"دور الشباب في مناصرة حقوق الإنسان" موضوع الحلقة الأولى من سلسلة حوار القيادة الشبابية        واشنطن ترفض توقيف نتانياهو وغالانت    وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في مطار الجزائر بعد انتقاده لنظام الكابرانات    الحكومة تُعزز حماية تراث المغرب وتَزيد استيراد الأبقار لتموين سوق اللحوم    رسميا.. اعتماد بطاقة الملاعب كبطاقة وحيدة لولوج الصحفيين والمصورين المهنيين للملاعب    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    يخص حماية التراث.. مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون جديد    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    الجديدة.. الدرك يحبط في أقل من 24 ساعة ثاني عملية للاتجار بالبشر    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع الباحث محمد اخريف، رئيس جمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير

تحل يوم 4 غشت ذكرى معركة وادي المخازن التي انتصر فيها المغاربة على أقوى امبراطورية في القرن 16م وحلفائها، والتي كانت لها نتائج على عالم القرن 16 عشر وما بعده، وبالدرجة الأولى على المغرب، والبرتغال، وإسبانيا، والعثمانيين، وعلى المد الصليبي في شمال افريقيا والخليج العربي .
وقد يقال بأن معركة وادي المخازن كتب عنها الكثير، وهذا صحيح بالنظر إلى عدد المؤلفات والدراسات التي صدرت عنها، هذه المصادر التي تحدث عنها الدكتور مصطفى الغاشي في السنة الماضية بالقصر الكبير والتي قسمها إلى مرحلتين هما: مرحلة الستينات والسبعينات القريبة من الاستقلال، والتي اعتمدت بالدرجة الأولى على المصادر المغربية، حيث كان الكل فيها يبحث عن الهوية والشخصية المغربية، فجاءت هذه الدراسات مطبوعة بالطابع القومي. أما المرحلة الثانية والتي بدأت في الثمانينات وبداية التسعينات فقد ظهرت فيها دراسات أخرى، اعتمدت على الأرشيف العثماني وأعطت أضواء أخرى، وكان ذلك على يد بعض الباحثين ومنهم محمد المودن، وعبد الرحيم بنحادة، ثم ظهرت دراسات أخرى اعتمدت على المراجع والمصادر الأوربية.
والدراسات الأجنبية مازالت تطالعنا بإضافات جديدة، علاوة على أن إحياء ذكرى المعركة هي ضرورة وطنية وإسلامية، وتربوية لأجيالنا اللاحقة. وقد عودنا الباحث محمد اخريف على الجديد في مقالاته وأبحاثة، فهو حاصل على المعمقة في التاريخ من إحدى الجامعات بمدريد، ورئيس لجمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير، ومكتشف لرسوم ما قبل التاريخ بدائرة القصر الكبير، ومكتشف لعدة نقائش وأحجار رومانية بالجامع الأعظم بالقصرالكبير، وله عدة كتب ومقالات ولقاءات بالتلفزة والإذاعة والصحف. وفي هذا السياق التقينا به، وأجرينا معه الحوار التالي:
كثير من المراجع ترجع الاسباب في المعركة للعامل الديني بالدرجة الأولى، هل هناك عوامل أخرى؟
بداية أشكركم على اهتمامكم الدائم بتاريخ هذه المدينة الحافل بالأمجاد والعطاءات، وأشكر المسؤولين على جريدة الاتحاد الاشتراكي المناضلة على إحيائها لأمجادنا الوطنية والإسلامية. وأقول بأن دوافع الاستعمار لم تتغير ولن تتغير، مازالت هي نفسها التي أدت إلى توسيع الامبراطوريات عبر التاريخ، وغالبا ما كانت تتخفي وراء العامل الديني لما له من تأثير بالغ على شحذ النفوس.
