يبدو أن التصريحات الغير المسبوقة ل'امحمد حبرون' القيادي بحزب ‘العدالة والتنمية' و حركته الدعوية ‘التوحيد والاصلاح'، والتي وجه خلالها انتقادات لاذعة لزملائه في التنظيمين السياسي والدعوي، حول الأزمة التربوية السياسية التي يعانون منها جراء ادعاء ‘الديموقراطية وتحقيقها بشكل إنفرادي'، ستكون لبنة نقاش مثمر و غير مسبوق حول سبل تحقيق الديمواقراطية المكتملة بمساهمة جميع مكونات الشعب المغربي دون اقصاء. فبعد الجدل الكبير الذي أثارته مقالة ‘إلياس العماري' التي يشيد فيها بأفكار ‘جبرون' و تشريحه الدقيق للأزمة الفكرية والسياسية التي يعيش عليها عدد من قيادات حزب ‘العدالة والتنمية'، انتفض قياديون بارزون بحزب البيجيدي وحركته الدعوية لمهاجمة زميلهم ‘جبرون' الذي نفض الغبار عن أزمة تربوية وسياسية عميقة بالتنظيمين السياسي والدعوي للحزب الاسلامي. و اهتزت الأمانة العامة لحزب ‘المصباح' بعد تصريحات ‘جبرون' التي كشفت أنواع الوصاية التي ضلت تفرضها القيادة على الأصوات التنويرية والداعية لوحدة وطنية لبناء ديموقراطية متكاملة، قبل أن تنفجر الاوضاع ويدشن ‘جبرون' مسلسل كشف النواقص و الأزمات. و هاجم ‘امحمد الهلالي' القيادي بحركة ‘التوحيد والاصلاح'، زميله ‘جبرون' بتدوينة نارية اتهمه فيها بفتح الباب لما أسماه ‘التحكم' لاختراق الحزب الاسلامي. و قال ‘الهلالي' : ‘جبرون على موعد اخر في حواره مع اخبار اليوم مع التنجيم السياسي او التفكير السياسي بادوات غير سياسية . وهو بذلك يعبر عن احد تجليات تمكن التحكم من تحقيق بعضا من الاختراق في هوامش الهشاشة الفكرية في ممانعتنا الثقافية. ورأينا هنا لا ينتقص من قدر ونبل صديقنا الذي نفتقد عقله رويدا دون ان نفقد فيه الانسان الخلوق'. و أضاف ‘الهلالي' في تدوينته : ‘حوار صديقنا المحترم يحمل الفكرة ونقيضها ويمارس تعقلا متعاليا عن السياق ويمثل ترجمة عملية للممارسة التفكير لواقنا من وحي سياق مغاير او مفارق او حتى مناقض لسياقنا . مع كامل المودة . ان الخطا في توصيف المرحلة واستحقاقاتها يفضي الى نتائج خاطئة. -من غير الوارد اعادة انتاج الصراع بين الفاعلين السياسين بمن فيهم غير المشاركين مع الملكية لان هذا صار من الماضي. – التحكم لا يتجسد في الملكية وهذه الاخيرة بمشروعياتها المختلفة بادوارها التحكيمية وبحجم التوافق المجتمعي والسياسي حولها وبما حازته من تمثيل لرمز الدولة ودوامها وسير المؤسسات وصيانة الثوابت الجامعة اصبحت تتموقع فوق الصراع بل من مهامها رعاية التوزازن لكن بقواعد اصبحت مدسترة. – التحكم بدون تفلسف هي القوة الثالثة التي تريد تقمص ادوار الملكية المشار اليها اعلاه وفي الحد الادنى الايقاع بين القوى المجتمعية الحاملة للفكرة الاصلاحية وبين الملكية بدرائع متنوعة مرة بتقديمها على اساس يهدد الاستقرار والتوازن ومرو اخرى لانها تنافس الملكية او تقلص من ادوارها واخرى لانها تهدد مصالح البلاد وغيرها حسب زعمها. – على هذا الاساس ما تقوم به قوى الاصلاح منذ الاستقلال هو الصراع مع هذه القوة الثالثة حسب تمثلاتها التي تاخذ شكلا يناسب كل مرحلة وقد نجح اليوم المغاربة في كشف بعض ملامها حتى وان ظل البعض الاخر هلاميا لكنه محسوس . – التدافع او قل الصراع هو بين الارادة الشعبية المعبر عنها في الحد