شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب 2024.. مشاركة 340 عارضا وتوافد أزيد من 101 ألف زائر    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    "وزيعة نقابية" في امتحانات الصحة تجر وزير الصحة للمساءلة    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسباب التي عجلت بوفاة الحسن الثاني
نشر في أريفينو يوم 29 - 04 - 2009

مات الملك الراحل مغبونا,غصة هشام المنذاري في الحلق,ومحيطه الذي خدعه,وخيانة المقربين منه تطارده,وشيء من حتى في نفسه.لم يعطل أيا من طقوسه التي نصحه الأطباء بالاقلاع عنها,أو على الأقل تجنبها قدر الامكان...ظل مصرا على أن يملأ عبق خشب الصندل أجنحته الملكية الخاصة,وأن ترمى كمشة البخور تلو الأخرى في مبخرته الذهبية المختومة بعلامة”ه2′′,وأن تملأ رئتيه المريضتين دخانا,قبل أنفه في ليالي المجد التي تعيد اليه صبى الترف والسلطة,ولا ينتقل من الفن الى الشعر وصولا الى التاريخ والجغرافية,والتداول على السلطة كما أراده عشية وفاته,حينما أقنع الملك الراحل زعيم أكبر أحزاب المعارضة أن يكون وزيرا أول,الا وهو يعض على سيجارة,لا تكاد تنتهي,حتى يكون قد أشعل أخرى,خصوصا وحديث التناوب باسم عبد الرحمان اليوسفي ذو شجون....
فقد شهيته,خف وزنه.أصبح عصبيا,يدخن كثيرا,ودعه النوم,بالكاد يغفو بضع سويعات بعد الفجر...يسعل بين الفينة والأخرى,وتظهر عليه باستمرار حالات الاختناق,فيضع يديه على صدره,في محاولة يائسة لطرد الاحساس بوخز يمزق صدره.وكم مرة ظهرت عليه علامات الدوار,قبل أن يتوارى عن الأنظار لمدة قد تطول,وقد تقصر. هكذا ظهرت بسرعة علامات الارق والنحافة والانهاك على “الرياضي الأول”و”الانيق الأول”...شحب,ورسمت التجاعيد أخاديد متقاطعة بين وجهه ورقبته,وصورته المثقلة بالانهاك التي جابت العالم وولي عهده الى جانبه والحاج المديوري خلفه-بمناسبة عيد العرش الذي سبق وفاته سنة 1999 بأربعة أشهر والذي كان يتزامن مع كل 3مارس-ما تزال حاضرة على الأقل في أذهان ثلث المغاربة الذين لم يعرفوا ملكا سواه...استبدل مكتبه الذي كان يأسف أن لا يمتد اليوم لأكثر من أربع وعشرين ساعة,كي يباشر فيه عمله,بالسرير.”خطر لمخبر في اذاعة فرنسية أن يسأل ابني البكر سيدي محمد,البالغ من العمر ثلاثة عشر عاما عن صلاته معي,فأجابه ابني أنه يراني”كل يوم ظهرا وهو يصحب أخاه واخواته” وأني أسأله عندما ألقاه عن العلامات التي نالها في المعهد”ولما سأله – هل تسأل والدك عن سير المملكة؟ -أجاب,نعم في بعض الاحيان أسأله عما يفعله في المكتب.
هذا جواب يمكن أن يعطيه أي ولد في مثل عمره,له أب يعمل في مكتب.لقد تألمنا كثيرا من البيروقراطية الموروثة من زمن الحماية,وكل من يحيطون بي يعرفون أني أنظر الى البيروقراطية كشر من أسوأ الشرور التي يمكن أن تكبل دولة عصرية,ولكن علي أنا كذلك”أن أذهب الى المكتب”,وكثيرا ما يصادفني وأنا أتأسف,لأن اليوم لا يمتد أكثر من أربع وعشرين ساعة – كتاب التحدي”ص 251-250“.
