«متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» (الخليفة * عمر بن الخطاب) «ولد الإنسان حرا وهو مقيد بالأغلال في كل مكان» * (مونتسكيو) تشكل دراسة إشكالية المواطنة دراسة تحليلية نقدية معتمدة على مقاربة سوسيوتاريخية تستهدف التأمل في بعض الشروط البنيوية اللازمة لنشأة مواطنة حقيقية ومعالجتها كميكانيزم اجتماعي وكأساس للانتماء السياسي، وإثارة النقاش وإغنائه للبحث عن صيغ جديدة للإصلاح والتغيير وتعميق الاختيار التحديثي في مجتمعنا من أجل تعزيز مكانة الإنسان وإخراجه من دائرة الإقصاء والتهميش وتحريره من الأغلال والقيود التي تحد من فعاليته وحريته وتجهض أحلامه وتقتل طموحاته، وتطمح هذه الدراسة أيضا إلى صياغة مشروع مجتمعي حداثي تسوده الديمقراطية وثقافة المواطنة الحقة تعيد الاعتبار للمواطن وجعله متصالحا مع نفسه ومع مجتمعه من جهة، ومع الدولة من جهة ثانية، بعد قطيعة دامت أكثر من أربعة عقود، وتصون حقوقه وتحترم إنسانيته وتؤهله للمشاركة في تسيير الشأن العام وضخ الجسد السياسي بدم جديد درءا للنكسات والأزمات وتسريع وتيرة الانتقال إلى عهد ديمقراطي جديد. اقتضت منا معالجة هذا الموضوع الانطلاق من طرح تساؤلات مشروعة ومستفزة في نفس الوقت قصد وضع الأصبع على موضع الألم لينطق الجرح وليفتح البواب أمام التساؤلات المتدفقة لاستنطاق الواقع واستشراف المستقبل وبلورة أجوبة موضوعية ومقنعة بعيدة عن الأطروحات الإيديولوجية التبريرية والتضليلية، ومن أبرز هذه التساؤلات: ماذا تعني المواطنة؟ وما هي شروط وممكنات تحقيقها؟ أية عوائق تقف أمام بلوغها؟ هل نعيش فعلا أزمة مواطنة ؟ هل يمكننا أن نتفاعل بمستقبلها. 1- مفهوم المواطنة وسياقه التاريخي: من المهم الإشارة هنا، إلى الصعوبة بمكان في تحديد تأريخية دقيقة لنشأة مفهوم المواطنة الذي أضحى الآن شائعا في كل المجتمعات، كما أن مسلسل بنائها كان يعرف المد والجزر. فنشأة المواطنة لا يمكن أن تتحقق بمجرد الاقتناع بها، فهي تحتاج إلى إرادة وممارسة سياسية لتوفير الشروط المواتية والتي تمثل مدخلا حقيقيا لترسيخ المواطنة الحقة. فماذا نعني بالمواطنة ؟ وكيف نشأت ؟ تشكل المواطنة موضوعا شائكا ومعقدا، فالخوض فيه أشبه بالتسلق إلى جبل شامخ ذي مسالك وعرة وممرات مدلهمة وتقاطعات عديدة، أو أشبه بالمغامرة إن لم نقل بالمخاطرة، لذلك لا مناص من تناول الأصول التاريخية لهذا المفهوم وكيفية تبلوره لدى المجتمعات القديمة. فهو مصطلح دخيل على الثقافة السياسية العربية بحكم أصوله الغربية، إذ أنتجته العقلية الغربية. فالمواطنة مصطلح إغريقي «سيطاس» ويعني جماعة من المواطنين، كما أنها حسب ما أقرته العلوم الاجتماعية والسياسية بصفة خاصة مصطلح غير ثابت لخضوعه لعدة تغييرات، فهو ليس مفهوما سياسيا خالصا ولا اجتماعيا ولا معطى قانونيا صرفا، إذ يحتوي على دلالة سوسيولوجية وتاريخية ترتبط أساسا بالحرية. تمثل المواطنة أيضا مرحلة أعلى من الجنسية التي تعني الانتماء السياسي لدولة ما، لأنها تجمع بين التمثيل السياسي والشعور والإحساس