فبعد وفاة الدكتاتور فرانكو، وبداية الخطوات الأولى نحو الديموقراطية ، شهدت إسبانيا تأسيس عدد من الأحزاب والتكثلات السياسية التي انضافت إلى الأحزاب التاريخية التي كانت تقاوم الدكتاتورية، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي العمالي. في اليمين ، سيتأسس سنة 1976 « التحالف الشعبي» كتكتل لأحزاب محافظة صغيرة، بعض منها كان يقودها أتباع فرانكو ، ومن بين هذه الأحزاب المحافظة التي تكتلت في إطار«التحالف الشعبي» نجد كلا من حزب « الإصلاح الديموقراطي» الذي كان يتزعمه «مانويل فراغا» الذي شغل منصب وزير الإعلام والسياحة في عهد فرانكو من 1962 إلى 1969 ، كما شغل منصب نائب رئيس الحكومة ما بين 1975 و 1976. ومعلوم أن الحزب الشعبي يعتبر « مانويل فراغا» رئيسه المؤسس ، وهذا الشخص الذي يشغل حاليا عضوية مجلس الشيوخ الإسباني من أشد المدافعين عن حقبة فرانكو ، ورفض النبش في هذه الحقبة والكشف عن جرائم الدكتاتورية ، شأنه في ذلك شأن مختلف زعماء الحزب الشعبي ، وله قولة شهيرة ، صرح بها في 2007 لجريدة « إيل فارو دي فيغو» حيث ذكر أن « الفرانكوية وضعت الأسس اللازمة لإسبانية أفضل تنظيما» ، كما قارن فيز نفس الحوار الجنرال فرانكو بنابوليون بونابارت ! ومن بين الأحزاب أيضا التي أسست «التحالف الشعبي» حزب« وحدة الشعب الإسباني» الذي كان يتزعمه « كروز مارتينيث استيرولاز» وهو أيضا من وزراء فرانكو، حيث كان وزيرا للتخطيط والتنمية ثم وزيرا للتربية والعلوم. بالإضافة إلى ذلك ، انضم إلى « التحالف الشعبي » حزب « العمل الديموقراطي» بزعامة « فيديريكو سيلفا مونيوز» ، وزير آخر من وزراء فرانكو ، شغل منصب وزير الأشغال العمومية من 1965 إلى 1970 ، وحزب « الديموقراطية الاجتماعية» لوزير العمل في عهد فرانكو ، ليسينيو ديلافوينتي ، وحزب « العمل الجهوي» بزعامة لوريانو لوبيز ، الذي شغل عدة مناصب حكومية في عهد الدكتاتورية من 1965 إلى 1974 . كما انضم إلى التحالف اليميني حزب « الاتحاد الوطني الإسباني» بزعامة غونزالو فرنانديز ديلامورا ، وزير الأشغال العمومية في عهد فرانكو ، من 1970 إلى 1974 . بالإضافة إلى تشكيلات سياسية صغيرة أخرى نهلت من نفس المعين ، وقاسمها المشترك هو جذورها الفرانكاوية . وهكذا يتوضح أن القاسم المشترك لهذا التكثل هو الخلفية الفرانكاوية لمؤسسيه ، والذي كانت تحذوه الرغبة في تكوين قوة سياسية يمينية محافظة ، غير أن نتائج أول انتخابات تشريعية شهدتها إسبانيا خلال مرحلة الانتقال الديموقراطي ، 1977 ، جاءت مخيبة لآمال « التحالف الشعبي» حيث حصل على 16 مقعدا فقط ، من أصل 350 ، و8,2% من الأصوات . نتائج الإنتخابات التشريعية الهزيلة التي حصل عليها « التحالف الشعبي» جعلته يفكر في استراتيجية جديدة استعدادا للانتخابات المقبلة والتي جرت قي 1979 ، بعد إقرار الدستور الإسباني ، دجنبر 1978 . وهكذا سيعمل « مانويل فراغا» على استقطاب أحزاب أخرى محسوبة على اليمين والوسط ، من بينها حزب « العمل المدني الليبرالي» بزعامة خوسي ماريا دي أريلسا ، الذي عرف بتعاونه مع الدكتاورية خلال الحرب الأهلية والذي سيعين عمدة لمدينة بيلباو بعد أن داهمتها قوات فرانكو ، قبل أن يعين سفيرا لإسبانيا في الأرجنتين ، من 1947 إلى 1995 ،ثم في الولاياتالمتحدة ، 1954 -1960 ففرنسا 196-1964 . وبسبب ولائه للملكية ، وقع خلاف بينه وبين فرانكو فقدم استقالته كسفير في فرنسا فعين خوان كارلوس مستشارا خاصا ، وبعد وفاة فرانكو أصبح أول وزير للخارجية في أول حكومة عينها العاهل الإسباني. بالإضافة إلى حزب « العمل المدني الليبرالي» استقطب « التحالف الشعبي» حزبا آخر وهو « الحزب الديموقراطي التقدمي» بزعامة ألفونسو أوسوريو ، وحزب «التجديد الإسباني» والحزب الشعبي الكاطالاني بزعامة لويس مونتال . وكان كل من ألفونسسو أوسوريو وخوسي ماريا دي أريلسا قد شغلا مناصب حكومية في عهد حكومة الانتقال الديموقراطي ، قبل أن يغادرها بعد خلافات مع رئيسها أدولفو سواريش. « التحالف الشعبي» شكل مع هذه الأحزاب