بعد أحداث التمرد الشبابي الذي عرفته مخيمات تندوف نهاية الأسبوع الماضي، كثفت جبهة "البوليساريو" من حملات القمع التي استهدفت الشباب الذين تزعموا الحركات الميدانية، سعياً منها إلى إطفاء غضب المحتجين المعارضين للقيادة الحالية. وشهدت مخيمات تندوف حالة استنفار للعناصر المسلحة الانفصالية بسبب تجدد المواجهات بين الساكنة وقيادات جبهة البوليساريو، بعدما قامت الأخيرة بالاعتداء على الخيام خلال الأيام الماضية، ما تسبب في تزايد حدة الاحتقان الاجتماعي والسياسي. في هذا الصدد، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن "قيادة البوليساريو وقطاع الجيش الجزائري بتندوف يتوجسان من إمكانية انتقال عدوى التمرد من مخيم الداخلة إلى بقية المخيمات بمنطقة تندوف". وأضاف سالم عبد الفتاح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "التمرد انتشر بشكل واسع وسط مخيمات تندوف، ما دفع بقية القبائل إلى التضامن مع معسكر ولاية الداخلة الذي باشر الاصطدام مع أجهزة البوليساريو الانفصالية". وأوضح الخبير ذاته أن "ما يميز هذا التمرد هو الانتشار الواسع من جهة، وكسر الشباب الناقمين على البوليساريو حاجز الخوف من جهة ثانية، في ظل تبني الشباب الصحراوي المحتج العديد من المطالب السياسية والاجتماعية والمدنية"، مردفا بأن "جذور الانفلات الأمني تعود إلى حالة السخط السائدة وسط مخيمات تندوف، التي تعيش على وقع الاحتقان الاجتماعي، نتيجة غياب فرص التشغيل وتراجع المساعدات الإنسانية التي تسرقها قيادة البوليساريو والمسؤولون بالقطاع العسكري الجزائري في تندوف". وتابع الفاعل عينه شارحاً بأن "حملة القمع والتصفية والاعتقالات التي يشنها الجيش الجزائري وأجهزة البوليساريو في المخيمات استهدفت أيضا ممارسي بعض الأنشطة الاقتصادية بالمخيمات، مثل تهريب المحروقات والتنقيب عن الذهب والتنقل خارج المخيمات". "ووجهت تلك التحركات بقمع شديد من طرف قيادة البوليساريو التي استهدفت المدنيين بإطلاق النار"، يضيف المتحدث عينه، الذي لفت إلى أن "قيادة البوليساريو تريد احتكار موارد الأنشطة التجارية التي تنضاف إلى حصيلة أنشطة أخرى ذات صلة بالمتاجرة في السلاح وتهريب البشر". وخلص رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان إلى أن "الأوضاع خرجت عن السيطرة بمخيمات تندوف بسبب تراجع قدرة البوليساريو على التأطير وضعف العقيدة السياسية، في ظل الانتكاسات التي تلقتها الجبهة اعتباراً لفشل دعايتها الحربية بعد سنتين ونصف من إعلانها خرق اتفاق وقف إطلاق النار".