يبدو أن انطلاقة مشكل البناء العشوائي بطنجة قد عرفت بدايتها مؤخرا من حي عاشور بحي المرس بطنجة من خلال تغاضي بعض أعواء السلطة عن عمليات بناء غير مرخص وترام مفضوح على الملك الجماعي في مقابل رشى قدرها 5000 درهم، أو من خلال ما تحكيه عدد من الروايات من منح بعض رخص البناء في الفترات الليلية من شهر فبراير داخل مقاطعة بني مكادة في الوقت الذي كانت تتم فيه إضاعة عدد من ملفات طلبات الرخص داخل مكاتب المقاطعة، لتعرف ظاهرة البناء العشوائي انتشارا واسعا في مناطق الجوار عرف تحولا مفصليا مع تدخل القوات الأمنية لتنفيذ عمليات هدم واسعة، خلفت العديد من الضحايا من الجانبين وبخاصة لدى قوات التدخل السريع. وشكل هذا الحدث البارز لحظة لإعادة النقاش حول ملف السكن العشوائي وطبيعة المسؤوليات الملقاة على كل الفاعلين بمن فيهم السلطات التنفيذية، لذلك آثرنا أن نتعرض لجوانب أعمق من مشكل البناء العشوائي تتجاوز سطحية التعامل الظرفي مع ظاهرة عميقة ومعقدة لا يمكن أن تشكل المقاربة الأمنية سوى مهدئ مؤقت لها. فما هي هذه الجوانب؟ الجانب التعليمي: لقد بذلت نيابة طنجة أصيلة في شخص النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بطنجة الدكتور سعيد بودرا مجهودات جبارة لاستدراك العجز الذي كان حاصلا قبل سنوات بالمدينة في تحقيق الكفاية المطلوبة من حيث عدد المقاعد الدراسية بمختلف الأسلاك، غير أن كل هذا المجهودات لن تكون كافية بالتأكيد في ظل نشوء سريع لأحياء بكاملها والامتداد العمراني الهائل الذي يبدو واضحا على أطراف المدينة بكل من أحياء العوامة والدهاري/المرس وسيدي ادريس ما سيدفع بتلاميذ هذه المناطق الجديدة لأن يقطعوا كيلومترات عديدة حتى يلتحقوا بأقرب مؤسسة تعليمية مجاورة لمسكنهم، خاصة في ظل تعقد المسالك ووعورتها في أحياء عشوائية مزدحمة. وإذا كانت مسؤولية ما آلت إليه أوضاع السكن العشوائي بطنجة مسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين، سواء من خلال تواطؤ بعض مسؤولي الدولة أو تقصيرهم في مواكبة تصميم التهيئة، أو من خلال ترامي بعض المواطنين على أراض جماعية، فإن نيابة التعليم لن يكون بإمكانها التحرك بذات السرعة التي يزحف بها العمران العشوائي إذا ما اعتبرنا أن مسار بناء مؤسسة تعليمية يستغرق حوالي ثلاث سنوات أو أربع تجمع بين مراحل الدراسات الهندسية والتقنية والتأشير المالي وعمليات البناء والمراقبة والتسليم، بالرغم من التحول الذي عرفته مساطر الصرف المالي لبناء الحجرات التعليمية من إسناد مسبقا للمصالح المركزية إلى الأكاديميات الجهوية ثم النيابات الإقليمية حاليا في شخص النائب الإقليمي بوصفه آمرا بالصرف في مشاريع البناءات المدرسية. في ظل هذا الواقع الذي لا يبشر بخير في مناطق الشريط العمراني الهامشي بطنجة والذي تخترقه مجمعات سكنية عصرية كمثل مجمعات الأبضلاس والضحى، فإن واقع أزمة عرض تعليمية تلوح في الأفق القريب والمتوسط بالنسبة لهذه المناطق إذا ما استحضرنا تقول مصادر نيابية عدم اعتماد أية ميزانية للبناءات خلال مشروع الميزانية المقبلة للأكاديمية بالنسبة لنيابة طنجة خلال سنة 2012م باستثناء ما تمت المصادقة عليه من مشاريع بناءات مدرسية خلال ميزانية 2011م والتي تم بناؤها أو سيجري مستقبلا. وعموما فإن شريط الجبهة الأولى للسكن العشوائي الممتد من منطقة حرارين مرورا بسيدي ادريس مرس