وبالنسبة للبرتغاليين فالعامل الديني حاضر وبارز، لكنه ليس الأوحد، وقد أورد الدكتور بوشارب في كتابه وثائق ودراسات عن الغزو البرتغالي ما جاء في كتاب برتغالي هو: Jornada del Rey Sebastiâo à Africa الذي يبرز سيطرة رجال الدين على ملك البرتغال ص: 76 «وهكذا أضحوا متحكمين في الملك الذي أبعدوه عن النبلاء، وعملوا على دفعه بحجج واهية إلى عبور البحر إلى إفريقيا، وجعلوه يعتقد أنه بإمكانه أن يصبح إمبراطور موريتانيا..» . فالعامل الديني عامل أساسي لأن الملك الشاب أصبح لعبة في يد رجال الدين، ومع ذلك فالعوامل الأخرى لا تقل أهمية عنه، ومنها العمل الاقتصادي.
وهذا الأخير حاضر في أي حركة من حركات الإنسان والدول. فالبرتغال كانت تريد إقامة إمبراطورية تضم إفريقيا وتمتد حتى الصين، وكانت ترى أن مناطق شمال افريقيا هي الأسهل والأقرب، لهذا صادق البرلمان والكورتيس البرتغاليين على هذا التوجه سنة 1562. وقد عرفت الإمبراطورية البرتغالية في القرن 16 نكسات وأزمات اقتصادية انعكست سلبا على النبلاء ورجال الدين، مما دفعهم إلى التفكير في غزو المغرب لمنافع اقتصادية، متخذين الدين كغطاء لتقبل فكرة الغزو. وما جاء في كثير من الكتب البرتغالية يعزز هذا، ونكتفي بذكر بعضها : جاء في كتاب تاريخ البرتغال ص : 173 Historia DE Portugal / Jose Hermano Saraiva. «مشروع إقامة إمبراطورية من سواحل أنغولا إلى سواحل الموزمبيق، حيث توجد المناطق الغنية بمعادن Monomotapa «روديسيا الحالية « ........ وبالتأكيد فإن المشروع الأكثر سهولة ووضوح هو احتلال شمال افريقيا ......فكرة لم يمانع في قبولها البرلمان والكورتيس سنة 1562 ..» .
وجاء في كتاب O REI DON SEBASTIUO NA IGREJA DOS JERONIMOS POR J. T. MONTALVAO MACHADO. D. BATALHA DE ALCACER KIBBIR. LISBOA. 1971 P: 32 ، ص.32- 33 « رئيس الحملة كان ملكا جديدا، غير مجرب، غيورا وعنيدا في أوامره، معتقدا أنه قادر على حل كل شيء، والجيوش لم تتعد 17 ألفا من الرجال غير المؤهلين، لأن التجنيد لم يكن موجودا لا في الداخل ولا في الخارج، كما أن تصاميم الحرب لم تتم دراستها، ولا يظهر أنها كانت موجودة ... قواتنا منهكة بالمشي، والحرارة المحرقة لغشت، في مواجهة الجيوش المغربية البالغة 40 ألفا من الفرسان وعدد آخر من الجنود، وقوات مؤهلة ومزودة وموجهة » .
وجاء: في كتاب: DES TROIS ROIS LA BATAILLE DE L›OUED EL-MAKHAZEN. DITE BATAILLE
ROIS AOUT 1578 ). CENTRE NATIONAL DE LA RECHERCHES CIENTIFIQUE 1985.
ص : 77 «عرفت الوضعية الاقتصادية للبرتغال سنة 1578 مصاعب جمة، ولم تكن الخزينة جيدة .......مدن المملكة كانت منهكة، بحيث نعرف أن PORTO لم تكن تستطيع تموين 3000 كروثادوس إلا بصعوبة. بينما متعاقدوا التوابل كانوا يطالبون بتعويض يقدر ب 100000 كروثادوس ...». 3 Don Sebastián de Portugal ..
وهكذا نرى أن الاستعمار حينما يصاب بأزمة داخلية يعمد إلى حلها على حساب الآخرين، هذا الفكر لم يراوح مكانه لحد الآن في الدول الاستعمارية.
