عرفت جلسات الندوة الوطنية «الاتحاد الاشتراكي وأسئلة المغرب الراهن»التي حضرتها هيئات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بجهة سوس ماسة درعة يومي 24 و 25 مارس الجاري بأكَادير،نقاشا عميقا استمر لساعات طويلة تتبعه أزيد من400 منتدب عن الأقاليم بالجهة وفعاليات محلية ووطنية أخرى،حول قضايا حزبية وتنظيمية تباينت بشأنها أحيانا آراء ومواقف المتدخلين،خاصة تقييم مرحلة مشاركة الاتحاد في تدبير الشأن العام ووسائل إعادة البناء والتجديد الفكري والسياسي والتنظيمي. وقد خلصت مجمل المداخلات التي استمرت إلى منتصف الليل من اليوم الأول للندوة والى ما بعد الزوال ليوم الأحد- إلى أن الاتحاد لم يخطئ التقدير عندما قاد تجربة التناوب،لكن الأخطاء السياسة القاتلة تعاقبت بعد الخروج عن المنهجية الديمقراطية والمشاركة رغم ذلك في حكومة إدريس جطو،وما أعقبها من تشويش على الرأي العام عقب المواقف المترددة والمتناقضة الذي تخبط فيها الاتحاد،والنتيجة كانت حسب جل المتدخلين معاقبة المواطنين لهذا الحزب ومطالبتهم إياه ضمنيا بالرجوع إلى الخلف ومعاودة مراجعة بنياته. هذا ولم تغب الرؤية المستقبلية عن فعاليات الندوة, بحيث أكد الجميع على ضرورة إعادة تصحيح مسار الحزب و اعتبار هذه اللحظة مرحلة فاصلة في تاريخ الاتحاد المتجدد،وهي لحظة لا تختلف، كما أشار بعض المتدخلين،عن لحظة المؤتمر الاستثنائي سنة 1975. ويمكن القول كذلك أن لقاء أكَادير،اتسم بروح نقدية عالية،الأمر الذي جعل من الندوة محطة رئيسية في القضايا الإستراتيجية التي سيواجهها الاتحاد الاشتراكي في المرحلة المقبلة, سواء في شقها التنظيمي أوالسياسي،من هنا دعا المشاركون جل التنظيمات والمناضلين والأنصارعلى امتداد الوطن إلى التعبئة الشاملة من أجل تدشين مرحلة جديدة في نضال الحزب عبر تمتين ارتباطه بالحركة الجماهيرية المتنامية. من أجل الدفاع عن مكتسبات الشعب المغربي على كافة الأصعدة،في أفق استكمال بناء المجتمع الديمقراطي وتكريس قيم الحداثة. وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن هذه الندوة التي أشرف على افتتاحها نائب الكاتب الأول فتح الله ولعلو، عرفت مشاركة العديد من الوجوه المعروفة ومن مختلف الأجيال بالمنطقة،وكذا مشاركة وفد وازن من المكتب السياسي والمجلس الوطني والفدرالية الديمقراطية للشغل،والنقابة الوطنية للتعليم العالي وبعض الفعاليات اليسارية. ونذكر من بين الوجوه التي حضرت وشاركت في محاور الندوة الوطنية الكبرى: فتح الله ولعلو،الحبيب المالكي،محمد الأشعري،جمال أغماني،عبد الحميد اجماهري، علي بوعبيد،أمينة أوشلح،العربي عجول،أحمد رضا الشامي،محمد عامر،الحبيب الطالب،فتيحة سداس،عبد الرحمان العمراني،المهدي العراقي، ،عبد الجليل طليمات، ومحمد العزوزي الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل،ومحمد درويش الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي... وبخصوص محاور الندوة الوطنية الكبرى،فبعد الجلسة الإفتتاحية التي تميزت بالكلمة التوجيهية للمكتب السياسي للإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية،والتي ألقاها نائب الكاتب الأول فتح الله ولعو،تواصلت زوال يوم السبت 24مارس2012،جلسات الندوة التي خصصت لمناقشة أربع قضايا كبرى،شكلت أرضية للنقاش المفتوح والجرئ والصريح لملامسة مكامن الضعف والقوة في تجارب الإتحاد الإشتراكي منذ انخراطه في تجربة التناوب التوافقي وما تلاها من مشاركة في تدبير الشأن العام إلى إعلان خروجه إلى المعارضة وتبنيه مقاربة جديدة ومغايرة. محمد عامر: قراءة في مشاركة الاتحاد الاشتراكي في تدبير الشأن العام اعتبر محمد عامر أن الندوة فرصة حقيقية لتقييم تجربة الحزب في الحكومة،والحزب على موعد مع استحقاق تنظيمي في المؤتمر الوطني التاسع،وهنا قدم ثلاث قراءات مقتضبة لهذه التجربة:قراءة متسرعة تهاجمها