جمعية صحراوية تثير الانتباه حول أجواء الرعب السائدة داخل مخيمات تندوف. أعضاء في الكونغرس ومجموعات تفكير أمريكية يسائلون المفوضية السامية للاجئين حول الانتهاكات "الصارخة" لحقوق الإنسان في تندوف. ماسيمو طوسكي وصف مخيمات تندوف التي سبق له أن زارها ب`"السجن". أثارت جمعية "الرأي" للدفاع عن مغربية الصحراء ومحتجزي تندوف الانتباه حول "أجواء الرعب والقمع الذي يعيشه محتجزو تندوف بشكل يومي منذ أزيد من ثلاثة عقود". ودعت جمعية "الرأي"، في رد فعل لها على اعتقال مليشيات "البوليساريو" مؤخرا ثلاثة أشخاص من سكان مخيمات تندوف، جميع القوى التي تدافع عن الحرية والديمقراطية إلى التعبئة لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها قادة "البوليساريو". كما دعت الجمعية في بلاغ لها، إلى "تدخل عاجل للمفوض الأعلى لحقوق الإنسان لكي لا ينضاف هؤلاء الضحايا الثلاثة إلى صفوف مئات المفقودين بتندوف". ووجهت أيضا نداء ملحا إلى الأمين العام للأمم المتحدة من أجل العمل على وضع حد "لحالة الظلم هذه التي يعيشها السكان الصحراويون المحتجزون بلا رحمة على يد شرذمة انفصاليي البوليساريو، على التراب الجزائري، في خرق سافر لأبسط حقوق الإنسان وانتهاك للقانون الدولي الإنساني وكذا للقانون الدولي". وفي نفس السياق،استنكر أعضاء في الكونغرس وعدد من مجموعات التفكير الأمريكية مؤخرا، الانتهاكات "الصارخة" لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف وناشدوا المفوض السامي للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، توفير الحماية بشكل عاجل للساكنة التي احتجزت فيها ضد إرادتها. ودعوا هذه المنظمة الأممية إلى إرساء حضور "هام" في هذه المخيمات لتأمين الحماية لساكنتها، بما في ذلك حرية التنقل، وتأسفوا لكون المفوضية السامية، المنوط بها بالفعل حماية اللاجئين، "تحصر نفسها في دور ثانوي يقتصر على تزويد المخيمات بالأغذية والمعدات". ووجه رئيسا المجموعة المكلفة بقضايا اللاجئين بالكونغرس الأمريكي، لنكولن دياز-بلارت وزوي لوفغرين، التي تضم الحزبين، مؤخرا رسالة للسيد غوتيريس، أكدا فيها على الضرورة الملحة لأن تعمل المفوضية السامية "بشكل نشيط" من أجل حماية سكان هذه المخيمات "الذين عانوا كثيرا". واعتبر كاتبا الرسالة أنه "من الأهمية بمكان أن تتخذ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين موقفا حازما" باسم هذه الساكنة، معربين عن تقديرهما للزيارة التي كان قد قام بها غوتيريس للمنطقة في شتنبر 2009، والتي تعد الأولى لمفوض سامي منذ سنة 1976، ولكون هذا الأخير "اعترف بهذا الصدد بإهمال للمفوضية في الماضي". وشددا على أنه "يجب على مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة في شؤون اللاجئين العمل تنفيذ مهمته، عبر ضمان الحماية الكلية لحقوق هذه الفئة، وفق القانون الدولي". وأعربا، من جهة أخرى عن الأسف ل`"عدم تمكن أي هيئة دولية من القيام بإحصاء لسكان هذه المخيمات، بهدف تحديد هويتهم"، معربين عن يقينهما التام بأن مبادرة من هذا القبيل "ضرورية من أجل ضمان أمن هذه الساكنة والقيام بتقييم ملائم لمدى تلبية المساعدات الخارجية لحاجياتها". وشدد عضوا الكونغرس على أن "إحصاء موثوقا به يشكل أيضا خطوة هامة أولى نحو تطبيق مسلسل إعادة إيواء" هذه الساكنة، معربين عن انشغالهما إزاء "ظروف العيش البئيسة بالمخيمات المراقبة من قبل البوليساريو". واستنكر لنكولن دياز-بلار وزوي لوفغرين، استنادا إلى تقرير اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين، "انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها" السكان المحتجزون بمخيمات تندوف. وتأسفا لكون هؤلاء السكان ممنوعون من مغادرة هذه المخيمات ويعانون من الحرمان من حرية التنقل، "رغم أن الأمر يتعلق هنا بحق أساسي تكفله اتفاقية 1951 حول اللاجئين وبروتوكول 1967 الموقعان من قبل الجزائر، التي يتعين عليها الامتثال إليهما بموجب القانون الدولي". وكانت رئيسة اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين (يو.إس.