنها ساكنة تطوان.