وعلى غير عادته,هجر ملاعب الكولف التي كان يتخد بها بين حفرة وأخرى,قراراته وخلفه ببضع سنتمترات,رجل الشاوية القوي,وهو يتأبط ملفات تختلف ألوانها ودرجة أهميتها وخطورتها أحيانا,بعد أن بات في نهاية التسعينات,أكثر من وزير داخلية,وأقرب الى مستشار ملكي. لم يعد يثق في محيطه هكذا بدا الملك الراحل الحسن الثاني في يوليوز 1999,أي قبل تسع سنوات من الآن بالضبط. كم كانت النهاية درامية .. قبل أربعة عشر يوما من وفاته بتاريخ 23 يوليوز 1999,اختفى عن الأنظار بضعة أيام,قبل أن يغادر المدينة الحمراء التي بات يقضي فيها أغلب أوقاته,منذ أن علم بنبأ اصابته بمرض عضال لا ينفع معه علاج,ويقتضي التخفيف من حدته وتعطيل مضاعفاته القاتلة العيش بعيدا عن رطوبة البحر... كان على عجلة من أمره,ركب القطار من مراكش في طريقه الى الرباط,ولم يمنح”أبناء دار المخزن”فرصة تقبيل يده قبل سفره...وهذه واحدة من العلامات التي كانت تدفع بعض خدام البلاط الى طرح السؤال تلو الآخر...حتى حينما كان الضعف والمرض يمشيان خطوة خطوة بالجالس على العرش أو”المعلم” كما كان يسميه أغلب المغاربة خشية ذكر اسمه,الى قمة الألم الذي لم تجد المسكنات في اخماد ناره,كانت النخوة والترف وطقوس العز تغطي على أي من علامات الدوار التي كانت تنتابه فجأة.حتى وان ظهر بعض الفتور على كلماته,وانطفأ بريق عينيه,ظلت ألفاظه حادة كالسيف,قوي الملاحظة كما كان دائما, سريع البديهة,يبحث عن الكمال,يتتبع أدق التفاصيل...,ويحاول جاهدا أن لا تفوته أية صغيرة أو كبيرة.ظهر قبل يومين من وفاته صاحب الخطى المنهكة في المشور السعيد,وهو يجر بقدميه الصندل التقليدي المفتوح,والسفيفة المخزنية التي تلف عنق ال”جابادور” والسلهام يداعب كتفيه.شيء ما استوقفه بالمشور السعيد,قبل أن يعود الى قاعة البخاري المجاورة لقاعة العرش,التي جرت العادة أن يرتدي بها الجالس على العرش ملابسه,من على عهد السلطان محمد الخامس,وبها غسل جثمان محمد بن يوسف,قبل أن يأتي الدور على خليفته.وقف”المعلم” ليسأل بعصبية بعض العاملين,وهو يستعجلهم”أمولاتي,غادي تسكنوا لي هنايا,يله,طلقونا لفراجة,غادي يجو عندي شي ضياف
كانت حجته في استعجال”الصنايعية” أنه ينتظر حلول بعض الضيوف الذين ينوي استقبالهم في المشور السعيد بالرباط,وبالتالي يجب أن تكون الأشغال قد انتهت,وأن يكون كل شيء على أحسن ما يرام.انصرف”المعلم” فيما العمال يرتعدون من شدة الخوف,وكل همهم أن ينهوا المطلوب منهم في رمشة عين.هل هو حدس الملك الراحل الذي جعله يعجل بتحضير القاعة التي سيغسل فيها,ويستبق التحضير لضيوف سيأتون من كل فج عميق الى المملكة الشريفة,ليمشوا في أكبر جنازة في تاريخ العالم التي لم تكن الا جنازته.ولم تمض الا أربع وعشرون ساعة حتى ضاق به المشور السعيد,لينتقل الى قصر الصخيرات,وهناك استقبل الرئيس اليمني عبد الله صالح,وتناول معه وجبة العشاء تحت الخيمة القيدلية,على نسمات البحر,لكن قبل أن يغادر الرئيس اليمني القصر كان الملك الراحل قد شرع في قمع علامات الاختناق,وسدى حاول النوم تلك الليلة,قبل أن يطلب نقله الى مصحة العاصمة الرباط,قبل بزوغ فجر يوم 23 يوليوز 1999.”...لقد كان باستمرار قصر الصخيرات فألا سيئا ولو كان الود ودنا لما اقترب من ذلك القصر كرياته الأليمة,منذ المحاولة الانقلابية الأولى,خصوصا وأن رئتيه لم تكونا تتحملان مجهودا اضافيا,أو نزلة برد من أي نوع,لكنه كان مغرما به وقد أصر على أن يفرد ذراعيه للبحر,وهو يرتدي في يوليوز 99 بذلة خفيفة...ليته لم يغادر مراكش,المدينة التي كان يلائمه جوها الى حد كبير,لقد علمنا متأخرا أن أكثر من”حزان”(فقيه يهودي) نبه بعض المقربين منه بأن يوصوه أن لا يغادر مراكش نهائيا في تلك الفترة,لكن يبدو أن لا أحد تجرأ على أن يفاتحه في الأمر...”