أشناد، بير الشفا، وصولا إلى العوامة يعرف عددا من مشاريع البناء حاليا والتي انتهت الأشغال ببعضها حاليا. وهكذا فقد تم تقسيم مجموعة مدارس بني سعيد إلى مؤسستين مدرستين مستقلتين ابتداء من الموسم المقبل حيث تم الإعلان عن المنصب الإداري لفرعية حرارين في الحركة الإدارية الأخيرة وبرمج مشروع بناء البناية الإدارية بالمؤسسة، بينما لم تضف الإصلاحات التي أنجزتها مصلحة البناءات بهذه الوحدة سنة 2010 أي جديد للمؤسسة برغم أن مبلغ الإصلاحات قدر 94 ألف درهم، غير أن ممثلا لجمعية آباء هذه المؤسسة قد أكد في تصريح لنا بأن حرارين لازالت تفتقر لعدد من المرافق الأساسية نذكر من بينها غياب ترصيف لساحة المؤسسة التي تغمرها الأوحال خلال الأيام الممطرة وتجعل من الصعوبات بمكان ولوج المؤسسة بالنسبة لكل من المتعلمين والأساتذة، الحاجة إلى حجرتين دراستين إضافيتين بالنظر إلى اعتماد الصيغة الثالثة في التوقيت ووجود اكتظاظ وتوقع وفود أعداد هائلة من المتعلمين الموسم الدراسي المقبل ... وأكد لنا الأستاذ عبد العالي جبوري أمين مال جمعية جيل النجاح بمدرسة بني سعيد أنه قد تم التأشير المالي نهاية الأسبوع الماضي على مشروع بناء أربع حجرات جديدة بمدرسة بني سعيد بمبلغ 88 ألف درهم لاستيعاب الأعداد الهائلة من تلاميذ المناطق العشوائية والتجزئات المجاورة لها، وذلك بقيمة 88 ألف درهم، فيما تستمر معاناة هذه المؤسسة التعليمية فيما يخص الربط بشبكة الماء الصالح للشرب والواد الحار، ما حول الساحة التعليمية إلى مرحاض كبير للتلاميذ تنبعث منه الروائح بحسب حركة الرياح المتغيرة بالمدينة وكذلك بحسب سخونة الجو. وتصبح معاناة التلميذات أكثر حينما يجدن صعوبة بالغة في إيجاد المكان المناسب لقضاء حاجتهن خلف جدران الأقسام. كما أكد الأستاذ جبوري أن مؤسسة بني سعيد التعليمية تعاني من عدد من المشاكل الملحة من بينها انعدام الأمن بجوار المؤسسة التعليمية التأهيلية المجاورة وهو ما ينعكس بوضوح على الأداء التعليمي، وكذلك وجود مكثف لتجار بيع السجائر والمخدرات بالتقسيط، بالإضافة إلى غياب الكهربة بالمؤسسة ما يمنع من استعمال عدد من الوسائط البيداغوجية الحديثة التي تتوفر عليها المؤسسة أصلا، هذا بالإضافة إلى مشاكل الاكتظاظ بالمؤسسة حيث يتجاوز عدد التلاميذ 50 تلميذا بالقسم مع اعتماد الصيغة الثالثة في التوقيت ... وقد كان عجز مصلحة البناءات بنيابة طنجة أصيلة واضحا في الاستجابة لمطلب ربط المراحيض بالماء والواد الحار أو من خلال مد المؤسسة بالطاولات المطلوبة بما زاد من العجز والمعاناة بهذه المؤسسة التعليمية، وتؤكد مصادرنا من هناك أن أن المبلغ الذي تم إنفاقه لبناء سور خارجي للمؤسسة بالإضافة إلى المراحيض والبالغ 67 مليون سنتيم يبدو مبالغا فيه، بالإضافة إلى رداءة جودة هذه البنيات وسوء اختيار موقعها، والحاجة الماسة إلى افتحاص عاجل لصفقة البناء هاته التي يبدو أنها قد شابتها عدد من الاختلالات. من جهة أخرى لازالت الأشغال جارية على قدم وساق لبناء 8 حجرات جديدة بمدرسة البديع ينتظر أن تنتهي نهاية الموسم الجاري، بينما انطلق العمل بسبع حجرات جديدة بمدرسة أشناد المجاورة مطلع الموسم الجاري، في ظل تطلع للتخلص من آخر حجرات للبناء المفكك بالمؤسسة نهاية الموسم الجاري، وهو ما يعد مغامرة غير محسوبة العواقب في ظل تنامي مهول لأعداد التلاميذ بهذه المؤسسة