أخذت وتيرة الإجهاز على بحيرة "سيدي قاسم"، المتواجدة بالضاحية الغربية لمدينة طنجة ضمن الترابي لجماعة "اكزناية"، منحى أكثر تسارعا، على نحو يهدد هذا الصرح البيئي بالزوال، بعد تزايد عمليات الطمر والردم بفعل المشاريع الاقتصادية الجاري إنجازها. وتقع البحيرة، في سهل منطقة "الحجريين"، وفي أسفل هضبة ضريح سيدي قاسم المطل على الشاطئ الذي كان إلى عهد قريب، يشهد إقبالا منقطع النظير خلال الموسم الصيفي بسبب جمالية شاطئه الغني بالرمال الدافئة التي كانت تستعمل كمستحم للمرضى بداء الروماتيزم . كما كان الضريح يشهد سنويا تنظيم حفل افتتاح الموسم الصيفي الذي كان يعرف إقبالا كثيفا للزوار. كما ظلت بحيرة "سيدي قاسم"، على مدى زمن طويل تشكل أول محطة لمختلف الطيور المهاجرة على مستوى الشمال الغربي للمملكة، قبل أن يتقلص عددها بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، مع تزايد عمليات الردم التي تواصل إحدى المقاولات القيام بها بهدف إنجاز مشروع وحدة صناعية تابعة للمنطقة الصناعية اجزناية، وهي العملية التي سبق أن صنفتها فعاليات بمدينة طنجة، ضمن مسلسل الإجهاز على المكتسبات الطبيعية لمدينة البوغاز لفائدة مشاريع استثمارية تابعة للقطاع الخاص. وتظهر صور التقطها جريدة طنجة 24 الإلكترونية، من عين المكان، خلال جولة لطاقمها في المنطقة، تقلصا جليا في مساحة البحيرة بشكل كبير، جراء عمليات الردم المتواصلة، التي تتجلى في أكوام الأتربة المفرغة في محيط ما تبقى من هذا الصرع البيئي. وتعليقا على هذا الوضع، يبرز الفاعل الجمعوي حسن الحداد، مندوب رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بطنجة، أن الإجهاز على بحيرة "سيدي قاسم"، بدأ بشكل تدريجي منذ الشروع في تنفيذ مشروع توسيع المنطقة الصناعية "كزناية"، وما رافقه من عمليات نهب واسعة للثروة الرملية في المنطقة ككل، ليستفحل بعد ذلك هذا الوضع بزحف المشاريع العقارية على المنطقة. ورأى حسن الحداد في حديث لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن الجهات المسؤولة سواء على المستوى المركزي أو المحلي، على رأسها جماعة كزناية تتحمل جانبا كبيرا مسؤولية هذا الوضع، من خلال إصدارها لتراخيص بإنشاء منشآت صناعية ومجمعات سكنية، وكلها اوراش تفرغ مخلفاتها من الأتربة في هذه البحيرة. وحذر الفاعل الجمعوي، من أن ما يحصل ببحيرة "سيدي قاسم"، خطر يهدد أكبر محمية بيئة مصنف على المستوى الدولي، ويتعلق الأمر بمحمية "تاهدارت"، مسجلا بكثير من الأسف عدم توفر المجتمع المدني بالمنطقة على خبرة كافية في الترافع بشأن البيئية. واعتبر ممثل رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، أن النقاش الجاري حاليا في مدينة مراكش، ضمن أشغال المؤتمر العالمي حول البيئة والمناخ "كوب 22"، يشكل بذرة أمل بالنسبة لبحيرة "سيدي قاسم" وغيرها من المعالم البيئية التي تتهددها أخطار بالزوال، نتيجة العامل البشري وما يصاحبه من التغيرات المناخية. وقد كانت الأراضي المرتبطة بالبحيرة تمتد على مساحات شاسعة يحدها البحر غربا ومطار طنجة شرقا. وظلت تابعة لأوقاف ضريح سيدي قاسم الذي يطل على المنطقة انطلاقا من مرتفع قرية الحجريين. لكن هذه المساحة ظلت تتقلص بالتدريج بعد توسيع المطار في بداية السبعينات بعد ضمه لمساحات واسعة من البحيرة ، مما ساهم في تغيير ملامحها بنسبة كبيرة . وازداد المشكل مع إنشاء المنطقة الحرة التي اكتسحت مساحات واسعة ولا زالت تتسع إلى الآن دون توقف .