من أصيلة: بحياكاته الجميلة، وألوانه التي بالفرح تطرّز ذاكرةً بحرينيّة قديمة، يستمرّ معرض (حياكة وألوان) في سياق فعاليّات منتدى أصيلة الثّقافيّ الدّوليّ السّادس والثّلاثين الذي يحتضن البحرين ضيف شرف المنتدى. وبلغةِ الملمس والنّسيج، يحبك المعرض حكايةً بصريّة وحسّيّة ما بين الثّوب البحرينيّ النّسائيّ الشّعبيّ وبين سكّان مدينة أصيلة المغربيّة وزائريها وفنّانيها، الذين لا زالوا يزورون المعرض ويتجوّلون بين أثوابه منذ انطلاقه في الثّامن من شهر أغسطس الجاري. ويقدم المعرض مجموعة منتقاة ومختارة من متحف البحرين الوطنيّ للعديد من الأزياء النّسائيّة البحرينيّة القديمة، في حرصٍ على نقل هذا التّراث الإنسانيّ، واستنباط للمفاهيم الشّعبيّة القديمة التي استلهمتها تلك الأثواب واحتفظت بها. كما تشرح الأثواب والأزياء المعروضة التّقاليد المتّصلة بذلك الزّمن، والحِرَف التّقليديّة الشّعبيّة التي لازمت أهالي البحرين حتّى فترةٍ قريبة كما في الكورار والنّسيج والخياطة والتّطريز اليدويّ وصناعة الخيوط وغيرها. ويعكس المعرض في الوقتِ ذاته الهويّة البحرينيّة وعلاقتها بالألوان وتأثّرها بالبيئة المحيطة والواقع المُعاش. كما يقدم المعرض نماذج مختلفة تتعلّق بطرق التّصميم، الطّرز، الزّخارف والنّقوش التي تأثّرت بالبيئة والعلاقة ما بين الأثواب والمناسبات الاجتماعيّة. ويشرح أيضًا انعكاس الفوارق الاجتماعيّة على طبيعة تلكَ الملابس في استيعابٍ للطّبقات المجتمعيّة والتّركيبة السّكانيّة آنذاك. وتشكل الأزياء البحرينيّة التّقليديّة مدخلاً لتراث إنسانيّ يعكس الفنّ في المزج والاختيار بين الكثير ممّا يَرِد إلى أرض دلمون بحكم موقعها في شرق البلاد العربيّة وتوسّطها خارطة الملاحة التّجاريّة. ويلاحظ على تلك التّصاميم الذّوق الجماليّ والفنّيّ الذي أبدعته يدُ الصّانع البحرينيّ في خياطة وتطريز الملابس بنقوشٍ مستوحاة من الطّبيعة كما في زخارف: الكازوّة، الوردة، الفرخ والبيذانة، أو الزّخارف المستوحاة من الهندسة أو أعمال صياغة الذّهب. ومن أهمّ الأثواب التي حرصت وزارة الثّقافة في مشاركتها بمنتدى أصيلة على نقلها للجمهور المغربيّ وزوّار المدينة: ثوب الثّريّا، الثّوب المفحّح، بشت العروس الأبيض وثوب النّشل باختلاف تصاميمه القديمة وتلك الحداثيّة المستوحاة من التّاريخ البحرينيّ. واستعرضت في هذه التّصاميم والطّرز العديد من تفاصيل الحياكة والنّسج البحرينيّ، كما في تطريز الكورار والنّقدة، إلى جانب الطّراز التّصميميّ للمنبّط. هذا المعرض الذي يكاد الآن أن يختتم أسبوعه الثّانيّ استقطب يوميًّا العديد من الزوّار في موقعه على المسار الواصل ما بين ساحة عبدالله كنّون وقصر الثّقافة. والجميل في هذا المعرض أنّه يقع في طريقٍ قديمٍ تزيّن سقفه تصاميم تتّخذ شكل حليّ (المرتعشة) في تكاملٍ ما بين المكان وطبيعة المعرض. أمّا الأثواب والأزياء البحرينيّة القديمة فهي تقع بقلبِ غرفتين قديمتين على هذا الطّريق مباشرة، تجذب العابرين في المكان وتصنع تجربتهم لاكتشاف الثّقافة البحرينيّة المتّصلة بالحياكة والتّطريز. الجدير بالذّكر أنّ هذا المعرض يقتبس تجربة (مهرجان البحرين السّنويّ للتّراث)، وينتقي فكرة هذا الموسم من أجل نشرها كتراثٍ يستند في تفاصيله على الفنون، عاكسًا العلاقة ما بين أهل البحرين وبراعة التّصميم ودمج الألوان.