بلغنى أيها النقيب مصطفى السعيد ، ذو الرأى الرشيد،والعمر المديد، أن الصحافي كعبور ، بعد أن شَعَر بالعمر يجرى كالساقية ويدور، والظهر قد إنحنى والرُكب بدأت تخور، والتجاعيد تملأ وجهه بالحنايا والسطور، والمرض يقفز فوق كاهله المكسور، والمقالات والأشعار لا يقدرون أن يستروا المحظور، ، وكل شيىء لمدينة الألفية قد بدا واضحاً ومنظور، برغم الصبغات السوداء واللبخات والعطور، قرر أن يسير الجريدة ويدبر براح له مَمطوط ، ولكن المدينة اشتكت بعد أن أصابها الهَمْ والحبوط ، وقالت ياناس : والصحافي قد عَجَز وأصابه الهبوط ، وأحضرت صحافيا مشعوذا لمقر الجريدة المغبوط ، ليصنع له الأحجبه والحنوط ، والوصفات السحرية والأعشاب والسعوط ، ونادى فى الحال أبو طويله رئيس تحريره ، الذى يَعرِف عنه كل أسرار أمراضه وأعباءه ، وكل ما صاب عظامه وأحشاءه ، فهو يَفهمه من ألفه إلى ياءه ، فأوضح الصحافي الكبير حزنه وإستياءه ، وقرفه من إشاعات الحنزاز وعدم ولاءه ، وأمر بطرد كُتاب أعمدته ومقالاته ، فقال أبو طويله ياأستاذنا الأمين ، يا صاحب السعاده والحيويه والشباب المتين ، جنابك بلا حسد صحه وعافيه ولا أبن الثلاثين ، فأنت كبيرنا والفخر لك ولزُريتك الى أبد الآبدين ، ومَن مِن حملة الأقلام الوجدية لا يقول غير كلمة ..( آمين ) ، وشعرك بسواد الليل ولا تغير لونه ولا شاب ، وحتى ذو الرسائل الهادئة جبان ومن خوفه .. عَضمه داب ، وأنت نور عين الرأي الخاص والعام حبيب الأحباب ، فاتح جريدتك لمدح الولاة والعمال ولمعارضيهم ضنك وعذاب ، مين فيهم يقدر ويكتب كلمتين أو خطاب ، واللى يقول على معاليك كبير المداحين والمدَاحات يضرب بالقبقاب، ونعملهم عبره لمن إعتبر وتاب ، حتى جرائدهم "الحرة" تنمحى وتكون كما السراب ، وأحضروا كتبة النهار والمساء والليل الذىن هم له خبير وعريف ونصير ، وعرضوا عليهم الأمر الواقع الخطير ، وقال لهم أستاذ الصحافة كيف الأمور تجرى و تسير ، وفى المدينة وسط الجهة الشائعات بين الصحافة تتعالى و تطير ، يجب أن لا يفهموا شيئاً ويعيشوا كالحمير ، ولا يكون منهم لبقاً أو كاتباً أو نذير ، ولا أحداً يُلَمَح أو يكتب أو يوضح أو يشير ، وقالت جماعة البركاكة يجب أن نسأل عن الأمر ونستشير ، ونطلب مدير الديوان بالتفسير ، ويفصل لنا حيلهم بودلاقيمي شرور البعرور المكير ، فقال لهم أستاذ صحافة الكلَال : يا أيها الحاشية البغال ، يجب أن تعلموا أن تغير الحال من المُحال ، وسأبقى على قلوبكم صحافيا طوال الأجيال ، فوقف أبو طويله ورجاله فى الحال ، ولملموا الأوراق والدراهم والأورو وهموا بالترحال ، وركبوا الحمير والبغال والجمال ، وقصدوا البرارى والوديان والجبال ، وسألوا عن العمشة بنت ميمَيس المكيره الساحره ، التى كانت تسكن أحد الغيران الغابره ، وأضحت خرائب بعدما كانت عامره ، وقالت لهم سأعمل لأستاذ الخط والأقلام تعويذة باهره ، وحجاباً من أحجبتى الطائلة الماكره، تجعل جريدته فى عروقهم نافره ، وتجعل الصحافيين نعاجاً تجثوا إليه شاكره ، ويغلبهم طوال عمره بعد المائة والعاشره ، ومِن بَعده أولاده وأولاد أسرته العامره ، ففرح أبو طويله والحاشية والدلاديل ، وراحوا يغنون ويمدحوا بالأناشيد والمواويل ، وقالوا يا معلمنا وأستاذ التخلويض الجميل ، على ما يطول العمر يا ذو العمر الطويل ، إمسك لجامنا إحنا لك حمير ونعاج وخيل ، تكون شيخنا قرن من الزمان والله عليك ماهو قليل، ومن أراد العيش منكم في دوَار الألفية يفكر بإمعان ، هذا قدر صحافة مدينتكم وحَكّم عليكم الزمان، تعيشوا تسفوا التراب بصحافي حافى جوعان، ويعيش ويتهنى جنابه بصحافة جريدته كمان وكمان..