شعر بالألم من جديد يخترق صدره,ولأن حالته كانت أكثر من مقلقة,فقد نقلوه الى عصبة القلب,”قال لهم ما بكم خائفون,عملوا لي عليكم والكمال على الله”ولأن قلبه كان ضعيفا لم يتحمل العملية التي حاولت أن تفرغ من جديد كميات الماء التي تراكمت في رئتيه.بدأ كل شيء عندما سقط الملك الراحل في اقامة”بلازار”الفاخرة في نيويورك,الذي كان يستعد للمشاركة في اللقاء المنعقد بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس هيئة الأمم المتحدة سنة 59,والأمر ما رفض وريث محمد الخامس أن ينتقل طلبا للتشخيص.لم يكن الملك الراحل يثق بأحد,هذا بالضبط ما قاله الحسن الثاني لميتران,بعيد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين. لقد نجا يومها بأعجوبة.كاد أن يهلك بعد أن أعطى تعليماته الصارمة,بأن لا ينقل الى أي مكان لو لم يقنعه ولي العهد في اللحظة الحاسمة”-والعبارات لمصدر مقرب من البلاط-لو لم يحمله بين ذراعيه بالقوة,وهو الذي رفض أيا من محاولات الأطباء,بمن فيهم الطبيب الجنرال مثقال وباقي مساعديه,لاقناعه بالتنقل الى”نيويورك هوسبيتال”.الوحيد الذي أذعن له الملك الراحل وهو في لحظة ضعف انسانية هو”سميت سيدي” الذي دخل يومها في شجار مع بعض مساعدي والده الملك,واتهم بعضهم بالتهاون في انقاذ الملك الأب,قبل أن يراضيهم الحسن الثاني بعد خروجه من الأزمة الصحية بكلمات,”انه طيب كما تعلمون,لكنه كان متوترا ولم يكن يعلم أنني أنا من رفض الانتقال الى المصحة...” عاد الحسن الثاني الى اقامة”بلازار” على كرسي متحرك,وتقرير طبي صادم بين يدي ولي العهد يحمل توقيع”نيويورك هوسبيتال” أكبر المراكز الاستشفائية في العالم,بعد أن جففوا المياه التي كادت تخنق رئتي الملك الراحل,وتوقع بدنو نهاية حياة ملك حكم المغرب بقبضة من حديد.
الزلزال الذي ضرب ولي العهد
بعد عودته من نيويورك تغير ولي العهد,بدا منطويا لم يحلق ذقنه لأسابيع طويلة,هل خالجه نفس الشعور الذي كان يحس به الحسن الثاني بعيد وفاة والده المغفور له محمد الخامس؟هل سبقه ذلك الاحساس باليتم,قبل خمس سنوات من وقوعه؟”...كان لابد من اصدار الأوامر الأولى بخصوص تهيء الجنازة,وبذلك لم يكن لدي الوقت لأبكي والدي كما كنت أريد.وبينما أن سائر وراء نعشه قلت لمن كان حولي”انكم تسيرون وراء نعش شخص واحد,أما أنا فأدفن في وقت واحد والدي وولي العهد”بصراحة أوكد لكم أنه ليس من السهل على الانسان أن يدفن نفسه” بماذا يشعر الانسان عندما يتحول فجأة الى الوجه الآخر للمرآة؟ اننا نولد بلا شعور,ويبدو أننا نتألم لأننا نلمس حقائق حسية ومادية,ولذلك نصيح.أما في هذا الحال فان الأمر يتعلق بولادة تمت من أولها الى آخرها,في حالة من الوعي والألم.ومرد ذلك أساسا الى أننا فقدنا عزيزا علينا.انه أمر شديد التعقيد,طالما أن المرء لا يستطيع تحليل ذاته.ان الأمر يشبه زلزالا حقيقيا,فكل شيء ينهار,ويصبح الانسان يتيما,جسديا وعاطفيا وسياسيا(ذاكرة ملك.