سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة حضورا قويا في مختلف فعاليات الدورة 32 من منتدى أصيلة، الذي تتواصل إلى غاية 26 يوليوز الجاري، من المعارض إلى الندوات والحفلات الموسيقية الموسيقى والتراثية واللقاءات الأدبية والشعرية . ولقيت الأنشطة الثقافية والفنية والأدبية الإماراتية في منتدى أصيلة، أصداء طيبة في الأوساط الثقافية والفنية المغربية والأجنبية، المشاركة في فعاليات المهرجان. وأشاد المشاركون باللمسة الإماراتية، التي برزت تجلياتها في مختلف الفعاليات المنظمة طلية المهرجان، واستقطبت الجمهورين الأصيلي والمغربي والمشاركين المنتمين ل45 دولة عبر العالم، الذين توافدوا على أصيلة هذه السنة، لحضور العرس الثقافي الإماراتي في المغرب . الخيمة التراثية وكرم الضيافة العربية عكست الخيمة التراثية، التي أقامتها وزارة الثقافة الإماراتية، وافتتحها عبد الرحمن محمد العويس وزير الثقافة الإماراتي، رفقة وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الناصري، كرم الضيافة العربية، بحيث يستقبل زوار الخيمة بالقهوة العربية والتمر، قبل قيامهم بجولة تفقدية يتعرفون من خلالها على المنتجات التراثية والمنسوجات، التي صنعتها الأيادي الإماراتية في أجواء مفعمة بالأصالة والتاريخ والتقاليد الإماراتية. واستقطبت الخيمة التراثية، التي أقيمت في معرض الكتاب الإماراتي بحديقة سيدي بوخبزة جمهورا عريضا من سكان مدينة أصيلة ومن المشاركين ومن المغاربة، الذين قدموا من مختلف المناطق للتعرف على التراث الإماراتي واكتشاف العمق التاريخي والحضاري للإمارات العربية المتحدة . وتشمل المعروضات في خيمة الهيئة في أصيلة مجموعة منوعة من الأدوات الحديثة مصنوعة من مواد تقليدية الصنع، مثل المحافظ الصغيرة وأغطية الهاتف، وغيرها من الهدايا التذكارية المصنوعة من "الخوص والتلي والسدو". وتأتي الخيمة جزءا من برنامج الهيئة الثري في مهرجان أصيلة الثقافي في المغرب، حيث تمثل هيئة أبوظبي للثقافة والتراث إلى جانب وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وشركة "مصدر" للطاقة المتجددة ونادي تراث الإمارات، تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل رسمي في الدورة الثانية والثلاثين من المهرجان، الذي اختيرت الإمارات ضيف شرف فيه. الحرف اليدوية الإماراتية تبهر الزوار استقطبت الحرف اليدوية التقليدية لدولة الإمارات اهتمام ضيوف وزوار مهرجان أصيلة، الذي انطلق في العاشر من هذا الشهر، ويستمر حتى السابع والعشرين منه في المملكة المغربية. ففي خيمة تراثية نصبتها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في حديقة سيدي بو خبزة قرب المدينة القديمة، تقوم ست نساء إماراتيات بزيهن التقليدي المميز بصنع أشكال مختلفة من الحرف اليدوية الزاهية أمام الزوار، حيث حصل رواد المهرجان المتوافدين من مختلف أنحاء العالم على فرصة نادرة للاطلاع على جهود هيئة أبوظبي للثقافة والتراث لدعم التراث غير المادي والعادات والتقاليد الأصيلة في دولة الامارات. واعتبرت صافية القبيسي، مشرف تطوير الحرف اليدوية في الهيئة، أن المشاركة في مهرجانات مماثلة تفتح الأبواب أمامنا للتواصل مع الثقافات الأخرى، وقالت "إن جهود دولة الإمارات في الحفاظ على التراث وتطويره وتوصيله إلى الأجيال الجديدة واضحة وكبيرة، ونحن محظوظون بالدعم الرسمي الكبير الذي نحظى به في هذا