* عملية إعادة الهيكلة بحي المرس لم تستكمل بعد أهدافها * حديث عن وقفة احتجاجية أمام الملحقة الإدارية 24 يوم غد الجمعة بالتأكيد لا يسعنا سوى الإشادة في البداية بالمجهود الكبير الذي مافتئت تبذله مصالح الدولة لإعادة هيكلة عدد من الأحياء الهامشية بأحياء بير الشفا، كورزيانة، المرس ... والأزقة التابعة لها، وذلك من خلال عمليات تبليط الأرصفة وواجهات المنازل والأزقة وصباغتها بألوان موحدة، وتزويدها كذلك بالإنارة العمومية والماء الصالح للشرب، وهو ما ساهم من دون شك في الارتقاء بالمستوى المعيشي للساكنة بهذه الأحياء، وتجنيبها مزالق متعددة تتمثل في ارتفاع معدلات الجريمة والقتل والسرقة التي كانت معهودة في ما سبق، وانخفاض مستوى التعلم بالمنطقة خاصة لدى جيل الآباء والأجداد. وينضاف إلى هذا المجهود من دون شك ما تقوم به عدد من المؤسسات التعليمية والتربوية المجاورة للمنطقة ابتدائية وإعدادية أو ثانوية، والاستثمار التربوي المضني الذي ما فتئت تقدمه الأطر التربوية والإدارية العاملة بها. وبرغم انطلاق عملية إعادة هيكلة الأحياء المذكورة بتمويل مباشر من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي انطلقت بمبادرة ملكية شجاعة، وبرغم المجهود المالي والعملي الذي تم بذله على امتداد لا يستهان به من الزمن، فإنه من الواجب التنبيه إلى بعض الانشغالات التي عبرت عنها الساكنة، بسبب استثناء بعض الأزقة أو الأحياء من العملية، برغم كونها في نظرهم مدرجة ضمن المشروع، وهم بحاجة ماسة إليها لتطوير مستوى معيشتهم وحياة أبنائهم. وهكذا يبدو ملاحظا لأول وهلة مدى تقصير شركة النظافة في القيام بواجبها في هذه الأحياء مجتمعة، وكذا غياب ولوج وسائل النقل الحضري، إذا ما استثنينا الشارع الرئيسي بحي بير الشفا. كما تشتكي ساكنة حي بولولو بحي المرس من عدم استفادة عدد من الأزقة من عملية إعادة الهيكلة وهو ذات الأمر الذي وقفنا عليه بحي القوادس أسفل حي بير الشفا. لذلك فإن الساكنة تتساءل بانشغال كبير حول الأسباب التي أدت إلى توقف العملية؟ جحيم المعاناة لا يكتوي بناره الآباء فقط، بل إن معاناة الأبناء ومن بينهم عدد كبير من تلاميذ المنطقة لازالت مستمرة وتؤثر بالتأكيد في مردودهم التعليمي، ومن دون أن نتنكر للمجهود الكبير الذي بذلته السلطات العمومية والنيابة الإقليمية وهيأة التدريس النقابات التعليمية في دعم عملية هدم الحجرات التعليمية من البناء المفكك، وإقامة حجرات من البناء الصلب بدلا منها، فإنه رغم ذلك لازالت معاناة المتعلمين مستمرة في جزء منها مرتبط بالمسار الذي يسلكه بعض منهم نحو مدارس بير الشفا أو ثانويتها، وذلك مرورا عبر واد وخندق مائي خطير وطويل، يمر بالتأكيد عبر قصف شديد من الكلمات النابية والتحرش الجنسي من هنا وهناك تقول عدد من شهادات أولياء الأمور، وذلك في انتظار استئناف أشغال بناء طريق معبدة بالإسمنت توقفت الأشغال بها بسبب عدم كفاية الميزانية وخلاف مع الساكنة حول عرضها ومكان إقامتها. وفي انتظار أن تنتبه شركة العمران إلى الموضوع تستمر معاناة الساكنة وخاصة منهم التلاميذ مع الطريق الرابط بين حيي بير الشفا والمرس والأوحال والمياه الجارفة التي تستوطنه في فصل الشتاء. ليس هذا سوى مظهر بسيط من معاناة الأطفال المتعلمين بالمنطقة، لكن وجهها الآخر يظهر من خلال انعدام أي مظهر أو وجود لحدائق عمومية أو أماكن للعب، للتحول أكوام الرمال والآجور والمساحات الأرضية الفارغة إلى فضاء مشروع للعب بوسائل محلية الابتكار، وذلك إلى حين انتباه المسؤولين إلى أهمية الاستثمار في العنصر البشري في جانبه التربوي والتعليمي، والذي تتطلع الساكنة إلى تعزيزه بالحفاظ على رئة المنطقة وهي