تحت نزعة شوفينية، وقراءة تدافع عنها بشكل محتشم،وقراءة ثالثة موضوعية تستعرض الإيجابيات والسلبيات. وأكد في مداخلته أنه سيقدم رؤيته كمناضل ساهم في مواكبة التجربة وتتبع مسارها منذ 1998،لذا يراها من منظوره الخاص أنها كانت إيجابية للوطن من حيث الإستقرار والتطور الذي عرفه في عدة مجالات وخاصة البنيات التحتية،وسلبية على الحزب الذي تراجع تنظيما وإشعاعا،ولم يستفد من المشاركة،ولم يجن ثمار مجهودات وزرائه الذين قدموا الكثير لهذا البلد،وأرجع ذلك إلى سببين رئيسين: سبب موضوعي تجلى في الكلفة السياسية والحزبية الباهظة الذي أدى ثمنها،وضعف الإمكانيات والوسائل للتغلب على المتطلبات والحاجيات،وسبب ذاتي نتيجة قصور الحزب في مجال التدبير الحزبي, سواء في تتبع التجربة من لدن القواعد والقيادة أو في تصحيحها وتقييمها في مرحلة العمل الحكومي. وتحدث عن عنصر آخر كان له تأثير سلبي على التجربة يتجلى في عدم تملك الإتحاديين للتجربة التي ناضلوا من أجلها،وعدم التنسيق بين المكتب السياسي والتنظيمات الحزبية لإمتلاك رؤية موحدة يدافعون من خلالها على التجربة،وعدم التنسيق بين قيادة الحزب والوزراء الإتحاديين لمناقشة ملف من الملفات الكبرى التي تهم البلد كالسكن والتعليم والصحة مثلا. وقال لم يكن هناك تنسيق وتفاهم بين الفريق الإتحادي بالبرلمان وبين الوزراء الإتحاديين،ولا تنسيق بين المكتب السياسي والوزراء الإتحاديين،هذا فضلا عن عدم وضوح الخطاب الإتحادي في التجربة. وأضاف عامر أن هذا التمفصل في العلاقات أثر سلبا على غياب التواصل بين الحزب والمواطنين الذين تبين لهم من خلال حملاتنا الإنتخابية الأخيرة أنهم غير ملمين بالمرة بالتجربة ولايعرفون عنها شيئا،رغم أننا صمدنا لسنوات في الحكومة ضد الفساد والإنحرافات،وبذلت حكومة التناوب من 98إلى2002،مجهودات كبيرة ضد الفساد، لكن للأسف بعد 2002،انتشرالفساد المالي والإقتصادي بقوة،وعرفت حقوق الإنسان خروقات فظيعة،وانتهكت حقوق الصحافة زيادة على وجود خروقات في السكن والتعمير. والطامة الكبرى،يقول عامر،هو أن الحزب بقيت تنظيماته وقواعده تجتر خطاب المعارضة(الماضي) ولم تواكب التجربة،هذا إذا أضفنا إليها طامة الصراعات داخل القيادة حول المناصب أحيانا مما أثر سلبا على نتائجه النهائية،وساهم في تراجعه بشكل كبير،وكانت الفاتورة التي أداها غالية جدا لايمكن تصورها،لذلك قرر بعد انتخابات 25نونبر2011،وكان صائبا في ذلك، الرجوع إلى المعارضة لإعادة بناء حزب قوي. وقدم محمد عامر في ختام مداخلته ثلاث خلاصات مركزة هي كالتالي: 1 تقييم التجربة لا ينبغي أن ينفرد بها الحزب وحده،بل ينبغي أن نشرك فيها جميع المغاربة لمعرفة تصورهم لبناء مشروعنا المستقبلي. 2 المعارضة يجب أن تكون في خدمة مشروع حزبي متجدد وبديل سياسي قوي. 3 المؤتمر المقبل يجب أن يكون لحظة ديمقراطية وأن تتمخض عنه أجهزة تعمل بشكل ديمقراطي،ولحظة انتخاب قيادة حزبية لتنفيذ القرارات دون إقصاء أوهيمنة. 4 ضرورة القطيعة مع المرحلة السابقة القائمة على التوافقات. علي بوعبيد: المشاركة الاتحادية في التدبير الحكومي:القراءة السياسية استهل علي بوعبيد كلمته بملاحظة وجيهة،وهي ضرورة إيجاد مسافة،عندما نريد تقييم التجربة،حتى يكون الحكم عليها موضوعيا ونزيها،وعليه نبني رؤيتنا للمستقبل ونستخلص الدروس منها،وتساءل عن الخيط الناظم بين موقع الحزب في المعارضة وموقعه في الحكومة،وهل كان هناك موقف واحد؟