حين أتحدث عن المستشفى الاقليمي ببوعرفة فانا أقصد بذلك ثلاثية: الأطباء ومساعديهم - التجهيزات الطبية اللوجستكية - ثم الخدمات الصحية . يعد مستشفى الحسن الثاني ببوعرفة من أهم وأبرز المستشفيات في اقليم فجيج ، تأسس هذا المستشفى في أواخر السبيعينيات من القرن الماضي،، وتم افتتاحه رسمياً في اواخر الثمانينات من القرن الماضي ، يحتوي على عدة أقسام المهم منها غير مجهز( غرفة الانعاش) يعتبر من ضمن أنظف المستشفيات بالمغرب، محيطه الداخلي مشجر كمتنفس للمرضى والنزلاء، يستقبل المرضى والمصابون من الاقليم وفي بعض الاحيان من خارجه فكان قبلة يأمه المرضى من عموم الوطن يأتون إلى للتداوي في هذا المستشفى لسمعته الطيبة وما كان يقدمه من خدمات ورعاية صحية للمرضى، رغم عدم توفره على ألاجهزة طبية وذلك بفضل الدور الإيجابي الذي كان يقوم به طاقم بسيط من الممرضين الذي كانوا يسعون جاهدين في التخفيف من معاناة وآلام المرضى"، (بالمقارنة مع مستشفيات اخرى).. وهذه شهادة من المواطنين في حق هؤلاء جنود الخفاء، منهم من تقاعد ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ،مما أكسب هدا المسشفى رصيد جيد من سمعة طيبة، كما ان اسمه يدل على ذلك. يعمل في المستشفى حاليا بعض الدكاترة وطاقم من الممرضين وموظفين وفنيون و عمال خدمات. مسلسل معاناة لا يعرف الحلقة الاخيرة غير أن هذا الصرح الطبي ومنذ البداية حتى الان أي لأكثر من عقدين ونصف و مستشفى بوعرفة يعاني من تجاهل الجهات المختصة في توفير المستلزمات الضرورية و التجهيزات اللوجيستيكية ، فمنذ البداية و المعاناة ترافقه وتلاحقه فهو لم يتم افتتاحة الا بعد شق الانفس بعد فترة طويلة من اكتمال الاشغال وعند افتتاحة اصطدم بواقع مرير، فوجد نفسه مستشفى يعاني من انعدام كل الاشياء الطبية الضرورية المكملة الواحدة للاخرى: اقسام غير مجهزة و أجهزة طبية غير متوفرة و أطر طبية المتخصصة غائبة أوترفض الالتحاق ،فاذا توفرت الاجهزة بغرفة العمليات غاب الجراح، واذا حضرت الاطر الطبية انعدمت الاجهزة الطبية وفي بعض الاحيان يخلو منهما الاثنين ليبقى به سوى الممرضين و المرضى ورغم ذلك ظل يقدم الخدمات الطبية للمرضى والمصابون لأبناء المنطقة . وكما يلاحظ فقد توفر أخيرا بالمستشفى وان جاء متأخرا شيئ لم يكن موجود من قبل : جهاز (السكانير) ليظل هو الاخر دون تشغيل لغياب التقني عنه او لنقصان هذا الاخير الدراية والتأهيل كما يقال. مستشفى بدون أطباء في ظل هذا النزيف الحاد الذي عانى منه المستشفى في عدم توفر الاطر الطبية و لسد هذه الفجوة وفي سنوات التسعينيات من القرن الماضي أبرمت وزارة الصحة عقدة مع دولة الصين لتلتحق بعد ذلك بالمستشفى بعثة طبية مكونة من اطر طبية، قدمت خدمات جليلة لساكنة المنطقة لعدة سنوات الى ان تم انتهاء عقدتها و تم تسريحها ليعود المستشفى الى سيرته الاولى ( وأنا في رأيي أن فكرة التعاقد مع أطباء أجانب فكرة رائعة يجب تفعيلها وتطبيقها في مراكزنا الصحية الفقيرة صحيا مثلا جماعة بني كيل التي تتوفر على ثلاثة مراكز صحية وهي حي المنجم - ايش _ المنكوب، اضافة الى المراكز الاخرى بالاقليم التي تفتقر الى الاطباء، الشيئ الذي لا شك أنه سينقذ أرواح العديد من المرضى والمصابين بمناطق الجهة النائية، وخاصة الصعبة منها).
