قانون المالية ل2014، كما تم التصويت على الجزء الأول منه البارحة، أكبر معارض لسياسة الحكومة. مشروع ميزته هو حضورالتخبط بين القطاعات، وغياب الفكر الاقتصادي المتناغم المبتكر، والتخطيط العقلاني والاستراتيجي، ولا وجود فيه لأي مقترح جاد لخلق الثروة، لا يتضمن أي تصور للإقلاع الصناعي، بدون آفاق استثمارية تنعش سوق الشغل، بدون مخططات تنموية تعطي شحنة قوية للاقتصاد. إنه مشروع محبط للتطلعات والخاسرالكبير فيه هو المواطن المغربي، مشروع يحمل العديد من المؤشرات التي تنذر بالمزيد من التقشف واستهداف لجيوب أكبر شريحة اجتماعية، وأهميته تكمن في شيء واحد : هو عدم الاضرار بمصالح الباطرونا التي عززت حضورها مكونات الحكومة في نسختها الثانية، وعدم المساس بالطبقة البورجوازية، ولا ضير في سحق الطبقة المتوسطة وفي نهش ما تبقى من جسد الطبقة المسحوقة. فليطمئن المغاربة لا جديد ينتظرهم في السنة المقبلة، سوى خفض ميزانية الاستثمار العمومي، وخفض ميزانية الدعم، لا زيادة في الأجور ولا ترقية في الأفق. لا جديد سوى بحث الحكومة على لعب دور التلميذ النجيب وترضية صندوق النقد الدولي، ولو بأخذ قرارات غير شعبية على حساب البسطاء. عجيب أمر هذه الحكومة التي ترفع شعار تقوية الاقتصاد الاجتماعي وسياستها الاقتصادية مبنية على تضريب المواطن. هذا القرار الذي تعتبره كلفة "الإصلاح"، تجهز به على القدرة الشرائية للفقير، وتخنق البسطاء، لا تبالي بخطورة عدم مراعاة العدالة والتوازنات الاجتماعية التي تزيد في توسيع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتهدد السلم الاجتماعي، قرار يخلو من أي إجراءات وقائية لفائدة الطبقة المتوسطة التي تخلق التوازن في المجتمع. كيف نفكر في جلب الاستثمار بدون عدالة ؟ وكيف السبيل إلى تنزيل توصيات مشروع إصلاح منظومة العدالة على أرض الواقع، في ظل غياب مصادر للتمويل؟ كيف سيتم تحقيق تنمية الأقاليم وتنزيل الجهوية بدون إخراج ميثاق اللاتمركز الإداري ؟! بمثل هذا المشروع لن يخرج المغرب الاقتصادي من منطقة الاضطرابات. الحكومة سقطت في فخ توزع الصناديق هنا وهناك، لمغازلة فئات وهي تعرف أن الصناديق بثقوبها السوداء أثبتت فشلها ذا الحكومة ذاتها التي قامت بترويج الأماني وبتوزيع الأحلام على المواطنين و قامت بأكبر عملية تحايل استهدفت ثقة الناخبين المغاربة، قدمت برنامجا مغريا لاستمالتهم والآن هي تطبق برنامج آخر. أيها المواطنون أيتها المواطنات رئيس الحكومة يقول لكم شدوا الحزام، ديروا اللجام وما تشوشوش عليه، تعاونوا وتضامنوا مع الفريق، طلبوا الشتاء لأننا إذا كنا أمام سماء ترعد ولا تمطر فمن سينقد معدل النمو الذي وعدت به الحكومة ؟! إن تحدي نجاح هذه التجربة الحكومية مرهون بالرفع من وتيرة الإصلاحات وإعادة ترتيب الأولويات واعتماد مقاربة جديدة لعملها قوامها تنزيل القوانين التنظيمية، البحث عن مصادر للتمويل وإنعاش الاقتصاد وابتكار منهجية جديدة الاشتغال لما تبقى من عمرها.