ص.40) ودع”سميت سيدي” حفلاته الخاصة,أبعد بعض المقربين منه,وزع جل برنامجه بين ممارسة رياضته المفضلة,واستقبال الفقراء والمعوزين في مقر اقامته في ال”صابلون” بالعاصمة الرباط,حتى علاقة الملك الأب تغيرت مع ولي العهد الابن,أصبح قريبا منه أكثر من أي وقت مضى,وان تأخر انتقال تفويض بعض السلط من الملك الأب الى ولي العهد الابن.يبدو أن عملية”دفن” ولي العهد لم تمر بالسهولة التي مرت بين الحسن الثاني ومحمد الخامس الذي كان قد فوضى لمولاي الحسن قيد حياته مجموعة من الصلاحيات. “...وفي ما ظهر أمامي فان الولايات المتحدة هي التي بدأت تتحقق قبل غيرها من صحة الملك”الحسن” تتدهور بسرعة,وقد ارتأى الأمريكيون أن ايقاع الحوادث يقتضي متابعة نشيطة,وربما أن الفرنسيين أحسوا بما أحس به الأمريكيون,لكنهم قدروا أن أي حركة غير عادية يمكن أن تثير شكوك الملك بغير داع في أجواء أصبح فيها الملك زائد العصبية وقابلا لأن يستثار بكلمة أو اشارة.ومهما يكن فان واشنطن سبقت الى أجواء البلاط الشريفي الملكي في الرباط,وراحت تراقب عن قرب وتبحث عن مدخل يتيح لها أن”تساعد”في التهيئة لانتقال هادىء اذا حانت اللحظة المتوقعة. وكان داعي القلق وجود ضغوط على المغرب-فضلا عن القلق مما يجري على جواره في الجزائر مثلا-وهي ضغوط ترجع الى أسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية تكاد تختنق بها مدن المغرب المكتظة بكتل الناس,الى جانب نفاوتات طبقية بلغت مداها بين الفقراء والأغنياء,الى جانب تأخر مخيف في التنمية وفي التحضير لأزمنة مختلفة,مضافا الى ذلك كله ظهور حركة ثقافية صاعدة في المغرب,تشعر أنها صاحبة حق في مناقشة مصائره لكن طاقاتها محجوبة وشبه مصادرة وكل تلك ظروف وملابسات قد تنفلت في لحظة دون أن يتحسب لها أحد فحينما ظهرت أعراض مرض مميت على الحسن الثاني,أشرأبت الأعناق نحو”سيدي محمد”,حيث سلط كل الاهتمام الدولي على ولي العهد بالدرجة الأولى,الشيء الذي يبدو طبيعيا,بالنظر الى نمط انتقال السلطة في النظام الملكي المغربي,وبالاعتماد على الدستور الذي حسم في انتقال العرش ووراثته لابنه الأكبر سنا. “...وكان معروفا من قبل أن علاقة الملك بولي عهده ليست سلسة(وهذا أخف وصف يمكن استعماله),فالملك بتجربته يعرف أن ولي العهد يستطيع أن يتحرك بعيدا عن والده اذا وجد الفرصة(كذلك فعل”الحسن الثاني” مع محمد الخامس),ثم ان الملك”الحسن”أب متسلط يريد أن يصوغ ابنه وفق ما يريد ناسيا أن الاوقات متباعدة”. وكان أن أحس ولي العهد أنه معزول عما يجري حوله لان الملك حجم دوره ودور شقيقه الأمير”رشيد” بحيث لا يتجاوز الظهور في المراسيم الاحتفالية.ورغم أن بعض أفراد الأسرة حاولوا بعد لف ودوران مفاتحته في الأمر,كي يعهد لابنه ببعض المهام تدربه على مسؤولياته,الا أن الملك في ما يبدو”تشائم” مما سمع وكأن قائليه يحصون عليه أيامه وأنفاسه.ثم وصل بعض أفراد الأسرة بعد ذلك الى حد أنهم وسطوا الرئيس”شيراك”لاقناع الملك أن يعطي الفرصة لولي عهده وتحت اشرافه وتوجيهه,لكن أحدا لم يعرف ما اذا كان الرئيس”شيراك” استجاب وفعل ولم ينجح,أو أنه سمع لما قيل له بأدب ثم تحرج في التدخل بين الأب وابنه.