في الوقت الذي تتطلب القضية الفلسطينية وحدة فصائلها من خلال مصالحة حركتي فتح وحماس، تعمق الجزائر الهوة بين الطرفين من خلال استغلالها السياسوي لملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وإصرارها على تنظيم تجمع بعاصمتها في نهاية الأسبوع الماضي. «ملتقى دولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال»، هكذا اختارت الجزائر أن تسمي «حدثها» وتروج له بعض وسائل إعلامها، لكن اتضح أن هذا ال«ملتقى» ليس في مستوى هذا الملف الفلسطيني الذي يعد أحد أبرز واجهات الصراع مع العدو الصهيوني والبؤرة النضالية التي خاض من خلالها الشعب الفلسطيني معارك كبرى مستمرة في الزمان والمكان وقدم خلالها تضحيات جسام. كان هَمُّ الجزائر وحزبها جبهة التحرير الوطني، التي أوكل إليها تنظيم ال«ملتقى»، هو إحضار البوليساريو وإقحامه بين المدعو ين وتنظيم لقاءات لعناصره مع بعض الأطراف الأجنبية والترويج لأطروحاته. وقد وصل الأمر بمنظمي ال«ملتقى»، الذي انعقد تحت إشراف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى تضمين مشروع البيان الختامي قضية الصحراء المغربية وإشاعة أن هناك مقترح فقرة تتحدث عن «الأسرى الصحراويين في السجون المغربية» . في افتتاح ال«ملتقى» اتضح عدم حضور السلطة الوطنية الفلسطينية ولا مسؤولي حركة فتح، أحد كبرى الفصائل ولا الشخصيات الوطنية الفلسطينية المؤثرة، بل إن أغلب الأحزاب الجزائرية والمنظمات المدنية لم تحضر ال«ملتقى»، وأمام هذا الفشل اضطر المنظمون إلى سحب كلمة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة كانت موجهة لل«ملتقى»، ومع هذا الإجراء قفل أعضاء من الحكومة الجزائرية ورسميون راجعين من منتصف الطريق. ولم يجد عبد العزيز بلخادم، الأمين العام لجبهة التحرير والممثل الشخصي لبوتفليقة، من مبرر لما وقع عندما حاصره الصحفيون بأسئلتهم سوى الادعاء بأن هناك خطأ وقع في برنامج ال«ملتقى» في ما يتعلق بكلمة الرئيس، لأنها لم تكن مبرمجة، كما تم الإعلان عن ذلك، وأن المنظمين ارتأوا «الحفاظ» على الطابع الشعبي لل«ملتقى»، وهو مايفسر غياب الشخصيات الرسمية. !!!! في الجلسة الافتتاحية، وأثناء تناول بلخادم الكلمة، احتج عليه عدد من الأسرى السابقين في سجون الاحتلال الإسرائيلي لعدم جدولة مداخلات لهم بالبرنامج، ورد عليهم الأمين العام لجبهة التحرير، بأنه تم إعطاء الأولوية للأجانب. لكن إصرار المحتجين دفع إلى تعديل البرنامج لإفساح بعض من الوقت لشهادات الضحايا الذين جاؤوا إلى الجزائر ليبينوا إلى العالم معاناتهم ومعاناة المئات من أبناء فلسطين الذين لايزالون يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي. في مداخلات عدد من المسؤولين الجزائريين اثناء ال«ملتقى»، كانت هناك عملية إقحام صريحة أو ضمنية لموضوع الصحراء . سفير الجزائر بالعراق الذي ترأس إحدى جلسات صباح أمس وتوسل لأكثر من 20 دقيقة للمحاضرين والحضور بالدخول إلى القاعة التي ظلت شبه فارغة ، استفاض في الحديث عن أسرى حركات تحرر في إفريقيا وطالب بدعم «نضالهم» مضيفا أن هناك «أنظمة» «تحتل شعوبا» في القارة السمراء . التلفزيون الجزائري وكعادته، لم يتخلف عن موعد استغلال القضية الفلسطينية، إذ قدم لمشاهديه تصريحا لأحد عناصر البوليساريو ليقول بأن المغرب مثل إسرائيل، «يحتل» الصحراء، كما تحتل هي فلسطين، ويجد هناك «أسرى» و«لاجئين»، كما هو الشأن بالنسبة للشعب الفلسطيني. وبتصريحاته هاته انفضح أن ال«ملتقى» هو مجرد استغلال جزائري لموضوع رئيسي في نضال الشعب الفلسطيني لتمرير دعاية مغرضة ضد المغرب.