"وزارة التعليم" تعلن تسوية بعض الوضعيات الإدارية والمالية للموظفين    مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يقلب الطاولة على بنفيكا في مباراة مثيرة (5-4)    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)    ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    تركيا.. ارتفاع حصيلة ضحايا حريق منتجع للتزلج إلى 76 قتيلا وعشرات الجرحى    التحضير لعملية "الحريك" يُطيح ب3 أشخاص في يد أمن الحسيمة    لمواجهة آثار موجات البرد.. عامل الحسيمة يترأس اجتماعًا للجنة اليقظة    الحكومة: سعر السردين لا ينبغي أن يتجاوز 17 درهما ويجب التصدي لفوضى المضاربات    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    تركيا.. يوم حداد وطني إثر حريق منتجع التزلج الذي أودى بحياة 66 شخصا    وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور الأساتذة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب    اتخاذ إجراءات صارمة لكشف ملابسات جنحة قطع غير قانوني ل 36 شجرة صنوبر حلبي بإقليم الجديدة    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    هل بسبب تصريحاته حول الجيش الملكي؟.. تأجيل حفل فرقة "هوبا هوبا سبيريت" لأجل غير مسمى    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة    ندوة بالدارالبيضاء حول الإرث العلمي والفكر الإصلاحي للعلامة المؤرخ محمد ابن الموقت المراكشي    المبادلات التجارية بين المغرب والبرازيل تبلغ 2,77 مليار دولار في 2024    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    مطالب برلمانية بتقييم حصيلة برنامج التخفيف من آثار الجفاف الذي كلف 20 مليار درهم    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    انفجار في ميناء برشلونة يسفر عن وفاة وإصابة خطيرة    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    العمراني : المغرب يؤكد عزمه تعزيز التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد تنصيب ترامب    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    ترامب يوقع أمرا ينص على انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية    إيلون ماسك يثير جدلا واسعا بتأدية "تحية هتلر" في حفل تنصيب ترامب    ترامب: "لست واثقا" من إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يدعو إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    دوري أبطال أوروبا.. مواجهات نارية تقترب من الحسم    ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل تصد في الدوري السعودي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    القارة العجوز ديموغرافيا ، هل تنتقل إلى العجز الحضاري مع رئاسة ترامب لأمريكا … ؟    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية في أعمال الفنان التشكيلي سعيد أيت بوزيد
نشر في الشرق المغربية يوم 04 - 06 - 2012


حضور قوي للبعد الإنساني وإحساس يؤطره الشكل واللون
راءة نقدية في أعمال الفنان التشكيلي سعيد أيت بوزيد
قام بعدة معارض فردية وجماعية، وشارك في بعض الملتقيات منها الملتقى الدولي للفن التشكيلي المعاصر الذي احتضنته مدينة مراكش مؤخرا.
محمد البندوري – مراكش / يشكل البورتريه أحد أهم الأساليب التشكيلية الواقعية التي يستند عليها الفنان التشكيلي سعيد أيت بوزيد، فلا يمكن أن يبني فضاءه الناعم إلا باعتماد الشخوصات كمادة واقعية أولا، ثم كتعبير أيقوني ثانية، ليفصح عن خلجاته ولواعجه وشعوره بطريقة فنية مغايرة، وبسحر تشكيلي متعدد الرؤى والدلالات، وبعلامات لونية، وأشكال تعبيرية فصيحة، تتوقف على مناحي إنسانية وأخلاقية وروحية دافئة، فالمعاناة ومكابدة كل أشكال القهر وعناء الحياة والهموم اليومية وقساوة الواقع، كلها تعبيرات مصيرية حتمية تنبع بصدق من نفسية المبدع بعد أن ينسجها إلهامه واجتهاداته في قوالب تعبيرية رائدة.