وهل صرف الحزب داخل الحكومة ما كان يدافع عنه طوال 40 سنة في المعارضة؟. طرح بوعبيد هذين السؤالين لأن العمل السياسي في نظره موقف ورؤية وتنظيم وعلاقة مع المجتمع،وأن مشروع الحزب وفكره يجب أن يجد صداه في العمل الحكومي،لكن ما لاحظه بوعبيد من خلال تجربة مشاركة الإتحاد في الحكومة هو وجود وزراء اتحاديين بدون مشروع اتحادي وبدون مواقف واضحة أدى عنها الإتحاد ثمنا غاليا في الماضي وأعطى مثالا بالقضية الوطنية وحقوق الإنسان وملفات الإنصاف والمصالحة وغيرها. وأشار إلى عدة أخطاء ارتكبها الإتحاد الإشتراكي،نتيجة عدم تقديره للمرحلة السياسية عند قبوله للدخول في حكومة التناوب التوافقي،حين نسي الإتحاديون معركتهم السياسية الكبرى من أجل الدمقرطة وترسيخ أسس الإصلاح الجوهري للقطع مع ممارسات الماضي وانزلاقاته،ويكمن خطؤه في كونه استمر في نفس الخط السياسي بعد موت الحسن الثاني،ولم يغير من استراتيجيته السياسية في الوقت الذي تغير فيه كل شيء إلا الإتحاد الإشتراكي. فالإتحاد حسب قراءة بوعبيد،قصركثيرا في ملف حقوق الإنسان،مع أن 90 في المائة من ملفات انتهاكات حقوق الإنسان هي لمناضليه الذين تعرضوا للتعذيب والإنتهاك والسجن في الستينات والسبعينات،ومع ذلك ترك هذا الملف الذي كان من المفروض أن يباشره بموقف صارم،وقصر أيضا في عدة ملفات داخل الحكومة مما يعني أن هناك مشكلا في التدبير لغياب خط سياسي واضح لدى الفريق الحكومي. فغياب مشروع الحزب في السياسات العمومية وغيابه أيضا في الساحة أثر كثيرا على علاقته بالمجتمع, إذ أصبح منشغلا بالتدبير الأفقي ونسي المجتمع ونسي تنظيماته الحزبية ونسي قطاعاته الشبيبية والنسائية،وتسرب إليه الفكر الريعي على حساب الفكرالإشتراكي الأصيل المبني على قيم ثابتة وراسخة. لابد إذن من عمل جاد،ولابد من أساليب جديدة للخروج من الأزمة،ولابد من ندوات وأوراش وحوارات مفتوحة ومتواصلة،ولابد من قلب المعادلة،ولابد من مناضلين غيورين وشرفاء لإرجاع القيمة الفكرية والأخلاقية للحزب،حتى يستعيد عافيته وينهض من جديد على قواعد وأسس متينة،لأن المجتمع لا يزال في حاجة ماسة إلى الإتحاد الإشتراكي. وشدد بوعبيد على أن نتائج الإنتخابات التشريعية الأخيرة ليست دالة على قوة اكتساح حزب معين،لأن مليون و100ألف صوت لا تعبرمطلقا على 30 مليون مغربي،مما يعني أن هناك جهة كبيرة ظلت صامتة ولم تعبرعلى صوتها،وهذه إحدى المؤشرات التي ينبغي ألا نزيلها من حساباتنا،ونحن نهيئ مؤتمرنا الوطني المقبل الذي نأمل منه أن يكون مؤتمرا متميزا في كل شيء،في خطابنا ورؤيتنا وخطنا السياسي وخارطة تنظيمنا من أجل حزب اتحادي اشتراكي يحمل كل ملامح القوة والتجدد والتغيير. الجلسة الأولى حول:»تجربة الاتحاد الاشتراكي في تدبير الشأن العام». الحبيب المالكي: التناوب السياسي: مفهوم،تجربة وآفاق تحدث المالكي بكل تفصيل،عن الأسباب التي أدت إلى ما عاشه الحزب بعد انتخابات 2002،عندما تم تعيين وزير أول تقنوقراطي،فكان ذلك خروجا واضحا عن المنهجية الديمقراطية التي ندد بها حزبنا وحده دون سواه،وعبرعن عدم قبوله بهذا التراجع، بعد تجربة التناوب التوافقي التي دشنت منذ 1998،ولهذا قال المالكي:لابد من توضيح المفاهيم التي ظلت إلى حد ما غامضة ومشوشة لدى الرأي العام حتى يفهم طبيعة المرحلة،وما رافقها من ملابسات،لأنه لايمكن اليوم لشبابنا ونسائنا ومجتمعنا ككل،أن يستوعب هذه القضايا،إن لم يكن هناك توضيح شفاف لهذه المفاهيم. وذكر في هذا الصدد أن ما يحمله العديد من أطرنا وقواعدنا في وعيه وفهمه هو أن التناوب يعني التحكم في السلطة،والحال أن هذا ليس صحيحا،وهذا راجع إلى طبيعة النظام السياسي ببلادنا،وإلى ملابسات حكومة التناوب،خاصة أن فكرة التناوب هي صيغة إجرائية للإنتقال الديمقراطي فقط،وليس لزعزعة النظام السياسي ببلادنا،بل هو انتقال داخل النظام السياسي نفسه،وبالتالي فما مارسناه خلال خمس سنوات من 1998إلى 2002،كان في هذا الإطار. وأشار إلى أن هذا الغموض حول طبيعة مفهوم» الإنتقال الديمقراطي»هو ما أثر على عملنا الحزبي،زيادة على ظهور ممارسات أثرت على تأخر التعاقد السياسي الذين دشنه حزبنا مع الملكية،ممارسات من طرف الدولة حينا ومن طرف المتحالفين معنا حينا آخر،فكانت هنا مثبطات وعراقيل معلنة وخفية،بالإضافة إلى عدة تشويشات على التجربة ومحاصرتها بأنواع وأساليب لفرملتها