تحول حلم عاملات مغربيات موسميات بالحقول الزراعية جنوبي إسبانيا إلى كابوس، بعد أحاديث عن "تعرض بعضهن لاعتداءت جنسية". فبين الجسر الفاصل بين الحلم والكابوس، جرت مياه كثيرة، خاصة مع دخول الحكومة والبرلمان في كل من البلدين على خط القضية. وفتح القضاء الإسباني تحقيقا إثر تقدم عاملات مغربيات ببلاغات ب"تعرضهن لاعتداءات جنسية" في حقول الفرولة بمدينة "هويلفا" جنوبي إسبانيا. على إثر ذلك تم توقيف إسباني يعمل مشرفا في حقل، ثم قررت النيابة إطلاق سراحه مع استمرار الإجراءات القضائية بحقه. وأعلن الإدعاء العام الإسباني تلقيه 4 بلاغات من عاملات يتهمن فيها رب عملهن ب"الاعتداء الجنسي عليهن". ضجة مغربية في المغرب، ثارت ضجة على خلفية تلك القضية. حيث ندد رئيس نقابة المنظمة الديمقراطية للشغل، علي لطفي، ب"التحرش الجنسي الذي تتعرض له العاملات المغربيات في المزارع بناءً على تحقيقات إسبانية". وانتقد لطفي، في تصريح للأناضول، طريقة تعامل حكومة بلاده مع الملف، خاصة في ظل نفي وزير الشغل، محمد يتيم، وحود حالات تحرش جنسي. ولاحقا، قالت وزارة الشغل، في بيان يوم 9 يونيو الجاري، إنه تم رصد حالة تحرش جنسي واحدة فقط بعاملة مغربية في مزرعة إسبانية. ودعت هيئة التنسيق الوطنية للجمعيات النسائية، في بيان، إلى حماية المغربيات العاملات في حقول جني الفراولة بإسبانيا. وقالت إنه يجب "التدخل لتوفير الحماية لهذه الفئة من المواطنات من قسوة الظروف الاجتماعية والاعتداءات والمعاملات السيئة، وضمان شروط عمل تصون الكرامة الإنسانية لهن". وقال المتحدث باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، في وقت سابق، إن "الحكومة منشغلة بكل ما يمس كرامة المغاربة داخل وخارج أرض الوطن". مضيفا أن البرلمان دعا إلى فتح تحقيق، مشددا على أن المغرب "لا يمكن أن يقبل بشيء فيه مساس بكرامة المغربيات". وانتقد رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بن عيسى، ما أسماه "تقصير الحكومة في حماية العاملات الموسميات". وقال للأناضول، إن "المرصد راسل القنصلية الإسبانية في المغرب للترخيص للجنة حقوقية كي تنتقل إلى مزارع هويلفا، لإنجاز تقرير في الموضوع، بتنسيق مع منظمات حقوقية إسبانية". رواية أخرى وللقضية وجه آخر، إذ تقدمت 131 عاملة مغربية ببلاغ إلى الحرس المدني الإسباني، منتصف الشهر الجاري، تتهم فيه زميلاتهن بإدعاء "تعرضهن لاعتداءات جنسية" للحصول على وثائق إقامة في إسبانيا. وحسب البلاغ، الذي نشرت مضمونه الصحافة الاسبانية، فإن "إدعاء مغربيات بالتحرش يجلب مشاكل لعاملات آخريات، ويشوه صورة البلاد". ووفق تقارير إعلامية إسبانية، تخلت عاملات عن عملهن بمجرد وصولهن إسبانيا أوعند التحاقهن بمقرات العمل، حيث تم تسجيل غياب 130 عاملة مغربية. وأضافت هذه التقارير أن عاملات يدعين تعرضهن للتحرش كي يستفدن من بعض الحقوق وفقا للقانون الاسباني، مثل عدم الترحيل والحصول على امتيازات اجتماعية. وترتفع الأصوات للمطالبة باستجلاء الحقيقة، فيما تعتزم منظمات حقوقية مغربية تنظيم احتجاجات للتضامن مع العاملات المغربيات. وأصدرت نقابة "اتحاد عمال الأندلس" الإسبانية، بيانا، تتضامن فيه مع العاملات المغربيات اللواتي "تعرضن للتحرش". وقالت إنهم "يعملن لأكثر من عشر ساعات يوميا مقابل 20 يورو، إضافة إلى ظروف عيشهن المزرية، إذ تقطن كل ست عاملات في مكان غير لائقة للسكن". ودعت هيئة التنسيق الوطنية للجمعيات النسائية المغربية، في بيانها، إلى إعادة النظر في عقود العمل الخاصة بالعاملات المغربيات في الحقول الإسبانية. وبناء على اتفاق بين المغرب وإسبانيا، عام 2001، تصدر مدريد سنويا تصريحات بالعمل الموسمي في حقول الفرولة بإسبانيا لعاملات مغربيات يتجاوز عددهن 10 آلاف سنويا. وتسافر العاملات المغربيات إلى إسبانيا عبر مجموعات متفرقة، بداية من فبراير/شباط حتى يوليو/تموز سنويا، حيث ينتهي موسم جني الفرولة، وتعود العاملات إلى المغرب. وحتى ماي الماضي أصدرت السلطات الإسبانية، خلال العام الجاري، تراخيص عمل ل15 ألف و134 عاملة، وهو عدد مرتفع غير مسبوق، وفق وزارة الشغل. *وكالة أنباء الأناضول