المجاورة لحي المرس العشوائي، مع الاعتراف بأن الحجرات السبع المحدثة هي في حقيقتها مشروع للقضاء على البناء المفكك بالمؤسسة التعليمية. كما انتهت الأشغال قبل بضعة أسابيع في بناء 6 حجرات جديدة بمدرسة الطبراني ببير الشفا، بعدما تم التخلص من عدد من الحجرات المفككة بالمؤسسة، ومن دون أن تتم مباشرة توسيع بنية التربوية للمؤسسة التعليمية ونقصد بها فك الاكتظاظ في الحجرات في ظل عجز واضح لدى النيابة من حيث عدد الموارد البشرية في فترة تكثر فيها رخص الولادة عادة بالنسبة للإطار التعليمي النسائي بطنجة. وتم إحداث أربع حجرات جديدة بإعدادية الزهراء بالعوامة لازالت قيد البناء، فيما ثانوية عمر بن الخطاب الجديدة التي سيتم إحداثها في الفضاء المدرسي الواقع بين مدرسة عبد الله الشفشاوني وإعدادية الزهراء لازال في مرحلة الدراسات الهندسية حاليا يقول الدكتور سعيد بودرا في تصريح له للتجديد. الجانب البيئي: ويبدو أن غابة حي الدهاري بحي الودراسي المتنفس الطبيعي والبيئي الوحيد بالمنطقة قد سقطت أخيرا على مذبح الطامحين للسطو عليها وتحويلها للاستغلاليات عشوائية، وقد رصدت عدستنا محاولة خطيرة من طرف أحد لصوص المجال العام الذي يبدو واضحا من خلال الصور والشريط بالمرفق أنه يؤسس خلسة لبناء سكن عشوائي بعمق الغابة المذكورة، وبالتأكيد فإنه لا يمكن لهذا النوع من اللصوصية استحضار كل مفاهيم التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة، تماما كالذي هو حاصل بالنسبة لغابة السلوقية بطنجة والتي أسالت لعاب عدد من غيلان العقار، مثلما أسالت الكثير من مداد الصحافة وبيانات التنديد من الفضاء الجمعوي والحزبي بطنجة مؤخرا، الأخير ممثلا في المبادرة التي أقدم عليه حزب العدالة والتنمية بطنجة بتنديده بخطورة الموافقة على تحويل هذا الفضاء الطبيعي إلى مستنبتات من الإسمنت المسلح. الجانب الاجتماعي والأمني: يعتبر الأمن عدوا في المفهوم الاجتماعي لعدد من ساكنة المناطق العشوائية، بالنظر لارتفاع معدل الجريمة والاتجار بالمخدرات بهذه المناطق وكون الأمن اللغة الوحيدة التي تخاطب بها الدولة هذه الفئة في غياب باقي المخاطبين الإداريين وغياب أو نقص المرافق والتجهيزات العمومية الأساسية والرياضية، وبالنظر لكون بعض من أفراد الأسر بمناطق السكن العشوائي سبق له أن حظي بضيافة أمنية أو اعتقال بالسجن المحلي، أو بالنظر للتدخلات الأمنية لتنفيذ قرارات الهدم أو تنفيذ بعض القرارات القضائية، فإن العلاقة بين الأمن وساكنة هذه المناطق تبدو متوترة منذ البداية، خاصة أن مفهوم الجريمة والسرقة له دلالة خاطئة في الفهم الاجتماعي لساكنة هذه المناطق ولا يشمل حوادث السرقة من أجل الكسب، ولا جواز الاتجار بالمخدرات ولا حتى سرقة التجهيزات العمومية، حيث جردت تجزئة كريمة المجاورة لفندق أهلا من جهة ومنطقة بير الشفا وسيدي ادريس من جهة أخرى، خلال الشهر الحالي من عدد من التجهيزات شملت الأغطية الحديدية لقنوات تصريف مياه الأمطار، وأسلاك الهاتف، وأسلاك التحويل الكهربائي مما أدى إلى انقطاع شبه كلي للكهرباء بالتجزئة لمدة ناهزت شهرا كاملا قبل أن يتم إصلاحها خلال الأسبوع الحالي بعد عدة نداءات واستغاثات. لذلك لا يبدو مستغربا وفق كل هذا السياق أن تسقط قوات التدخل العمومي مؤخرا في هذه المصيدة المشحونة مسبقا برصيد اجتماعي من العداء المسبق، ويسقط عدد من أفرادها