وترى الدكتورة Gisela da Silva Guevara بكولومبيا في بحثها تحت عنوان:
Pérdidas de independencia e ideología: el caso de Portugal p: 99-100.
« ...أن معركة القصر الكبير لسنة 1578م بالنسبة لماسيدو Macedo يجب أن تحلل في السياق الدولي، والتقدم التركي في مواجهة المسيحية. وحسب هذا الأكاديمي فإن هذه المعركة تعني شيئا تجاوز المدى البسيط لحدث معزول قصد محاربة المسلمين. ويجب أن ينظر إليها من خلال سياسة البرتغال الخارجية المتبعة بالنسبة للمغرب. فقد كانت المملكتان الكاثوليكيتان تعملان من خلال استراتيجية للسيطرة على المغرب من أجل الهيمنة على غرب البحر الأبيض المتوسط. ذلك أنه إذا سقط شمال إفريقيا بصفة نهائية تحت الحكم الإسلامي، فإن هذا بالنسبة للبرتغال ليس خسارة لسلاح ضغط سياسي على أوربا ومرونة في المفاوضات مع القوات الأخرى، بل وقبل كل شيء هو إضعاف للدولة في مواجهة اسبانيا القوية...».
وهذا يبرز لنا بعض الأسباب التي ترجع إلى الصراع الذي كان قائما في البحر الأبيض المتوسط بين الإمبراطورية العثمانية والعالم الغربي، والتنافس بين اسبانيا والبرتغال على شمال إفريقيا.
أين تبرز أهمية المعركة؟
أهمية المعركة تتجلى في عدة جوانب منها:
1 الدول والأجناس المشاركة في المعركة، فإذا كان المؤرخون يجمعون على مشاركة البرتغاليين، والأسبان، والإيطاليين، والألمان، والمغاربة. فإن الدراسات الحديثة أظهرت مشاركة مرتزقة من إرلندا وإنجلترا، وفرنسا وكاثوليك إنجلترا. فقد جاء في كتاب :
Bennassar (Bartolomo y Lucil تحت عنوان: EL CHOQUE CULTURAL ENTRE CRISTIANOS Y MUSULMANES EN ESPAñA. ITALIA Y FRANCIA (siglos) XVI y XVII «هزم ملك البرتغال، دون سبستيان، وقتل في محاولته لاحتلال المغرب في المعركة الشهيرة ب Alcazarquivir ، وبالملوك الثلاثة، سنة 1578. قاتل إلى جانب القوات البرتغالية الكثير من المرتزقة الفرنسيين والاسبانيين والايطاليين...».
وجاء في كتاب Miguel Angel de Bunes Ibarra. Csic. Madrid. P:
6 تحت عنوان: Irlandeses en Marruecos. نقلا عن كتاب: Ireland and the Spanish Monarchy: Kinsale1601-2001 أن « قائدا هذه القوات هما: Hércules de Pisa y Thomas Stucley، على الرغم من أن الأول تحت إمرته 600 من الرجال، هذا المعطى يؤكد أنه من بين الجنود يوجد أناس من كلا البلدين إرلندا وإيطاليا....... وعلى أي حال، فالمعطى الأكثر أهمية للأصل الإرلندي لكثير من هؤلاء الإيطاليين يوجد في قائمة ألأسرى التي أنجزت في كل من اسبانيا والبرتغال في الأشهر الموالية ل 4 غشت حيث حاول المنقذون إرجاع حرية العدد الكبير من أسرى Alcazarquivir ، وقد وجدت في قوائم الأسرى والذين تم افتداؤهم ألقاب إرلندية أوأسماء المدن أو قوائم المحررين، وفي كثير من الأحيان، وجدت في قائمة الأسرى االمعتبرين كإيطاليين الألقاب الايرلندية أو المدن أو ألقاب الآباء أو الأسر من الجزر البريطانية..».
وهذا يبرز مشاركة مرتزقة وعناصر لم تشر إليها المصادر السابقة وهي: العناصرالإرلندية والفرنسية وكاثوليك البريطانيين.