والوجدان، كما تجسد الكينونة الاجتماعية والشراكة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز، وأيضا تعني المشاركة الإيجابية في تسيير وتدبير الشأن العام وتعتبر صورة معبرة عن التلاحم الاجتماعي ومصدرا حقيقيا للرابطة الاجتماعية والرغبة في اقتسام مجموعة من القيم التي تعتبر نتاجا لمصالح مشتركة، وتشكل أساس الانتماء السياسي، إذ جاءت لتقصي الجانب العرقي، فهي تعبير عن الانتماء إلى دولة ما والتسليم بشرعيتها والخضوع لقوانينها، وعلى الدولة أن تحترم هذه المواطنة من خلال التعامل مع أفراد المجتمع كمواطنين لا كرعايا، تعامل يحكمه القانون عوض المزاجية وقيم الولاء والطاعة والانبطاح والاستسلام الإرادي، فالمواطنة تقتصر على الإنسان الحر المتمتع بالإرادة وقوة التحدي والقادر على الفعل والمواجهة، والذي يعيش في محيط اجتماعي معين. كما أنها ظاهرة دينامية تحدد بقواعد وضوابط مثل: حرية الاختيار، المسؤولية والالتزام، وترتكز على عدة أسس أهمها: - الأساس المدني: هو الذي يحدد وجود الشخص من خلال تسجيل ولادته وأصله ونسبه وغيرها من العناصر المدنية المهمة المساهمة في الاعتراف الرسمي للفرد وتحديد هويته. - البعد السياسي: لا يمكن اختزاله في التصويت والترشيح، بل يشمل الممارسة الديمقراطية في شموليتها، إذ تتضمن الإيمان بالحرية وبحق الاختلاف والمساهمة الفعالة في تسيير وتدبير الشأن العام والمحلي. - الأساس السوسيوثقافي: يتضمن البعد السوسيولوجي الأدوار الاجتماعية والعلاقات التي يقيمها الأفراد والجماعات فيما بينها. أما الأساس الثقافي، فيتضح من خلال الإيمان بقضية التعدد والتنوع الثقافي. - الأساس الاقتصادي: يشمل المساهمة في عملية الإنتاج والمراقبة والتتبع لجميع مراحلها، والاستهلاك لمنتوجات ومعارف وخدمات. - البعد السيكولوجي: تقتضي المواطنة الشعور بها والإيمان بها، فالفرد يكتسب مواطنته منذ ولادته داخل مجتمع معين، لتأخذ في التبلور التدريجي تبعا لتطور مستوى الوعي، خصوصا إذا علمنا أن المواطنة تعني مجموعة من القواعد والآليات والتقنيات التي يجب اكتسابها والاستعداد لممارستها، كما تعكس نمطا من السلوك المرتكز على اختيارات وقناعات ومجهودات تطوعية والعقلية الخلاقة للتصورات والأفكار وطرح الحلول البديلة والناجعة، كما تساعد على تنمية الإحساس والشعور بالمسؤولية والواجب، وتعد أيضا تعبيرا عن الإرادة الفردية والجماعية لمقاومة كل أشكال التسلط والطغيان، فهي بمثابة البوصلة التي توجه خطوات الفرد وسلوكاته ومواقفه، كما تعني أيضا إسناد المسؤوليات والمهام على أساس الاقتدار والكفاءة والنزاهة والمصداقية، وتشكل أيضا إحدى الآليات السياسية التي اقتضتها ضرورة التعايش السلمي بين أفراد المجتمع. يتضح مما سبق، صعوبة التحديد الدقيق لمفهوم المواطنة الذي أنتجته العقلية الغربية. من المهم الإشارة هنا إلى أن مصطلح المواطنة عرف سلسلة من التغييرات في مدلوله منذ نشأته في الفكر اليوناني القديم باعتباره نتاجا لجملة من التصورات السياسية والاجتماعية والتاريخية، حيث