قبل الخوض في الصدمة التي خلفها الوجه الباهت للنخبة الوطنية في مواجهة فيلة الكوت ديفوار، استسمح القارئ الكريم أولا ان أتوقف أمام ماهو خارج رياضي ، بحيث انه يبدو لي وكأننا في المغرب، ولأول مرة، انتدبنا مدربا يؤمن بالظواهر الخارقة في تحقيق النتائج، كالتباهي بالظهور في كل مباراة بقميص ابيض ، يتفاءل به الرجل ( أي كلام..وخلاص)، ومناشدة الجمهور بارتداء الأحمر ( يذكرنا ذلك بإثارة الثيران في رياضة مصارعة الثيران الشهيرة، او بأغنية الكندي كريس دوبورج ، أو بدم القربان لاستخراج كنز حسب عقليات متخلفة ولا علاقة له بالرياضة )، ومن يدري؟ فربما يطالب الرجل بتخصيص مدرجات للعرافات مستقبلا ، مادام يؤمن بخزعبلات من ذلك الحجم ..كل شيء ممكن..فمن عايش قوما اربعين يوما اصبح واحدا منهم كما يقال، وتلك المعتقدات مألوفة في الملاعب الإفريقية التي منها انطلق المسيو رونار .. من زاوية اخرى، فإن المباراة ضد الكابون، وبعدها ضد ساحل العاج، نسخ مطابقة الاصل لمستوى النخبة في فترة الاطار الوطني بادو الزاكي، بحيث لم نلاحظ الاستقرار على تشكيلة قارة ، كما لم نفهم المغامرة بتغيير مراكز لعب بعض اللاعبين، كما هو حال امرابط المرغم على شغل مهمة دفاعية وهو أصلا جناح هجومي في كل الفرق الاوروبية التي لعب فيها، بل، يبدو استثماره قلب هجوم أقرب الى الموضوعية مما يفعل به في النخبة الوطنية، وفي نفس الاطار، تبدو سياسة تشكيل منتخب من لاعبين نشأوا في المهجر كلية عملية لم تمنح للمغاربة أي ظهور قوي لنخبتهم الوطنية، وبالتالي، فلو تم اصلا تقييم الإجراء منذ اعتماده مباشرة بعد مونديال 1998 بفرنسا الى اليوم ، لكنا بالفعل وضعنا الاصبع على الداء، اذ لايكفي مجرد الممارسة خارج المغرب لضمان الكفاءة والمردودية، سيما وأن طبيعة البطولات الاوروبية وملاعبها لا علاقة لها اطلاقا بالمباريات الافريقية، وسنظل نشتكي دوما من سوء الاعداد البدني ( واضح كيف عجز لاعبو المنتخب عن مجاراة الربع ساعة الاخيرة من المباراة، وكيف اضاع الزوار فوزا بعد رفعهم للايقاع في محاولة لاستغلال الترهل البدني ذاك).. عيبنا ربما في المغرب أننا نتمسك بالاوهام بدل مواجهة الواقعية، واقعية يعطينا الاشقاء المصريون اليوم درسا بليغا بصددها ، ونكثر حتى في توقعاتنا وحديثنا عن المنتخب من حديث نفاق الذات باسم المواطنة، علما بأن المواطنة الحقيقية تخالف الزائفة تماما على مستوى النقد الذاتي الصريح ، فما توفره الجامعة من ظروف اشتغال سواء للإدارة التقنية أو للأطر المتعاقد معها غير متوفر في بلدان افريقية عدة ، رغم ذلك تحصد نتائج جيدة، وتنهج سياسات تكوين حقيقية بعيدة عن الحلم والخيال والنظري المغلف بحفظ المصطلحات والنظريات دون توفق في أجرأتها ، كما أننا نروج خطاب المغالطة أحيانا بتقزيم مستوى اللاعب المحلي ، علما بأن اللاعب المحلي شرف الكرة الوطنية في كأس العالم للاندية مع الرجاء في مناسبتين ، واللاعب المحلي يصول ويجول في الملاعب الافريقية . ختاما ، ليستمر مدربنا المحترم في كي قميصه الأبيض بعناية في انتظار المباريات الأربع القادمة، ولنقبل جميعا على اقتناء اقمصة حمراء في انتظار مالي والكابون ، في وقت يشتغل فيه الآخرون بسواعد عارية، وبأقدام حافية ، فما دمنا غير قادرين على نقد فعلي لطريقة تدبير ملف المنتخب الوطني، فلا داعي للحلم لا بمونديال 2018 ولا 2042 …