الادنى بنتائج الانتخابات وفي حدها الاقصى بتفاعلات الحراك الشعبي والالكتروني. – بنكيران وهو الاسلامي الديموقراطي الملكي الذي لا يخفي استعداده لتاجيل الاصلاح اذا كان الاستقرار مهددا هو اكثرنا وعيا بدقة المرحلة وبما يجب وما لا يجوز في التنازلات . – ولذلك فعمل بنكيران من موقع رئاسة الحكومة هو امتداد للصمود والممانعة والنضال رفضا لاي قوة ثالثة او وساطة خارج المؤسسات المنتخبة بين الملك والشعب ودورها هذا هو اكبر دعم من الارادة الشعبية للارادة الملكية ومن هذه الاخيرة في اتجاه القوى الشعبية والتي عندما تتوارى هذه القوة الثالثة الى الخلف تتحقق ثورة الملك والشعب بالامس ضد المستعمر وبعده ضد الاستبداد والاحتقان من اجل المصالحة والتناوب واليوم ضد التخلف ومن اجل التنمية المستدامة ومن اجل الاصلاح والاستقرار. من جانبه، هاجم ‘خالد الرحموني' عضو الأمانة العامة لحزب ‘العدالة والتنمية' زميله ‘امحمد الرحموني' الذي زلزل الحزب الاسلامي بتصريحاته حول الأزمة التربوية والسياسية لقيادات الحزب. و وصف ‘الرحموني' حوار ‘جبرون' الذي خلق جدلاً كيراً بالحزب الاسلامي ب'السرديات السلطانية'. و قال ‘الرحموني' في تدويته : ‘انبعاث جديد للسرديات السلطانية..وثوقية في النظر..وتسرع في الحكم..واغفال للسياق..وبناء للقول على يقينيات غير علمية-القدرة الخرافية للتحكم -ومصادرة على المطلوب..والمطلوب هو كشف الاستار عن السلطوية ونقدها ثقافيا وتفكيك بنيتها سياسيا.. التحول الديمقراطي، يتطلب شجاعة الموقف، ورجاحة الفكرة والمنطق، وادراك التحولات الجارية بعمق، مع البيان والتوازن في النقد والمسؤولية الفكرية..وبذل الجهد للاصغاء للمختلف في الرؤية..لا الاستئناس للتمثلات الجاهزة.. لا نريد تنظيرا للجمود السلطوي..بل تفكيكا له لمواكبة الوعي للحركة في الارض.. من قال ان نظامنا السياسي لا يتطور..بل يتجدد حتما..وقطعا ليس من حتمياته التحكم.. وكان ‘جبرون' قد وجه انتقاداً ذاتياً غير مسبوق للحزب الاسلامي معتبراً أن البيجيدي "عاجز لوحده أن يحقق الديمقراطية، وليس باستطاعته تحمل كلفتها"، بل وانتقد عدم وجود وضوح كافي لدى البيجيدي معلنا أن "العدالة والتنمية باعتباره حزبا سياسيا ذو مرجعية إسلامية، لم يجب بالوضوح اللازم عن سؤال استراتيجي وهو: ما معنى أن تكون إسلاميا في الحياة السياسية المغربية؟ والجواب عن هذا السؤال لا يحل إشكالية البيجيدي وحده بل يحل إشكالية كل الحساسية الإسلامية في السياسة، وهذا تغيير ثقافي يحتاج إلى بعض الوقت، وذي صلة وثيقة بالدمقرطة". وجاءت مقالة ‘الياس العماري' للتعبير عن اتفاقه مع ‘جبرون' بالقول : ‘أتفق مع الكاتب في جزء كبير من تحليليه للوضع السياسي ببلادنا وأقر بمصداقية التحليل الذي يقوم على قراءة " طبيعة الأشياء" في مشهدنا السياسي الوطني، و ليس على مجاراة النوايا و الرغبات التي تتحكم في تصورات هذا التيار الحزبي أو ذاك'. من جاتب آخر، طالب ‘حسن حمور' أحد قياديي شبيبة ‘البيجيدي' بطرد ‘جبرون' من حزب ‘العدالة والتنمية'. و قال ‘حمورو' في تدوينة له : على الاستاذ محمد جبرون أن يغادر فورا حزب العدالة والتنمية.. ليثبت انسجامه مع قناعاته وقراءاته للمشهد السياسي الوطني … اعتبر أن مكانه في مكان آخر غير صفوف العدالة والتنمية والله أعلم!