من حق كل مواطن أن يعيش في ظروف آمنة ومطمئنة بعيدة عن كل المخاطر والتهديدات التي قد تلم به أو بأمواله وتعرض سلامته الجسدية أو النفسية لمهاب أهواء ذوي النزوعات الإجرامية، من أجل هذا تم استحداث أجهزة ومؤسسات وظيفتها الوحيدة والأساس السهر على حماية المواطنين والعمل على توفير الأمن لهم، أما بالنسبة للعلاقة التي يجب أن تربط المواطن بالأجهزة المذكورة ورجالاتها وأعوانهم فهي تقوم على الاحترام المتبادل لعقد أحد أطرافه يتفانى في خدمته الأمنية والطرف الآخر يحرص على أداء قسطه الضريبي تقديسا لمبدأ التضامن في تحمل الأعباء المالية العامة للدولة، ففي نهاية المطاف يبقى مصدر أجرة رجال السلطة والأمن جيوب المواطنين كما هو الحال بالنسبة لباقي موظفي الإدارات والمؤسسات العمومية. لكن وفي بلدنا الحبيب مغرب الخصوصية بلد الاستثناء لا يكاد يمر يوم إلا ونطالع في مختلف وسائل الإعلام على فضيحة انفجرت داخل إحدى المؤسسات الأمنية أو جريمة بشعة أبطالها من رجال الأمن أو السلطة وما مجزرة شرطي بلقصيري علينا ببعيدة، وما خفي كان أعظم وأبشع، فمن أوكل إليه مهمة حماية أمن الوطن والمواطنين والحرص على سلامتهم وأموالهم وأرواحهم أصبح غارق في أثون الصراع والمكايدة والوقيعة والجريمة كمن يستجير من الرمضاء بالنار ولسان حالهم يقول " لو كان الخوخ يداوي...". فهذا خليفة قايد بتزنيت متهم بالنصب والاحتيال على المواطنين، وذاك قايد بغفساي كان بطلا في فضيحة جنسية، ورجل أمن آخر بفاس تم ضبطه في حالة سكر طافح وعربدة في الشارع العام، اعتقال آخر لرجل سلطة في ميناء طنجة وبحوزته حقيبة مليئة بالمخدرات، عامل طاطا وهو مندوب الحكومة وممثل صاحب الجلالة يهين سكان المنطقة ويصفهم بأنهم "صحاح" مثل الأفارقة، ممثل السلطة "قايد" في منطقة أنفكو المنكوبة يقول على سكانها الغارقون في الفقر والجوع والتهميش ومآسي البرد المميت بأنهم أغنياء وما ناقصهم حتى خير كتبرير لمنع قوافل مساعدات المواطنين لهم،أما عن صفة الأوباش والارهابيين فقد أضحت لصيقة بسكان شمال المغرب في قاموس رجال السلطة ومسؤوليها، عون سلطة آخر بطنجة يتزعم إحدى العصابات الإجرامية، بالنسبة لمدينة طنجة فقد كان لها نصيب الأسد من فساد الأجهزة الأمنية ومسؤولي السلطة المتعاقبين عليها ما رعوا في المدينة ومصالح سكانها إلا ولا ذمة اختلاسا ونهبا وسمسرة وظلما وفسادا في الأرض وما جريمة تفويت غابات طنجة وإعدام مناطقها الخضراء )غابة السلوقية، الدانابو، راهراه، مديونة، منطقة الغندري…( تحت رعاية وإشراف المصالح الولائية ولا يزال الصراع محتدما حول من سيفوز بصفقة نهب البقعة الأرضية الخاصة بمعرض "إكسبو2012"، أما بالنسبة لولاية الأمن فروائح الفساد المنبعثة من بين ثنايا دواليبها أصبحت تزكم الأنوف فبعد اختلاس أكثر من 200 مليون من ميزانية ولاية أمن طنجة تورط فيها أربعة من عناصر من رجال الأمن أحدهم مسؤول رفيع المستوى انفجرت فضيحة تلقي عناصر أمنية إتاوات و رشى من مروجي المخدرات ومرشدي السواح السريين وأصحاب مقاهي الشيشة ودور الدعارة أما عن الإختلالات والتجاوزات التي تطبع عمل رجال الأمن اليومي فحدث ولا حرج، ماهذا إلا نزر يسير من سلسلة استغلال النفوذ ومناصب السلطة وموقع المسؤولية العامة للإغتناء وتحقيق المصالح الشخصية الضيقة كالتوظيفات المشبوهة التي عرفتها مؤخرا الجماعة الحضرية لطنجة تكريسا للزبونية والمحسوبية وضربا بعرض الحائط لمبدأ تكافؤ الفرص هذا غيض من فيض فضائح وفضاعات وسلوكيات رجال بفترض فيهم أن يكون ملاذا أمنيا للمواطنين يحتمون بهم من كل مجرم أو قاطع طريق أو ناهب أومغتصب. بعد هذا يبقى الحديث عن المفهوم الجديد للسلطة والحكامة الأمنية ضربا من الخيال وسباحة في الهواء وأماني معسولة يحلم بها المواطن كواقع يخلصه من هواجس الخوف والفزع من الشوارع والدروب والأزقة كلما عاد إلى البيت متأخرا أو توجه إلى عمله في الصباح الباكر، لدى فما على المواطنين من الآن فصاعدا إلا كتابة الوصايا ورد الدين وتوديع الأهل والأبناء فقد يكون مصيره الموت من طعنة قاطع طريق أو منحرف، فإن عاد سالما غانما فقد كتب له عمر جديد وحياة جديدة في مكابدة مصاعب الحياة وتربص الأشرار، وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.