نحو الوصول إلى الإصلاحات الجوهرية، وبالرغم من ذلك وضعت حكومة التناوب أسسا قوية لهذه الإصلاحات والأوراش ستظهر نتائجها أكثر في الحكومات الموالية. ووقف المالكي كثيرا في مداخلته عند ملابسات قرار مشاركة الحزب في تجربة 2002- 2007،ومبررات المشاركة تحت ذريعة استكمال الأوراش الكبرى،رغم ما عرفه المكتب السياسي من نقاش داخلي،لكن انتهى في النهاية إلى مواصلة الإصلاحات رغم ما سيؤديه الحزب من ثمن باهظ في هذه المشاركة،مضحيا في ذلك بمصلحة الحزب والمجتمع لمصلحة الوطن،لأن الحزب كان يفكر ولازال بمنطق المصلحة العليا للوطن،بعيدا عن أي نزوع ذاتي أو أناني أو انتهازي أو مصلحي شخصي ضيق. واستخلص في النهاية مجموعة من الملاحظات أجملها كالتالي:1- منهجية التوافق أصبحت اليوم متجاوزة،ومنذ 2002،خاصة أن الدستور الجديد فسر بوضوح فلسفة السلطة،وحدد اختصاصاتها،زيادة إلى كون التوافق يجمد الصراع ويفسح هامشا خطيرا تستغله أطراف خفية وعلنية. 2 ضرورة جعل ثقافة التدبير في خدمة ثقافة التغيير،وهنا كان لابد من إبراز كفاءاتها وخبراتنا في الملفات التي تحملنا فيها المسؤولية. 3 بدون استراتيجية ورؤية للعمل السياسي سيصبح العمل السياسي عملا تدبيريا إداريا عقيما لايعطي أية مردودية،لذلك لابد من ثقافة تنظيمية جديدة تقطع مع أساليب الماضي والتي ساهمت في تأزيم أوضاعنا الحزبية. 4 - لابد من استشراف المستقبل، بحيث لا نبقى سجناء ماضينا،لأن الأجيال الحالية تحتاج إلى رؤية واضحة للمستقبل،وتحتاج إلى تجديد المسؤولية الحزبية إقليميا وجهويا ووطنيا. 5 لابد من بناء معارضة اتحادية قوية معارضة تبنى ولا تملى. أحمد رضا الشامي: هل حقا المشاركة في الحكومة استنزفت الرصيد النضالي للحزب؟ أكد أحمد رضا الشامي أن خروج الحزب إلى المعارضة هو محاولة لتوضيح رؤيتنا من المشهد السياسي الحالي،ورص صفوفه وتوحيد مجهودات طاقاته وكفاءاته،وإعلان المصالحة مع ذاته ومع المجتمع،والإبقاء على تنظيماته ومناضليه وترميم أجهزته التنظيمية وحمايتها من كل انهيار محتمل،علما أن مشاركته في الحكومة لمدة 13سنة أنهكته سياسيا وأدت إلى فقدان أصواته الإنتخابية. ومن ثمة قرر الحزب بعد انتخابات 25نونبر2011،العودة إلى المعارضة من أجل بناء حزب مستقبلي متجدد وقوي.وشخص الشامي الإختلالات التي جعلت المواطنين لم يصوتوا بكثافة على الإتحاد،حيث رآها تكمن في طبيعة التحالف الحكومي السابق الذي خلق ضبابية لدى المواطنين. وهو تحالف خلق لنا متاعب كثيرة وجعلنا صامتين أحيانا تحت غطاء»التضامن الحكومي»وأعطى أمثلة كثيرة عن ذلك, سواء في مجال الإقتصاد(قطاع الإسمنت مثلا)أوفي مجال محاربة الرشوة والفساد واقتصاد الريع أوفي مجال المنافسة وغيرها. وقال إن هذا التضامن الحكومي هو الذي جعلنا لانصرف مواقفنا داخل المجلس الحكومي،زيادة على كون هناك حقيبات وزارية كان لها تأثير أكثرعلى المواطنين يتم من خلالها تصريف إنجازات الحكومة،وأن هناك ملفات دبرها وزراء إتحاديون لم يستفد منها الحزب ولم يستفد منها المواطنون وأعطى أمثلة ببرنامج»انطلاق» وبرنامج»رواج»،ولم يكن هناك تنسيق تكاملي بين الوزراء الإتحاديين والجماعات المحلية التي يدبرها الحزب لإنشاء مناطق صناعية مثلا. وختم الشامي مداخلته بكون التراجع عن المنهجية الديمقراطية أثرت كثيرا على صورة الحزب وأفقدته إشعاعه وامتداده،مع أنه حصل على المرتبة الأولى في انتخابات 2002،ومع ذلك علينا استخلاص الدروس من تجربة المشاركة،وعلينا تجاوز أخطائنا السياسية والتنظيمية عبر سن استراتيجية تذهب بنا إلى المستقبل. وشدد الشامي على ضرورة الفصل بين الكتابة الأولى والوزارة،وإقرار تواصل متين ومستمر بين الأجهزة الحزبية والفريق الحكومي والفريق البرلماني،وعلى ضرورة العمل الدؤوب والمتواصل ليتقوى الحزب ويستعيد مكانته في المشهد السياسي المغربي،من خلال الإحتكام أولا للديمقراطية الداخلية وضمان مشاركة