ثم حدث نقاش حاد بين الملك وولي عهده لان الملك بلغه أن ولي عهده قابل واحدا أو اثنين من مثقفي المغرب في بيت صديق له في سلا,واستشاط الملك غضبا.باحساسه المرهف وحسه الاجتماعي,انشغل ولي العهد في صمت بمشروعه المجتمعي,واحترم رغبة والده في عدم تجاوز الخطوط التي رسمها ملك أب لولي عهده,فلم يكن مستعدا كي يفوض اليه أيا من سلطاته,حتى بعد ان استبد به مرض عضال,وعدا المراسيم البرتوكولية,كان على ولي العهد أن يتخذ مسارا غير ذلك الذي سلكه والده حينما كان يحمل لقب”مولاي الحسن”.”فان الأمير محمد” أمسك لسانه بعدها ولم يعد يتكلم مع أحد,وتعلم كيف يكبت احاسيسه ومشاعره,ويمسك ملامحه جامدة كأنها قناع مصبوب على وجهه. وهكذا كان التقدير الأمريكي الابتدائي أن ولي العهد”مولاي محمد”ليس هو المدخل الى محاولة ترتيب أمور الخلافة في المغرب,على الأقل ليس الآن. وقد لاحظ بعض المكلفين بالأمر من الأمريكيين سكوت الأمير”محمد”.وغامر واحد منهم وسأل نظيرا له على الجانب الفرنسي عما اذا كان هناك شيء له قيمة وراء صمت ولي العهد,أو أن هذا الصمت هو الظاهر والباطن من أمره؟وكان رد المسؤول الفرنسي أن وراء الصمت شيئا يستحق الاهتمام,وأن هذا الصمت الذي يغطي ملامح ولي العهد وآراءه مجرد حاجز احتمى به ولي العهد في مواجهة ظروف آلمته وقرر أن يكبتها. لم يعطل الحسن الثاني أيا من طقوسه التي نصحه الأطباء بالاقلاع عنها,أو على الأقل تجنبها قدر الامكان,وكأن لسانه يقول في أيامه الاخيرة”اني أموت بمساعدة الأطباء”.ظل مصرا على أن يملأ عبق خشب الصندل أجنحته الملكية الخاصة,وأن ترمى كمشة البخور تلو الاخرى في مبخرته الذهبية ,وأن تملأ رئتيه المريضتين دخانا,قبل أنفه في ليالي المجد التي تعيد اليه صبى الترف والسلطة,ولا ينتقل من الفن الى الشعر وصولا الى التاريخ والجغرافية,أو الحديث عن التداول على السلطة كما أراده عشية وفاته,حينما أقنع الحسن الثاني,زعيم أكبر أحزاب المعارضة أن يكون وزيرا أول,الا وهو يعض على سيجارة لا تكاد تنتهي,حتى يكون قد اشعل أخرى,خصوصا وحديث التناوب باسم عبد الرحمان اليوسفي ذو شجون,”ان الارق أصبح رفيق الملك الدائم كل ليلة,وقد حاول التغلب على الأرق بكل المهدئات شرابا وأقراصا.ومع سهر الليالي أصبح التدخين متواصلا سيجارة تلو سيجارة,رغم الحاح الأطباء عليه أن يطرد الأرق بوسائل أخرى وأن يكف عن حرق رئتيه بالتدخين
لكن,ما الذي كان يؤرق الحسن الثاني؟
الجرح كان جرحين,تسارعت دقات القلب,والاختناق لم يكن عضويا فحسب,وانما نفسيا كذلك,وهذا ما يوضحه ل”الأيام” أحد خدام دار المخزن”لم يتقبل سيدنا الله يرحمو خيانة بعض من أقرب المقربين اليه,وآخر شيء كان يتوقعه أن يخون بعضهم الثقة التي كان قد وضعها فيهم...”غادر هشام المنذاري المغرب يوم تاسع يوليوز ووجهته باريس,وعاد اليه في الغذ,قبل أن يركب من جديد طائرته بتاريخ 31 يوليوز,كي لا يعود بطل الدينار البحريني المزور الذي ادعى أن دماء علوية تجري في عروقه,الا بعد سنوات ورصاصة ملغومة في الرأس.