ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمي: لو انسقنا وراء القرارات الشعبية لبلغ الدين العمومي نسبة لا تطاق
قال إن ذلك سيوجه ضربات قاصمة للتنمية والتشغيل وكشف عن إطلاق إجراءات لدعم الطبقة المتوسطة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة
نشر في المساء يوم 13 - 06 - 2012

قال الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إدريس الأزمي الإدريسي: «لو انسقنا وراء القرارات الشعبية
لبلغ الدين العمومي نسبة لا تطاق»، مؤكدا أن هذا الأمر ستكون له انعكاسات سلبية للغاية على الاقتصاد المغربي، حيث «سيوجه ضربات قاصمة للتنمية والتشغيل». وبخصوص إصلاح المقاصة، أوضح الأزمي أن هذا الإصلاح سيكون «تدريجيا»، مؤكدا حرص الحكومة على توجيه الدعم إلى الفقراء، وكشف عن نية الحكومة إطلاق إجراءات خاصة لدعم الطبقة المتوسطة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، دون أن يكشف عن طبيعتها. الطابع التدريجي ينطبق على إصلاح أنظمة التقاعد. ورغم أن الأزمي رفض الكشف عن السيناريوهات الممكنة لهذا الإصلاح، فقد أكد على أن أجرأتها لم يعد يفصل عنها سوى تدارس هذه السيناريوهات مع مجموع الأطراف المعنية بهذا الإصلاح.
- قيل الكثير عن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات ومبرراتها، لكن بلغة لا يفهمها إلا المهتمون بالشأن الاقتصادي. كيف يمكن تفسير هذا القرار للمواطن البسيط؟
يعيش المغرب هذه السنة وضعية اقتصادية ومالية صعبة. وقد استلمت الحكومة الحالية مهامها في ظل تراجع مؤشرين اثنين، أولهما عجز الميزانية، الذي وصل إلى 6.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يعادل 50 مليار درهم، وهو ما أدى إلى تزايد نسبة الدين، فيما استأنف الدين العمومي منحاه التصاعدي.
أما المؤشر الثاني فيرتبط بالحساب الجاري لميزان الأداءات، الذي يحدد العلاقات التجارية والمالية بين المغرب وباقي العالم. وصل عجز هذا الميزان إلى غاية متم 2011 نسبة تناهز 7.9 في المائة، وهو ما يعادل بلغة الأرقام 65 مليار درهم.
تفاقمت هذه الوضعية الاقتصادية الصعبة في الأشهر الأولى من السنة الجارية بحكم آثار الجفاف وتراجع علاقاتنا التجارية مع الخارج. غير أن العامل الأكثر تأثيرا يتمثل في ارتفاع الفاتورة الطاقية. لأول مرة في التاريخ يتم تسجيل معدل 118 دولارا لبرميل النفط في الأشهر الأولى من السنة. في السنة الماضية لم يتعد هذا المعدل حاجز 104 دولارات وفي 2010 ظل في حدود 78 دولارا.
وبصرف النظر عن تأثير هذا التطور على الميزان التجاري، فقد تسبب في استهلاك ما يناهز 80 في المائة من الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة في الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية.
بلغة الأرقام، استهلكنا 22 مليار درهم، استهلك الغازوال وغاز البوتان مجملها. وإذا استمررنا على هذا المنوال، فإن إجمالي الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة في سنة 2012، والتي تبلغ 32 مليار درهم، ستنفد في منتصف يوليوز المقبل. وفي هذه الحالة سينهي صندوق المقاصة هذه السنة بميزانية قياسية تصل إلى 60 مليار درهم. ما معنى هذا؟ معناه أننا مضطرون إلى البحث عن 26 مليار درهم إضافية لتغطية نمو نفقات المقاصة. ولذلك وجدت الحكومة نفسها أمام خيارين لتعبئة هذا الغلاف المالي.