2 من خلال تقييم المؤرخين للمعركة ظهر أنه لم يكن في حسابات الدول الأوربية أن تنهار إمبراطورية تسيطر على معظم بحار العالم التجارية في معركة واحدة عن طريق المغرب، هذه المعركة التي أبرزت قوة المغرب في عالم القرن 16م، وكانت نقطة تحول في تاريخ البرتغال والتاريخ العالمي. وفي هذا الصدد نورد ما قاله PIERRE PERTHIER في كتابه: LA BATALLE DE LOUED EL-MAKHAZEN 1985 ص:194
«كان لمعركة وادي المخازن دور هائل في أوربا، فقد تعددت العلاقات والحكايات التي ظهرت منذ 1578 والتي تبرز الاهتمام المتتابع للقضايا المغربية. وظهر المغرب بعد انتصاره على البرتغال « كقوة - كبرى» في ذلك الوقت، والذي يجب اعتباره من الآن فصاعدا و يرجى رضاه، وبدأت مختلف الدول الأوربية إذن، في إعادة توجيه انشغالاتها حول المملكة الشريفة، والحفاظ على العلاقات الدبلوماسية الحية معها ». وجاء في كتاب:
MARRUECOS EDMUNDO DE AMICIS. TRAD.DEL ITALIANO. POR JOSE MUÑIZ .MADRID ) ALKAZAR EL KIBIR ( 1882 P:144.
« كنا فوق معركة القصر المشهورة التي أرعبت أوروبا، وكان لها صدى الابتهاج من فاس إلى القسطنطينية، ذلك النهر هو وادي المخازن..».
واعتبرها اليهود تخليصا لهم، فقد جاء في نص ترجمه الأستاذ عبد العزيز شهبر لابن دنان. جريدة أنوال ص: 10عدد: 2100 « وكانت تلك الملحمة العظيمة سنة 5338 لبدء الخليقة في اليوم الثاني من أيلول. ولهذا قطع الحاخامات، رعاهم ربهم وأبقاهم، على أنفسهم وعلى خلفهم، اعتبار ذلك اليوم عيد بوريم تعطى فيه الصدقات للفقراء ويحتفل به إلى أن يأتي المسيح..».
3 وهي مهمة أيضا لأنها أبعدت الخطر البرتغالي على الخليج العربي وعلى العثمانيين في الشرق العربي.
هل ساهم الأتراك العثمانيون في المعركة؟
الجواب على هذا السؤال يقتضي معرفة موقف الأتراك من المغرب في بداية السعديين والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
يتلخص موقفهم في فترتين اثنتين: فترة ما قبل انهزامهم في معركة ليبانتو 17/10/1571 وفترة ما قبل المعركة.
وقد تميزت الفترة الأولى بأطماع الدولة العثمانية المتواصلة ومحاولتها الاستيلاء على المغرب والوصول إلى المحيط الأطلسي، وقد بقيت هذه العقدة حاضرة إلى الآن عند حكام الجزائر التي كان يمثلها في تلك الفترة باشاوات الأتراك في القرن 16. وبالرجوع إلى الوثائق العثمانية نجد أن الأتراك كانوا يسعون إلى السيطرة على محمد الشيخ السعدي، وجعله تابعا لهم، وهذا ما أوضحه الأستاذ عبد الرحيم بنحادة قائلا في كتابه المغرب في العهد العثماني ص: 14 15 «وتستوقفنا في المنشور الثاني عبارة « فأنعمنا عليك وعلى ولدك بخلع سنية «. والخلعة في القواميس التركية تعني « بذلة الشرف « وهي التي تسلم لأركان الدولة ممن قاموا بخدمتها، ويلاحظ أن الخلعة لم تسلم في تاريخ الدولة العثمانية لوال من الولاة بل في كثير من الأحيان للصدور العظام .