تعددت تعاريفه. لقد ارتبطت ولادته بنشأة نظام دولة المدينة ببلاد الإغريق ولاسيما بمدينة أثنيا التي شكلت مركزا حضاريا مهما ساهم في تبلور الفكر السياسي عموما والفكر الديمقراطي خصوصا، بفضل ظهور مفكرين ومصلحين سياسيين لعبوا دورا أساسيا في إغناء الفكر السياسي ولاسيما الديمقراطي، ومن بينهم «سولون» الذي يعتبر أول من وضع شروط المواطنة على أساس الأصل الاجتماعي والحسب والنسب والانتماء إلى أثينا. وفي ظل هذه الشروط، حصر المواطنة في الذكور فقط والبالغين سن الثمانية عشر والمنحدرين من أبوين أثينيين، وبذلك تم حرمان النساء والأجانب والعبيد من حقوق المواطنة والتي لا تسمح لهم بالمشاركة السياسية. وهنا لابد من الإشارة أن المواطنة عند الإغريق القدماء تعني حق المشاركة السياسية أي حق المساهمة في التدبير السياسي. وفي هذا الصدد، يقول أحد واضعي النهج الديمقراطي «بييركليس» (495 ق.م/429 ق.م) أن «المواطن العادي المهتم بأسباب رزقه لديه معرفة كاملة بشؤون الدولة، فنحن وحدنا لا نعتبر من ينأى عن شؤون السياسة شخصا انعزاليا ولكن عديم النفع». نستخلص إذن، من هذا التصور الأصيل للفكر الديمقراطي أن المواطنة تقترن بالمشاركة السياسية الفاعلة، وليس الابتعاد عنها. لقد عمل حكماء الإغريق إذن، على البحث عن الصورة المقبولة التي يتجسد من خلالها مفهوم المواطنة باعتبارها أحد الركائز الأساسية للعبة الديمقراطية. وغني عن البيان، أن دائرة المواطنة اتسعت في عهدي المصلحين «كليستين» و»بيركليس» خلال القرن 5 ق.م بإرساء قواعدها على أساس إقليمي وليس على أساس عرقي أو اجتماعي. لكن بالرغم من هذا التطور السياسي الجنيني، فقد كانت التشريعات والقوانين ذات طابع عنصري لارتكازها على التمايز العرقي والاجتماعي حرم على إثرها عدد كبير من مكونات المجتمع الإثني. لقد كان المواطنون إذن، منخرطون في صميم العملية السياسية، إذ يتمتعون بحق المشاركة السياسية في الانتخابات وتمثيل الساكنة الإثنية في المجالس المنتخبة كالإكليزيا (البرلمان). وهكذا نستخلص مما سبق، أن المواطنة كانت تعبيرا صارخا عن الإرادة الحرة التي تضمن للفرد حق المشاركة السياسية والممارسة للفعل السياسي. كما أنها لم تأت من فراغ، بل جاءت كثمرة لنضالات الشعوب من أجل الانعتاق من العبودية والاستغلال، كما تعد نتاجا لحراك سياسي استهدف تجاوز الوضع السياسي البئيس الذي اعتراه الانغلاق السياسي وسيادة القهر الاجتماعي. ومن المهم الإشارة هنا إلى .أن مفهوم المواطنة حمالة أوجه ذات طابع حربائي، إذ نجد معاني ودلالات متعددة ومختلفة، ذلك أن دلالات المفهوم تختلف من بيئة سوسيوثقافية وتاريخية إلى أخرى، إذ اعترته تغييرات جوهرية عبر مسار التاريخ البشري، فهو ثمرة سيرورة تاريخية وتطور مجتمعي، حيث لم يأت من فراغ، بل جاء كثمرة ونتاج معارك نضالية خاضتها الشعوب ضد قوى القهر والاستبداد والاستعباد امتدت على مدى قرون طويلة. إن مفهوم المواطنة إذن، له سياقاته التاريخية وارتباطاته بتطور الفكر البشري في علاقته بالتحولات