وفي نطاق العمل النقدي التشكيلي، فإن أعمال سعيد أيت بوزيد الإبداعية وإن تبدت فيها البساطة، و كل مناحي العطف، إلا أنها في أحايين كثيرة تقارب ماهية العمل الفني بالمادة البصرية التي تشكلها عين المتلقي، وهو ما يصنع انسجاما وتوليفا بينه وبين شعور وأحاسيس المتلقين. وبالرغم من واقعية العمل لدى سعيد أيت بوزيد، إلا أن انفعالاته الإبداعية تجعل العمل مثقلا بالإيحاءات والرمزية التي تنطق بأشياء أخرى منبثقة من خوالجه الداخلية
وهواجسه النفسية. ولذلك وغيره، فأعماله التشكيلية تنفذ مباشرة إلى أعماق المتلقي. كما أن الموضوعات التي تشتملها، تتوافر فيها الرؤيا الموضوعية للحياة وتتبدى فيها تجليات الواقع العنائي. إن هذا التوافر يجعل من اللوحة إطارا تسجيليا بطبائع تعبيرية، وبسياقات مختلفة، لكنها تصب كلها في براثن المعاناة وقساوة الحياة. وتبدو الحركة من بين الأسس التي تسري أطيافها في شرايين اللوحة، مما يجعل منها لوحة تفاعلية بأبعاد حقيقية ملموسة من الواقع. وهذا ليس بالأمر اليسير، فعملية بناء الفضاء على أنقاض الواقع المر يدفع بالفنان أيت بوزيد لأن يبرز المادة التشكيلية في شكل وجودي يتعمد إشراك الحس الشعوري والعنصر البصري للمتلقي، مما يكلفه الكثير من الدقة والمهارة والتوظيف التقني البديع. وبالرغم من بساطة التقنيات التي يستعملها ايت بوزيد لظروف مادية أو أخرى، إلا أنه يتوفق في عملية المعالجة وإبراز العمل الفني في رونق وبداعة، وذلك وفق ما قادته إليه تجربته الفنية وحساباته الموفقة للعب دور فعال من خلال التعبير الصادق بكل أشكال البورتريه، وهو ما مكنه فعلا من اقتحام التشكيل المعاصر بأسلوب حديث.
فسحرية البورتريه المعاصر، تعتمد الاغتراف من بحور فنية وتجارب رائدة سواء على مستوى الخامات المستعملة أو ما يتعلق منها بالتقنيات الزيتية وصناعة الأشكال وتوظيف الألوان، إنها عناصر تُفضي إلى تأليف عوالم تشكيلية للبورتريه وعناصره، فقلما يمنحنا البورتريه المعاصر إحساسا بمعاناة الحياة، بقدر ما يمنحنا دفئها من خلال الرؤى التعبيرية التي تشرك المناحي المادية وتتجاهل مقابلاتها. إلا أن الفنان سعيد أيت بوزيد رصد بعض الأشكال الإنسانية ومنحها أبعادا قيمية وأخلاقية، ووشمها بتقنيات جمالية، استجابة للضرورات، وإفصاحا عن كل الأشكال الغامضة التي ظلت – في المجال التشكيلي – في طي الكتمان. وهذا بعد واضح ومباشر في تجربة الفنان الكوني الإنساني سعيد أيت بوزيد. إنه بتفاعله الصريح داخل المنظومة التشكيلية مع كل المواد التعبيرية قد أنجز تعبيرا حديثا، ولونا تشكيليا متخصصا، ينبني على قاعدة ثابتة، باختيارات وتوجهات صريحة ومباشرة، تنتفض ضد المعاناة، التي يعيش من روحها وفي كنفها، إلا أنه بعزيمة وإرادة وقوة نفسية وأخلاق عالية يستشرف المستقبل الباسم. إنها لوحات ناطقة، ورسائل صريحة إلى المتلقي، يرسلها بقدر ما يستدعيه العمل الفني من لوازم، فإنه ينجزها بأسلوبه الخاص، ليسجل حضوره في الساحة التشكيلية بقوة، رغم محدودية الوسائل المادية وضغط الحياة المعيشية. إن أعمال الفنان سعيد أيت بوزيد تحمل خصائص معينة فريدة وجديرة بالفحص والمتابعة النقدية الجادة، وذلك لأنه يستلهم من الفن كل مكوناته وعناصره ومراميه الإبداعية المتطورة، ويتضح ذلك جليا من خلال عدة توظيفات منها المساحة واللون، والجماليات التشكيلية، والحركيات والسكنات والكتل والتركيبات، وكل الأساليب التي تزرع الحياة وتقود إلى إنتاج فني صادق متناسق ومميز يضفي على أعماله الفنية قيمة جمالية. فضلا عن البعد الإنساني الذي يحتل في أعماله الفنية مكانة خاصة وكبيرة، إن هذا البعد متشكل ومترسخ في نفسية المبدع سعيد أيت بوزيد، وهو لوحده عالم شاسع وعميق، وحابل بالتعابير والدلالات والمعاني والأساليب النوعية التي تضرب في عمق التشكيل الحديث بمتانة ووهج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.