أثار غياب الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عن اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أمس (الأربعاء)، لتقديم مشروع الميزانية الفرعية للسلطة القضائية، “جدلا قانونيا” بين أعضاء اللجنة المذكورة، والذي انتهى ب”إرجاء تقديم مشروع هذه الميزانية” إلى حين “التشاور مع رؤساء الفرق النيابية، ورئيس مجلس النواب”. وجاء الجدل القانوني، بعد انتهاء محمد أوجار، وزير العدل، من عرض مشروع الميزانية الفرعية لوزارته، واعتزامه تقديم مشروع الميزانية المخصصة لكل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة، قبل أن يفاجأ بمطالبة برلمانيين له، وعلى رأسهم، عبد اللطيف وهبي، عضو فريق الأصالة والمعاصرة، وبثينة القرقوري، ومحمد الطويل، المنتميين لفريق العدالة والتنمية، وفاطمة الزهراء برصات، عضو مجموعة التقدم والاشتراكية، بالعدول عن تقديم الميزانية الثانية، وبضرورة حضور مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومحمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة. وعلى الرغم من التماس أوجار من البرلمانيين، وإلحاحه لهم على “السماح له بتقديم مشروع ميزانية السلطة القضائية”، والتي تتضمن كذلك ميزانية النيابة العامة، إلا أن ملتمسه “لقي معارضة شديدة” من قبل نواب الفرق البرلمانية الثلاثة، باستثناء تأييد كريم شاوي، عضو فريق التجمع الدستوري، الذي دافع بقوة عن تقديم وزير العدل لمشروع ميزانية السلطة القضائية، مستندا في دفاعه على عدد من مواد القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وخاصة المادة 62 منه، والتي تنص على أن “للمجلس ميزانية خاصة به، وتسجل الاعتمادات المرصودة له في الميزانية العامة للدولة تحت فصل يحمل عنوان “ميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية”. وفي الوقت الذي ربط فيه عبد اللطيف وهبي، تقديم وزير العدل لميزانية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بخرق دستوري بالقول إنه “لا يمكن قبول تفسير الدستور على هوى كل واحد منا، وأنه إذا قبلنا بتقديم الحكومة لميزانية النيابة العامة سنكون أمام كارثة”، جاء رد كريم شاوي صريحا وواضحا، حيث أكد في هذا السياق، على أنه “لا يوجد أي نص قانوني يلزم رئيس السلطة القضائية أو رئيس النيابة العامة بحضور تقديم أو مناقشة ميزانية الفرعية للسلطة القضائية “، مشيرا إلى أن قرار المحكمة الدستورية كان “واضحا فيما يخص استقلالية السلطة القضائية”. وبعدما ذكر بالمادة 54 من القانون التنظيمي المنظم لعمل السلطة القضائية، والتي نصت على أن “تؤهل الوزارة المكلفة بالعدل والوزارة المكلفة بالمالية لاتخاذ كافة التدابير اللازمة لتنفيذ مقررات المجلس المتعلقة بالوضعيات الإدارية والمالية للقضاة بتعاون مع المصالح المختصة للمجلس”، دعا شاوي البرلمانيين المتبنيين لطرح حضور الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، أو رئيس مؤسسة النيابة العامة إلى البرلمان لمناقشة ميزانية السلطة القضائية، ب”التقدم بمقترحات قوانين تنص على هذا الحضور.” هذا، وحاول أوجار في تدخلين منفصلين، اقناع نواب المعارضة وجزء من الأغلبية، الذين رفضوا السماح لهم بتقديم ميزانية السلطة القضائية، حيث خطابهم قائلا “التمس منكم الاذن والسماح ليقدم وزير العدل ميزانية السلطة القضائية، فنحن اليوم بصدد مرحلة تأسيسية، فكل الدساتير العالمية تعطي السلطة القضاية وضعا خاصا، وفي عدد من الدول الديمقراطية، وزراء العدل يتقدمون بالميزانيات أمام البرلمان احتراما وتقديرا وإجلال للوضعية الاعتبارية للقاضي”. ودعا المسؤول الحكومي، هؤلاء البرلمانييب ب”بتكريم السلطة القضائية بتأسيس نوع من العرف”، خاصة “وأننا لسنا، بصدد مناقشة ميزانية ضخمة، وإنما نشاطات معينة للسلطة، ولذلك فإنا ألح عليكم للسماح بتقديمها، وإن كان لابد من تعميق النقاش فلا يجب أن نطيل فيه”، يضيف الوزير، قبل أن يتدخل بعدها سليمان العمراني، عضو فريق العدالة والتنمية، مقترحا تأجيل تقديم هذه الميزانية، ل”يوم أو يومين، إلى حين التشاور مع رؤساء الفرق وبحث الصيغة التي يجب أن تقدم بها”، وهو المقترح الذي لقي موافقة أعضاء اللجنة.