يتمثل الخيار الأول في الاستنجاد بتخفيض نفقات الاستثمار. وهذا حل بسيط لن ينبته إليه المواطنون ولن يفطنوا إليه.
- هذا ما كان معمولا به في السنوات الماضية؟
أتكلم فقط عن هذه الحكومة. لن ينتبه المواطنون تماما إلى قرار الاستنجاد بنفقات الاستثمار إلا بعد مضي سنتين أو ثلاث حين تتراجع نفقات الصحة والتعليم. شعبيا، لن يفطن أحد إلى هذا الإجراء، ولكننا سنوجه ضربات قاصمة إلى التنمية والتشغيل. وقد استبعدنا هذا الخيار.
أما الخيار الثاني فيهُمّ نفقات الاستهلاك من قبيل مصاريف الحفلات والسيارات والوقود. وقد اتخذنا بشأنه إجراءات ستمكننا من توفير 5 مليارت درهم. وكانت هذه الزيادة الخيار الثالث المتاح للحكومة من أجل الحد من تفاقم نفقات المقاصة. ويجب التأكيد على أن هذه الزيادة محدودة، لأننا لا زلنا ندعم المواد التي تقرر أن تشمل هذه الزيادة، وهي الغازوال والبنزين والفيول الصناعي.
- علل رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الزيادة بوجود ميزانية الدولة في حالة خطر. هل تعتبر هذا القرار كافيا لإنقاذ الميزانية من هذا الخطر؟
هذا القرار كاف في الظرفية الحالية لاعتبارات وجيهة. لو أننا انسقنا وراء القرارات الشعبية لبلغ الدين العمومي نسبة لا تطاق. هذا الدين يتراكم تلقائيا بمجرد اللجوء إليه. وهو الآن يوجد في مستوى معقول.
ومن شأن ارتفاع الدين العمومي أن يفقد الدولة مصداقيتها أمام شركاء المغرب من المؤسسات المالية الدولية، وسيؤدي ذلك إلى تراجع الصورة الاقتصادية للمغرب، وتنجم عنه صعوبات في الحصول على القروض وتطبيق نسب فوائد مرتفعة بسبب ارتفاع مخاطر الإقراض. أكثر من ذلك، قد تصل إلى مستوى لا يقبل فيه أي طرف إقراض الدولة وإن ارتفعت نسبة الفائدة.
- هل يمكن أن تلجأ الحكومة إلى الاستدانة، خصوصا أن العدالة والتنمية كان يعلن دائما معارضته اللجوء إلى الاستدانة؟
قرار الزيادة في أسعار المحروقات سيقلص اللجوء إلى الاستدانة، لأنه سيوفر 15 مليار درهم. كما أنه سيحافظ على مصداقيتنا المالية والاقتصادية ويبقي شروط الحصول على التمويل في مستويات معقولة. الارتفاع الحقيقي للأسعار يكون عندما ترتفع معدلات شروط الحصول على التمويلات، وليس عند إضافة درهم أو درهمين للحيلولة دون ارتفاع الدين العمومي. ولهذا السبب ارتأينا تفعيل إجراء يمكننا تحمل تبعاته من باب المسؤولية والواجب.
- لكنكم لم تفكروا في تكلفته السياسية؟
المواطن المغربي له من الذكاء الاقتصادي والمالي ما لا يتمتع به غيره. أكيد أنه سيفهم بعد التفكير في أسباب هذا القرار أنه اتخذ من أجل توفير الأموال الضرورية لإنجاز المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وحفظ الصورة الاقتصادية للمغرب، بالإضافة إلى توفير شروط التنمية والتشغيل. وأضرب لكم مثلا برب بيت كان بصدد تشييد منزل لأسرته، فوجد نفسه في عسر مالي. سيجد نفسه بكل تأكيد أمام خيارين: إما أن يتشدد قليلا في النفقات ويواصل البناء أو يستمر في الإنفاق على المأكل والمشرب ويوقف أشغال تشييد المنزل.
