الدخل الصافي سقف للاستفادة... لكن مع وضع آليات الحماية من المخاطر ومن الظرفية المناخيةوضع الخطاب الملكي لعيد العرش حدا لكل القراءات والتأويلات حول إمكانية فرض ضريبة على الفلاحين، بعد سنوات طوال من الإعفاء. فقد أكد جلالة الملك محمد السادس، في خطابه السامي، بمناسبة الذكرى الرابعة عشر لاعتلائه العرش، أنه انطلاقا من حرصه على تجسيد رعاية جلالته السامية لصغار الفلاحين، فإنه سيظل يخصهم بالاستثناء الضريبي الذي سينتهي العمل به في آخر السنة الجارية بالنسبة للاستثمارات الفلاحية الكبرى، وسوف يتم الاحتفاظ بسريان هذا الاستثناء على الفلاحة المتوسطة والصغرى، مبرزا بذلك اهتمامه الموصول بصغار الفلاحين من أجل تحسين ظروفهم المعيشية. وإلى حدود ما قبل إلقاء جلالة الملك لخطاب العرش، ظلت التكهنات تشير إلى فرضية التطبيق الحرفي لمشروع الحكومة الخاص بالإصلاح الضريبي، في الشق المتعلق بإلغاء الاستثناء الضريبي على كل شرائح الفلاحين. بيد أن الخطاب الملكي كان وفيا إلى أبعد الحدود، يقول عبد السلام الصديقي الخبير الاقتصادي وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، لخلاصات الأيام الجبائية، من خلال فرض الضريبة على كبار الفلاحين والاستمرار في تخصيص الفلاحين الصغار والمتوسطين بالاستثناء الضريبي. وهو الإجراء الذي سيمكن من ضخ مبالغ مهمة في خزينة الدولة ابتداء من السنة المقبلة، وفقا، يقول عبد السلام الصديقي، لتوصيات المناظرة الوطنية حول الفلاحة، التي نصت، في إطار محور «التشريع والإنصاف الجبائي»، على ضرورة إحداث توازن في هيكلة الإيرادات الضريبية (المباشرة وغير المباشرة)، وترشيد الإنفاق والإعفاءات الضريبية بكيفية تستجيب للأولويات الاقتصادية، والإقرار التدريجي للضرائب على الفلاحة، مع مراعاة خصوصيات هذا القطاع. وهو إدماج ضريبي، يشدد ادريس الأزمي الادريسي، الوزير المكلف بالميزانية، على ضرورة أن يكتسي طابعا تدريجيا وفق مقاربة تحافظ على مصالح صغار الفلاحين، مع سياسة مدروسة تقوي المداخيل الضريبية لخزينة الدولة تحافظ على زخم هذا القطاع الحساس وعلى تنافسيته، وعلى مصالح صغار الفلاحين. مع تمكين هذا القطاع من المشاركة في الموارد العمومية وجهود التنمية. فقد أوضح الأزمي الادريسي في تصريح مقتضب لبيان اليوم، أن رهان إدماج القطاع الفلاحي في النظام الضريبي يتمثل. من جهة. في المحافظة على تنافسيته وزخمه الذي أطلقه مخطط المغرب الأخضر. وفي جعله. من جهة أخرى. مساهما بطريقة «ذكية» من خلال التمييز بين الفلاحة المعاشية والضيعات الكبرى. وبخصوص الإعفاءات الجبائية والامتيازات الضريبية، قال الأزمي للجريدة، إنه ستتم إعادة النظر فيها على أساس فعاليتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وذلك بهدف زيادة مردودية النظام الضريبي المغربي وتحرير موارد عمومية جديدة موجهة لتمويل النفقات الاجتماعية والبنيات التحتية الاقتصادية، مضيفا، في هذا الصدد، أن الدراسة الجديدة للإعفاءات ستتم على أساس السياق السوسيو - اقتصادي الحالي. ورفض الأزمي الكشف عن التدابير التي ستقوم بها الحكومة لتحديد سقف الدخل الذي يسمح لصغار ومتوسطي الفلاحين من الاستفادة من الإعفاء، وما يمكن توقعه من إجراءات لمواجهة اللوبيات التي قد تعمد إلى التحايل وإلى استغلال كل الظروف المناخية وغيرها من أجل التملص من الواجب الضريبي، بطريقة أو بأخرى. بهذا الخصوص، دعا عبد السلام الصديقي إلى اعتماد الدخل الصافي كسقف للاستفادة من الإعفاء، مع وضع آليات تضمن حماية الفلاح من المخاطر ومن الظرفية المناخية أو الاقتصادية التي تؤثر على مستوى دخله وقد تطوح به من شريحة دخل إلى أخرى. كما شدد الخبير الاقتصادي، في حديثه لبيان اليوم، على ضرورة مواصلة الدعم للقطاع الفلاحي رغم الإعفاء، والقيام بعملية مقارنة بين حجم الدعم وحجم المساهمة الضريبية في قطاع يحقق أرباحا يتم تهريبها إلى قطاعات أخرى، ولا تستثمر في تطوير القطاع الفلاحي، على اعتبار أن كبار المستثمرين في القطاع لا يهدفون سوى إلى المضاربة وتحقيق مزيد من الأرباح. يشار إلى أن نظام الإعفاء في القطاع الفلاحي تم إقراره سنة 1984 عقب قرار ملكي وتم تمديده مرتين. وتعبأ الفلاحون الكبار في كل مرة للضغط على الحكومة لتمديده حتى عام 2000. وفي سنة 2009 تقرر تمديد الإجراء بقرار من قبل جلالة الملك. ويتوقع أن ينتهي مفعوله في دجنبر 2014.