جميع الآراء والأفكار داخل الحزب والإنفتاح على طاقات وكفاءات جديدة من الشباب والنساء. طارق القباج: تجربة القرب من قضايا المواطنين،هي المحك الحقيقي لنجاح الديمقراطية المحلية بعد أن ثمّن انعقاد هذه الندوة الوطنية بمدينة أكَادير،في هذه الظرفية الدقيقة، هنأ طارق القباج الإتحاد الإشتراكي بتزنيت وإنزكَان أيت ملول على استرداد المقعد البرلماني،وتحدث عن تجربة الإتحاد الإشتراكي بمدينة أكَادير،باعتبارها التجربة النموذجية والوحيدة التي بقيت صامدة في المدن الكبرى لخمسة عقود،بعدما فقد الحزب حضوره بعدة مدن مغربية كبرى. وتحدث عن المجهودات التي بذلها الإتحاديون بهذه القلعة في انتخابات 2009،من أجل الحفاظ على البلدية،وكذلك فرض التمثيلية الحزبية بالغرف المهنية،وداخل المجلس الإقليمي ومجلس الجهة،وكذا إزالة رئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية،وتحدث عن الصعوبات التي واجهته في البداية من أجل عقد تحالف مع العدالة والتنمية نظرا للضغط الذي مورس من كافة الجهات لمنع هذا التحالف. ولم يخف طارق القباج ماعانته هذه التجربة من إكراهات وعراقيل من قبل لوبيات العقار الذي له أطماع كثيرة بالمدينة،لكن الإتحاديين تصدوا لكل هذه المناورات بفضل مواقفهم ونضالاتهم الموحدة،وبفضل التفافهم على نجاح هذه التجربة المتميزة في كل شيء. وأعطى نماذج حية عن الأوراش والمشاريع الكبرى التي طبقها الإتحاديون بالمدينة بما فيها تأهيل الواجهة البحرية وخلق دور الأحياء وتعبيد الطرق،وإنشاء حدائق خضراء،وتقوية الإنارة العمومية،وتحسين مستوى النظافة وإحداث مرافق رياضية واجتماعية وثقافية،وغيرها من المشاريع التي تمت برمجتها وتسطيرها وفق الهوية الإشتراكية في التسيير المحلي. وانتقد القباج سياسة التعمير التي تبنتها الحكومات الموالية لحكومة التناوب،والتي كانت في عمومها فاشلة،وتركت أثرا سلبيا على المدينة،حيث انتشرت المضاربات العقارية،وتنامت ظاهرة البناء العشوائي،وازداد الجشع على عقارات المدينة من قبل مضاربين عقاريين. وختم كلمته بقوله إن قوة الإتحاد الإشتراكي تكمن في ارتباطه بالجماهير الشعبية، وبقربه من قضاياهم ومشاكلهم اليومية،وفي وحدته بين مناضليه وانفتاحه على شبابه ونسائه. محمد الأشعري:الهوية والإيصال قال محمد الأشعري:إن موضوع الهوية معقد فيه جوانب فلسفية وثقافية وفكرية، وبالتالي فالحديث عنها بكثرة هو تعبيرعن وجود أزمة حقيقية متحكمة في الفكر الإتحادي الحالي،وهنا تقاطعت فكرته حول الهوية مع كلمة فتح الله ولعلو،مؤكدا على أن هوية الإتحاد بنيت على الدفاع على فئات اجتماعية محرومة،العمال والفلاحين والتجارالصغار ومختلف القوات الشعبية. لكن هذه الهوية يقول الأشعري،أصابها بعض الشرخ،ولاسيما بعد انخراط الحزب في تجربة حكومة التناوب،ومشاركته في الحكومات الموالية،وتعرضت الهوية أيضا لهزات بسبب الصراع الهامشي والتآكل الداخلي نتيجة الجمود الذي أصاب حزبنا عندما لم يعد يستقطب عناصر جديدة،ولم يعد ينتج أفكارا ومشاريع. ما وقع هو أن الحزب لم يعد ينتج نخبا جديدة،بدليل أن النخب الموجودة بالأقاليم بقيت هي منذ سنوات،وبالتالي فالإستمرارية منعدمة ما دامت بقيت ذات النخب السياسية. وما وقع داخل الحزب هو أنه ساد نوع من التشكك في اختيارنا،نظرا لعدم وجود ثقة بين القيادة والقواعد وعدم وجود ثقة حتى بين أفراد هذه القيادة. هذا إذا أضفنا إلى ذلك التدخل المستمر للدولة للتقزيم من فعالية الحزب وإشعاعه،من خلال تبخيس السياسة وخلخلة الحزب،وإجهاض أي تحالف طبيعي معه،وحبْك تحالفات أخرى على المقاس وخلق أحزاب جديدة للتحكم في الخريطة السياسية. وشدد الأشعري على أن من بين المهام التي تنتظر المؤتمر الوطني المقبل هي طرح أسئلة جديدة وفتح نقاش في المستقبل لبناء هوية حزبية قوية،وتجديد تعاقد مع المجتمع وفق هوية اشتراكية ديمقراطية مرتبطة بالممارسة والإنضباط والإلتزام