خيارنا إكمال الإصلاح وتوفير شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولو تطلب ذلك زيادة درهم أو درهمين في أسعار المحروقات.
- لكن هذا الدرهم وهذين الدرهمين هي في واقع الأمر دراهم، فمواد وخدمات كثيرة ستعرف أسعارها هي الأخرى زيادات وسيستشعر المواطن هذه الزيادات
يجب أن نفصل في هذا المقام بين الزيادات الناجمة عن قرار الحكومة القاضي برفع أسعار المحروقات وبين تلك المترتبة عن المضاربات والربح غير المشروع. مثلا، بالنسبة إلى النقل العمومي بين الرباط وسلا، فإن قطع مسافة 10 كيلومترات يستنفد لترا من الوقود، وهذا معناه أن سيارات الأجرة ستضيف 20 سنتيما على كل شخص. وقد عقد الوزير المنتدب في الداخلية اجتماعا مع الأقسام الاقتصادية والاجتماعية في العمالات بخصوص هذا الموضوع، لاسيما أن قطاع النقل العمومي مقنن ولا يمكن إقرار زيادة فيه بدون قرار رسمي. وبالنسبة إلى قطاع نقل البضائع، تأكد حسابيا أنه لا يمكن زيادة أكثر من 6 سنتيمات في الكيلوغرام الواحد في كل ألف كيلومتر. وكل ما يخرج عن هذا الإطار، يعتبر من المضاربة والربح غير المشروع، والحكومة ستعمل على التصدي لذلك لكي لا ينسب إلى القرار الحكومي ما لا يتحمل مسؤوليته.
كما أننا سنحرص على شرح هذا الموضوع للمواطنين. الخطر أن الناس يفهمون أن أي زيادة ناجمة عن قرار الحكومة القاضي برفع أسعار المحروقات.
- بعد هذا القرار المفاجئ، تطرح تساؤلات عن القرارات التي ستتخذها الحكومة في إطار إصلاح صندوق المقاصة وما إذا كان هذا الإصلاح سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
إصلاح صندوق المقاصة يتضمن حزمة من الإجراءات. يكتسي شقها الأول طابعا ماليا ويتمثل في توفير هوامش في الميزانية العامة من أجل استثمارها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- وماذا عن المستوى الإجرائي؟
إجرائيا، هناك الشق المالي المشار إليه. وجانب آخر يقوم على الاستهداف عبر التركيز على الفئات الأكثر حاجة. فصندوق دعم التماسك الاجتماعي استهدف، رغم أنه لا يزال في بداياته، فئات محددة. نظام المساعدة الطبية على سبيل المثال يستهدف 8.5 ملايين مواطن، أغلبهم دخله محدود. الفئة الثانية هي ذوو الاحتياجات الخاصة، وتتكون بالأساس من المعاقين والأرامل، وستستفيد من برنامج خاص، بالإضافة إلى الأسر الفقيرة، خصوصا في العالم القروي، التي تستفيد من برنامج «تيسير»، الذي تم دمجه في صندوق دعم التماسك الاجتماعي، شرط تمدرس الأطفال وصحة الأم وأبنائها.
وسنعمل على توجيه كل ما يتم اقتصاده من أموال المقاصة إلى دعم الفقراء.
- متى سيتم تفعيل هذا الدعم؟ وهل تتوفر الحكومة على أجندة زمنية لتعميمه؟
سيتم تفعيل هذا الإصلاح بالتدريج، علما أن نظام المساعدة الطبية بدأ مع الحكومة السابقة، التي أرست دعائمه ووضعت أسس تدبيره، وحظيت الحكومة الحالية بشرف التعجيل بتنزيله بتعليمات ملكية سامية.
