خلال افتتاح جولة الحوار الاجتماعي.. الاتحاد المغربي للشغل يطالب بإصلاحات جوهرية لمواجهة تراجع القدرة الشرائية للمغاربة    السكوري: الحكومة مستعدة لقطع أشواط أخرى مع الفرقاء الاجتماعيين    الجهوية والإمكانيات المتاحة لتنمية الجهات: نموذج 'جهة العيون الساقية الحمراء' موضوع ندوة دولية بالعيون    التقدم والاشتراكية: سبب الخوف من مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق سيظل سؤالاً شعبيًّا يُطاردُ الحكومة ورئيسها    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    تراجع أسعار الذهب    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    الصين تطلق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-20" في 24 أبريل الجاري    حين تتكلم السفن... ويفضح البحر ما يُخفى خلف شعارات النظام الجزائري    "سفينة النفاق": من بجاية إلى أشدود... حين تسقط شعارات "الممانعة" في بحر المصالح    منظمة الصحة العالمية تستعد لخفض برامجها وتسريح موظفين عقب وقف التمويل الأمريكي    صندوق النقد الدولي: رسوم ترامب قد تؤثر على الاقتصاد العالمي    عقوبات وغرامات تطال ثلاثي "الكاك"    طقس الأربعاء .. قطرات مطرية ورعد محلي في بعض المناطق    كيوسك الأربعاء | توقع إنتاج 44 مليون قنطار من الحبوب    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    مسؤولو الأمن الإقليمي بالجديدة يشهرون سلاح الحزم في وجه الجريمة: تعيين فرق أمنية متخصصة يعيد الطمأنينة للسكان    خبراء يدعون إلى تعزيز الابتكار والحكامة لتقليص تأثيرات التغيرات المناخية    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    من احتلال الأرصفة إلى غزو الشوارع.. فوضى الملك العمومي تتوسع بطنجة    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    ندوة علمية حول موضوع العرائش والدفاع عن السيادة المغربية عبر التاريخ: نماذج ومحطات    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات.. المنتخب المغربي يحقق فوزا عريضا على نظيره الناميبي (8-1)    الفلاحة المغربية تحظى بإشادة دولية.. ورغبة فرنسية في "تعاون مكثف"    "‪الأحرار" يفوز بالانتخابات الجزئية بتزنيت    انطلاق جولة الحوار الاجتماعي    بنيس: الرواية أبرزت هوية الفلسطيني.. بلقزيز: المشروع الصهيوني همجي    لبؤات الفوتسال يحققن فوزا عريضا على ناميبيا في افتتاح المشوار بكأس أمم إفريقيا    الحسيمة تتربع على عرش قائمة المدن الأكثر غلاء في المعيشة وارتفاع الأسعار    الفاتيكان يكشف تفاصيل جنازة البابا فرنسيس    بتعليمات ملكية سامية.. الفريق أول محمد بريظ يقوم بزيارة عمل لدولة قطر    توقيف تونسي مبحوث عنه دوليًا في قضايا سرقة وقتل وهروب من حكم ب30 سنة سجنا    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    أخبار الساحة    من تداعيات شد الحبل بينها وبين الوزارة الوصية .. جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بكل فئاتها بسبب العوز المالي    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    رئيس هيئة النزاهة: الفساد نتاج تنشئة اجتماعية .. ومراجعة مدة التقادم "أولوية"    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    من السماء إلى العالم .. المغرب يحلق بأحلامه نحو 2030 بمطار ثوري في قلب الدار البيضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    "أفريكوم" تؤكد مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي    إسرائيل تمنع تطعيمات شلل الأطفال عن غزة.. 600 ألف طفل في خطر    عبد الكريم جويطي يكتب: أحمد اليبوري.. آخر العظماء الذين أنجزوا ما كان عليهم أن ينجزوه بحس أخلاقي رفيع    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين القيادة العجوز والطاقات الشابة
نشر في أون مغاربية يوم 12 - 04 - 2013

الشعب الفلسطيني من أكثر شعوب العالم تميزاً رغم قلة عدد سكانه نسبياً، وشتاتهم الكبير في الأرض، والحدود والحواجز التي تحول بينهم في وطنهم، فتفصلهم وتقسمهم، وتمنعهم من التواصل واللقاء، وتحول دون الإجتماع والإختلاط والإندماج، وعلى الرغم من الإحتلال الجاثم على صدرهم، والمحتل لأرضهم، والقامع لحرياتهم، والمصادر لحقوقهم، والذي يحرمهم من السفر والعمل والإبداع والتعبير.
