عندما كان ملك البرتغال " دون سيباستيان"، يهم بالتوجه بجيوشه نحو ساحة معركة واد المخازن، اختار أن يقضي ليلته الأخيرة هنا في برج القمرة، الذي ما زال صامدا في وجه عوامل الزمن والطبيعة، وزاد من مناعته عملية الترميم التي قامت بها جمعية المحيط التي تحولت فيما بعد إلى مؤسسة منتدى أصيلة" في بداية التسعينات بمشاركة وزارة الثقافة المغربية و"دولة البرتغال". برج القمرة في أصيلة، الذي يقع جوار باب البحر في المدينة القديمة وعلى بعد أمتار من مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، يأبى إلا أن يقف شامخا ليحكي فترة مهمة من تاريخ العلاقات بين المملكتين المغربية والبرتغالية، التي اتسمت بالمواجهات العسكرية تحت يافضة الجهاد المقدس من أجل استرداد شواطئ الشمال الإفريقي من جانب البرتغاليين بقيادة الملك "سيباستيان" الذي تؤكد المصادر التاريخية سيطرة الهوس الديني على توجهاته، وكذا بدافع الصراع على الحكم من جانب الملك السعدي "المتوكل" الذي كان على خلاف مع أخويه "عبد الملك" و"احمد"، فاستنجد بالبرتغاليين لرد ضربات العثمانيين الذين استعان بهم الأخوين المذكوريين.
وبعد أكثر من أربعة قرون على تلك الأحداث، عاد البرتغاليون إلى مدينة أصيلة وبالذات إلى برجهم الذي شيدوه إبان فترة احتلالهم للمدينة، بمناسبة اختيار دولتهم كضيف شرف في موسم "مدينة الفنون" قبل سنتين، وهناك أقاموا سلسلة معارض تشكيلية وفوتوغرافية، تعكس جوانب من الثقافة والتاريخ البرتغاليين.
ويعتبر برج القمرة اليوم، مقصد آلاف من زوار مدينة أصيلة التي تعيش كل سنة مع فعاليات منتداها الثقافي الأشهر في المنطقة العربية. حيث يشكل مكانا للغوص في أعماق تاريخ مشترك بين المغرب والبرتغال.