من المنتظر أن يصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي خلال الأسابيع القادمة، حيث من المتوقع أن تحتل وزارة الصحة حيزا كبيرا ضمن صفحاته بعد الزيارة المفاجئة لقضاته إلى مقر وزارة الصحة أواخر السنة الماضية، للبحث في مجموعة من الملفات التي أثيرت حولها الكثير من التساؤلات وذلك مابين سنتي 2007 و 2011 . عمل فريق القضاة وإن كان قد أحيط بسرية تامة، إلا أن الأخبار المتسربة من جهات متعددة تؤكد وقوف قضاة المجلس الأعلى على ملفات اعتبرتها مصادرنا ، ملفات ثقيلة تخص بالأساس جانب الصفقات المنجزة من قبل الوزارة، خاصة بعد تقرير المفتشية العامة لوزارة الصحة بخصوص تزوير صفقتين (صفقة مستشفى الجديدة وصفقة المركز الاستشفائي بفاس واللذين تم توقيفهما بعد أن كادت هذه الفضيحة أن تودي بمجموعة من الموظفين إلى السجن، خاصة بعد علمالمفتشية العامة للمالية بهذا التزوير واستفادة الفريق من عطلة مجانية بالديار الألمانية بحسب ما ورد في تقرير داخلي تم تسريبه- وخوفا من تداعيات هذه الفضيحة تدخلت جهات نافذة داخل الوزارة لطمس معالمها. وبحسب ما تم تسريبه من داخل الوزارة، فإن الحديث يدور عن شركة واحدة تستحوذ على نسبة هامة من الصفقات، خاصة خلال سنة 2010. فهناك صفقات أبرمت من طرف مديرية التجهيز والصيانة وقسم التموين، حيث تم ضخ مبالغ ضخمة مررت بشكل مفضوح إلى شركة معينة ومعروفة، وتستحوذ على أكبر نسبة من الأموال من الغلاف المالي المخصص لميزانية التجهيز. وأورد التقرير المسرب أمثلة عن الصفقات التي فازت بها الشركة المحظوظة. شراء الأدوية بدوره كان محط بحث وتدقيق من قبل قضاة المجلس الأعلى، حيث تم تسجيل أن وزارة الصحة تقوم سنويا بشراء كمية من الأدوية، اعتبرها الفاعلون في القطاع أنه لا حاجة للمستشفيات بها، وتظل في المخازن إلى أن تدخل في خانة الأدوية المنتهية الصلاحية، وتستفيد بالتالي الشركات المنتجة لهذه الأدوية من ملايين الدراهم، ليتم دفن أو حرق كميات كبيرة من الأدوية ويتم بالتالي هدر المال العام. من جهة أخرى كثر الحديث عن تواطؤ محتمل بين نافذين بوزارة الصحة العمومية وفاعلين في مجال تسويق الأدوية، يغذيها تباطؤ وزارة الصحة في سحب الأدوية التي تصدر تقارير بشأن مضاعفات سلبية لاستعمالها، ويتم منع تداولها حفاظا على سلامة المرضى، حيث يتم - على ما يبدو- التغاضي عنها من طرف مديرية الأدوية حتى يتم استنفاد المخزون لدى الشركات من هذا الدواء. وفي انتظار صدور تقارير رسمية لقضاة المجلس الأعلى للحسابات في هذا الشأن، يتساءل المتتبعون إن كان وزير الصحة الجديد سيمتلك من الجرأة مايمكنه من الكشف عن الاختلالات البنيوية التي عاشتها مديريات وزارة الصحة.