ضحايا عمليات اعتداء بالحجارة تحكي الروايات أنها كانت من مصادر متعددة الأعمار بمن فيهم الأبناء الذين انخرطوا في مواجهة مفتوحة بالحجارة ضد قوات الأمن مساندة لآبائهم.. وبالتأكيد فإن صورة العلاقة التي تربط الأمن بالمواطن بمناطق السكن العشوائي بطنجة بكل من سيدي ادريس والعوامة وبير الشفا والمرس ليست بكل هذه القتامة، حيث أن استغاثات سابقة من الساكنة مافتئت تتصاعد بين الفينة والأخرى منادية بتحسين الوضع الأمني بالمنطقة في مقابل وضع متصف بالاختلال الأمني وانتشار العصابات والسطو والسرقة... لذلك فإن جزءا من الساكنة المنطقة التي استجوبناها بحي المرس قد عبرت لنا عن حاجتها لقوات ومراكز أمن دائمة، وليس مثل هذه الزيارات الخاطفة كتلك التي عرفتها منطقة سيدي ادريس مؤخرا من خلال مواجهات أعقبت عمليات هدم مساكن عشوائية، وندد عدد من سكان حي المرس بالاعتداء على القوات العمومية واعتبروه عملا غير مقبول، مثلما نددوا بتواطؤ عدد من أعوان السلطة في الترخيص بالبناء العشوائي، بل واستغربوا ما أسموه تواطؤ عدد من المستشارين الجماعيين بمقاطعة بني مكادة من خلال عملية منح الرخص بالجماعة وافتتاح مقرها ليلا لتمرير هذه العملية لصالح عدد من الجهات، أمر صعب علينا التأكد منه من خلال بعض موظفي الجماعة. إن حقيقة الوضع الأمني بمناطق السكن العشوائي ليست مرتبطة فقط بانتشار الجريمة بهذه المناطق أو احتقان الوضع الأمني بعد المواجهات العنيفة التي جرت مؤخرا بين قوات الأمن العمومي وساكنة كل من منطقتي العوامة وسيدي ادريس، بل إن أطرا مهمة للدولة تتمترس بشكل دائم على خط المواجهة الساخن هذا بحدود مناطق السكن العشوائي، ونقصد بها أطر الإدارة التربوية والتدريس بعدد من المؤسسات التعليمية بهذا الشريط الهامشي، حيث أن هؤلاء الجنود الذين لم تهزمهم مواجهة يوم واحد على غرار ما ذكر، ولكن مواجهتهم لكل الاختلالات الاجتماعية والأخلاقية والتربوية التي تنتجها عادة مثل هذه المناطق تبقى مواجهة مفتوحة منذ سنوات طويلة، وإن شئنا أن نعتبر ذروتها منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي مع موجة الجفاف التي ضربت المغرب في تلك الفترة وتزامنها مع فترات انتخابية أو فترة حرب صدام والتي ساهمت حين ذاك في انتشار غير مسبوق للسكن العشوائي، فإن شكرا خاصا ينبغي توجيهه لكل هذا الجيل من الإداريين والمدرسين الذي اشتغل طوال عقدين من الزمان في الرقي بالوعي الاجتماعي والوطني والتربوي لهذه المناطق، قد تكون إحدى نتائجها تغير واقعها نحو الأفضل حاليا. لكن معاناة هذا الجيل لازال مستمرة قد نلمس حدتها خلال السنة الجارية خاصة بالسلك الثانوي الإعدادي والتأهيلي تمثل في ارتفاع معدل حمل السلاح الأبيض من طرف بعض التلاميذ المراهقين بكل من إعداديات حسان بن ثابت والزهراء وتأهيلية علال الفاسي، حيث نظم أطر التدريس بالمؤسسة الأولى ثلاث وقفات احتجاجية بسبب ما تعرضت له أحد الأستاذات من سرقة باستعمال السلاح مرتين بباب المؤسسة، قبل أن تتدخل الشرطة القضائية بالدائرة الأمنية المجاورة والشرطة الولائية باقتدار وإن بشكل متأخر لمعالجة هذا الوضع الأمني. لكن نقيض الأمر هو الحاصل بإعدادية الزهراء التي بلغت فيها درجة حمل السلاح الأبيض درجة التهديد به أثناء الحصص الدراسية وتهديد الإطار التعليمي، تماما كالذي حصل مع الأستاذ الرامي أستاذ مادة الرياضيات