مستشفى بدون غرفة الانعاش من التجهيزات الضروري المنعدمة بالمستشفى منذ اشتغاله والتي كان من المفروض على وزارة الصحة أن توفرهاعند افتتاحه :(( غرفة الانعاش)) اوما يطلق عليه غرفة العناية المركزة التي تعد العمود الفقري لكل مستشفى وبدونها يعتبر مستشفى مشلولا اذ لا يمكن للطب الاستعجالي التدخل لتأديىة خدماته بانعدامها ، فما أن يصل مريض أو مصاب إليه حتى يتم تحويله الى مستشفيات أخرى بوجدة ، للأسف فقد أصبح المستشفى مجرد ترانزيت لترحيل المرضى والمصابين ،وهناك مرضى توفوا في الطريق قبل الوصول ، وهناك من توفوا عند الوصول وكم من الحوادث التي حدثت في الطريق تعرضت لها سيارات الاسعاف وذهب ضحيتها المرض والسائقون فلا نستعجب أن الطريق إلى الموت يمر من المستشفى عبر طريق بوعرفة وجدة ، هي حوادث مؤلمة ا تتكرر باسمرارا أكثر من مرة و أسبابها تبقى واحدة ,مما يكشف مدى الاستخفاف والتلاعب بأرواح المواطنين .
معاناة المرضى و ذويهم فالمريض يكون بحاجة ماسة لمن يرافقه ويؤانسه عند تحويله لمستشفى اخر، إذ لابد أن يوفر له الطعام والاحتياجات الأساسية وهذا يزيد من معاناة المرضى وذويهم معا وذلك بتحمل الاهالي تكاليف السفر مضطرين، وهذا أمر يكلفهم أموالاً طائلة رغم حالتهم المادية الصعبة جداً التي لا تسمح بذلك، لتكون النتيجة مزيداً من المعاناة والإرهاق المادي، والغالبية من هؤلاء يعودون بمرضاهم إلى بيوتهم لعدم قدرتهم على تحمل نفقات السفر وهو ما يجعل المواطنين بين خيار البقاء في المستشفى في انتظار رحمة أرحم الراحمين او العودة الى البيت للمزيد من المعانات و الموت على الفراش . إذن خلاصة القول: المستئفى يعيش أطوار مسرحية تراجيديا طويلة .. بعضها انتهت فصوله.. وأخرى لا تزال أحداثها جارية.. والله وحده يعلم متى وكيف تنتهي, معاناة الاطر الطبية من المعروف أن مهنة الطب هي مهنة إنسانية كما أن الأطباء والعاملين في أي مستشفى يطلق عليهم رسل الرحمة، كون الأمر يتعلق بحياة البشر وهو واجب انساني ووطني وأخلاقي، فهم يستحقون منا كل التكريم و التبجيل و الاحترام،لأن الطبيب بحكم عمله هذا لا يغيب او يتهرب من العمل ولو انعدمت الأجهزة الطبية او عانى من راتبه او مهما كانت و ضعيتة المادية او ظروفه العائلية، بل يتعامل بروح المسؤلية والرحمة مع مرضاه ، باستثناء بعض الأطباء الذين لا يؤدون واجباتهم في خدمة المرضى و ليس لهم احساس بانهم ملائكة الرحمة وهم قلة. وهنا أقول ومن باب الإنصاف ليس هناك ما يشجع الأطباء على الاستقرار بهذه المنطقة ،فالمشكلة الموجودة ليس من الطبيب الغائب او الرافض لللاتحاق فقط ،لان هذا يمكن معالجته بشتى الطرق ، بل هناك عوامل طاردة تلعب دورا كبيرا من النفورمن المنطقة أو الاستقرار بها أطباء كانوا أو مسؤولون،و حتى المستثمرين يفرون منها، فالكارثة العظمى هي في انعدام وسائل التشجيع و التحفيزوعدم توفير عوامل الاستبقاء و الاستثمار، المتمثلة في عدم فك العزلة عن الاقليم ،فلا يوجد به وسائل نقل سريعة مثل طائرة أو قطار، والاقليم على بُعد أكثر 1000 كلم من مدينة الدارالبيضاء، فلا يعقل ان هناك مطار ببوعرفة و محكوم عليه بألا تفتح به الملاحة في وجه العموم ، ويغلق المجال الجوي أمامهم. و على ذكر المطار و للاشارة هنا فان الجهة الشرقية قامت خلال سنة 2013 بعقد شراكة مع الخطوط الملكية المغربية توفر بموجبها هذه الاخيرة رحلات يومية من بعض المدن المغربية الى وجدة لتشجيع رجال الاعمال، و خصصت لها الجهة مقابل ذلك العشرات من الملايين من الدراهم كتغطية ما يمكن ان يحدث من خصاص في الركاب، وهذا شيئ جميل ومشجع, ولكن يبقى السؤال؟ لماذا لم تشمل الشراكة حتى مطار بوعرفة، وميزانية و اعتمادات الجهة الشرقية تضم حتى اقليم فجيج، ؟ولماذا أسقطت الجهة هذا المطار من اهتمامها نهائيا ؟ وهي الجهة التي ناضل من أجلها الاقليم وعض عليها بالنواجد ليبقى ضمنها..؟ نأمل من الجهة أن تكون فعالة لحل هذا المشكل، ولا تكون المشكلة نفسها في الموضوع. مصطفى بلحلومي Belhaloumi [email protected]