لا بالشعارات الجوفاء،والدفاع عن الحداثة في أبعادها الكونية والإنسانية والثقافية والسياسية،والدفاع عن قضايا المجتمع ومشاكله الكبرى،والإنتصار للقيم الكونية. وعلى الإتحاد الإشتراكي أن يضيف لهويته عنصر التدبير و ثقافة التسيير،عوض أن يبقى الإتحاديون منحصرون في ثقافة المعارضة التي ألفوها لمدة 40سنة،ففي الوقت الذي تحملوا فيه المسؤولية،وجدوا أنفسهم في حاجة ماسة إلى ثقافة التدبير،ولهذا لابد من الجمع بين القناعات المبدئية واللقاءات التدبيرية. جمال أغماني: الاتحاد وسؤال البديل الاشتراكي الديمقراطي اعتبر جمال أغماني في مداخلته, أن هذه الندوة تكتسي أهمية كبيرة لأنها تأتي بعد 37 سنة على مرور التقرير الإيديولوجي الذي قدم في المؤتمر الوطني الإستثنائي،ولو استمرينا في الحكومة ما انعقدت هذه الندوة التي عليها أن تناقش البديل والنموذج الذي ينبغي أن نعمل به في تسيير البلديات بناء على تدبير اشتراكي ديمقراطي. وأضاف أنه عندما كان يسير الشأن العام كانت هذه الخلفية تحضره دائما وتحثه على تطبيق برنامج اشتراكي،وعاش تجربة من هذا النوع مع أحمد رضا الشامي،عندما كان التفكير منصبا على إحداث مؤسسة مهنية مستقلة تسير من قبل جمعيات مهنية على أساس أن يكون التكوين بالمجان حتى يستفيد منه عدد من شبابنا. وقال, رغم أننا نحرص كاشتراكيين على الحفاظ على المؤسسات العمومية،لكن هذا لا يمنع انطلاقا من قناعتنا الإشتراكية من الإجتهاد والتفكير في صيغ جديدة لخدمة شبابنا ،علما أن القطاع الذي تحمل فيه المسؤولية ليس لديه أية وثيقة أوبرنامج حزبي أو شعار يمكن أن يعتمد عليه في تصريف رؤية الحزب داخل القطاع الذي كلف بتسييره. وعن الأساليب الجديدة،أكد أغماني،على ضرورة إدخال كل وسائل التواصل الممكنة من تقنيات حديثة يستعملها خصومنا في التواصل بشكل فعال مع المنخرطين والمواطنين على حد سواء،وعلى ضرورة إعداد برنامج اشتراكي ديمقراطي للعمل به في هذه المرحلة. فتح الله ولعلو: الاطار التاريخي للهوية الاتحادية قدم فتح الله ولعلو مقاربة لمفهوم الهوية انطلاقا من منظور تاريخي, وضح من خلاله مجموعة من الأشياء حتى تكون الأجيال الحالية على بينة مما يميز الهوية الإتحادية التي تستمد أصولها من الحركة الوطنية, مرورا بالمحطات التاريخية التي خاض فيها الإتحاديون معارك داخل صفوف الإتحاد الوطني ثم الإتحاد الإشتراكي،ووقف بتفصيل عند ثلاث محطات كبرى لها دلالة سياسية في تاريخ المغرب المعاصر: 1998،1975،1959. وتحدث عن الظروف السياسية والثقافية والفكرية التي رافقت تلك الهوية في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي،سواء على المستوى العالمي أو العربي أو الوطني،وتحدث عن مسلسل الإغتيالات لرموز الحركة الإتحادية وسياسة القطيعة التي نهجها الحزب من 63إلى73،ليقف بنوع من التفصيل عند المؤتمر الإستثنائي لسنة 1975الذي كان مرحلة جديدة قوامها النضال والمواجهة داخل المؤسسات المنتخبة بالموازاة مع النضال داخل النقابات وفي كل الواجهات الحقوقية والجمعوية والثقافية وغيرها. ووقف ولعلو في كلمته على المأزق الإقتصادي الذي عرفته بلادنا في الثمانينات, مما اصطلح عليه آنذاك بسياسة التقويم الهيكلي الذي نهجته بلادنا بناء على إملاءات خارجية،إلا أن الإتحاد الإشتراكي رفض هذه السياسة وتصدى لها،وطالب بإصلاحات اقتصادية وسياسية كبرى،وتحدث عن أثر انهيار المعسكر الشرقي في سنة 89، وتداعياته على بروز قطبية اقتصادية عالمية واحدة،ليدخل العالم في مرحلة جديدة. وتحدث أيضا عن أهم ما ميز مرحلة التسعينات من القرن الماضي على المستوى الوطني من تحولات سياسية عميقة تبلورت في النهاية بتدشين تعاقد جديد من أجل إصلاح البلاد لايختلف من حيث الجوهر عن التعاقدات التي أبرمت في سنوات 44و53 و75. وتكلم عن التغيرات التي عرفها المجتمع المغربي على امتداد تاريخه وانعكاسها على مختلف الصراعات