خلد المغرب، أمس الثلاثاء، الذكرى 431 لمعركة وادي المخازن، التي جسدت أروع صور البطولة، دفاعا عن حوزة الوطن، وإعلاء لراية الإسلام.ووقعت معركة وادي المخازن في ظروف إقليمية ودولية صعبة تميزت بدخول العثمانيين في سلسلة من المواجهات العسكرية ضد الأوروبيين، وفي تحالفات عدة، مستغلين ظروف الشمال الإفريقي، خصوصا ظروف المغرب، بهدف استغلال المراسي المغربية الأطلسية، ومرسى العرائش بوجه خاص. وشكل مرسى العرائش الذريعة التي استخدمها البرتغاليون لتبرير حملتهم على المغرب، بدعوى أن الأتراك كانوا جادين في احتلالها مهما كان الثمن. وفي ظل الأطماع الخارجية نحو المغرب، نهج السلطان عبد المالك السعدي خطا متوازنا بفضل ذكائه السياسي وفهمه الحقيقي لظرفية المغرب ولنوايا الأطراف الأوروبية ومعرفته الدقيقة بآليات الدول، خلال منتصف القرن السادس عشر، وبذلك ضمن للمغرب استقلالا حقيقيا، غير أن ملك البرتغال ركب أطماعه مغامرا في حملة كبيرة، مستهدفا الهيمنة على المغرب. واستعان السلطان عبد المالك السعدي في التهييء للمعركة بحنكته السياسية، وأدرك منذ البداية أهمية عامل الوقت بالنسبة للمغاربة. وهكذا، قام بمكاتبة "دون سبستيان" ويعرض عليه السلام والتفاوض لربح الوقت والاستعداد للمواجهة المحتملة، وعندما تحرك "دون سبستيان" ووصلت جيوشه إلى ناحية طنجة- أصيلة، كاتبه عبد المالك بغير أسلوبه العادي، بشكل يرمي إلى جر جيوش "دون سبستيان" إلى معترك اختاره السلطان عبد المالك بكل عناية، ألا وهو سهل وادي المخازن. واستطاع السلطان عبد المالك السعدي أن يجر الجيش البرتغالي إلى سهل وادي المخازن، ما كان له أكبر الأثر في تحديد مصير المعركة قبل أن تقع. يذكر أن القوات البرتغالية التي عبرت إلى المغرب كانت تضم أسطولا يفوق عدد وحداته 500 قطعة بحرية تقل على متنها جيشا نظاميا وكثيرا من المرتزقة، والحشود الحليفة الداعمة، فضلا عن وضع الملك الإسباني رهن إشارة ملك البرتغال وحدات بحرية أخرى انضمت إلى الجيش البرتغالي. وفي يوم رابع غشت 1578، دارت معركة حامية الوطيس بوادي المخازن في منطقة السواكن، بعد أن حطم المغاربة جسر النهر لمنع تراجع القوات الغازية نحو ميناء العرائش، ومني البرتغاليون بخسارة جسيمة، إذ قتل ملكهم، والملك المخلوع محمد المتوكل، كما توفي السلطان عبد المالك إبان المعركة، بسبب تسمم تعرض له من الأعداء. وأخفى خلفه السلطان أحمد المنصور الذهبي نبأ وفاته مديرا المعركة التي اصطلح على تسميتها بمعركة الملوك الثلاثة، التي أكسبت المغرب مجدا نادرا، وحقق فيها المغاربة نصرا مبينا زاد من هيبة المغرب ومكانته في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، وظلت باعث عز وشرف له كدار للإسلام والسلام والأمن يحتمي به المسلمون كافة ويحظى بتقدير سائر أقطار المعمور. وأكدت المندوبية السامية أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تحتفل بذكرى معركة وادي المخازن في غمرة احتفالات الشعب المغربي بالذكرى العاشرة لعيد العرش المجيد والذكرى 56 لثورة الملك والشعب الخالدة التي قادها أب الوطنية وبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، مؤازرا برفيقه في الكفاح والمنفى ولي عهده آنذاك جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه، تتوخى إبراز معاني الاعتزاز بالملاحم الوطنية التاريخية والتعريف بها واستلهام قيمها في مسيرات إعلاء صروح المغرب الجديد، بقيادة باعث النهضة المغربية، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يواصل مسيرة الجهاد الأكبر، ارتقاء بالوطن في مدارج التقدم والحداثة، وترسيخ الديمقراطية، وتعزيز النهضة التنموية الشاملة، وإذكاء الإشعاع الحضاري للمغرب، كقلعة عريقة متمسكة بقيم السلام والإخاء وفضائل التضامن والتعاون والاعتدال والتسامح والمبادئ الإنسانية المثلى. وبهذه المناسبة، تنظم المندوبية السامية يوم غد مهرجانا خطابيا بجماعة السواكن بإقليم العرائش، يتضمن كلمات للإشادة بفصول هذه المعلمة الوضاءة التي يستحضر فيها المغاربة أطوار ملحمة عظيمة، حفاظا على عزة الأمة وذودا عن حمى الوطن وسيادته ووحدته، ودفاعا عن مقوماته وهويته الأصيلة. وسيجري بالمناسبة تكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير بالإقليم في نطاق العناية الموصولة بمن أسدوا خدمات جلى، إبان فترة الكفاح الوطني، من أجل الحرية والاستقلال، وفاء وبرورا بمناقبهم الحميدة وأعمالهم الجليلة وآثارهم الخالدة.