تكثلا استعدادا للانتخابات التشريعية اطلق عليه اسم « الإئتلاف الديموقراطي» ، وكان مانويل فراغا هو مرشح هذا الائتلاف إلى رئاسة الحكومة ، غير أن نتائج الانتخابات التي جرت في 1979 كانت أضعف مما حصل عليه «التحالف الشعبي» قبل سنتين من ذلك ، حيث حصل على 10 مقاعد فقط ، بنسبة 6% من الأصوات . قدم مانويل فراغا استقالته من رئيس ل« الإئتلاف الديموقراطي» لكنه ظل على رأس النواة الرئيسية أي « التحالف الشعبي» وقد جرت محاولات عديدة منذ ذلك الوقت لإعادة تنظيم اليمين الإسباني ، نهاية 1979 وفي 1982 ، واستعدادا للانتخابات التشريعية سيقوم« التحالف الشعبي» بتشكيل ائتلاف آخر « الائتلاف الشعبي» بعد التكثل مع « الحزب الديموقراطي الشعبي» « الاتحاد الليبرالي» الذي سيندمج بدوره لاحقا مع « الحزب الليبرالي» وقد انضم إلى التكثل أيضا أحزاب يمينية محلية مثل بلنسية أراغونيس وغاليسا . «الائتلاف الشعبي» سيحصل خلال الانتخابات العامة التي جرت سنة 1982 على 107 من المقاعد في مجلس النواب وخلال انتخابات 1987 على 105 من المقاعد ، وسينجح التحالف الجديد في أن يصبح أول قوة سياسية معارضة، في الوقت الذي كان الحزب الاشتراكي العمالي، بزعامة فيليبي غونزاليث يحصل على أغلبية مريحة في البرلمان مكنته من تسيير الشأن العام لأزيد من 13 سنة. شهدت خلالها إسبانيا نقلة نوعية على مختلف الأصعدة . مانويل فراغا، وبعد هزيمة «الائتلاف الشعبي» خلال الانتخابات المحلية ببلد الباسك التي جرت نونبر 1986، سيقدم استقالته كرئيس ل« التحالف الشعبي» النواة الرئيسية لكل التكثلات التي شكلها لتوصله إلى رئاسة الحكومة دون جدوى، وبعد المؤتمر الاستثنائي سنة 1987 سيتم انتخاب أنطونيو هرنانديز مانشا على رأس « التحالف الشعبي». وقد مر « التحالف الشعبي» خلال هذه المرحلة من أزمة داخلية حادة لأن مختلف محاولاته للفوز بالانتخابات والوصول إلى الحكومة باءت بالفشل ، ولتجاوز هذه الأزمة سيعود فراغا لتسلم مقاليد الأمور ، وسيدفع خلال مؤتمر 1989 إلى تأسيس حزب موحد لليمين، نواته الأصلية هي «التحالف الشعبي» بالإضافة إلى التيار الليبرالي داخل« الائتلاف الشعبي» والمحافظين وتشكيلات صغيرة أخرى، ليظهر «الحزب الشعبي» بشكله الحالي. وقد تم خلال هذا المؤتمر انتخاب مانويل فراغا أول رئيس للحزب الشعبي فيما انتخب فرانسيسكو ألفاريس فاسكوس كاتبا عاما للحزب. وفي شتنبر 1989، وبتوجيه من فراغا شخصيا ، عين الحزب « خوسي ماريا أثنار» مرشحا لرئاسة الحكومة خلال الانتخابات العامة التي جرت شهرا بعد ذلك ، وقد حصل « الحزب الشعبي» خلال هذه الانتخابات على 107 من المقاعد مقابل 175 للحزب الاشتراكي العمالي. وفي أبريل 1990 أصبح أثنار رئيسا للحزب ، وتم تسمية فراغا رئيسا مؤسسا . وخلال الانتخابات التشريعية التي جرت في 1993 ، حصل « الحزب الشعبي» في ظل رئاسة أثنار له ، على 141 مقعدا مقابل 159 للحزب الاشتراكي العمالي ، وفي 1996 سيحصل على 156 مقعدا مقابل 141 للاشتراكيين ، مما مكن اليمين الشعبي من ترؤس الحكومة لأول مرة ، وقد استمر على رأس الحكومة بعد فوزه أيضا بانتخابات سنة 2000 ، إلى 2004 ، عندما سيخسر الانتخابات بعد مسارعة أثنار إلى اتهام حركة إيتا بالوقوف وراء تفجيرات مدريد، حيث لا يتم الربط بين هذه التفجيرات ومشاركة إسبانيا في الحرب على العراق . وستؤدي هزيمة الحزب الشعبي في انتخابات 2004 إلى استقالة أثنار من رئاسة الحزب ، وتمت تسميته رئيسا شرفيا للحزب الشعبي ، وقد عوضه ماريانو راخوي ، الذي خسر انتخابات 2008 أمام خوسي لويس رودريغيث ثاباطيرو . وخلال رئاسة الحزب الشعبي للحكومة الإسبانية ، شهدت العلاقات الإسبانية المغربية أزمات عدة ، على رأسها أزمة جزيرة ليلى ، وقد صعد الحزب من عدائه للمغرب بعد خسارته لانتخابات 2004 ، وأصبح المغرب حصان طروادة الحزب للنيل من حكومة ثاباطيرو وكسب ود الرأي العام ، مستعملا في ذلك العديد من وسائل الإعلام التي تدور في فلكه مثل القناة التلفزية « أنطينا 3» وجريدة « إيل موندو» و « أ بي سي» وغيرها.