كان هذا الشاب المغامر يتحرك بحرية تامة,يتجاوز أسوار القصر بسهولة,ويفتح أبواب بعض الشقق الخاصة للبلاط في وجهه,دونما عراقيل,لاسيما بعد ان تزوج احدى”بنات الحسن الثاني” وهي و الحالة هاته الشابة المدللة حياة التي كان قد تبناها الملك الراحل,بعد وفاة والدتها في حادثة سير...,وكان يكفي أن يطلب لبن العصفور كي تحضره له في رمشة عين خالته فريدة المرأة النافذة,التي حار بعض من خدام القصر في وصف مكانتها لدى الملك الراحل,والاكثر حظوة لدى أذكى الحكام العرب,وأكثرهم يقظة ودهاء... وتوالت النكسات,اتصل مدير البنك الأول ثم الثاني,ليستفسر عما اذا كان الحسن الثاني قد صرف مبالغ خيالية بمعدل ثلاثة شيكات من كل بنك.”...كاد الملك الراحل يجن,شيكات بمبالغ خيالية تحمل توقيعه سحبها سويسري-يهودي,بدأت التحريات يوم 10 يوليوز واستمرت الى غاية 14 يوليوز,كان حينها المنذاري قد تنقل الى فرنسا للمرة الثانية على التوالي في بحر نفس الأسبوع,دون أن يثير شكوكا..-يصمت مصدرنا لثوان,يضم ذراعيه الى كتفيه,وهو يحبس الدموع في عينيه(الحقيقة,السكات أحسن).لم يمر على علم”سيدنا” بحقيقة العلاقة التي تربط بين المنذاري وسرقة الشيكات والمتواطئين معه,الا بضعة أيام,المرحوم بعظمته,بشموخه,بهيبته,دهائه,يسرقه هشام المنذاري وبتواطؤ مع من؟..يا حسرتاه لم يتحمل الحسن الثاني هذا النوع من الغدر,لقد مات في نفس الشهر الذي اكتشف فيه الخيانة”.فقد مات الملك الراحل مغبونا,غصة هشام المنذاري في الحلق,ومحيطه الذي خدعه,وخيانة المقربين منه تطارده,وشيء من حتى في نفسه,وبمجرد ما اعتلى محمد السادس العرش,طرد كل الذين كان يعتقد أنهم كانوا سببا في حسرة والده, بمن فيهم أولئك الذين اقتنع بتحرياته الخاصة أحيانا أنهم طعنوا والده من الخلف,أو تواطأوا مع المنذاري لسرقة الحسن الثاني الذي كان مجرد ذكر اسمه يحيل على الرهبة والخوف.. أليست مؤامرة الصمت مذبحة أية سياسة,كما أشار الى ذلك الملك الراحل في أول فرصة أتيحت له بعد المحاولتين الانقلابيتين؟ “لكن ألا يخفي عليكم المقربون منكم أو مساعدوكم الأقربون بعض الأشياء في الاوقات العصيبة؟ - لقد كنت أقول دائما”ان مؤامرة الصمت هي أسوأ المؤامرات فبعد الأحداث المأساوية لسنتي 1971و1972 أسر لي البعض بأنهم قد استشعروا لدى أوفقير والمذبوح مؤشرات على تدبيرهما شيئا ما. *ما هي هذه المؤشرات؟ - لم يريدوا الافصاح لي عن ذلك,كما لم يكن من المجدي في شيء الحصول على اعترافاتهم في ما بعد.فالجميع-وعندما أقول الجميع أقصد أولئك الذي يعيشون حولي- قالوا لي استشعرنا شيئا ما آنذاك ولم نكن نعتقد أن...”فأجبتهم”صارحوني دائما بما يخطر ببالكم وارتكوا لي معالجة الأمور بعدلك”.*ألا تعتقدون أن المقربين منكم كانوا يخشون أحيانا البوح لكم ببعض الأمور؟ - لا.لم أكن أبدا مصدر خوف لأي كان؟ ومع ذلم فان شخصيتكم تفرض الاحترام ونوعا من الرهبة؟ -هناك فرق بين الاحترام والرهبة...ولا أعتقد أبدا أني كنت مصدر ارهاب لمن يحيطون بي سواء تعلق الأمر بسكرتيرتي الاثنتين او بأطبائي,فهؤلاء هم من أسميهم المقربين مني,أما الوزراء فشيء آخر,اذ لا تربطني بهم سوى علاقة العمل..”.
