الصباح : أعاد عبد الله النهاري، إمام مسجد الكوثر بوجدة، وعبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، عقارب الإفتاء بالمغرب إلى نقطة الصفر، حين انبرى الاثنان قبل من أكثر أسبوع ونصف إلى إطلاق سلسلة من الأحكام الشرعية والاجتهادات الفقهية في موضوعين مختلفين يرتبطان بجسد المرأة. الأول، حين «لعن» من فوق منبر مسجد تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الفنانة المغربية الشابة دنيا باطما، نجمة «أراب أيدول» واقترب، كثيرا، من وصفها بالعاهرة التي ترفع صوتها بالغناء بلباس غير محتشم، والثاني، حين أفتى بجواز استعمال المرأة «المحصنة» حبات الجزر والخيار ويد «المهراز» للوصول إلى لذتها الجنسية، حفاظا على عفتها وشرفها من الزنا والعلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج. الفقيهان أثارا زوبعة لم تهدأ بعد، استدعت في حالة إمام وجدة بلاغا ناريا من المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي وإدانة من الهيآت الحقوقية والنقابات الفنية وجمعيات الدفاع عن حقوق النساء، وقد تطور الأمر إلى تدخل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي اعتبر أن الفتوى الرسمية هي الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى من دون ذلك فيلزم أصحابه فحسب. أما الزمزمي، فقد تكلف بالرد عليه كل من الشيخ السلفي محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، مؤكدا أن الشيخ صار مضحكة الموافقين والمخالفين وأن المهم ليس هو حمل العلم، ولكن كيف تصونه، الاتجاه نفسه عبر عنه الأمين بوخبزة، فقيه العدالة والتنمية، الذي وصف الزمزمي بالشخص الذي يعشق اتباع منطق خالف تعرف. والواقع، أن النهاري والزمزمي لم «يقترفا» أي ذنب غير إعادة النقاش حول مجال الإفتاء بالمغرب إلى الواجهة، والمساهمة، من حيث لا يدريان، في إعادة طرح الأسئلة القديمة نفسها عن الضوابط الشرعية والقانونية لهذا الحقل وقواعد الاجتهاد فيه والمؤسسات المخولة لها ذلك وأحكام «القفز عليه» من طرف جهات أخرى، علما أنه يوجد في المغرب، اليوم، هيأة اسمها «الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء» لها قانونها التنظيمي، دون أن تغير من واقع الفوضى شيئا.