الاجتماعية، يتصف بحمولة ذات النزعة الوضعية والتي تقوم على استعداء الاستبداد ونبذ العبودية. فالمواطنين يتمتعون بالحرية والمساواة عكس العبيد والرعايا المحرومين من قيم الحرية لتطويعهم قسرا على الطاعة العمياء والخنوع التام وإرغامهم على الاستسلام والانصياع، حيث يتم تحويلهم إلى قطيع تتوجب عليها طأطأة رؤوسها. اعتمادا على ما سبق، يمكن القول أن الانصياع والرهبة والخوف لا تتماشى وقيم المواطنة الفعلية. وهكذا تبلور مفهوم المواطنة في صيغته الحديثة في سياق نظرية العقد الاجتماعي التي طرحت في الساحة الفكرية والسياسية خلال عصر الأنوار في القرن 18 م على يد مفكرين متنورين بارزين أمثال «جون جاك روسو» (1778- 1712 م) صاحب مؤلف «العقد الاجتماعي» الصادر سنة 1762 م والذي أرسى فيه دعائم الحداثة السياسية وعى رأسها قيم الديمقراطية وحقوق المواطن، و»مونتسكيو» (1755- 1689 م) مؤلف كتاب «روح القوانين» الصادر سنة 1748 م والذي انتقد فيه النظام الاستبدادي مدافعا عن قيم الحرية الديمقراطية وثقافة المواطنة التي طرحت كنقيض وكبديل لفكرة الحق الإلهي التي سادت أوربا لفترة طويلة والتي شكلت رمزا للاستبداد وقناعا للطغيان والجبروت. لقد ارتبط الفكر السياسي الحداثي بالإيديولوجيا الليبرالية التي حملتها الطبقة البورجوازية والمبنية على مبادئ الحرية والفردانية، فهل تساهم بالفعل الفلسفة الليبرالية وإيديولوجية السوق في توفير الشروط الموضوعية لترسيخ قيم المواطنة الحقة ؟ وهنا لابد من الإقرار أن القرن 18 م شكل قرن الاحتجاجات والثورات الشعبية الصارمة ومن أبرزها الثورة الفرنسية في 14 يوليوز 1789 والتي قادت إلى الإطاحة بالملكية المطلقة وتعزيز حقوق الإنسان وتفعيل المواطنة الحقة من خلال تثبيت الحقوق والحريات، كما شكلت قطيعة مع الماضي الأسود الذي اعترته سياسة الاستعلاء والاستكبار والاستعباد البغيضة. إن تكريس ثقافة المواطنة في المجتمع الغربي جاء إذن، نتيجة تبلور الوعي السياسي والطفرة الحداثية التي خلفتها النخبة المثقفة والتي أطلق عليها مفكرو عصر الأنوار لمساهمتهم الفعالة في إرساء دعائم الحداثة والديمقراطية والمواطنة وإنهاء عهد الاستبداد والطغيان وإبعاد كل رموزه من الساحة السياسية. لقد كانت الدعوة إذن، إلى تكريس الديمقراطية في جوهرها دعوة إلى تعزيز المواطنة الكاملة واحترام حقوق الإنسان. يجب الإقرار هنا بان النمط الرأسمالي أو الليبرالية تساعد على تعزيز النزعة الفردية الاستحواذية المتطلعة إلى الإقصاء والتهميش للإنسان وانتزاع إنسانيته وكرامته وحريته وفرض قيم وسلوكيات الاستهلاك والمتعة والترف، أي بعبارة أخرى، بناء مجتمع السوق الذي تسوده عملية إبرام الصفقات والمعاملات وتشترى فيه الحقوق والمسؤوليات، كما تباع وتشترى السلع أي تبضيع القيم الإنسانية وتجذير قيم الأنانية الجانحة والقاتلة الراغبة في المزاحمة الشرسة والإقصاء الممنهج، وبمعنى آخر ترسيخ أخلاقيات الغابة كالافتراس والبطش والفتك من أجل البقاء. إن الاختيارات الليبرالية المتوحشة غالبا ما تقود