غابة حومة الدهاري "حي الودراسي" وتجنيبها أي مطامع للاستغلال العقاري، وكذا بناء المستوصف الموعود به في عملية إعادة الهيكلة، بدل التكدس جماعات وجماعات في المستوصف الصغير أسفل حي دار مويكنة الذي ضاق أطره بكثرة رواده من أحياء متعددة وكثيرة من طنجة ومن بينها حي الزموري. وهكذا بدلا من إطلاق عملية بناء المستوصف المذكور فإن حديثا يدور عن تفويت قطعته الأرضية إلى أحد الجمعيات، وهو ما جابته الساكنة باحتجاجات لمواجهة أعضاء الجمعية، انتهى بتدخل السلطات العمومية لفتح حوار مسؤول في الموضوع لازال لم يفض إلى تمكين الساكنة من مطالبها وحقها المشروع في مستوصف بالحي. التزود بالمياه آفة لازالت تقض مضجع عديدين بحي الدهاري ونحن في القرن الواحد والعشرين، هؤلاء الذين كانوا متصلين بشبكة الماء الصالح للشرب من خلال أربع نافروات عمومية تحولت إلى اثنتين حاليا، وبدل التطلع إلى الزيادة في عددها مع ارتفاع كلفة الربط بالماء أو الكهرباء واستثناء الحي القصديري بالطبع من عملية الربط المجاني بالماء والكهرباء (للتذكير فقد نهج المغرب خلال فترة الثمانينات سياسة ربط الأحياء القصديرية بالماء والكهرباء قبل أن يكتشف أن ذلك يشجع الساكنة على الاستقرار طويلا بهذه الأحياء بل ويشجع آخرين، قبل أن يعدل في العشرية الأخيرة عن هذه السياسة) . لذلك فإن ساكنة حي الدهاري التي قامت بإصلاح النافورتين المعطلتين لازالت تنتظر عودة الربط مجددا لكل منهما بالشبكة العمومية للماء الصالح للشرب في ظل وعود كثيرة من السلطات العمومية مؤخرا. ليس الأحياء وحدهم من يشتكون، ولكن آهات الأموات قد تنبعث من وراء البرزخ لتصد جشع لوبيات العقار التي جعلت من وسط مقبرة بير الشفا طريقا واصلا بين الحي وطريق الكورزيانة الخلفية، كما أن الأزبال تحيط المقابر غير المسيجة وأصبحت أكياس البلاستيك الأبيض والملون شواهد للقبور بدلا من جدرانها، ووكرا للصوص المنطقة الذين يصطادون ضحاياهم بهذه المنطقة من بين المارة في الصباح الباكر وإلى حدود العاشرة صباحا. وليست مقبرة بير الشفا بأحسن حالا من مقبرة حي الكورزيانة التي أصبحت على مرمى حجر من مطرح كبير وجديد للتربة تقيمه شركة العمران، تقول بعض المصادر أنه تتم تهيئته لاستضافة مجمع سكني كبير من طرف شركة معروفة في هذا النوع من البناء. ولاشك أنه ذات المصير الذي ينتظر مقبرة الزويتينة على الجهة المقابلة لحي الكورزيانة. وأخيرا فإن المعضلة الأمنية تبقى مستفحلة بالمنطقة، تتجلى مظاهرها من خلال حالات اعتراض سبيل المارة أمام حومة بولولو ومقبرتي بير الشفا وكورزيانة 'كما سبق ذكره' بل ونزولا حتى جوار فندق أهلا وقبالة قنطرة سكن الشعبي المقابل لسوق مرجان. حيث تتم عملية اعتراض المارة بحي المرس باستخدام السكاكين والسيوف، وتنطلق العملية من العاشرة ليلا فما فوق وتستمر إلى حدود الصباح، واعتراض عاملات وعمال المناطق الصناعية على وجه الخصوص. وتشتكي الساكنة ضعف التدخل الأمني بالمنطقة برغم الشكايات المقدمة في الموضوع في المناطق المذكورة. ولدى بحثنا في الموضوع يتبين بالملموس الطبيعة الإجرامية لعدد من اليافعين الذين تتراوح أعمارهم بحسب عدد من الشهادات بين 16 إلى 35 سنة، في شكل عصابات مشكلة من 3 أو 7 أشخاص، يشتركون في صفة الإدمان على المخدرات والانقطاع عن الدراسة ووجود حالات التفكك الأسري، وفي ظل وجود مورد قار يعيل الأسرة قد يكون أختا أو أما عاملة بالمعمل. وهكذا تستغل هذه العصابات الإجرامية ضعف الإنارة العمومية بالأحياء والأزقة المذكور وصعوبة الولوج إليها، وغياب الحركية العامة بسبب ضعف الجولان للسيارات ودوريات الشرطة، لتنقض تلك العصابات على ضحاياها وتسلبهم عدد من ممتلكاتهم.