– متابعة (صور: زكرياء العشيري): لم يكن مفاجئا أن تغص القاعة المغطاة الزياتن بمدينة طنجة عن آخرها، بالجمهور الغفير الذي حج عليها من العديد من المدن، لمتابعة السهرة الختامية للنسخة الثانية للمهرجان الدولي للسماع والمديح "مولديات البوغاز"، التي خطف أضواءها الفنان العالمي ماهر زين، ليتوج بذلك نجاحا آخر لهذه التظاهرة التي حظيت بإشعاع عالمي واسع. ومنذ لحظة صعود ماهر زين إلى منصة الحفل، على إيقاع مغربي اختاره معشوق جمهور طنجة لأداء نشيده المشهور "رقت عيناي شوقا"، ظلت حناجير نحو خمسة آلاف متفرج ومتفرجة، تتعالى مرددة مع معشوقهم، مناجاته لله تعالى، وتعظيم شأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فضلا عن مشاطرته لأفراح من ولجوا حديثا قصورهم الذهبية، عبر نشيدي " أجمل فرحة" و"بارك الله لكما". وكلما أنهى ماهر زين، وصلة من ريبيرتواره الفني الغني، كان جمهوره العاشق، يطالبه بالمزيد من أغانيه باللغتين العربية والإنجليزية، التي عرفت انتشارا واسعا في البداية عبر الشبكة العنكبوتية، قبل أن تسكن صدور ملايين المحبين في ربوع العالم، بينهم هذا الجمهور الطنجاوي العريض، الذي أضفى هو الآخر، على هذه السهرة الختامية، جوا مثاليا من خلال انضباطه وتجاوبه، الذين أثبتا أنه جمهور عارف وواع. ونشطت الجزء الأول من السهرة الختامية، المجموعة الوطنية للمديح والسماع التابعة للطريقة البودشيشية القادرية، التي أتحفت جمهور السهر، بشذرات متنوعة من التراث الصوفي، من خلال ترديد قصائد وابتهالات لكبار أعلام التصوف في العالم الإسلامي. والطريقة القادرية البودشيشية، زاوية صوفية ظهرت في القرن الخامس للهجرة النبوية (1009 الى 1105)، على يد الشيخ عبد القادر الجيلالي، واكتسبت لقبها الثاني “البودشيشية” نسبة إلى الشيخ علي بن محمد، الذي كان يلقب باسم "سيدي علي بودشيش"، لكونه كان يطعم الناس خلال فترة المجاعة التي شهدها المغرب، أثناء حياته، أكلة مغربية تسمى "الدشيش" (شبيهة بأكلة الكسكس)، ومقرها الأم زاوية في بلدة "مداغ"، بإقليم بركان. وحفل الفنان العالمي ماهر زين، وفرقة "الطريقة البودشيشية القادرية"، كانت إذن مسك ختام فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الدولي للسماع والمديح "مولديات طنجة"، بعد أن نجح للمرة الثانية في كسب رهان مواكبة أذواق قاعدة جماهيرية عريضة من عشاق الفن الملتزم، من خلال استضافة أسماء ذائعة الصيت على المستوى المحلي والوطني والدولي، مثل مجموعة "عود الرمل" الكبرى، وفرقة "الإمام الغزالي"، والمطربة المغربية، كريمة الصقلي، وأخيرا الفنان التركي، مسعود كرتس. ويهدف المهرجان الدولي للمديح والسماع “مولديات البوغاز”، إلى الحفاظ على تقليد يحفظ للهوية المغربية وفير ثرائها ويصون للموروث ما يستحقه من عناية وكبير انتباه من خلال أنشطة تجمع بين الثقافة والفن الراقي وبعض الطقوس الدينية التي تنسج علائق وثيقة بين ماض مجيد وحاضر يتطلع للأفضل.