يوم بعد يوم، تعلو أصوات احتجاجات ساكنة تندوف منددة باستمرارية نهب واختلاس المساعدات الإنسانية، و هو الأمر الذي يضع مسؤولية المجتمع الدولي، الذي يشاهد بشكل جلي هذه الوقائع في واضحة النهار، على المحك. وبهذا الخصوص، صرح سالم عبد الفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان ل"رسالة 24″ قائلا إن هناك إثارة لقضية هذا النهب الممنهج على نطاق واسع و المتاجرة في المساعدات الإنسانية و ذلك بالتزامن مع اشتداد وطأة الأزمة الاجتماعية و تأزم الأوضاع الاقتصادية لقاطني تلك المخيمات المحرومون من أبسط حقوقهم كالحق في الشغل والحق في التنقل …في حين يشاهدون، بأم أعينهم، كيف تتعرض المساعدات الموجهة إليهم للنهب و السرقة و للتهريب خارج المخيمات، و كيف تغتني القيادة الوهمية على أنقاض معاناتهم، كما تؤكد الأخبار استفادة أبناء القيادة من هذه المساعدات، و توجيه عائداتها للمصلحة الشخصية و ذلك بتشييد العيادات وشراء العقارات سواء في تندوف أو في بلدان الجوار .وبالتالي، هناك وعي متزايد لدى قاطني المخيمات بتهافت صورة هذه القيادة الوهمية، و التي بالمناسبة تعيش أزمة اليوم بسبب انكشاف أمرهم بخصوص نهب المساعدات الإنسانية إلى جانب انكشاف ماضيهم الإجرامي و تورطهم في جرائم القتل والاغتصاب والاختطاف، والتي يتابعون بموجبها لدى القضاء الدولي الشيء الذي ينعكس على قدرة البوليساريو على التعبئة والتأطير في المخيمات. وأوضج سالم عد الفتاح أنه بات هناك ترهلا تنظيميا داخل البوليساريو، و الذي يواجه بالتشنج في التعاطي مع هذه الأشكال الاحتجاجية، و هو ما ينسجم مع طبيعة البوليساريو كتنظيم مغلق سطاليني لا يؤمن بحرية الرأي أو التعبير و يصادر كل الحقوق المرتبطة بالحقوق المدنية أو السياسية، هذا الترهل انعكاس لحالة الصراع الداخلي والتفكك الداخلي. فالواضح أن هناك صراع عميق بين العناصر القيادية و الذي تؤكده التسريبات التي تفيد بحدوث اصطدامات وخلافات بين هذه الأخيرة، و التي تلجأ للعصبيات القبلية في ظل عدم قدرتها على التعبير السياسي السليم، و تحتمي خلف عصابات الجريمة المنظمة ذات الطابع القبلي، لفض النزاع حول الصناديق السوداء لتمويل البوليساريو والتي لا تقتصر على تهريب المساعدات والمحروقات بل المتاجرة في السلاح والمخدرات وأنشطة تهريب البشر وبالتالي ينتج عن كل ذلك حالة فراغ وفوضى. ويتأسف رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان عن عجز المنتظم الدولي على التدخل في ظل النداءات المتتالية آخرها قرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء في أكتوبر الماضي رقم 26.54 الذي أكد على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها وتقارير الأمين العام كانت دائما تثير مسألة النهب الممنهج وتطالب إحصاء اللاجئين. لكن، كل هذه النداءات بما في ذلك الصادرة عن المنظمات الدولية المعنية باللاجئين تصطدم بتملص الدولة المستضيفة وهي الجزائر و التي تتنصل من المسؤولية الملقاة على عاتقها إزاء من يفترض أنهم لاجئون على ترابها الإقليمي من خلال تفويض سلطاتها غير القانونية لهذه الجماعة البوليساريو التي باتت اليوم عاجزة عن ضبط الأوضاع بالمخيمات لدرجة أصبحت معها الجزائر تضطر لتدبير المخيمات، في إطار تحمل مسؤوليتها اتجاه جزء من ترابها الإقليمي وبإعمال ولايتها القضائية، لأن هذا التنصل أضحى يلقي بظلاله على الأوضاع الأمنية التي أضحت منفلتة في تلك المخيمات.