لقد أصبحنا نربط أغلب أمور حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلى جانب الفكرية والعقائدية بالديمقراطية، وكأنها المفتاح السحري لكل المشاكل والاختلالات وعدم المساواة. إن مفهوم الديمقراطية في أساسه نتاج لرؤية وفكر إغريقي فشل في تطبيق المضمون، وانتقل للأجيال إرثا بلا ورث ولا يزال حتى اليوم فارغ المحتوى بفعل الاستغلال والاستعلاء والاستقواء والتعصب الذي تعانيه البشرية حتى على مستوى الأسر الصغيرة. الديمقراطية سياق أخلاقي لا تفسره الحرية الشخصية لكل فرد، بل هي التزام الطرفين والجماعة بما يضمن حق كل فرد وبما ينفع ولا يضر وبما لا يتجاوز الاستحقاق تحت قاعدة لا ضرر ولا ضرار. مشكلتنا الأساسية اليوم مع الديمقراطية أن مواقع السلطة والسيطرة والامتلاك تتناوب عليها فئات وأسر بعينها، محجوبة بالقوة والقهر على سواهم، وبسبب ذلك تتسرب مقومات الديمقراطية وتُهدَر مضامينها، فلا التزام ولا انضباط ولا شفافية ولا مصداقية ولا مشاركة فعلية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات التي أصبحت تعكس نظرة الأنانية والاستعلاء والجبر والاحتكار التي ليس لها تبرير إلا ادعاءات ثقافية وإيديولوجية واهية تسوغ حق العيش بأشكال استثنائية لبعض الزاعمين بتمايزهم الحضاري والتاريخي ونسبهم العائلي على حساب القيم والاستحقاق والكفاءة والعدل والمساواة، فبهذه المغالطة يُقُسّم العالم إلى أغنياء وفقراء ويضيع ذوي الحقوق في اللا مساواة، وعلى الرغم من ذلك لا نمل الحديث عن الديمقراطية ناسين أنها التزام أخلاقي انحط بأنانيتنا وغاب أثره وإن ظل اسمه، وما أظن الديمقراطية اسما. {tanja24}