يتواصل الجدل حول مصادقة المجلس الحكومي الأخير على مشروع قانون تنظيمي متعلق ب"طريقة تسيير اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق "، بتفجير الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أول أمس الإثنين، قنبلة من العيار الثقيل، حينما كشف خلال رده على سؤال حول "المخطط التشريعي"، طرحه فريق من المعارضة بمجلس النواب، "أن كريم غلاب رئيس مجلس النواب، اتصل بمحمد حنين، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، وطلب منه توقيف مناقشة مقترح القانون المتعلق بعمل لجان تقصي الحقائق." والذي كان معروضا للمناقشة أمام اللجنة المذكورة، والمقدم من قبل فريقي حزبي التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية. وأوضح الشوباني أنه تابع جل المراحل التي قطعها مقترح القانون السالف الذكر، والذي اقتربت لجنة العدل والتشريع من استكمال مناقشته وشرعت في وضع التعديلات حوله "إن ما يقال وينشر، يحكي نصف الحقيقة أو بعضها، ففي 28 يونيو، وقع تغيير في الموقف"، يقول الشوباني، الذي أكد أنه أجرى اتصالا إثر ذلك بمحمد حنين، رئيس اللجنة، ليسأله عن أسباب هذا التغيير، فأخبره الأخير ب"أن رئيس مجلس النواب اتصل به وطلب منه وقف المناقشة... واش كاين هذا الشي السي حنين أو لا مكاينش؟." إلا أن حنين اكتفى بتحريك رأسه من أسفل إلى أعلى، وهو ما يعني بأن المكالمة الهاتفية التي تحدث عنها الشوباني، قد تمت فعلا. وفي الوقت الذي أكد فيه الشوباني بأنه ليس هناك أي خلاف بين الحكومة والمؤسسة التشريعية، وأن ما حصل بخصوص مقترح القانون المذكور، وحده غلاب، من يتحمل مسؤوليته. أشار الشوباني إلى أن ما حدث ليس "نزقا حكوميا أو خفة حكومية أو عدوانا من لدنها على البرلمان كما صوره البعض"، وأضاف "عندما يحال عليكم مشروع القانون الذي أعدته الحكومة لكم واسع النظر باعتباركم الجهة المشرعة...فلكل حادث حديث". حنين، الذي وجد نفسه محرجا، حينما باغثه الشوباني بسؤاله أمام نواب الأمة، عن حقيقة مهاتفة غلاب له، لإيقاف مناقشة مقترح القانون، اختار بهو مجلس النواب لينفي أمام مجموعة من المنابر الإعلامية من بينهم "رسالة الأمة"، تلقيه أي اتصال من غلاب، يتعلق بهذا الموضوع، بل ذهب بعيدا عندما أكد أن "البرلمانيين لا يتلقون التعليمات من أي كان". من جانبه، اعتبر أحمد الزايدي رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي، الرد الذي قدمه الشوباني بخصوص موضوع مقترح قانون تقصي الحقائق ب"التصريح الخطير"، الذي يسائل الجميع حول حقيقة استقلالية السلط، وقال في هذا السياق "نحن اليوم كبرلمان يجب أن نقف لنطرح السؤال هل نحن سلطة مستقلة هل مبدا فصل السلط ما زال ؟ هل هناك برلمان يمارس مهامه أو يتلقى تعلميات، إنه ليس من حق رئيس المجلس أو اللجنة إيقاف مقترح قانون، فالعذرة المقدم أكبر من الزلة وهذه فضيحة اخرى بامتياز." وكان عبد اللطيف وهبي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، قد اعتبر العلاقة بين الحكومة والبرلمان "تعيش نوعا من التشنج" بسبب ما قال عنه "الاحتقار المتواصل لمؤسسة البرلمان من طرف الحكومة."، مضيفا في سؤال لفريقه، وجهه إلى الشوباني "أن الحكومة تمارس مجموعة من السلوكات" تعد بحسب كبير البام بالغرفة الأولى "مساسا خطيرا بالاحترام الواجب لعلاقتها مع البرلمان." وانتقد وهبي بشدة ما قامت به الحكومة من خلال ما اسماه سحب اختصاص البرلمان في مجال التشريع بمناسبة تصويتها على مشروع قانون يتعلق بلجان تقصي الحقائق، يشتغل عليه البرلمان حاليا، وقطع فيه أشواطا هامة، معتبرا أن ذلك يمثل احتقارا للبرلمان، موضحا في السياق ذاته أن الحكومة "ملزمة بالتعاون مع المؤسسة التشريعية بحسب منطوق الدستور، وأن لها الحق في تقديم تعديلات على مقترحات القوانين بدل السعي إلى إلغائها." يشار إلى أن مشروع القانون التنظيمي حول طرق تسيير لجان تقصي الحقائق، والذي "يندرج في إطار تطبيق أحكام الفصل 67 من الدستور الذي وسع من اختصاصات اللجان البرلمانية لتقصي الحقائق"، لتمتد إلى جمع المعلومات المتعلقة بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، -ينص- على مقتضيات هيكلة اللجان وكيفية تشكيلها، كما ينص على عدم إمكانية تشكيل لجان بخصوص وقائع تكون موضوع متابعة قضائية بالإضافة إلى تحديد عدد أعضاء اللجان البرلمانية وتعيينهم وفقا لمبدأ التمثيل النسبي.كما يتضمن المشروع مقتضيات تهم اشتغال لجان تقصي الحقائق وتقاريرها والإحالة على المحكمة الدستورية. هذا، وكان مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد قال في وقت سابق "إنه من غير الدستوري أن تتم مصادرة حق الحكومة في التشريع بمجرد وجود نفس القانون في البرلمان وإلا فليس من حق الفرق أيضا أن تضع مقترحات قوانين فقط لأن أحزابا أخرى وضعت مقترحات مشابهة"، مضيفا أن "المبادرة التشريعية "حق لكل من مكنه الدستور ذلك، وأنه ليس لأي سلطة الحق في مصادرة حق سلطة أخرى."