إلى الفقر والبؤس الاجتماعي وتفشي مظاهر الإقصاء الاجتماعي. وهكذا في ظل هذا الواقع، تمثل المواطنة تجسيدا لثقافة الهيمنة والإقصاء التي تحملها الطبقة الرأسمالية والتي تحكمها نزعات دعوية استقطابية ومصلحية وفئوية ضيقة، الشيء الذي يتناقض والأطروحات التي يتبجح بها العديد من المنظرين الليبراليين التي تعتبر النهج الرأسمالي الليبرالي أحسن الأنظمة التي ستحقق الرخاء للأمم والشعوب بقضائه على الفقر والبؤس والبطالة، وأنه النظام الأنجع والخلاص الوحيد لمشاكل العالم. إلا أن الواقع كشف زيف هذه الادعاءات والأطروحات التضليلية الخادعة أن النيوليبرالية المتوحشة أفرزت واقعا غير عادل، قوامه الفقر والبؤس وساعد على تعمق الفوارق الاجتماعية وأزمة البطالة وازدياد وتيرة التسريحات العمالية الجائرة، وبالتالي ضرب مكتسبات الطبقة العاملة وحقوقها الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي المس بكرامتها والقضاء على ثقافة المواطنة وإفراغها من مدلولها الحقيقي، وتعزيز الانتهازية والوصولية، كما أدى إلى إفراغ المواطنة من مضمونها الحقيقي وتشويه الديمقراطية واختزالها في التصويت فقط وإلى تقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي. وقد نجم عن هذه التوجهات اللاشعبية واللاديمقراطية تراجع الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم والشغل وغياب ثقافة التضامن والتآزر وتفشي نزعة الفردانية. لقد تبلورت ثقافة المواطنة إذن، انطلاقا من شرعية المصلحة الذاتية والعامة، فيه نتاج للمنظور الليبرالي وإفراز لاقتصاد السوق وتجسيد لآليات السيطرة والطغيان، ومن ثمة تحكمها خلفيات مصلحية فئوية. عملت الدول الغربية أثناء الفترة الكولونيالية على نشر الثقافة السياسية الحديثة ومنها ثقافة المواطنة، وقد كان العربي فضاء رحبا لدخول هذه الثقافة، فما هي طبيعتها وعوائقها ؟ يتضح مما سبق ذكره، أن مصطلح المواطنة غربي المنشأ، حيث شكل منتوجا فكريا وسياسيا وتاريخيا ديناميا يثير المزيد من الاهتمام والمتابعة، كما تمثل مسألة المواطنة أحد مظاهر الحداثة السياسية التي ميزت المجتمع الغربي، وجسدت قطيعة تامة مع التقليد اللاهوتي- الكنسي القروسطي وإناطة مرجعية الشأن المدني والسياسي للذات الإنسانية الحرة والمستقلة عن أية وصاية خارجية، فغاية المواطنة إذن، في ظل هذا التحول الذي عرفه مصطلح المواطنة وهو تمتيع الفرد بكافة الحقوق المدنية والسياسية لضمان الفاعلية الإنسانية وفسح المجال للفرد من أجل المساهمة في عملية النهوض الاقتصادي ولاجتماعي. ينبغي التأكيد هنا أن هذا المفهوم يحتوي على حمولة حداثية وديمقراطية، وتغلفه النزعات الإيديولوجية والخصائص الثقافية، يمثل حصيلة تطور تاريخي وسياسي واجتماعي، إذ انتقل من البعد الوطني إلى الفضاء العالمي أثناء مرحلة العولمة التي عكست تطورات سريعة ومذهلة للرأسمالية والليبرالية، وكان لها تأثيرات سلبية، حيث جسدت ديكتاتورية السوق وتحويل الإنسان إلى عبد للمال يقاتل بشراسة من أجل تعزيز المصالح الشخصية الضيقة.