وعلى الرغم من اعتراف الباب العالي بأن محمد الشيخ واحد من «حماة الدين» ومن « أولاد سيد الأنبياء وأحفاد سيد الأصفياء « وعلى الرغم أيضا من سماع الباب العالي عن « عدله وإنصافه وكمال تقواه « فإنه لا يرقى إلى مستوى تعامل الند للند وعليه أن يكتفي بالمنشورات والخلع ».
بل إنهم كانوا يتدخلون في تولية السلاطين ومحاولة احتوائهم في المغرب، ويؤكد الأستاذ عبد الرحيم بنحادة في نفس المرجع قائلا «بضرورة تنصيب عبد المومن لأنه أولى لضبط تلك الولاية من عبد الملك».
وتغيرت نظرة العثمانيين للمغرب بعد انهزامهم في معركة- ليبانتو- فغيروا معاملتهم مع المغرب وأصبحوا يتعاملون معه كند، وهو ما نجده في رسالة سالم الثاني لعبد الله الغالب يدعوه لبذل الجهود لقهر الأعداء المشركين، يقول بنحادة في نفس المرجع «ويظهر حكم آخر موجه إلى باشا الجزائر أن عبد الله الغالب كان جديا في سعيه لطي صفحة الماضي مع الباب العالي إذ وجه سفيرا للآستانة مباشرة بعد تسلمه خطاب سليم الثاني.غير أن وفاته في السنة الموالية حالت دون جني ثمار مساعيه...».
وفي عهد عبد الملك السعدي 1576-1578 أرسل الباب العالي أمرا لباشا الجزائر بعدم التعرض للسفن الفرنسية التي حظيت بعهد الأمان من طرف عبد الملك. وكذلك الاعتراف بسيادة المغرب على فكيك وفي هذا الصدد يقول الدكتور بنحادة في نفس المرجع « إلا أنه يمكن أن يفهم منها هذه المرة حرص الباب العالي على الاعتراف بنوع من الاستقلال للمغرب ولعل ما يؤكد ذلك الحكم الصادر إلى باشا الجزائر- غداة هجوم هذا الأخير على فكيك- بالكف بشكل قطعي عن الاعتداء على أراضي تابعة لعبد الملك- أمير فاس- لأنه أظهر الصداقة والإخلاص» ، وجاء في كتاب PIERRE PERTHIER. ص: 195 - 196 حول أطماع العثمانيين وسفاراتهم «وحسب اليفراني فإنها قوبلت ببرودة رغم أنها جاءت بهدايا عجيبة، فقد ترك الوزير المفوض التركي متاها في العاصمة، وتأخر كثيرا في الجواب على سلطان القسطنطينية. ويضيف PIERRE PERTHIER. » وكان السفير العثماني مكلفا بتبليغ أحمد المنصور على إعطاء موانئ وكل منطقة فاس إلى ابن مولاي عبد الملك، ومساعدة الشريف للسيطرة على وهران من الأسبان, وظهر أن أطماع العثمانيين في المغرب لم تغيرها انتصاره على البرتغال، وأن الخطر العثماني لازال يهدد المملكة الشريفة. وقد سبق التهديد التركي منذ شهر ابريل 1579 . وتحت تأثير العلج على أميرال البحرية العثمانية الغاضب من حسن استقبال مبعوث ملكة انجلترا .
أصبح المنصور على نقيض سابقه ظانا أنه ليس من الواجب عليه على الأقل ابتداء من 1587 أداء الضريبة الفدرالية بشكل منتظم للسلطان مراد الثالث والتي تبلغ 30.000 دوكادوس سنويا.
أما ليفي بروفنسال، فاعتبر أن انتصاره في معركة وادي المخازن هو الذي سمح له بالتحرر من هذه الضريبة.
ويمكن التساؤل إذن، لماذا انتظر السلطان السعدي سنة 1587 ليوقف أداءه النهائي، والأكيد أن الانتصار على البرتغال زاد العاهل المغربي قوة ونفوذا. وهذا الموقف لم يكن بسبب الحدث العظيم ليسمح لأحمد المنصور بالتحرر من أداء الضريبة للسلطان العثماني، بل بسبب موت العلج على، الشخص العنيد المتصلب والعدو المريع للسلالة السعدية والذي توفي في يوليوز 1587 عن سن يناهز 67 سنة.