المجال، مما يشجعنا أكثر في الاستمرار في جهودنا لإحياء التراث. ويعد مهرجان أصيلة فرصة لدولة الإمارات وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لإطلاع الآخرين على ما نفعل". تدل الشواهد الأثرية أن الشعوب، التي قطنت الإمارات كانت تتقن عددا من المهارات الحرفية، لما يقارب السبعة آلاف سنة. فاكتشاف الأدوات والفخار المزين والمجوهرات ومصنوعات المرمر في مواقع أثرية، مثل "أم النار" و"هيلي" في العين يؤكد المستوى الفني، الذي بلغته المنطقة في الأزمنة الغابرة. ثمة تشابه كبير بين المنتجات الحرفية الإمارتية بمعظمها، والمنتجات الحرفية الموجودة في دول الخليج المجاورة. والحرف اليدوية الإماراتية الأصلية ثماني تشمل: الفخار، والخوص (حياكة سعف النخيل) والسدو (نسيج القطن والصوف) والغزل والتلي وصياغة المجوهرات والصناعات الجلدية والصناعات الخشبية. الاستمرارية والتحول في أصيلة ينتصب برج "القمرة" التاريخي شامخا في سماء مدينة أصيلة. هذا البرج، الواقع على مقربة من المدخل الشمالي للمدينة القديمة بأصيلة، ليس بالمكان الذي يرتاده السياح بصفة منتظمة، إذ غالبا ما يكون مقفلا في وجه الزوار. وفي السابق، استغل البرج تارة كغرفة لحفظ الخرائط أو كخزانة للكتب، وتارة أخرى كمخزن للقمح والحبوب. وكثيرا ما يلتقط الزوار صورا لواجهة البرج، ولكن لا يطلع عليه الجمهور من الداخل إلا في ما ندر. أما الآن، وعلى مدى أيام مهرجان أصيلة لهذه السنة، فإن عموم الزوار يحظون بفرصة الاستمتاع بجولة عبر الأروقة الداخلية لهذا المبنى التاريخي، وإلقاء إطلالة من قمة البرج على المشاهد الخلابة لأصيلة ومدينتها القديمة وشواطئها الممتدة، ويواكب ذلك معرض تثقيفي حول دولة الإمارات العربية المتحدة تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، داخل برج "القمرة" في إطار أنشطتها، خلال مهرجان أصيلة لهذا العام. فالمعرض المنعقد تحت عنوان "الاستمرارية والتحول - احتفاء بتراث الإمارات العربية المتحدة" يستكشف جذور التراث الإماراتي المميز ونواحيه التطبيقية في الزمن المعاصر. ويقدم المعرض لزواره فكرة مقربة عن المكانة المتميزة، التي ما فتئت تحظى بها الثقافة والتراث عند حكام دولة الإمارات وشعبها على حد سواء، رغم التطورات التي شهدتها الدولة على مدى الخمسين سنة الماضية. كما يعمل المعرض على إبراز المجهودات، التي تقوم بها المؤسسات الحكومية في الإمارات في سبيل توثيق وحماية وتعزيز الموروث الثقافي الغني، الذي يزخر به البلد. وينقسم المعرض إلى مجموعة من المحاور الرئيسية، التي يطلع من خلالها الزوار على التراث الطبيعي لدولة الإمارات، وعلى هندستها المعمارية وثقافتها وقيمها ومجالاتها الإبداعية. وكل قسم من المعرض تؤثثه صور فوتوغرافية مختارة من العقود الخمسة الماضية، تعرض لمعالم حديثة مهمة مثل مسجد الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، وأخرى قديمة مثل واحات مدينة العين. كما يقدم المعرض الموزع على ثلاثة طوابق في برج القمرة للزوار، فرصة التعرف على جوانب ثقافية، ربما لم يعرفوها من قبل عن دولة الإمارات. فإلى جانب المشاهد المشهورة مثل برج خليفة، هناك صور عن رياضات تراثية كالصيد بالصقور وصيد اللؤلؤ. الهدف من ذلك هو تقريب الجمهور من المسار، الذي سلكته دولة الإمارات للتحول من أرض تقطنها قبائل متقاربة إلى مجتمع متعدد الثقافات يستوعب طاقات هائلة