من حق المغاربة الذين يتوجهون هذه الأيام لشراء أضحية العيد أن يسألوا البائع «آش كياكل هاد الحولي؟». إنه سؤال مشروع لأن الحْوالا في المغرب أصبحت اليوم تنقسم إلى قسمين، حوالا تأكل الحشيش، يعني الرّْبيع ماشي حشيش كتامة، وحْوالا تأكل البلاستيك، أي البلاستيك الأسود على وجه الخصوص. هكذا إذن تفرقت قبيلة الحوالا إلى قسمين بعد أن كانت في الماضي قبيلة واحدة، وبذلك أصابها ما أصاب البشر قبلها من تفرقة وطبقية، فأصبح الناس متفرقين ما بين قبيلة البخوش والدباّن وقبيلة البشر الصّّْحاح أصحاب الدم الأزرق. وفي كل الأحوال، فإن الحوالا لم تختر مصيرها بأيديها، أولا لأنها حْوالا، وعادة ما لا تختار الحوالا مصيرها بيدها وتترك الآخرين يقودونها نحو حتفها، وثانيا لأن كل الحقول الخضراء التي كانت تنبت العشب والحشائش نبتت فيها العمارات والمجمعات السكنية. ماذا يريد المغاربة إذن؟.. بغاو حولي مزيان وحقول خضراء ويتملكو منزل بثمن اقتصادي. هذه رفاهية لم يدركها حتى السويديون. ينبغي أن يختار الناس شيئا واحدا فقط من هذه الأشياء الثلاثة. مغاربة كثيرون لم يعودوا يفاجؤون حين يجدون في أحشاء الأكباش عشرات القطع البلاستيكية. ويقول بعض العارفين إن البلاستيك الأسود بالنسبة إلى الحوالا هو بمثابة العدس بالنسبة إلى الإنسان، العدس فيه الحديد، والبلاستيك الأسود فيه اليورانيوم الذي تصنع منه القنبلة الذرية. وتحكي امرأة أنها في عيد الأضحى الماضي وجدت في بطن كبشها قطعة كبيرة من البلاستيك الأسود سالمة تقريبا، فغسلتها ووضعت فيها أحشاء الخروف ورمتها في المزبلة، هذا يعني أن الذين يجدون في بطون الحوالا بلاستيك أسود لن يحتاجوا إلى شراء بلاستيك من السوق لرمي الأحشاء الملوثة لأن كل شيء يوجد في بطن الحولي.. وهذه نعمة من عند الله في هذا الزمن البلاستيكي الأسود. لكن كم من المغاربة يرمون أحشاء الحولي حين يجدون فيها بلاستيك أسود؟ كثيرون يرمون البلاستيك ثم يضعون الأحشاء اللذيذة في الكاميلة، وبعد ذلك يتساءل الناس لماذا كثرت بيننا أمراض السرطان والكبد والرئة والقرينة الكْحلة. غير أن الأكباش التي تلتهم الميكة الكْحلة تبدو أقل سوءا من الماعز الذي يلتهم أي شيء يجده في طريقه. وإذا كان لابد من شراء أضحية فمن الأفضل للفقراء أن يشتروا جديا لأن رجلا في عيد الأضحى الماضي وجد في معدته ساعة نسوية بلاستيكية لا تزال تعمل. ويبدو أن الجديان تحولت إلى سويرتي متحرك ويمكن العثور في أحشائها على ساعة أو راديو ترانزستور، ومن يدري فقد يعثر أحد في بطنها على تلفزيون بلازما ملون أو أورديناتور مرتبط أوتوماتيكيا بشبكة الأنترنيت عبر الأقمار الصناعية. الغريب أنه قبل بضعة أسابيع فقط من وصول العيد، صار المغاربة يشاهدون كل عام عددا متزايدا من الحوالا والبقر والماعز تحيط بالمزابل، حيث يقفز الماعز في البداية فوق براميل القمامة ويطيح بها فتتجمع كل فصائل الماشية لتأخذ نصيبها من أزبال الأمة، وإلى بطون الأمة تعود تلك الأزبال محشوة في أحشاء أضحية العيد. في النهاية دعونا نتخيل الأشياء كما تجري في أفلام الخيال العلمي، أو ربما أفلام الرعب. مثلا، يشتري رجل شيئا ثم يجمع الميكة الكْحلة بين يديه ويكمّشها قليلا ويرميها في جانب الطريق وكأنه تخلص منها إلى الأبد. تهب ريح خفيفة وتدفع بالميكة نحو مكان ما، ثم يمر كبش جائع ويلتهم القطعة البلاستيكية كأنه يلتهم قطعة بيتزا. وعندما يقترب العيد يذهب الرجل الذي رمى الميكة الكْحلة إلى السوق ليشتري كبشا، فيختار نفس الكبش الذي أكل الميكة التي رماها في الشارع. هل هذه مبالغة في الخيال؟ أبدا.. إنه الواقع بعينه، وكل مغربي رمى ميكة كْحلة في الشارع يمكن أن يتوقع أنها ستعود إليه في أحشاء خروف العيد. ردّوا البال.