إذن يشكل عام 1578 حدثا مهما في تاريخ العلاقات بين الباب العالي والمغرب السعدي وهو العام الذي سجل اختفاء العاج علي الذي طبع بشخصيته القوية السياسة العثمانية تجاه المغرب، والذي كان قد حدد الاتجاهات الكبرى من أجل إنهاء فكرة احتلال المغرب لتكوين وحدة المغرب العربي تحت سلطة العثمانيين. أكثر من هذا فقد ألغى في هذه السنة نظام البيلربايات من طرف الحكومة التركية وتعويضه بنظام الباشاوات على مدى ثلاث سنوات، ولم يسمع هذا التغيير في النظام لأصحاب هذا الشأن بالمبادرات الشخصية على المدى الواسع «.
فتقديم المساعدات للمغرب في معركة وادي المخازن أو « تامدة» أو «القصر الكبير» يدخل في انتقامهم لمعركة ليبانتو، ومحاولاتهم احتواء المغرب، والوصول إلى المحيط الأطلسي وهو ما لم يصلوه في المغرب.
وخطر الأتراك العثمانيين كان حاضرا أيضا لدى البرتغاليين الذين كانوا يرون فيه خطرا على أوروبا كلها، جاء في كتاب ص: HISTORIA DE PORTUGAL / JOSE HERMANO SARAIVA. P 174. « في سنة 1576 ظهر أكبر مشروع عسكري لاحتلال العرش المغربي، الذي يوجد فيه مغربي مساند من طرف الأتراك، وهذا يعني أن سلطان تركيا سيهيمن على كل شمال إفريقيا وهو خطر على شبه الجزيرة وعلى كل أوروبا ».
من هو المستفيد الكبير من المعركة؟
ما هو مؤكد وثابت، هو أن اسبانيا هي البلد الوحيد الذي استفاد أكثر من نتائج المعركة، وسنترك النصوص توضح ذلك : يقول محمد بن عزوز حكيم في كتابه الجيوب السليبة صك 58 59 ، «تشهد المصادر الاسبانية والبرتغالية على أن ملك اسبانيا فليبي الثاني ما أن علم بمقتل ابن أخته الملك البرتغالي دون سبستيان في معركة وادي المخازن يوم 4 غشت 1578 حتى أخذ يفكر في الاستيلاء على الجيوب المغربية المحتلة آنذاك من طرف البرتغاليين، وهي سبته وطنجة وأصيلة ومزاغان ......وفي نفس الوقت أصدر العاهل الاسباني أمره إلى رئيس أسطوله بمياه البحر المتوسط المركيزسانطاكروث لكي يتوجه إلى الشاطئ المغربي من أجل مساعدة الجيوب البرتغالية في حالة تعرضها إلى هجوم المغاربة ...».
ويضيف في ص : 60 « في يوم 9 محرم 988 25 يناير » عين فليبي الثاني الدوق دي ألفا للجيوش الاسبانية المعدة لغزو البرتغال. وفي 19 محرم « 6 مارس « توجه الملك فليبي الثاني صحبة رجال بلاطه من عاصمة ارانخويث إلى مدينة كوادالوبي حيث تم الإعلان عن أن الغرض من السفر هو الاستيلاء على مملكة البرتغال بحكم أن عرشها أصبح من نصيب العاهل الاسباني».