وينعم باقتصاد مزدهر، دون أن يغفل موروثه الثقافي وقيمه المترسخة. المرأة الإماراتية والحضور المتميز أثبتت المرأة الإماراتية حضورها في مختلف فعاليات منتدى أصيلة الثقافي، وبرزت تجليات هذا الحضور، الذي ميز دورة هذه السنة في المشاركات الفنية والأدبية والثقافية، التي أعطت للجمهور المغربي فكرة عن المستوى، الذي بلغته المرأة الإماراتية في مجال الإبداع الأدبي والفكري والثقافي والفني، بفضل السياسة الثقافية الرائدة لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقالت الأديبة الإماراتية باسمة محمد يونس، رئيسة قسم التأليف والترجمة والنشر بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، إن المرأة الإماراتية تبدع في كل المجالات الأدبية في (القصة والرواية والشعر..)، مشيرة إلى أن هناك حركة أدبية كبيرة بالإمارات، يكتشف من يطلع عليها، الدعم الذي تحظى به المرأة الإماراتية، من أجل تمكينها من تحقيق التواصل الفكري والثقافي بالشكل الصحيح. واعتبرت الأديبة الإماراتية أن استضافة المهرجان للإمارات ضيف شرف، يعد اختيارا جميلا وتجسيدا للتواصل، الذي نرغب فيه دائما، مؤكدة أن اللقاءات الفكرية والثقافية تقرب المسافات بين الشعوب . وأكدت الأديبة باسمة محمد يونس، أن التجربة الأدبية النسائية تهيمن على الساحة الأدبية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأن الذين يزورون الإمارات يلاحظون وجود الأدب النسائي بشكل كبير . وشاركت الأديبات الإماراتيات " فاطمة البريكي، ونجوم الغانم، وسارة الجروان، والشاعرة خلود إبراهيم المعلا، والناقدة لطيفة إبراهيم النجار، والأديبة هدى محمد السعدي، في ندوة حول المشهد الأدبي في الإمارات العربية المتحدة، لتسليط الضوء على الحراك الأدبي والثقافي النسائي في الإمارات. كما شاركت الفنانات التشكيليات، نجاة مكي وسميرة حائري، وعزة القبيسي، وفايزة مبارك، وإيمان فهد في معارض للفن التشكيلي بأصيلة. لوحات جدارية إماراتية تزين الجدران أنجز الفنان عبدالرحمن المعيني العديد من أبرز اللوحات الجدارية في مدينة أصيلة، ضمن فعاليات الدورة. وقال المعيني إنه استلهم عمله من الإمارات ومن الأجواء المحيطة به في مدينة أصيلة، مضيفا أن "جدارية أصيلة تعد رمزا للمدينة الشهيرة بشواطئها الخلابة الممتدة، وقد جلبت ألواني من الإمارات لرسم أمواج أصيلة". وتنتصب اللوحة الجدارية التي أنجزت من خلال مزج هندسي بديع للألوان على حائط يقع على مقربة من ساحة المدينة. ووصف المعيني تجربته في أصيلة بالمثمرة للغاية. وأضاف " اكتسبت هنا خبرة كبيرة على مستوى التبادل الثقافي، حيث إنني تعرفت عن كثب على عدد من الفنانين الدوليين، وأنا ممتن كذلك لأهالي أصيلة الذين شجعوني وأبدوا اهتمامهم بالتعرف على أعمالي الفنية عن قرب، كما أودّ تقديم الشكر لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي أتاحت لي فرصة المشاركة في المهرجان". وتعد هذه اللوحة الجدارية واحدة فقط، من سلسلة من الفعاليات المقررة على امتداد أيام المهرجان، التي تشمل تنظيم ورش عمل ومعارض ومحاضرات وحلقات دراسية تتطرق إلى مواضيع متنوعة من قبيل صناعة ونشر الكتاب (بالتركيز على معرض أبوظبي الدولي للكتاب)، ومشروعي "كتاب" و"قلم" وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وكذلك ورشة عمل حول سوق الصناعات اليدوية الفريد، التي تزخر به دولة الإمارات حاليا.