في خطوة تحد لحكومة عبد الإله بنكيران، اتفق مكتب لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، خلال اجتماعه مساء أول أمس الإثنين، على الاستمرار في مناقشة مقترح القانون التنظيمي المتعلق بلجان تقصي الحقائق، و هو المقترح الذي حاولت الأمانة العامة للحكومة سحب البساط من تحت أقدامه بتقديم مشروع قانون تنظيمي مماثل خلال المجلس الحكومي المنعقد الخميس الفائت. وحسب مصادر برلمانية، فإن مكتب لجنة العدل سيضع حكومة بنكيران في موقف حرج، بعد أن خرج باتفاق بالإجماع على التصويت على مقترح القانون التنظيمي، الذي كان إنتاجا خالصا للجنة بعد دمج مقترحي حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، خلال اجتماع اللجنة المنتظر عقده يوم غد الخميس. ويأتي موقف مكتب اللجنة في وقت فجر فيه الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، فضيحة من العيار الثقيل، حينما كشف عن وقوف الاستقلالي كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، وراء إقبار مقترح القانون التنظيمي الذي أعدته لجنة العدل بمجلس النواب لصالح مشروع إدريس الضحاك، الأمين العام للحكومة. ووضع الوزير الإسلامي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية أول أمس الإثنين بمجلس النواب، غلاب في قفص الاتهام بعد أن حمله مسؤولية توقيف مقترح القانون التنظيمي المتعلق بعمل لجان تقصي الحقائق، مشيرا إلى أن مصادقة الحكومة على المشروع خلال المجلس الحكومي المنعقد الخميس الماضي جاء بعد ما بلغ إلى علمها أن غلاب اتصل بمحمد حنين، رئيس لجنة العدل والتشريع، ليطالبه بتوقيف مناقشة اللجنة لمقترح قانون في نفس الموضوع تقدم به فريقا العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، وهو المقترح الذي وصل مراحله النهائية. وتابع الشوباني دفاعه عن حكومة بنكيران، بعد الاتهامات التي طالتها بعد إدراجها مشروع القانون التنظيمي، بالإشارة إلى أن الحكومة انخرطت بإيجابية وبإرادة في تتبع مسار مناقشة مقترح القانون التنظيمي «إلى أن وقع تغير في الموقف يوم 28 يونيو الماضي في لحظة كنا فيها على أهبة التصويت على المقترح وحينها اتصلت برئيس اللجنة الذي أخبرني بأن رئاسة المجلس هي من طلبت توقيف مناقشة مقترح القانون». وأوضح أن الأمر يتعلق «بإشكال يرتبط بتفعيل الدستور على مستوى مؤسسة من مؤسسات الدولة ولا يتعلق باعتداء على حق البرلمان في التشريع»، مؤكدا أن للمؤسسة التشريعية كامل الصلاحية في التعامل مع هذا المشروع بعد أن تتم إحالته عليها. وأضاف، خلال رده على سؤال للفريق الاشتراكي حول المخطط التشريعي، أن «المصادقة على مشروع القانون التنظيمي ليس نزقا وخفة من الحكومة أو عدوانا على البرلمان.. وعلى الكل أن يتحمل المسؤولية في توقيف مناقشة مقترح القانون». إلى ذلك، وصف أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي بالغرفة الأولى، ما كشف عنه الشوباني بأنه «فضيحة سياسية بامتياز» وب«الأمر الخطير جدا»، معتبرا أن السلطة التشريعية يجب أن تبقى مستقلة عن السلطة التنفيذية لا أن تتلقى التعليمات بالهواتف، قبل أن يؤكد أن الحكومة تمارس حقها، لكن ضد البرلمان. تلميح الزايدي إلى دخول جهات من خارج مجلس النواب على الخط لدفع غلاب إلى توقيف مقترح القانون أتبعه رئيس الفريق الاشتراكي بالتأكيد على أنه «ليس من حق رئيس اللجنة أو رئيس المجلس إيقاف المقترح إلا إذا كانت هناك أشياء أخرى». وتابع قائلا: «اليوم كبرلمانيين يجب أن نقف ونطرح أسئلة: هل نحن أمام سلطة مستقلة؟ وهل فصل السلط ما زال قائما؟ وهل البرلمان يمارس مهامه أم يتلقى التعليمات؟». وفيما بدا وقع الفضيحة التي فجرها الشوباني باديا على محيا عدد من رؤساء الفرق النيابية، واضطرهم إلى التوجه إلى مكتب غلاب لاستفساره، لم يجد رئيس لجنة العدل والتشريع من بد غير محاولة التهرب من الرد على حقيقة اتصال رئيس المجلس به لإيقاف مناقشة المقترح، مكتفيا بالتأكيد للصحافيين أن مناقشة الموضوع بهذا الشكل غير مجدٍ لأن الحكومة لم تحل بعد مشروع القانون التنظيمي للبرلمان وبإمكان اللجنة الاستمرار في مناقشة مقترح القانون التنظيمي والمصادقة عليه.