السياسية وتأثيرها على العديد من القرارات والمشاريع منها على الخصوص المشاركة في حكومة التناوب وقيادتها لمباشرة الإصلاحات الكبرى التي أنقذت البلاد من سكتة قلبية. هذا وبعد أن أعطى صورة مفصلة عن الهوية الإتحادية التي تغذت عبر عصور ومحطات تاريخية من روافد وطنية وقومية وعالمية،قال نائب الكاتب الأول،لابد من الرجوع إلى الثالوث الذي شكل عمود هوية الحزب،ولابد من إعادة بناء الحزب على أسس جديدة،بناء على مرتكزات ثابتة منها القضية الوطنية واستكمال تحرير المدن السليبة،وإقرار ديمقراطية حقة تحارب الفردانية والإنتهازية والريع السياسي والإقتصادي والريع الديني،ديمقراطية تفصل بين السياسة والمال. وإقرار الحداثة كثقافة إنسانية كونية تعمل على تطور المجتمع وتقدمه،وتعمل على تدبير التناقضات الداخلية،حداثة تعتمد على الفكر والعقل واللغات الأجنبية والتكنولوجيا والإقتصاد من أجل مواجهة قيم المحافظة الجامدة التي لن ترجع بالمجتمع إلا إلى الوراء،وتلك كلها عناصر أساسية تشكل في العمق الهوية المتجددة والمتطورة للإتحاد الإشتراكي. عبد الرحمن العمراني: الاتحاد الاشتراكي في حاجة إلى الوضوح الإيديولوجي مجددا من جانبه أكد عبد الرحمن العمراني على أن المرحلة الحالية التي يوجد فيها حزبنا، تحتاج إلى تجديد وتوضيح لمقومات هويتنا،وبنفس الحاجة التي استشعرنا بها خلال مرحلة انعقاد المؤتمر الوطني الإستثنائي،لأننا في حاجة فعلا إلى توضيح إيديولوجي حتى نتمكن من الربط بين الممارسة السياسية الميدانية والممارسة داخل المؤسسات ،وبين الإطار المرجعي الذي يحكمنا. هذا الوضوح الإيديولوجي لا بد منه ,يقول العمراني، لنتلافى منزلقا ما انفك يلاحقنا منذ بضع سنوات،منزلق سلوك ممارسات غير مُفكر فيها أومُنظر لها،تتخذ في الغالب شكل ممارسة روتينية جعلتنا في النهاية لا نطرح أي سؤال رغم أن الأرض بدأت تهتز من تحت أقدامنا منذ استحقاقات 2007 على الأقل. وعدم الوضوح في الرؤية والإيديولوجية هوما جعل الإتحاد يعاني من وضع مفارق، مع أنه هو الذي صنع استراتيجية النضال الديمقراطي،وقعد لها كخيار تغلغل من خلاله وتطور في أعماق المجتمع حتى أصبح يغذي مجمل التحركات المطلبية وكل الممارسات النضالية وكل المعارك السياسية والنقابية والحقوقية التي ضبطت إيقاع الحياة العامة في بلادنا خلال العقود الماضية. واليوم يعرف المغرب تطورا من نوع آخر،يعرف حراكا اجتماعيا ذا نزوع مطلبي محدد في الشغل،ومحاربة الفساد واقتصاد الريع،وهو حراك لا يبتعد كثيرا عما كان الحزب يدافع عنه ولايزال عندما تبنى خيار النضال الديمقراطي منذ المؤتمر الوطني الإستثنائي لسنة 1975،مع وجود الفرق في السياقات التاريخية التي أفرزت الإختيارين. وتساءل العمراني لماذا حصل تدريجيا وفي غفلة عنا هذا الإغتراب بين مشروعنا السياسي ومحيطه المجتمعي؟وأين ذهب ناخبونا؟ولماذا رحلوا عنا؟وبماذا يؤاخذوننا؟ إنها أسئلة شائكة على مؤتمرنا المقبل أن يجيب عنها بكل موضوعية حتى يرسم معالم المرحلة الجديدة،لأن المسألة في حاجة إلى حسم إيديولوجي حتى لايبقى الحزب يتخبط في ممارسات زادته تراجعا غير متوقع. وأكد في الأخيرعلى أن الحاجة ماسة لهذا الوضوح الإيديولوجي لوضع حد لأي تحالف سياسي ممكن في المستقبل،ما لم يكن منسجما مع الخط السياسي للحزب ورؤيته ومشروعه المجتمعي،وكذلك لآلياته التنظيمية التي عليها أن تتجدد وتتطور حتى تكون في مستوى التطلعات الجديدة. فتيحة سداس: الاتحاد الاشتراكي والتنظيم النسائي يمكن القول أن مداخلة فتيحة سداس،كانت المشاركة الوحيدة للصوت النسائي في هذه الندوة التي اختارت أن تتكلم عن التنظيم لكن بصيغة المؤنث،واستهلتها بقضية أمينة الفيلالي التي اهتزلها الرأي العام الوطني حين تم اغتصابها وقتلها مرتين،لأنها تعرضت لعنف مزدوج،من قبل مغتصبها ومن قبل جهات محافظة تحاول طمس هذه القضية إلى الأبد،وتحاول إجهاض كل حقوق المرأة