مدينة البوغاز و عروس الشمال، بوابة إفريقيا على أوربا و بوابة أوربا على إفريقيا ،كانت - و لا تزال - أمل المغرب في دخول الدوائر العالمية من خلال إكسبو 2012 .. و قد عوضت الفرصة الضائعة بمشروع حاضرة أكبر ميناء في الضفة الجنوبية الغربية للبحر الأبيض المتوسط . مستقطبة للهجرة الداخلية بامتياز و نقطة العبور الرئيسية للهجرة الشرعية و غير الشرعية نحو أوربا ، كما الصادرات بكل أصنافها.. هي مدينة المغرب الدولية التي عاش فيها و عشقها و دفن فيها ، كما لا يزال يعيش بين أحضانها ، العديد من رجال و نساء الفكر و الفن و الإعلام و الشعراء ، كما السماسرة في مختلف المجالات. وتبقى إذاعة طنجة شاهدة على أحداثها و تطوراتها وكفاح و نبوغ رجالاتها ، موثقة ومحافظة على أرشيفها المتنوع ،كماهي منارة للثتقيف والترفيه و الإخبار بامتياز،لا ينافسها في شهرتها سوى بارونات تجارة و تهريب المخدرات بشمال البلاد . يحتضن تراها ضريحي سيدي بوعراقية وسيدي عبد السلام الوزاني،بما لهما من رمزية دينية- روحية ،إضافة إلى كونها حاضرة عريقة للابداع ، للنبوغ المغربي و للخبز الحافي. مدينة الصمود التي تؤرخ أحيائها لكل شيء،بدءا من المنزل رقم 0 المقابل لمتحف المدينة المنسي بالقصبة العتيقة ، مرورا بسور المعكازين الذي يسمح بمراقبة حركة بابورات المرسى من قلب المدينة أو البوليبار، إلى"حومة الشوك " و "حومة صدام" و "حومة الحمير" ، ومن مغارات أسطورة هرقل ومن حي الدرادب و مرشان،ومن الحافة التي تحتضن إسما لمقهى، نزولا إلى الكورنيش - عبر عقبة البلايا- الذي يمتد إلى "مالباطا " التي تهب عليها رياح الغرب والتغريب محاولة سلخها من جلدها بأنشطة و لقاءات "كازينو" بمواصفات عولمية ،و صولا إلى حي و سوق " كاسابراطا " التي تلهبها من حين لآخر رياح الحريق الذي لا تقل خطرا و خسارة عن أمواج المياه المتدفقة و الجارفة، في كل فصل مطير،بأحياء العوامة و مغوغة و بنديبان و بني مكادة السفلى،وانتهاء بالمطارالدولي ابن بطوطة. و لا يمكن نسيان صمود نادي الكولف و "مقبرة الكلاب الأوربية " بحي " بوبانا " في وجه مفترسي غابة الاسمنت المسلح ، و لا يسعنا إلا أن نحيي صمودهما كما "سينما الريف " التي لا تزال صامدة في وجه مصير شقيقتيها "ألكسار" و "كابطول". فالمدينة تتغير، حيث يتزايد عدد العلب الليلية التي لا تبعد إلا بمسافات قصيرة عن منارة و مسجد السوريين وبجواره الفلل الجميلة التي يلوث مجرى الواد الحار المكشوف- للأسف الشديد- نسيمها الصيفي ليتحول قاسما مشتركا مع ساكنة الاحياء البعيدة مثل بير الشفا و مسنانة و غيرهما.
و بما أن للوصف بقية ، يبقى "المنار" و "كاب سبارطيل" شاهدان على طنجة التي كانت " كتبكي على اللي ما شافهاش .. أما اللي شافها ..فكيبكي عليها .." [email protected]