بقدر ما كان الحسن الثاني يعشق الحياة,كان يكره الموت”...لا.انني سأموت عندما يحين أجلي,وعندما يرى الله سبحانه وتعالى أنني أديت رسالتي.أما أن أموت سنة 1972 وفي مناخ أقل استقرارا بالنسبة للمغرب مما عليه اليوم,وأن يعتلي العرش طفل عمره تسع ينوات,مع تنصيب مجلس للوصاية فتلك لاشك مغامرة طائشة كانت ستؤدي الى حرب أهلية تفكك هذا البلد,اذ لم يكن باستطاعة أي كان أن ةيقبل هذا الوضع سواء عشائريا أو عرقيا.ولا يجب ان ننسى أن المغرب مملكة يتعين الحفاظ عليها بصيانة لحمتها الأساسية,ألا وهي النظام الملكي ذو الطابع الديني.وحينما طرح عليه الصحافي السؤال,ومع دلك كنتم تقولون لي أنه ليس من المستحسن أن يمكث المرء لمدة طويلة جدا في الحكم,وأن قوة الادراك تأخذ في التلاشي مع تقدم العمر,كان جوابه”بالتأكيد,وأنا مازلت على رأيي,غير أنني لا أبلغ من العمر الآن الا ثلاثا وستين سنة,وبالتالب فمازال أمامي متسع من الوقت”.(ذاكرة ملك) . لم تكن وفاة الحسن الثاني مفاجئة,وقد حضر لها الملك نفسه بعناية وترتيب محكم,حينما دعا اليوسفي الى التناوب على مغرب تحول في عز التهديد بالسكتة القلبية الى قاعة انعاش كبيرة,لكن,من المؤكد أن الوقت الذي راهن عليه لم يمهله للقيام بكل الترتيبات الأخيرة لتصفية حساباته مع من خان الأمانة. قبل وفاته,منحته فرنسا بتاريخ 14 يوليوز 1999-تماما كما أراد الملك الراحل- وداعا يليق بأذكى الحكام العرب,ومستشار حقيقي للاليزيه,الصفة الخفية التي كان يلعبها الحسن الثاني الى جانب شيراك,وقد تطرق الى ذلك”تيكوا” في كتابه”صاحب الجلالة,انا مدين لوالدكم”,ففي سابقة من نوعها مزج النشيدين الوطنيين المغربي والفرنسي,في العيد الوطني لفرنسا,واستيقظ الملك الراحل يومها-رغم تعبه- مبكرا ومشى جنبا الى جنب مع شيراك,تحت طبول الفرح والشهب الاصطناعية وجلجلات السعادة ودوي طلقات المدافع,وكأنه الوداع الاخير. لقد فاحت رائحة الموت في أول درس تلقاه الحسن الثاني في حياته,كما كشف عن ذلك بعد مرور ثلاثة عقود على اعتلائه العرش,كما جاء في مذكراته,ذاكرة ملك. بعد أزمتين متقاربيتين مثل هذا التقاب,الأولى في سنة 1971 والثانية في سنة 1972,الم تشعروا بنوع من التذبذب,أفلم يساوركم شيء من الارتياب؟ كلا,لأن ذلك كان سيشكل كارثة,سأبوح لكم بأمر لقد أدركت كل شيء في اليوم الأول لاعتلائي العرش,عندما ذهبنا لصلاة الجنازة على جثمان والدي-رحمه الله-فنادى الامام لصلاة الجنازة,صلاة جنازة يرحمكم الله,جنازة رجل”وكان هناك حوالي مليوني شخص بالشوارع,وقد انتحر بعض المواطنين عندما شاهدوا جثمان والدي,وكانت عبارة”صلاة الجنازة يرحمكم الله.جنازة رجل”أكبر درس في التواضع تلقيته في حياتي”(ذاكرة ملك).