} تعرف جهة طنجة تطوان إنجازات كبرى في إطار المبادرة الوطنية بما فيها إقليم العرائش، هل من دور لهذه المعركة
في التنمية؟
المخلفات التاريخية في الدول المتقدمة تعتبر عاملا من عوامل التنمية، وأغلبية الدول اليوم أدمجتها في منظومتها التنموية، ومنها مصر وإسبانيا، بل هناك بعض الدول تدمج بعض المعالم البسيطة في تنميتها، في حين أن حدث معركة وادي المخازن حدث دولي، له أبعاد كونية، ولهذا يمكن أن يكون له ثقل في التنمية بالمنطقة عموما، وبالإقليم خصوصا. وقد سبق لنا أن أعطينا بعض الاقتراحات في هذا المضمار، ونرى أن هذه الاقتراحات لا زالت قائمة ولا ضير في إعادة طرحها. فإحياء ذكرى المعركة يجب ألا يبقى رهينا بالشكل التقليدي، أي تخليد الذكرى بالخطابات والندوات فقط، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى ما هو اقتصادي واجتماعي، وذلك:
- بإدماج منطقة المعركة في المشاريع السياحية بالجهة والإقليم، وربطها بمشروع رأس الرمل السياحي الضخم بالعرائش الذي دشنه جلالة الملك.
- وضع علامات على الطريق لإرشاد السائحين إلى مكان المعركة، فالخارج من مدينة العرائش والمتوجه إلى القصرالكبير الذي سميت المعركة باسمه في العديد من الكتب، لا يجد اسم المدينة بارزا، بل يجد اسم سوق أربعاء الغرب وهذا مؤسف. والمسافر إلى القصر في القطار لا يجد اسم المدينة بل يجد مولاي المهدي، فالسياح لا يعرفون أن القصر هو مولاي المهدي، بل وحتى الكثير من المغاربة، لهذا على المسؤولين إضافة القصر إلى مولاي المهدي على غرار الرباط اكدال، casa voyageurs ، مكناس الأمير ، القنيطرة المدينة، فتصبح القصر مولاي المهدي. ووضع إقامات أو بعض الفنادق للإقامة بالموقع. وجمع التراث الشفوي المرتبط بالمعركة، من أزجال وأشعار التي تعتبر من مصادر المعركة، والتي ضاع منها الكثير مع الأسف.
- إقامة متحف تجمع فيه كل الأدوات التي ساهمت في المعركة يصبح معرضا لمغرب القرن السادس عشر، وكذا الأدوات البرتغالية، الشيء الذي سيؤدي إلى تحريك النشاط السياحي في المدينة التي عانت الكثير.
- إقامة لافتة رخامية في المكان الذي كان فيه جثمان ملك البرتغال بدار المخزن سابقا، أو ما يعرف بفندق الجوهر بحي القصبة بجوار الجامع الأعظم بالقصر الكبير.
- إقامة أسبوع معركة وادي المخازن، وجعله مناسبة وعاملا للتواصل لا للنفور بين المغرب من جهة، واسبانيا والبرتغال من جهة أخرى، وتقوية الروابط مع البرتغال التي تقف إلى جانب المغرب في قضيته الوطنية.
هل المغرب لم يستفد من نتائج المعركة؟
في تقديري، أنه كان من الممكن للمغرب أن يستثمر انتصاره، وأن أحمد المنصور ربما أخطأ موعده مع التاريخ، وفضل ما هو ذاتي على ما هو وطني، فقد أعطى الفرصة لاسبانيا لتبتلع البرتغال وجيوبها المغربية، وعوض أن يرى ما يقع شمالا توجه نحو الجنوب أو ما يعرف بالسودان .
جاء في كتاب معركة وادي المخازن أو الملوك الثلاثة ص:199 « لم يكن أبدا تاريخ 4 غشت 1578 نهاية لمحاولات التدخل المسيحي في المغرب، على العكس من ذلك المملكة الاسبانية البرتغالية ما فتئت تعمل على احتلال جيوب إضافية على طول الساحل الأطلسي المغربي. وقد نجح أحمد المنصور في حياته في إبعاد هذا الخطر المسيحي. وبعد موته أتيحت الفرصة للاسبانيين بالإقامة في العرائش 1610 والحصول على موطئ قدم في المعمورة 1614 .
