اعلنت وزارة العدل المصرية الخميس، بعد تردد طويل، ان محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ستجرى في القاهرة وليس في شرم الشيخ حيث يقيم منذ اطاحته اثر انتفاضة شعبية في11 شباط/فبراير الماضي. وستكون محاكمة مبارك تاريخية فهو اول رئيس دولة عربي يسقطه شعبه وتتم محاكمته في بلده بعد ان وجهت اليه رسميا اتهامات بقتل المتظاهرين وبالفساد المالي. وقتل اكثر من 800 شخص معظمهم من الشباب اثناء "ثورة 25 يناير" كما اصيب ما يزيد على ستة الاف اخرين. واعلن مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم محمد منيع انه "تقرر بصورة نهائية" أن تجري محاكمة مبارك في القاهرة في 3 اب/اغسطس. ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية عن منيع انه "تقرر بصورة نهائية أن تجري محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، وكذلك محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من كبار معاونية ومساعديه في الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بأرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرة". وسبق ان شهدت ارض المعارض بالقاهرة عدة محاكمات سياسية هامة من بينها قضية تنظيم الجهاد الذي تبنى اغتيال الرئيس المصري السابق انور السادات عام 1981 وقضية ثورة مصر التي كان متهما فيها خصوصا خالد عبد الناصر نجل الرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر بقيادة تنظيم غير مشروع نفذ اغتيالات لمسؤولين اسرائيليين في مصر في نهاية ثمانينات القرن الماضي وقضية اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق رفعت المحجوب عام 1990 على يد مسلحين من تنظيم الجماعة الاسلامية. وقال طارق الزمر، الذي كان من المتهمين الرئيسيين في قضية اغتيال السادات، لوكالة فرانس برس "آمل ان احضر المحاكمة لأري مبارك في نفس القفص الذي حوكمت فيه من عدة عقود" مشيرا الى انه امضي السنوات الثلاثين لحكم مبارك في السجن ولم يفرج عنه الا بعد تنحية الرئيس السابق. واكد مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم انه "يجري حاليا إتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإجراء تلك المحاكمة حيث يتم إعداد المقاعد المثبتة داخل القاعة المخصصة لجلوس المحامين والجمهور ذوي الشأن وهيئة الدفاع عن المتهمين وكذلك إعداد قفص الاتهام الذي يضم المتهمين في القضية وعددهم 11 متهما، إلى جانب تخصيص مكان للصحفيين ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء المصرية والعربية والأجنبية". وأوضح انه "سيتم السماح بدخول كاميرا تلفزيونية واحدة خاصة بالتلفزيون المصري فقط، بحيث تقوم القنوات الفضائية الأخرى بنقل وقائع المحاكمة عنه". وقال انه "سيتم وضع بوابات الكترونية على مداخل وأبواب المبنى، إلى جانب وضع خطة أمنية محكمة وغير مسبوقة بمشاركة بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية لتأمين المناطق المجاورة والمحيطة بالمبنى". واكد وزير الصحة عمرو حلمي للصحفيين الخميس ان مبارك "بصحة جيدة ويمكن نقله من مستشفى شرم الشيخ إلى القاهرة لمحاكمته". وقد ثارت تساؤلات كثيرة في مصر حول ما اذا كان مبارك سينقل بالفعل من مستشفى شرم الشيخ، حيث يقيم منذ ان بدأ التحقيق معه في نيسان/ابريل الماضي، الى المحكمة ليجلس في قفص الاتهام مثله مثل المتهمين الاخرين. ويعزز هذه التساؤلات المعلومات المتضاربة التي تتسرب عن صحته والتي تقول تارة ان حالته مستقرة وتارة اخرى انه يعاني من اكتئاب ووهن. وهذا الاسبوع صرح الاطباء بمستشفى شرم الشيخ ان مبارك ممتنع عن الطعام وان حالته الصحية واهنة ويعاني من اكتئاب شديد وفقدان للشهية. وصرح محامي الرئيس السابق، فريد الديب في حزيران/يونيو بان موكله يعاني من سرطان في المعدة، وقال في تموز/يوليو انه في "غيبوبة تامة"، الا ان المستشفى ووزارة الصحة نفيا هذه المعلومات. ويعد نقل مبارك، المحبوس احتياطيا، الى القاهرة وايداعه سجن مزرعة طرة على غرار نجليه علاء وجمال ورموز نظامه الاخرين احد المطالب الرئيسية للمتظاهرين واسر "شهداء الثورة" وسببا رئيسيا للانتقادات التي وجهتها الحركات الشبابية للمجلس الاعلى للقوات المسلحة الممسك بزمام السلطة من سقوط مبارك. وقال طارق الخولي، احد قادة حركة 6 ابريل الشبابية المشاركة في الاعتصام المستمر في ميدان التحرير بقلب القاهرة منذ الثامن من تموز/يوليو الجاري، ان اجراء المحاكمة في القاهرة "خطوة جيدة وهي نتيجة الضغط الشعبي وسنواصل الضغط للتأكد من تنفيذ هذه الخطوة". ولم يظهر مبارك البالغ من العمر 38 عاما علنا منذ اطاحته. وقال وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور لوكالة فرانس برس انه "طلب منذ ثلاثة ايام ان تتم محاكمة مبارك في القاهرة وليس في شرم الشيخ حتى لا تتأثر السياحة في هذه المدينة". واكد ان المحاكمة والتظاهرات التي سترافقها بالتأكيد من شأنها "ان تثير القلق في هذا المنتجع السياحي الصغير".