بقلب مفتوح للغناء ولقاء الجمهور، ورغبة كبيرة في طي صفحة الماضي، ونسيان القضبان والأسوار، والعودة بقوة إلى الساحة الفنية،أعلن مغني الراي الجزائري، الشاب مامي، عودته إلى الفن من خلال السهرة الخامسة لليالي "مازاغان"، التي أحياها الأسبوع الماضي، حيث استطاع مامي أن يمتع فيها قلوب معجبيه وعشاقه حين غنى للحب والقلوب الشغوفة المتعطشة إلى العشق. هكذا بدا مامي في حديثه مع الصحافة، وفي حواره مع "المغربية"، خجولا ومتأثرا ومضطربا، ومتواضعا أيضا، في محاولة للحفاظ على هدوئه وابتسامته. وبعودته، أثبت مامي، مرة أخرى، أنه فنان كبير، مكن الناس من اكتشاف الراي عبر العالم كله، وأصر على مواصلة عطائه الفني، حتى خلال سجنه الذي أفرز ألبوما جديدا سيرى النور مطلع العام المقبل. أحييت حفلا فنيا ساهرا في إطار الدورة الخامسة من "ليالي مازاغان بيتش ريزورت"، كيف كان شعورك عند اللقاء الأول بالجمهور بعد غياب طويل؟ لن أنكر حالة الارتباك التي أصبت بها، علما أنها طبيعة في كل فنان، وفي المقابل كنت مرتاحا للقاء الجمهور المغربي، خاصة أن هذا الأخير معروف بتجاوبه مع الفنان، وحفاوة الاستقبال. لماذا اخترت المغرب، لإحياء أول حفلاتك الفنية، بعد تجربة السجن التي دامت سنتين ونصف السنة؟ في واقع الأمر، لم أختر المغرب، بل هو الذي اختارني، من خلال المركب السياحي "مازاغان بيتش ريزورت"، فبعد أن عزمت على إعلان عودتي من خلال حفل في الجزائر، في إطار مهرجان "تيمكاد"، أُجّل هذا الأخير إلى الرابع من يوليوز المقبل، في ذلك الوقت، عٌرض علي إحياء السهرة الخامسة من ليالي "مازاغان"، فلم أتردد في قبول الدعوة، نظرا لحبي الكبير لهذا البلد، وعلاقتي الوطيدة مع الشعب المغربي وجمهوري هنا. وسواء غنيت في المغرب أو الجزائر، فالمهم هو الالتقاء بالجمهور، الذي يحب الشاب مامي وأغانيه. ما الذي فقدته بدخولك السجن؟ لم أفقد شيئا، والدليل أنني كنت أتلقى في سجني يوميا ثلاث أو أربع رسائل، وفي الحقيقة كانت تلك الرسائل وسيلة دعم حقيقية لي في تلك المحنة، وأحمد الله أن لدي جمهور وفي، لم ينسني، وهو شيء أعتز به، خاصة أنه لا يمنح لأي إنسان، وربما هذا ما شجعني على العودة إلى الساحة الفنية بكل ثقة، وعزم على الظهور فنيا بقوة. كيف قضيت فترة سجنك، هل كنت نجما خلف القضبان؟ ليس في السجن نجوم، ولا أريد الحديث كثيرا عن تلك المرحلة، فالماضي ماض، وما يهمني هو المستقبل، فأنا متحمس لتكثيف نشاطاتي، والعودة بقوة إلى الساحة الفنية. ألا تفكر في سرد سيرتك الذاتية عبر كتاب أو فيلم تجسد فيه دور البطولة ؟ لم أفكر في الأمر، لأنني أؤمن بأن الحياة الشخصية للفنان ملك له وحده، أما التمثيل، فلا أظن أنني أتقنه. بما أنك تود طي صفحة الماضي، والحديث فقط عن المستقبل، ما الذي تغير في مامي بعد تجربة السجن، وما الذي ستتداركه فنيا في المستقبل؟ لم يتغير في مامي الفنان شيء، فأنا كما كنت، أعشق الموسيقى، وأبذل كلما في وسعي لأكون عند حسن ظن الجمهور، ولدي الرغبة نفسها في الكتابة والتلحين والإبداع. من الطبيعي أن نتغير شكلا، بحكم التقدم في السن، أما العطاء الفني والأحاسيس، التي أوظفها في أغاني وألحاني، فلم تتغير. كيف استقبلتك عائلتك بعد عودتك من فرنسا، حيث قضيت فترة السجن؟ (يضحك)، "وجدو ليا المشوي"، التقينا في المطار، واستقبلوني بحفاوة كبيرة، واستضافني أفراد العائلة في بيوتهم، محضرين لي ما لذ وطاب، لدرجة ازداد معها وزني. واللقاء مع ابنك؟ كان لقاء مليئا بالعواطف والعناق الحار، كأي لقاء بين أب وابنه، غاب عنه فترة طويلة. ما هي مشاريعك الفنية في المستقبل؟ أستعد لطرح ألبومي الجديد بداية العام المقبل 2012، بعنوان "مقدرة".ويضم الألبوم 8 أغان، كتبت كلماتها ولحنتها في السجن. وأتمنى أن ينال الألبوم إعجاب الجمهور، خاصة أنه سيكون مفاجأة من العيار الثقيل. هل تتحدث في أغانيك الجديدة عن محنتك في السجن؟ كان لدي الوقت الكافي لإنجاز أغان خلف القضبان، لكنني لم أرغب في تحميلها معاني القيد والسجن، بل سأغني للأمل والحب والوطن. ألا تفكر في أداء أغاني مغربية؟ أحاول أن أستجيب في أغاني لانتظارات الجمهور في مختلف بقاع العالم، لذلك اخترت مجموعة من الأغاني، آمل أن ترقى إلى مستوى المستمع العربي والمغاربي، واستوحيت بعضها من الموسيقى الفاسية والأندلسية. إلى من تستمع من المطربين المغاربة؟ أنا مستمع جيد للأغاني المغربية بمختلف أنواعها، وإلى كافة الفنانين، بمن فيهم الشيخات، وأعشق أغاني عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط. بعد الفنانة المغربية سميرة سعيد، من هو الفنان المغربي الذي تتطلع إلى أن تشاركه الغناء في "ديو" يجمعكما؟ عبد الهادي بلخياط، خاصة أنني معجب بأغنيته "قطار الحياة"، وأرى أن إعادة غنائها بتوزيع جديد فكرة جيدة وتستحق التنفيذ.ولا أنكر أنني حاولت أداءها بطريقة الراي، وأعجبني ذلك المزج كثيرا. كثر الحديث عن خلافك مع الشاب خالد، ما حقيقة هذا الخلاف؟ سبق وأن وجه إلي السؤال نفسه، "لكن والله ما عندي خلاف مع خالد، الدنيا هانية معاه، وليس لدي أي خلاف مع أي فنان". سبق أن تحدثت عن جولة فنية في المغرب، ما هي الحفلات الأخرى المنتظر أن تحييها هنا؟ هناك ثلاث حفلات أخرى، الأولى في الحسيمة، وأخرى في إطار فعاليات مهرجان الراي بوجدة، أما خارج المغرب، فمن المنتظر أن أقوم بجولة فنية في كل من فرنسا، وكندا، والجزائر. بعيدا عن الفن، ما هي ارتساماتك حول المباراة الأخيرة التي جمعت بين المغرب والجزائر؟ أرى أن الفريق المغربي لعب مباراة جيدة، واستحق الفوز، وأؤكد على أن "الربح والخسارة شيء والأخوة شيء آخر". في رأيك، من سيحمل مشعل أغنية الراي بعدك أنت وخالد وآخرين؟ هناك العديد من الشباب الواعد، من بينهم المغني المغربي يونس، وأنا سعيد بأن أكون مثلا أعلى له ولغيره، خاصة أن صوته بشهادة الجميع قريب جدا من صوتي، ونصيحتي أن يقتنع الفنان بعمله ويتقن أغانيه، ليستطيع تحقيق النجاح، ولنساهم بالتالي في الرقي بفن الراي.