يلخص PIERRE PERTHIER استفادة المغرب على الشكل التالي:
«وهكذا، فالمغرب بالرغم من تجديد واسترجاع قدراته نتيجة انتصاره، والشهرة التي كان يتمتع بها اتجاه الدول الأوربية، فقد اكتفى رغبة منه تحت حكم أحمد المنصور في تطبيق سياسة خارجية دون التزام سياسة قائمة على التوازن والتوافق طبقا للوضع الراهن، والتي أدت به في النهاية إلى العزلة ».
هل كان للمنطقة مساهمة في المعركة ؟
بالتأكيد، ويكفي أن نشير إلى ما جاء في كناشة مولاي الحسن بن أمحمد ابن ريسون التي أورد نصوصها الأستاذ محمد بن عزوز حكيم في كتابه مساهمة رباط تازروت في معركة وادي المخازن في الصفحات 70 -72 ، ومن 75 إلى 81. ومما جاء فيها « ... فبعث عددا من رجاله يطوفون بالقبائل في نفس الليلة، يحملون الرسائل الموجهة إلى كبار القوم بقبائل الخلوط وسوماتة وبني يسف وبني زكار والساحل والغربية وبني يدر وجبل الحبيب وبني مصور وودراس وبني حسان وبني زجل وبني زيات، يخبرهم فيها بأوامر مولانا السلطان، ويستدعيهم إلى حضور الجمع العام الذي تقرر عقده بجوار ضريح مولاي عبد السلام يوم الجمعة ..كما اختار شيخنا سيدي أمحمد مائتين من رجال الخلوط والغربية وجبل الحبيب والساحل، وعهد إليهم بمهمة مناوشة جيش النصارى الذي نزل بساحل أصيلة على أن يتوجها فورا إلى هناك ....في يوم 14 جمادى الأولى 986 ، موافق19 يوليوز وصل إلى قريتانا مخازني بعثه قائد القصر ليخبر الشيخ البركة سيدي امحمد بأن مولانا الإمام قد غادر مدينة سلا ...وفي ليلة 16 جمادى الأولى 986 ، موافق 21 يوليوز 1578م قام المجاهدون بمهاجمة معسكر النصارى بضواحي أصيلة ثم أعادوا الكرة يوم 18 من نفس الشهر « 23 يوليوز» حيث قتلوا عددا من النصارى وأسروا أربعة من جنود النصارى أتوا بهم إلى قريتنا ... وبعد قراءة السلك والدعاء لمولانا الإمام بالنصر والتأييد، نزلنا جميعا إلى القصر من أجل الالتحاق بباقي المسلمين، وكان عدد الراكبين منا يفوق ستمائة رجل وعدد الرجالة لا يقل عن 2000 من المجاهدين ... ولم يكن وصولنا إلى القصر إلا يوم الثلاثاء 24 جمادى الأولى موافق 29 يوليوز لأننا قضينا الليلة الأولى بسماتة والليلة الثنية بقبيلة سريف، وكان دخولنا القصر يوما لم أشاهد مثله في حياتي قط حيث خرجت المدينة عن بكرة أبيها لاستقبالنا والرجال يهتفون ويدقون طبولهم والنساء تزغردن.....وفي اليوم التالي وكان يوم الجمعة وصل مولانا السلطان وجيوشه المظفرة إلى ضواحي القصر، وفي هذا اليوم التحق بنا أهل مدينة تطوان وقبائل ودراس وأنجرة وطائفة من سكان شفشاون وقبيلتي بني زيات وبني زجل الغمارية، وفي نفس اليوم تطوان وقبائل ودراس وأنجرة وطائفة من سكان شفشاون وقبيلتي بني زيات وبني زجل الغمارية، وفي نفس اليوم علمنا بوصول النصارى إلى ثلاثاء الريسانة وقاها الله من شرهم.......». هذا يبرز مساهمة المنطقة الشمالية والقصر الكبير كمكان للتجمع إلى جانب الجيش الرسمي دفاعا عن هذا الوطن العزيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.