لاتترك جارتي من حدث دون أن تحشر أنفها فيه، تسألني في كل شيء عن كنهه وأصله، وأحيانا تخبرني بما لم أحط به خبرا، وكثيرا ما إصطدت من أخبارها الطازجة عناوين لمقالات .. تبارك الله عليها والسلام. بالأمس لم يشفع إستعجالي لدى الجارة، أوقفتني مستفسرة عن توأم طنجة الجديد، وقبل إسترسالها في الكلام حوقلت، وحوقلت معي، تبادر لذهني للوهلة الأولى أنه تم العثور على جثة توأم مرمية في قمامة، أخذت نفسا عميقا إستعدادا لسماع فاجعتها، لتفاجئني بقولها.. كل ما في الأمر بأن "كبيطان" طنجة أي العمدة وقع إتفاقية توأم مع إمارة الشارقة. بادرتها بالقول .. "الجارة" هون عليك، طريقتك في إخباري توحي بأنك أحطت بما لم أحط به علما .. ولكن مافعل "الكبيطان" يدخل في باب الاستحسان وحسنا فعل أن وجد لطنجة توأمها. ثارت ثائرة الجارة وكادت تنطحني عندما إستحسنت فعل العمدة على مسامعها وأردفت قائلة : شوف أسي يوسف لايوجد توأم لطنجة غير مدينة "الفارو" البرتغالية، وحتى هذه التوأمة لا أومن بها، ماذا جنينا منها فقط مربع بإسمها يزاحم المدافع، وحتى لو سألت سائق طاكسي عن ساحة "الفارو" لن يعرفها مالم تتوسل ب "سور المعكازين". طنجة لايوجد لها شريك، هي مدنية نفسها، وكفى طنجة لأبنائها، وكفاهم طنجة لانريد توأما لها. ألا ترى اسي يوسف بأنهم "عايقو" كل شهر نسمع بتوأمة طنجة، حتى لم نعد نعرف كم لطنجة من توأم ‼ ناهيك عن طنجة الكبرى.. واش دبرو لا على شي توأم حتى هي.. ثم ماهي المعايير المعتمدة للتوأمة، هل تطل "الشارقة" على البحرين الأطلسي والمتوسط، هل عندهم فريق في القسم الوطني الثاني بجمهور كجمهور "إلتراهيركوليس" هل بها قبرالرحالة العالمي الطنجي "إبن بطوطة" الحاضر الغائب بين بني جلدته، بل أتحداك إن كان "الكبيطان" يعرف أين قبره!! هل عندهم توأم لمقهى الحافة وحنفطة ومقهى "الماكينة" ومقهى "الرقاصة" بحجم علبة عود الثقاب ولكن شهرتها تصل الأفاق، هل عندهم قصر المجاز في خبر كان وبحر يبتلع البشر صيفا كأشقار، هل عندهم حومة الشياطين وزنقة كزنقة واحد بالمدينة القديمة، هل عندهم سوق كسوق الداخل، هل عندهم مقابر مثل مقابرنا لاحرمة فيها للميت بحيث تسكب "قراعي" الفودكا على رؤوسهم طيلة الأسبوع ويوم الجمعة تقرأ عليهم ياسين، هل عندهم مسجد كالجامع الجديد مغلق منذ سبع سنوات أو يزيد، هل عندهم مذهبنا مذهب إمام مالك، هل عندهم الخبز الحافي وأمثال شكري، هل عندهم أسرة لاتنجب إلا العلماء كأل الصديق، هل ينطبق على أهل الشارقة قول المجذوب "عاينهم على الخبر وأذنهم على الخبر وقاعهم على الحجر". المهم اسي يوسف في نظري مايجمع بين الشارقة وطنجة سوى الحروف الأبجدية "ش ر ق" فطنجة مدينة الشرقي والسلام.