انها نفس الصيغة التي كان قد قالها الحسن الثاني لحسنين هيكل سنة 1985 ولم ينشرها الا سنة 1993(ذاكرة ملك وذاكرة صحافي.ص.713).”...فمهما كانت مشاعر الناس واحزانهم أو أفراحهم,ومهما كانت أبهة الملك والملك,فان الختام في النهاية جنازة...وجنازة لرجل.وهذا ما يتبقى من أي حياة..الرجل..الانسان..ما يفعله الانسان والاثر الذي يتركه بعد أن يستوفي عمره ويحل موعد الرحيل... و بعد مرور عقد على وفاته,لازالت صورة الحسن الثاني لم تفارق ظل العاهل المغربي.لازال محمد السادس لم”يقتل بداخله أبا”,كان متكلما جيدا وداهية سياسيا,لكنه فند صورة ولي العهد الذي حطمته التربية السلطوية,والذي وجد صعوبة في اقناع والده بالحكم الى جانبه في أحلك فترات مرضه,بعد أن تخلص من أغلب الذين خانوا والده,وصنع لنفسه في ظرف عقد من الزمن اسما في حجم”ملك الفقراء” في ظروف اقتصادية واجتماعية وطنية ودولية,أكثر من مأزومة,الى درجة باتت معها العبارة التالية متداولة,”بالأمس كنا نخاف من الملك,والآن أصبحنا نخاف على الملك“.
ظل مرض الحسن الثاني,منذ أن كشف عنه الأطباء الأمريكان في”نيويورك هوسبيتال”سنة95,موضوع تكتم صارم,فبالاضافة الى السر المهني الذي يلتزم به الأطباء وهم يؤدون القسم,كان مرض الحسن الثاني موضوع تعليمات صارمة من البلاط الملكي,كي لا يكون موضوع أي تسرب,من باب التأكيد وحرص التقاليد المخزنية المرعية على توضيح الواضحات في أكثر الأمور حساسية,لاسيما حينما تتعلق بصحة الملك الحسن الثاني...واليوم,بعد مرور عقد تقريبا على وفاته,ثمة من يرة في طلب الحصول على ملفه الطبي طلبا مستحيلا.ان كل ما يعرفه المغاربة عن ملك حكمهم لمدة تربو عن ثلاثة عقود,أنه مات في مصحة القلب المتواجدة في الطابق الخامس بالمركز الاستشفائي ابن سينا,اثر عملية جراحية حاولت أن تنقذه من موت محقق,بعد ان استبد به مرض عضال عانى منه لمدة خمس سنوات.هل هو داء القلب,أم داء الكبد؟هل انتشر الداء الخبيث في الجسد كله,فعانى الملك الراحل في صمت,وظل صامدا في وجه الرياح؟يطل علينا في شاشة التلفزة,كما كان دائما مواصلا أغرب خرجاته الاعلامية والسيجارة في يده,ونظراته الصخرية,محافظا على صرامته وجاذبيته واناقته؟؟ ما تسرب من البلاط يؤكد أن سرطان في الرئة هي العبارة التي ترددت بعد وفاته على لسان بعض المقربين منه,والذين لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة لا يتعلق الامر بمرض في حد ذاته,وانما بأعراض مرض تبدأ بامتلاء الرئتين بالماء,قد يكون سببها سرطان في الرئة,او اصابة غلافها,أو مرض السل,وقد يكون مصدرها التهابات في الرئتين,او تشمع الكبد الذي قد يؤدي الى عجز في تصفية الدم,وختلال في أداء باقي أعضاء الجسم لوظائفه,ومن ثم الى تراكم الماء في الرئتين...وتستبعد مصادر طبية أن يكون الملك الراحل قد عانى من 95 من داء سرطان الرئتين,بحكم أنه من الصعب على الجسد أن يقاوم لمدة خمس سنوات سرطان الرئتين.وهذا معناه أن القلب لم يتوقف لأنه كان يعاني من مرض خطير,وانما لأن صعوبات التنفس وتسرب داء عضال لا ينفع معه علاج الى الرئتين,عجل بتوقف القلب,بالاضافة الى عوامل أخرى'من بينها أن السن عجل بعدم قدرة الجسم على تحمل داء ينهك يوميا صاحبه من الداخل.ويكلفه ضخ مياه تعقد عملية التنفس اليومي...باختصار,تعددت الأسباب,لكن الموت واحد.لقد شاء القدر أن يموت الملك الراحل بأعراض مرض,سبق وأن أودت بحياة منظر الماركسية كارل ماركس عام 1883,والملكة الفرنسية كاترين ميدسي التي ماتت سنة 1589,ووليام هنري هاريسون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1481ووكذا الاديب كارسون نيكلرس صاحب كتاب”القلب هو الصياد الوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.