إلا أن الشعب الفلسطيني يبقى أكثر تميزاً عن غيره، فهو يزخر بالشباب المتقد حماسةً وقوة وعنفواناً، وشبابه من الجنسين ينتشرون في جنبات الدنيا الأربع، يتقنون اللغات، ويترأسون المجتمعات، ويشغلون فيها أعلى المناصب، ويعملون فيها بأهم الوظائف، أساتذةً في الجامعات، وعلماء في المختبرات، وباحثين في مختلف الميادين، يملكون المال، ويديرون المؤسسات، ويمتلكون العقارات والشركات، ويقدمون النصح والإرشاد، والمشورة والخبرة، وينقلون الكفاءة والتجربة، ما يجعلهم الأكثر نجاحاً وتميزاً.
أما الإسرائيليون فإنهم يشكون منه أنه شعبٌ ولودٌ كثير الإنجاب، وأن نسبة المواليد الذكور فيه عالية، وسن الزواج فيه مبكرة، وعدد أفراد الأسرة فيه كبير، فهو شعبٌ يحب العائلة الكبيرة، ويفخر بكثرة الأولاد والأحفاد، ولا يخشى من الفقر، ولا يشكو من العجز، ويؤمن بأن الله هو مقسم الأرزاق، وهو رازق العباد، فما من مولودٍ يولد وإلا ورزقه مقسومٌ ومعلوم، فلا خوف من جوعٍ أو فقرٍ أو حاجة، وإنما الإتكال على الله سبحانه وتعالى، ومع كثرة عددهم فإنهم يتعلمون ويدرسون، ويتميزون ويتفوقون، ويبرعون ويتقدمون الصفوف، وينجحون في تخصصاتهم، ويتألقون فيما يعجز فيه غيرهم، رغم أن أسمالهم بسيطة، وأجسامهم نحيلة، ومعاناتهم كبيرة، ووجوهم مسمرة قد لوحتها أشعة الشمس، ولكنها صقلتهم وأكسبتهم لوناً وصلابةً في الإرادة لا تنكسر.
ورغم آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين، الذي يتعمد العدو الإسرائيلي النيل منهم، أطفالاً وشباباً، رجالاً ونساءً، لأنه يدرك أنهم قوة الشعب، وعدة المستقبل، وذخيرة الأيام، وأنهم من سيحمل لواء المقاومة، ومن سيعمل على استعادة الأرض، وإنهاء الاحتلال، وإزالة كيانهم الغاصب، فلهذا يستهدفهم عامداً، يقتل ويعتقل شبابهم، ولكنه لا يستحيي نساءهم، بل يقتل الأولاد والبنات، والرجال والنساء على السواء، فأما الأول فهو الجندي، وأما الثانية فهي الأم التي تنجب وتربي، وكلاهما يشكل خطراً عليه، ويهدد مستقبله فينبغي قتله، إلا أن أعداد الفلسطينيين تزداد ولا تنقص، وتتكاثر ولا تضمر.
رغم كل هذا التميز، ورغم أجيال الشباب الفلسطيني المتلاحقة، الذين يبزون الشمس في عليائها، ويصاحبون الغيوم في سمائها، يقطفون النجوم ويلامسون الأبراج، ويعانقون المجد ويرومون العزة والكرامة، ويبدعون في كل مجالٍ، وينجحون في كل مهمة، ويخافهم العدو، وتحسدهم الشعوب والأمم، إلا أن قيادتهم تهملهم وتهمشهم، ولا تكاد تراهم بالعين، ولا تثق فيهم ولا تعتمد عليهم، ولا تؤمن بقدراتهم ولا تسلم بكفاءاتهم، وتنكر تميزهم، وترفض تقدمهم، وتأبى إلا أن تعتبرهم صغاراً جهلة، لا خبرة لديهم ولا تجربة، ولا حول عندهم ولا قوة، وتتهمهم بأنهم لا يملكون الأهلية ولا يقدرون المسؤولية، ولا يستطيعون القيادة ولا يعرفون السياسة، وأنهم متهورون ينقصهم العقل، وسذج تنقصهم الحكمة، وسفاء يحتاجون إلى وصاية.
