المتجول عبر أحياء وشوارع مدينة تطوان الرئيسية لابد أن يشد انتباهه ظاهرة استفحلت بشدة خلال السنوات الأخيرة وهي كثرة انتشار المختلين عقليا أو ما يسمى “بالمجانين”، مما يخلق حالة من الخوف والرعب عند الكثير من المواطنين خاصة لدى النساء والأطفال ، يتجولون في الأحياء وبالقرب من القصر الملكي و المؤسسات العمومية والمساجد وفي الأسواق وفي الطرقات وفي الإشارات الضوئية نصف عراة أو عراة كليا يقتاتون من المزابل ويجعلون من زوايا الشوارع مكانا للنوم وترك الفضلات، الأمر الذي يزيد في تشويه المحيط وانتشار الروائح. فهل تتحرك سلطات تطوان ومعها وزارة الصحة للتكفل بهؤلاء المختلين عقليا وتهيئ لهم مراكز خاصة بهم ؟ قنابل موقوتة تجوب شوارع تطوان استفحلت بشكل كبير في الآونة الأخيرة بمدينة تطوان ظاهرة المختلين عقليا من خلال العدد الهائل لهؤلاء المختلين الذين أصبحوا يصولون ويجولون يجوبون شوارع المدينة صباح مساء وفي أوقات متأخرة من الليل في وضعيات تستفز لها النفوس، فمنهم من يكون مرتديا لباسه، ومنهم من يكون عاريا ويرابطون بالقرب من ملتقيات الطرق السيارات وفي الضوء الأحمر حتى يتسنى له طلب النقود. وكل يوم يتقاطر على المدينة العديد من المختلين عقليا والذين يظهر على أنهم غرباء عنها. ولم يسبق للمدينة أن عرفت هذا العدد منهم بحيث يتم نقلهم عبر حافلات من المدن المجاورة وبالضبط من مدينتي طنجة وشفشاون ليتم إنزالهم بالقرب من ملتقيات الطرق في أوقات متأخرة من الليل . زنازين لمخلوقات بشرية يتواجد بالمدينة مستشفى للأمراض العقلية والنفسية يأوي المختلون الذين قامت عائلاتهم بوضعهم بعد إذن من الطبيب المشرف، بينما باقي المختلين فيتواجدون بالشارع العام ولايتم نقلهم إلى المستشفى إلا عندما يقدمون على إحداث الفوضى بالشارع العام ويزداد الأمر خلال التظاهرات والمناسبات الرسمية التي تعرفها المدينة واغلب الحالات التي تتوافد على هذا المستشفى أكثرها تلك المتعلقة بمرض التأخر العقلي المزمن ، ويصعب على طبيب واحد التغلب على كل هؤلاء الوافدين على المستشفى الذي يعاني خصصا مهول من حيث الأطر و المعدات والتجهيزات الطبية والتي لا تلبي العدد الهائل من المرضى . وغير بعيد عن وسط وتحديدا في منطقة “بوعنان” حيث اختار كبار مسؤولي المدينة أن يشيدوا قصورهم الفاخرة وأبراجهم العاجية كما فعل ذلك ذات يوم أحد أعظم حكام تطوان والذي لا يزال مضرب الأمثال القائد ” عشعاش” الذي تحولت إقامته التي كان يصدر منها حكمه وأحكامه التي يتحسر عليها كل من عاش زمانه إلى مجرد أطلال تبكي تاريخيا مجيدا لتطوان .لتتحول إلى زنازين لمخلوقات بشرية من المختلين عقليا والمشردون والمتسولون اللذين تتكدس بهم سيارات وشاحنات الجماعة الحضرية لتطوان لتنقلهم إلى هناك كلما تعلق الأمر بزيارة ملكية إلى تطوان . فيما تضل الجهات المسؤولة عن المباني التاريخية بالمدينة غير آبهة بهذا الصرح التاريخي لرجل حكم المدينة في زمانه بقبضة من حديد . بين الصحة و الداخلية والعدل يضيع مجانين تطوان تبقى الدولة هي المسؤول الأول والأخير عن أي انحراف يطال هذه الفئة الاجتماعية، فمن مسؤولية الدولة إحصاء عدد هذه الفئة, ومعرفة الظروف التي تعيش فيها والإيعاز، إلى ذويهم أو إلى الجهات الوصية عليهم برعايتهم وإحاطتهم بما يكفي من رعاية اجتماعية حتى يستعيدون مكانتهم التي تنص عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .وفي أبريل 2009 عقدت المصالح الرسمية المعنية بالأمراض العقلية والنفسية لقاء حول «الأمراض العقلية والنفسية وحماية المجتمع منها خاصة بعد جريمة الرباط التي أعادت للواجهة مناقشة القوانين المرتبطة بالمجال» وتحدث يومها وزير الداخلية السابق شكيب بنموسى عن ضرورة تفعيل النصوص القانونية وتحيينها بما يناسب الواقع. كما تناول اللقاء العديد من الاقتراحات، منها تخصيص ميزانية خاصة بهذه الفئة، إلى جانب تخصيص سيارات مجهزة لنقل المرضى العقليين والنفسيين تشبه السيارات المجهزة لنقل المتسولين، ولباس خاص بهم مما يناسب آدميتهم. كما اقترح إحداث لجان محلية على مستوى الأقاليم والعمالات تتكون من ممثل عن وزارة الصحة وممثل عن وزارة العدل وممثل عن وزارة الداخلية وطبيب مختص وممثل عن الإعانة الاجتماعية بوزارة الصحة. و تناول نقاش اللقاء مسؤولية كل متدخل حسب ما يحدده القانون المغربي، خاصة أن رجال الأمن يمنعهم القانون من نقل المعتوه داخل سيارة الأمن إلا في الحالات القاهرة، إضافة إلى أن هذه السيارة غير مناسبة لنقل المرضى. نفور المجتمع المدني من المختلون و المشردون لماذا ينفر الفاعلين الجمعويين من المختلين عقليا والمتشردين في الشوارع ؟ لماذا لا يؤسسون جمعيات للدفاع عنهم و إيواؤهم وعلاجهم ؟ لماذا لا تناضل الجمعيات الحقوقية من أجلهم و من أجل إقرار المبادئ الكونية لحقوق الإنسان كما أقرتها المواثيق الدولية و التي تؤكد إيمان المجتمع الدولي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبمبادئ السلم وكرامة الشخص البشري وقيمته، والعدالة الاجتماعية، وقد أكد الإعلان الإعلامي حول التقدم والنماء في الميدان الاجتماعي على ضرورة حماية حقوق ذوي العاهات البدنية والعقلية وتأمين رفاهيتهم وإعادة تأهيلهم، مما يفرض على جميع الدول مساعدة الأشخاص المتخلفين عقليا على إنماء قدراتهم في مختلف ميادين النشاط وضرورة تيسير اندماجهم إلى أقصي حد ممكن في الحياة العادية وأوضح الميثاق أنه صدر في 20 دجنبر1971 الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا، وفي 9 دجنبر 1975 تم اعتماد الإعلان الخاص بحقوق المعوقين وفي 17 دجنبر 1991 تم اعتماد مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية وأن مختلف هذه الإعلانات والمبادئ تؤكد على ضرورة رعاية وضعية هذه الفئة الاجتماعية ليطرح السؤال أليس من حق هذه الفئة الحصول على الرعاية والعلاج الطبيين المناسبين وعلى قدر من التدريب والتأهيل والتوجيه يمكنه من إنماء قدراته وطاقاته إلى أقصى حد ممكن ؟