صادق مجلس النواب، في جلسة عمومية، أمس الثلاثاء، بالإجماع، على مشروع قانون يقضي ب"نسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15.95 المتعلق بمدونة التجارة فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة"، والذي يهدف إلى "وضع الآليات القانونية اللازمة لمساعدة المقاولة، التي تعاني من صعوبات مالية أو اقتصادية أو اجتماعية، إما بسبب حالة السوق أو بسبب ضعف هيكلتها الداخلية، على تخطي الأزمة التي تعترضها". وصوتت مختلف مكونات المجلس، بالإيجاب على مشروع هذا القانون لكونه "سيعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني، والولوج به إلى دائرة الاقتصاديات الأوائل عالميا في مؤشر تحسين مناخ الأعمال -دوينغ بيزنس-"، حيث أجمعت فرق الأغلبية والمعارضة في مداخلاتها على أهمية هذا القانون الذي نص لأول مرة على إحداث مسطرة جديدة سميت ب"مسطرة الإنقاذ". وفي معرض تقديمه للمشروع، والذي من المرتقب أن يكون قد أحيل أمس على مجلس المستشارين لدراسته والمصادقة عليه، قال محمد أوجار، وزير العدل إن هذا النص يكتسي أهمية "لكونه يرتبط بأحد أهم الأدوار التي يفترض في القضاء أن يلعبها في سبيل تنمية الاقتصاد والإسهام في تشجيع الاستثمار و الانخراط في خضم التحولات الاقتصادية الهامة التي تشهدها بلادنا والتي تستدعي تأمين حماية أمثل للمقاولة المقاولة المغربية وتمتين النسيج الاقتصادي بصفة عامة". وأوضح أوجار أن هذا المشروع يأتي "تنفيذا للبرنامج الحكومي برسم الولاية التشريعية العاشرة 2016-2021 ضمن استراتيجية عامة، تتوخى تطوير المقاولة المغربية وتعزيز قدرتها على التنافسية عبر سلسلة من المبادرات التشريعية من بينها تنبني مشروع القانون رقم 88.17 المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة الكترونية ومواكبتها"، سعيا إلى "تبسيط المساطر وتقليص الآجال باعتماد الطريقة الالكترونية كوسيلة وحيدة للقيام بالإجراءات والمساطر المتعلقة بإحداث المقاولات، و إيجاب إيداع جميع العقود والقرارات والتقارير والقوائم التركيبية ومحاضر المداولات والوثائق والمقررات القضائية عبر المنصة الالكترونية، مع منح إمكانية مباشرة الاجراءات القانونية من خلال المنصة إما عبر المراكز الجهوية للاستثمار، أو عن طريق المهنيين أو القيام بها من طرف المعنيين أنفسهم أو بواسطة وكيل بمقتضى وكالة خاصة". وأضاف المسؤول الحكومي أن الاستمرار في تحديث المنظومة القانونية في مجال الأعمال يعتبر "ورشا يحظى بأهمية استراتيجية بالنسبة للمغرب"، مما يحتم "تعبئة المزيد من الطاقات لإنجاحه وتعزيز تموقع المملكة كمنصة استقطاب للاستثمارات وكقطب تنموي بفضل ما ستوفره هذه الترسانة من إطار قانوني شفاف وآمن قادر على تحصين كل المعاملات التجارية من المخاطر المرتبطة بميدان المال والأعمال"، وفق تعبيره. وفي هذا الإطار، يؤكد أوجار، سعت الوزارة إلى تنزيل هذه الرؤية الاستراتيجية من خلال مشروع تعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة، والذي تم إعداده وفق مقاربة تشاركية، بهدف "وضع الآليات القانونية اللازمة لمساعدة المقاولة، التي تعاني من صعوبات مالية أو اقتصادية أو اجتماعية، إما بسبب حالة السوق أو بسبب ضعف هيكلتها الداخلية، على تخطي الأزمة التي تعترضها عبر حزمة من المساطر الخاصة تسهل اندماجها من جديد في السوق و تراعي حقوق باقي الأطراف المرتبطة بها. وزاد قائلا "إن وعي وزارة العدل بهذه التحديات، والتزامها المسؤول بالانخراط في دينامية التنمية في ظل التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، جعلها تفتح عدة أوراش إصلاحية تهم منظومة العدالة في شموليتها"، مضيفا أن مشروع القانون المذكور يعتبر "تجسيدا لهذا النهج على اعتبار أن تعزيز الحكامة الجيدة داخل المقاولة وتوفير جو من الثقة في محيطها من شأنه تسهيل اندماجها من جديد في محيطها الاقتصادي وتجاوز أزمتها". ويهدف النص إلى "تطوير آليات الرصد المبكر للصعوبات التي قد تعترض المقاولة"، وذلك "تأهيل مسطرة الوقاية الخارجية للمقاولة للرفع من جاذبيتها من جهة عبر إعادة تدقيق الصياغة بالنسبة للعديد من المقتضيات المهمة، ومن جهة ثانية، من خلال تسهيل تمويل المقاولة خلال هذه الفترة عبر تشجيع المتعاملين معها على الاستمرار في تنفيذ تعهداتهم مقابل إقرار حقهم في استخلاص ديونهم بالألوية على كافة الديون الأخرى". ونص المشروع لأول مرة على مسطرة الإنقاذ، والتي "ستتيح التشخيص المبكر لوضعية المقاولة" باعتبار أن الاستفادة منها "لا يستلزم توقف المقاولة عن الدفع، بل يمكن اللجوء إلى المحكمة كلما اعترضت المقاولة صعوبات من شأنها أن تؤدي إلى التوقف عن الدفع في وقت قريب"، كما تتميز هذه المسطرة بكون "رئيس المقاولة يبقى محتفظا بكامل صلاحياته فيما يخص التسيير، واتخاذ القرارات داخل المقاولة". كما يسعى النص إلى تحسين وضع الدائنين في المسطرة، وذلك عبر "تعزيز حقهم في الإعلام خلال كافة مراحل المسطرة، وإضفاء طابع الأولوية بالنسبة لديونهم الناشئة أثناء فترة إعداد الاتفاق الودي في مسطرة المصالحة أو إعداد الحل بالنسبة لمسطرة الإنقاذ"، وكذا "مراعاة بعض الفئات من الدائنين سواء فيما يخص مسطرة تحقيق الديون كما هو الحال بالنسبة للأجراء وبالنسبة للديون العمومية أو فيما يتعلق بتنفيذ مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية" وذلك عبر "تخويل المحكمة إمكانية عدم جدولة الديون الصغيرة وأدائها الفوري من قبل المقاولة". ومن ضمن أولويات هذا المشروع أيضا "تحسين الوضع القانوني الهش للأجراء في المقاولات التي تعاني من صعوبات عبر التنصيص صراحة على أن الحفاظ على مناصب الشغل يعتبر من ضمن الأهداف الكبرى لمساطر صعوبات المقاولة"، مع "تأكيد مبدأ إعفاء الأجراء من التصريح بديونهم خلافا لباقي الدائنين وإقرار مسطرة خاصة بحصر ديون الأجراء التابعين للمقاولة بموجب قائمة يتولى إعدادها السنديك بمساعدة رئيس المقاولة".