- رئيس الحكومة والوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة أكدا في تصريحات صحافية أن إصلاح المقاصة سيتم قبل متم السنة الجارية. ما هي الخطوات العملية لإقرار هذا الإصلاح؟ وهل سيتم إلغاء دعم بعض المواد الأساسية؟
ما يمكنني قوله أن مسلسل إصلاح المقاصة انطلق مع صندوق دعم التماسك الاجتماعي. ويجب كذلك ألا نغفل مجموعة من الإجراءات التي تم إقرارها في قانون المالية في إطار تكريس بعده الاجتماعي. فهذه الإجراءات تندرج ضمن مسلسل إصلاح المقاصة وتكريس ثقافة استهداف الفئات الأكثر فقرا مثل صندوق التكافل العائلي، الذي تم تفعيله وتعبئة غلاف مالي لدعم الفئات المستهدفة منه. لا ننسى أيضا مراجعة قيمة منح الطلبة وإعفاء 3 ملايين ونصف مليون أسرة. تلزم الإشارة أيضا إلى دعم الأدوية المزمنة (900 مليون درهم)، والإعفاء من رسم الفضاء السمعي بالنسبة إلى الأسر الفقيرة، وإلى مليوني درهم في إطار نظام التخفيف من آثار الجفاف، و13.2 مليارا للحوار الاجتماعي.
لقد تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات على أساس هذه العقلية ووفق ثقافة الاستهداف. وكان ذلك بمثابة إعلان عن العمل على توسيع هامش التحرك في الميزانية في مجال تفعيل السياسات العمومية وفي الآن ذاته اقتصاد نفقات وتوجيهها إلى فئات معينة تعيش في وضعية صعبة أو تفتقر إلى مصادر مدرة للدخل مثل الطلبة.
- إذا كان الأغنياء قادرين على تحمل هذه الزيادات وصارت للفقراء برامج تستهدفهم، فما موقع الطبقة المتوسطة في هذا الإصلاح؟
تتكون هذه الفئة بالأساس من المأجورين. وقد استفادت هذه الفئة من الحوار الاجتماعي بغلاف مالي وصل إلى 13.2 مليار درهم. وقد أدت توافقات الحوار الاجتماعي إلى ارتفاع الأجور بنسبة 27 في المائة.
أتحدث عن القطاع العام. وصل الحد الأدنى للأجر إلى ألفين و800 درهم، وارتفع متوسط الأجور بدوره ليصل إلى 7 آلاف و200 درهم. وهذا يعني أن الطبقة المتوسطة نالت بدورها حظها من الإجراءات الممهدة لإصلاح المقاصة. وقد بينت الدراسة الأخيرة التي أنجزها مجلس المنافسة أن الفقراء والطبقة المتوسطة هما الفئتان الأقل استفادة من المقاصة. الدراسة بينت أيضا أن 20 في المائة من الأغنياء يستفيدون من المقاصة 5 مرات أكثر من الفقراء.
وبالإضافة إلى الحوار الاجتماعي، تستفيد الطبقة المتوسطة من السياسات الاجتماعية، سواء في التعليم أو الصحة. كما أن مناقشة قانون المالية للسنة الجارية شهدت حديثا عن إمكانية أن يتضمن قانون المالية للسنة المقبلة إجراءات لدعم الطبقة المتوسطة.
- وما هي طبيعة هذه الإجراءات؟
(يصمت)
- هل ستشمل هذه الإجراءات القطاعين العام والخاص، أم أنها ستنحصر في القطاع العام على غرار التدابير المتخذة في إطار الحوار الاجتماعي؟
في القطاع الخاص، ربما هناك مشكلة في الأجور الصغرى، في حين هناك تنافس بين القطاعين العام والخاص في مجال استقطاب الأطر.
