تحل اليوم الاثنين ذكرى معركة وادي المخازن الخالدة التي جسدت أروع صور البطولة دفاعا عن حوزة الوطن وإعلاء لراية الإسلام. وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في مقال لها بأن معركة وادي المخازن جاءت في ظروف إقليمية ودولية صعبة تميزت بدخول العثمانيين في سلسلة من المواجهات العسكرية ضد الأوروبيين وفي تحالفات عدة مستغلين ظروف الشمال الإفريقي خصوصا ظروف المغرب بهدف استغلال المراسي المغربية الأطلسية ومرسى العرائش بالتحديد. وقد شكل مرسى العرائش الذريعة التي استخدمها البرتغاليون لتبرير حملتهم على المغرب بدعوى أن الأتراك كانوا جادين في احتلالها مهما كان الثمن. وقد علق أحد المؤرخين الإسبان على أهمية العرائش بأنها تعادل سائر مراسي المغرب. في ظل الأطماع الخارجية نحو المغرب نهج سلطان المغرب عبد المالك السعدي خطا متوازنا بذكائه السياسي وفهمه الحقيقي لظرفية المغرب ولنوايا الأطراف الأوروبية ومعرفته الدقيقة بآليات الدول خلال منتصف القرن السادس عشر, وبذلك ضمن للمغرب استقلالا حقيقيا, غير أن ملك البرتغال ركب أطماعه مغامرا في حملة كبيرة مستهدفا الهيمنة على المملكة. استعان سلطان المغرب عبد المالك السعدي في التهييئ للمعركة بحنكته السياسية وأدرك منذ البداية أهمية عامل الوقت بالنسبة للمغاربة. وهكذا كاتب دون سبستيان ليعرض عليه السلام والتفاوض لربح الوقت والاستعداد للمواجهة المحتملة, وعندما تحرك سبستيان ووصلت جيوشه إلى ناحية طنجة-أصيلة كاتبه عبد المالك بغير أسلوبه العادي, بشكل يرمي إلى جر جيوش دون سبستيان إلى معترك اختاره عبد المالك بكل عناية, ألا وهو سهل وادي المخازن. ومما جاء في هذه المراسلة : «»إن سطوتك قد ظهرت في خروجك من أرضك وجوازك العدوة, فإن ثبتت إلى أن نقدم عليك فأنت نصراني حقيقي شجاع...»». وقد أورد بعض المؤرخين أيضا قول عبد المالك السعدي: «»إني رحلت إليك ستة عشر مرحلة, أما ترحل إلى واحدة؟»». وفعلا استطاع عبد المالك أن يجر الجيش البرتغالي إلى سهل وادي المخازن مما كان له أكبر الأثر في تحديد مصير المعركة قبل أن تقع. وللإشارة فإن القوات البرتغالية التي عبرت إلى المغرب كانت تضم أسطولا يفوق عدد وحداته500 قطعة بحرية تقل على متنها جيشا نظاميا وكثيرا من المرتزقة والحشود الحليفة الداعمة فضلا عن وضع الملك الإسباني رهن إشارة ملك البرتغال وحدات بحرية أخرى انضمت إلى الجيش البرتغالي.