كري) السيدة لافينيا ليمون قد أدانت، في تصريح مؤخرا لوكالة المغرب العربي للأنباء، ظروف العيش "المأساوية" بمخيمات تندوف، معتبرة أنه من الضروري إيجاد "حل دائم يمكن السكان المحتجزين في مخيمات تندوف من العودة إلى المغرب، وممارسة حقوقهم في المواطنة المغربية أو إعادة إسكانهم في بلد ثالث". وأكدت ليون، التي شغلت في السابق منصب مديرة عامة لمكتب إعادة إسكان اللاجئين في إدارة الرئيس كلينتون، أن غياب حل دائم "لا يحرم مطلقا سكان مخيمات تندوف من حقوقهم، التي يضمنها القانون الدولي"، مذكرة في هذا الإطار بأن ما لا يقل عن 168 دولة وقعت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين. وبالفعل سجلت اللجنة الأميركية للاجئين والمهاجرين في آخر تقاريرها حول الوضع في مخيمات تندوف، أن الجزائر لم تف بالتزاماتها في ما يتعلق بالسكان المحتجزين فوق أراضيها، بموجب اتفاقية 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين والبروتوكول ذي الصلة لسنة 1967. كما انتقدت اللجنة الجزائر للعراقيل التي تضعها أمام برنامج تبادل الزيارات العائلية، الذي تشرف عليه المفوضية السامية للاجئين، بين مخيمات تندوف والأقاليم الجنوبية للمملكة. والأدهى من ذلك - يتأسف التقرير- فإن "الحكومة الجزائرية ترفض الاعتراف بمسؤوليتها في ما يتعلق بالوضع في المخيمات"، مضيفا أنه من أجل التنقل فإن الصحراويين المحتجزين في تندوف مجبرون على الحصول على ترخيص موقع من طرف السلطات الجزائرية و"البوليساريو". كما استنكر التقرير تحويل المساعدات الدولية الإنسانية الموجهة للمخيمات، مشيرا إلى أن برنامج الغذاء العالمي يقدم لوحده حصصا غذائية لأكثر من 125 ألف شخص، في حين أن عدد سكان المخيمات لا يتجاوز 90 ألف شخص "في أفضل الحالات". وتوصلت منظمات أمريكية مستقلة أخرى إلى نفس خلاصات اللجنة الأميركية للاجئين والمهاجرين. وأكدت مجموعة التفكير الأمريكية للدراسات القانونية (يونيفيرسيتي سانتر فور ليغال ستاديز) في تقرير حديث أنه يتعين وضع حد لمعاناة السكان المحتجزين في مخيمات تندوف الناجمة عن "عدم وفاء" الجزائر بالتزاماتها تجاه القانون الدولي. وطالب واضعو التقرير في هذا السياق المفوضية العليا للاجئين بضرورة حضورها بشكل "ملموس" في المخيمات، لضمان حماية حقوق السكان بما في ذلك حرية التنقل. وفي انتظار ذلك - يضيف التقرير- فإن السكان المحتجزين في المخيمات فوق التراب الجزائري "يعيشون ظروفا مادية ومعنوية مزرية"، مشددة على مسؤولية الجزائر في حماية حقوق سكان مخيمات تندوف. وأكد التقرير أنه حان الوقت كي تتولى المفوضية السامية للاجئين مراقبة الوضع في المخيمات ب`"فعالية أكثر"، حتى تضمن في جو من الشفافية والمسؤولية توزيع المساعدات الموجهة للسكان والدعوة الى التنفيذ السريع لإحصاء للسكان، وتفادي عملية عسكرة المخيمات. وطالب التقرير، أيضا، المفوضية السامية للاجئين بتنفيذ برنامج للترحيل الإرادي للسكان، بمنأى عن كل عملية ترهيب، حتى يتمكنوا من العودة إلى المغرب أو مغادرة المخيمات لإعادة إسكانهم في بلد ثالث. وسبق كذلك أن أعربت "شبكة جمعيات الجالية المغربية بإيطاليا" عن ارتياحها للدعم الذي عبر عنه وزير التعاون الدولي بجهة طوسكانا (وسط إيطاليا) السيد ماسيمو طوسكي إزاء مقترح الحكم الذاتي بالصحراء ولإدانته للوضعية "المأساوية واللا إنسانية" التي يعيشها المحتجزون بمخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر. ووصفت الشبكة الموقف الذي عبر عنه السيد طوسكي في تصريح لقناة العيون التلفزية، ب"الشجاع والصريح"، إذ أنه وصف هذه المخيمات ب"السجن"، مذكرة بأن هذه الوضعية طالما كشفت عنها منظمات وتقارير دولية. وأوضحت الشبكة، في بلاغ لها، أن موقف السيد طوسكي يعتبر شهادة "يستحيل التشكيك فيها، لأنه سبق له أن زار المخيمات، وكانت له علاقات وطيدة، في الماضي مع انفصاليي (البوليساريو) والأوساط المساندة لهم في جهة طوسكانا. كما أعربت الشبكة عن ارتياحها للموقف الذي عبر عنه المسؤول الإيطالي بشأن مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، الذي اقترحته المملكة كإطار لتسوية قضية الصحراء. ودعا طوسكي إلى العمل على إيجاد حل للوضعية المأساوية التي يعيشها المحتجزون في مخيمات تندوف، مشيرا إلى أن أوضاع النساء والأطفال بهذه المخيمات "خطيرة" وتستدعي تدخلا عاجلا من أجل وضع حد لهذه المأساة. وكان السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قد صرح لوكالة المغرب العربي للأنباء عقب مباحثاته مع طوسكي أن المسؤول الإيطالي وصف مخيمات تندوف، التي سبق له أن زارها ب`"السجن".