- تضع هذه الحكومة إصلاح أنظمة التقاعد ضمن أولوياتها. ما هي السيناريوهات المحتملة لإقرار هذا الإصلاح؟
لايمكننا الحديث عن السيناريوهات المتاحة لإصلاح أنظمة التقاعد، ولكنني أؤكد أن هذا الإصلاح يكتسي أهمية للعديد من الاعتبارات ذات الطبيعة الاجتماعية والمالية. إذ يتوجب الحفاظ على التوازنات المالية لهذه الصناديق لأنه ضرورة اجتماعية من أجل ضمان القدرة الشرائية لهذه الفئة من المواطنين. هناك أيضا جانب مهم من هذا الإصلاح، يتعلق بالحاجة إلى توسيع دائرة المستفيدين من هذه الأنظمة. وعلى هذا الأساس، سيركز الإصلاح على البعد الاجتماعي، موازاة مع حفظ التوازن المالي لهذه الأنظمة.
اللجنة التقنية تشتغل منذ زمن، وقد اجتمعت على الأقل عشر مرات منذ تعيين الحكومة الحالية. كما أن المكتب الدولي للشغل أدلى برأيه بشأن هذا الإصلاح وأحيلت على اللجنة. والآن تبقت بلورة الإصلاح وفق منطق الشراكة مع الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين.
- وهل هناك أجندة زمنية لتفعيل هذا الإصلاح، خصوصا أن أنس العلمي، الرئيس المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، أكد، قبل أسبوعين، في لقاء حول إصلاح أنظمة التقاعد، أن تفعيل هذا الإصلاح يستوجب قرارا سياسيا من قبل رئاسة الحكومة بناء على تقرير اللجنة المكلفة بالموضوع؟
يجب التأكيد، أولا، على أن الإصلاح ورش وطني بامتياز. نذكر أيضا بأن إصلاح أنظمة التقاعد كان ضمن قائمة الإصلاحات التي اعتبرناها في قانون المالية ذات راهنية، إلى جانب إصلاح المقاصة والإصلاح الجبائي.
- هل سيتم تفعيل هذه الإصلاحات في هذه السنة أم ستتم إعادة التذكير براهنيتها في مشروع القانون المالي للسنة المقبلة؟
لا توجد علاقة بين هذا الإصلاح وقانون المالية. هذا الأخير مجرد منافسة لتفصيل هذه الإصلاحات. والأهم أن التحديات واضحة والسيناريوهات الممكنة محددة، ولم يبق سوى تدارسها مع الأطراف المعنية بهذا الإصلاح قبل أجرأته. عموما، هذا إصلاح لا يحتمل الانتظار.


مشروع القانون المالي لسنة 2013 سيكون نسخة تجريبية من إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية
- تعتبر هذه السنة استثنائية. بالكاد أنهت الحكومة مسطرة المصادقة على مشروع القانون المالي للسنة الجارية حتى حان الموعد المألوف لإعداد مشاريع القوانين المالية. هل شرعتم في إعداد مشروع قانون مالية 2013؟
سنشرع في إعداد هذا المشروع في مستهل النصف الثاني من السنة الجارية، بالموازاة مع مباشرة إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية.
- هل يمكن أن يبلور مشروع قانون مالية 2013 وفق قانون تنظيمي جديد؟
يتوقف ذلك على توفر الوقت الكافي لتفعيل أجندة إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية. سنعقد في الأسبوع المقبل يوما دراسيا في البرلمان من أجل تبادل وجهات النظر حول هذا الإصلاح، وسنحاول الإسراع بتفعيله.
وحتى إذا لم يكن ممكنا إنهاء مسطرة المصادقة على القانون التنظيمي لقانون المالية قبل حلول موعد مناقشة مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، سنحاول أن يكون هذا المشروع نسخة تجريبية لهذا الإصلاح.
- وما هي توقعاتكم بخصوص النمو الاقتصادي في السنة المقبلة؟
ستكون 2013 في غالب الأحيان أفضل من السنة الجارية لأننا نتوقع تحسنا في المبادلات التجارية على ضوء توقعات بانتعاشة الاقتصاد العالمي، خصوصا الاقتصاد الأوربي. وإذا كان الموسم الفلاحي المقبل ممطرا، وهذا ما نتمناه، ستكون له تأثيرات إيجابية للغاية على النمو الاقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.