بعدما كان مبرمجاً انطلاق العمل بها في نونبر الماضي، بالتزامن مع مؤتمر المناخ COP22، أعلنت المدينة الحمراء أن ابتداء من يوم الخميس المقبل ستشرع في استخدام الحافلات الكهربائية للنقل الحضري والتي كلفت ميزانية 24 ملياراً. وبانطلاق هذه الحافلات في تقديم خدماتها تكون مدينة مراكش قد حققت السبق في مجال النقل الحضري بواسطة الطاقات النظيفة وتبصم على تجربة هي الأولى من نوعها وغير مسبوقة على المستوى الوطني والقاري. ويرتكز هذا المشروع الهام والذي من شأنه الإسهام في الرفع من إشعاع المدينة الحمراء الوجهة السياحية الأولى بالمملكة على الصعيد الدولي، على استخدام حافلات تتميز بعدم انبعاث الغازات السامة منها من أجل الحفاظ على جودة الهواء بالمدينة. وتتماشى هذه المبادرة والإستراتيجية الوطنية لخفض انبعاث ثاني أوكسيد الكربون وكذا مع التوجه الراسخ للمملكة نحو اعتماد الطاقات النظيفة من أجل الحفاظ على البيئة ومكافحة آثار التغيرات المناخية. وقد سبق أن أعلن عن هذا المشروع بالتزامن مع مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية “كوب 22” الذي احتضنته المدينة الحمراء شهر نونبر من السنة الماضية والذي لاقى نجاحا باهرا وحظي بإشادة دولية كبيرة لما أبانت عنه المدينة الحمراء من التزام اتجاه القضايا المرتبطة بالبيئة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها في هذا المجال. كما يعكس هذا المشروع، الذي سيعزز مكانة مراكش كحاضرة نموذجية في المجال البيئي والتنمية المستدامة، الرغبة الأكيدة للمسؤولين على تدبير الشأن المحلي بالمدينة في ضمان استدامة الحفاظ على البيئة على ضوء هذا النجاح. وينضاف هذا المشروع إلى مشاريع بيئية وايكولوجية مهمة أخرى انخرطت فيها المدينة الحمراء منذ مدة تمت مراعاة بعد الاستدامة فيها من قبيل، على الخصوص، محطة معالجة المياه العادمة وتهيئة المساحات الخضراء وتجهيزها بالإنارة بالطاقة الشمسية وإحداث محطة لمعالجة النفايات وأحياء إيكولوجية وإحداث مشتل لإنتاج الطاقة الشمسية وتطبيق النجاعة الطاقية ببعض البنايات العمومية، وكذا إحداث محطة كهربائية تشغل بالغاز الحيوي المستخرج من المطرح القديم للنفايات، وإحداث مطرح جديد للنفايات، ومحطة للطاقة الكهربائية. وستعتمد هذه الحافلات الجديدة، والتي ستغطي الخط الذي يمر عبر شارع الحسن الثاني والرابط بين باب دكالة وأحياء المسيرة و محيطها، والخط الثاني الرابط بين أحياء المحاميد ووسط المدينة عبر الطريق المخصصة في شارع “كماسة” على أن تغطي، لاحقا، باقي الشوارع والمقاطعات، نفس النظام الذي تعمل به خطوط “الترامواي” في كل من الرباط والبيضاء، وستوفر ولوجيات لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة. ولتأمين تزويد هذه الحافلات بالطاقة النظيفة تم انجاز محطة للطاقة الشمسية تتواجد في مدخل المدينة في المنطقة الفاصلة بين المدار الحضري بتراب مقاطعة المنارة، وبداية النفوذ الترابي لجماعة سعادة، بتعاون مع البنك الدولي. ويتوقع أن تمكن هذه الحافلات المعروفة باسم “الترام باص”، من فئة 18 مترا، من نقل أكثر من 45 ألف مواطن يوميا باتجاه مختلف أحياء المدينة. ومن أجل ضمان انطلاقة ناجحة للحافلات الكهربائية في تقديم خدماتها، تم إجراء مراحل تجريبية لاستخدام هذه الحافلات وذلك بهدف تدريب السائقين على السير في الممر وضبط الإشارات الضوئية الخاصة بهذه الحافلات الجديدة ومعالجة الإشكالات التقنية التي قد يطرحها استخدام هذا النوع من الحافلات قبل الشروع الفعلي في تقديم خدماتها للعموم. وحفاظا على جمالية الشوارع الرئيسية والسياحية التي ستمر منها هذه الحافلات وعدم تشويه المنظر بها احتراما للتهيئة العمرانية، عمد المشرفون على هذه التجربة الجديدة والرائدة إلى عدم مد الأسلاك الكهربائية على طول المسار الذي ستسلكه الحافلات. ويبقى التحدي الأبرز أمام نجاح هذا المشروع البيئي المتميز ، حسب العديد من متتبعي الشأن المحلي بالمدينة التي تشهد حركية كبيرة على مستوى الدراجات النارية والهوائية وارتفاع حظيرة العربات التي تجوب شوارع المدينة، هو مدى تأقلم مستعملي الطريق من الراجلين والراكبين مع هذا الوافد الجديد والانتباه إلى علامات التشوير تفاديا لوقوع حوادث من شأنها أن تشوش على الجانب الايجابي لهذا المشروع.