بالمؤسسة، في ظل تراخ واضح من الإدارة التربوية في الوفاء بواجب التضامن اللازم مع هيأة التدريس وتسيب واضح للوضع الأمني الداخلي، وهو الأمر الذي تسبب ولا يزال في تشنج واضح بين مدير المؤسسة وأطر التدريس تقف النيابة عاجزة عن إصلاح هذا الوضع خاصة بعدما نظم الأساتذة وقفتين احتجاجيتين سابقتين بالمؤسسة. العدالة والتنمية ومقاربة ملف السكن العشوائي بطنجة: سبق لحزب العدالة والتنمية بطنجة أن طالب بحل مشكل البناء الصفيحي الذي لازال قائما بعدد من المناطق العشوائية بطنجة ومن ضمنها حي المرس، حيث تناست السلطات هذه الأيام مشاكل هذه الفئة وبرنامج مدن بدون صفيح. كما نظم الحزب لقاء تشاوريا أشرف عليه النائب البرلماني محمد خيي جمع جمعية حي حومة الجامع "حي بنصالح" مع أحد ممثلي الجمعيات المدنية بطنجة لحل مشكل النزاع القائم حول استغلال بقعة أرضية كانت مخصصة لمركز طبي، غير أنه قد اتضح لاحقا صعوبة تنفيذ اتفاق التراضي المتوصل إليه بعد تشبث الساكنة بمطلبها بإقامة المستوصف بدل مقر للجمعية التي استفادت من البقعة الأرضية في إطار تفويت قامت به الولاية دون تشاور مع الساكنة. لتبقى لافتة المستوصف بالإضافة إلى مرافق أخرى مسجلة ضمن مجموعة من الشعارات والمطالب مدونة على جدران محول الكهرباء بمنطق المرس العشوائية، إذا ما استثنينا ما أقدمت عليه الولاية مؤخرا من إقامة لملعب رياضي، ومستوصف طبي قديم وبعيد بحومة "الحمير" حسب اللفظ المحلي، وقطعة أرضية كانت ولازالت مخصصة لبناء مدرسة الوحدة بحي المرس يقول النائب الإقليمي للوزارة أنها في مرحلة التأشير المالي بعد أن تجاوزت مرحلة الدراسات التقنية والهندسية. من جانب آخر عقد حزب العدالة والتنمية بطنجة لقاء الأسبوع الماضي للاستماع لمطالب ساكنة حي سيدي ادريس العشوائي والذي تعرض مؤخرا لعمليات هدم حضره حوالي 100 فرد، أطره النائب البرلماني محمد خيي والمدير الجهوي للحزب الأخ أحمد بروحو، استمعا من خلاله لمعاناة الساكنة ومطالبها، فيما قدما جملة من التوضيحات التأطيرية والقانونية بالمناسبة ووعدا برفع هذه الانشغالات للجهات المسؤولة. الحلول المطلوبة: إن مختلف القوانين الدولية المقارنة في مجال التعمير تستحضر دائما الجانب الزجري للحفاظ على جمالية المدن وضمان احترام ضوابط البناء القانوني، إلا أنه لا يقع غالبا في المغرب تفعيل مثل هذه المواد القانونية الزجرية واستسلام كثير من مؤسسات الدولة المتدخلة والمسؤولة عن مراقبة قطاع التعمير لواقع البناء العشوائي تحت ضغط كثافة الظاهرة أو بفعل انتشار ظاهرة الرشوة أو المحسوبية السياسية الانتخابية. وإذا كان من المستحيل عقلا وواقعيا الاكتفاء بمواجهة ظاهرة السكن العشوائي من خلال المقاربة الأمنية الضيقة، فإن الحاجة إلى منظومة قانونية متكاملة في مجال قطاع التعمير أمر ضروري بالتأكيد، ومع تقادم قانون التعمير الذي ولد هو ذاته سنة 1992 ليواجه موجة من السكن العشوائي التي أعقبت تزايد الهجرة الداخلية نحو المدن الكبرى، فإن الواقع يؤكد عجز الدولة منذ ذلك الحين عن إصدار قوانين عصرية ومتكاملة وقادرة على مواجهة هذه الظاهرة المتفشية، وبحسب مصادرنا البرلمانية فقد تم سحب القانون رقم 04/04 من البرلمان وكذلك مدونة التعمير بعدما كانا قد عرضا للمناقشة، فيما سحب قانون آخر متعلق بالتعمير تقدمت به الحكومة السنة. (*) ناشط سياسي بحزب العدالة والتنمية