القيادة الفلسطينية عمرها في مواقعها ومناصبها يفوق عمر جيل الشباب كله، فهم كانوا مسؤولين عندما نشأت الأجيال الشابة، وكانوا في مناصبهم قبل أن يولدوا، فقد فتح جيل الشباب الفلسطيني عيونهم، ممن هم دون الأربعين من عمرهم وأكثر، فوجدوا القيادة الفلسطينية التي تراها اليوم، متربعةً على الكراسي، ومتمسكةً بالمناصب، تخشى أن تفقدها، وتخاف أن تذهب منها، كانوا يومها هم القادة وما زالوا اليوم هم القيادة، لم يتبدلوا ولم يتغيروا، اللهم إلا الذي غيبه الموت، أو أطاح به الخرف والبول، أو تآمر عليه إخوانه ورفاقه فأزاحوه، وانقلبوا عليه وطردوه.
أما مفاهيم الاستبدال والتدافع والتغيير والتبديل، والاحتكام إلى الديمقراطية والانتخابات، وانتقاء الأصلح واستبعاد الأسوأ، فهي مفاهيم بعيدة عن القيادة الفلسطينية، ولا مكان لها في قاموس حياتها السياسية، فهم بزعمهم لا يكبرون ولا يهرمون، ولا يفسدون ولا يخطئون، ولا يفقدون الأهلية ولا يخسرون الأكثرية، ولا تغضب منهم شعوبهم، ولا يثور عليهم أهلهم، وهم محل إجماع وموضع ثقة، ولا مجال للطعن بهم أو التشكيك فيهم، فهم القيادة الحكيمة والحكومات الرشيدة.
ولا مجال لدى هذه القيادة التاريخية الخالدة لشعارات الدماء الجديدة، أو الكفاءات الشابة، والخبرات الحقيقية، والطاقات المستقبلية، ولا قيمة لديها للتطعيم والتجديد، ونقل الخبرات والاستفادة من التجارب، فهم وحدهم أصحاب الخبرة والكفاءة، وهم الأساتذة والمدارس، منهم ننهل العلوم، ونتلقى الدورس، ونتعلم التجارب ونأخذ الحكم والعظات، وهم من يعطي الشهادات ويجيز الكفاءات، ويمنح الفرص ويقدر الأفضل والأصلح.
أما القادمون الجدد، على رفاة الراحلين موتاً أو خرفاً، أو المنقلب عليهم خلسةً وتآمراً، أو الفائزين في انتخاباتٍ شكلية، معدةٍ ومرتبة، نتائجها معروفة، وأشخاصها محددة، فإنهم يعيدون مجد سابقيهم، ويرون في أنفسهم القيادة الأوحد، والخيار الأفضل، ويعلنون أنهم سيصلحون ما أفسد السابقون، وسيعدلون ما خربه الراحلون، ويعلنون الحركات التصحيحية، ويطلقون الشعارات الإصلاحية، ولكنهم سرعان ما يتشبثون في مواقعهم، ويلتصقون في كراسيهم، ويغيرون اللوائح والنظم، ويبدولون القوانين ويتجاوزون الأعراف ليبقوا، ويعيدون الكرة من جديد، أنهم الخيار والأمل، وأنهم البديل والمنقذ.
يجب علينا أن نعترف أن قيادتنا الفلسطينية شاخت وكبرت، عقلاً وجسداً، وأنها لم تعد تقوى على الحركة إلا بعكاز، أو بمساعدةِ مرافقٍ شابٍ يأخذ بيدها، يقودها ويوجهها، ويدلها على الطريق، ويقرأ لها، ويضع يدها على الأوراق والمستندات لتوقع، أو ربما لتبصم، فعليها أن تتنحى وترحل، وتفسح الطريق للأجيال القادمة لتحل محلها وتستلم القيادة نيابةً عنها، وعلى الشباب الفلسطيني أن يرفع صوته ويطالب بالتغيير، وأن يصر على التمثيل، وإلا فإن علينا أن نقبل بما يمليه علينا المخرفون، وما يفرضه علينا الذين يهذون وعلى أنفسهم يبولون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.