التي ناضلت من أجلها الحركات النسائية لأزيد من ثلاثة عقود من الزمن. وركزت سداس على التنظيم النسائي الإتحادي،وتحدثت عن تراجعه في الأونة الأخيرة،وإكراهاته الذاتية والموضوعية،بما في ذلك عدم تفعيل مقررات الحزب فيما يخص حصة النساء في الأجهزة التنظيمية،وغياب المشروع الجماعي للحزب الذي من شأنه أن يفعل هذه الكوطة،ويشجع النساء على تحمل مسؤوليتهن تنظيميا محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا. وتساءلت بمرارة عن عدم تواجد النساء الإتحاديات في الحزب اليوم،بالمقارنة مع ما كان في السابق قبل حكومة التناوب،حيث لعبت المرأة الإتحادية دورا كبيرا في صنع عدة قرارات تخص النساء المغربيات عموما،واستطاعت أن تتواجد في كل الواجهات وتنسق مع المنظمات والجمعيات الدولية. وتساءلت أيضا كيف يمكن تشجيع المرأة المغربية عموما على اقتحام معترك السياسة من بابه الواسع ومشاركة الرجل في صنعها،ونحن نلاحظ تراجعا خطيرا في الحكومة الحالية من حيث عدد المناصب الوزارية الموفرة للمرأة،بحيث اكتفت فقط بوزيرة واحدة،في الوقت الذي بلغ سقفها في الحكومة السابقة إلى سبع وزيرات،وهذا مؤشر خطير في ظل حكومة محافظة سيؤثر لا محالة على كل مكتسبات حقوق المرأة التي ناضلت لسنين من أجلها والتي أصبحنا نسمعها للأسف حتى من الوزيرة الحالية بله من وزيرالعدل والحريات. وقدمت فتيحة سداس أرقاما رسمية عن وضعية المرأة المغربية ومؤشرات تراجعها على عدة مستويات استمدتها من معطيات المندوبية السامية للتخطيط،وهي مؤشرات تدعو الحزب إلى الإنخراط بكل جدية في النهوض بأوضاع المرأة،والتعبئة الشاملة لإعادة العلاقة بين الحزب وتنظيماته والإجابة عن أسئلة المرأة/الجيل الجديد، ومشاغلها وقضاياها. والتفكير في تنظيم نسائي حداثي منظم يستجيب للواقع الجديد،ويجعل المرأة الإتحادية كما كانت في قلب الحركات الإجتماعية النسائية،ولعب دور كبير في تفعيل الدستور الجديد من أجل تحقيق المناصفة بين الرجل والمرأة والعدالة الإجتماعية. عبد الحميد اجماهري، الاتحاد والمغرب الراهن.. ياتي الحديث الويم عن الراهن المغربي في سياق ما اصبح يعرف بالربيع العربي أو العصيان الشعبي ضد الانظمة، وهو العصيان الدي اعاد الشعوب العربية الي التاريخ بعد أن اخرجته الاننظمة منه. وقد تاثر المغرب، بمحيطه العربي وبتفاعلاته، ليظهر من جديد أننا جزء لا جزيرة في هذا الحراك الاشمل. ومن الاشياء الاساسية التي افرزته الاجواد الجديدة، تحريك ملف الاصلاحات السياسية، من جديد ويمكن القول أن الاحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد رمي ببعض البذور لتخصيب مطلب الاصلح والاستجابة اليه، بل أن الاصلاحات الدستورية ، عنمدا حان وقتها لم تجد سوي مدكرة الاتحاد كمادة اصلاحية مطروحة علي ملك البلاد. المفارق أن الدين دافعوا عن الاصلاحات خرجوا خاسرين من الانتخابات التي رأت النور في سياق هذه الاصلاحات. وبعيدا عن هذه المفارقة، استطاع الكمغرب أن يبرهن من جديد أنه لم يسقط في الاستحالة السياسية التي تجعل الحل السياسي السلمي مستحيلا كما في دول أخرى عرفت الدم والخرب الاهلية زو الثورة. المغرب ايضا يعرف دورة سياسية جديدة. حيث الحكومة، ذات اقناعات المحافظة واليمنية في اغلبهعتها، والمجتمع يطرح بدائل تمتح من نفس المعين السياسي، ويتميز التفاعل في داخله بدخول فاعلين سياسيين جدد رفعوا من طلب استقلالية الحقل السياسي بالمصطلح الللاهوتي أو الديني. وسيكون من الللاتاريخي أن يكون المغاربة غذا أمام اختيار بين اصناف التوجهات الاسلام السيسي، بين السفلية زو العدلية زو العادلة والتنمية فقط! ويتضح أن المغرب، حسب عبد الحميد جماهري ، يعرف وضعية صعبة تجعل التنزيل الديموقراطي للدستور الجديد معلقا، حيث « أن اولوية الحكومة الحالية هي تطبيع العلاقة مع الدولة واساس مع الملكية عوض السعي الي تطبيق الدستور ديموقراطيا«. واضاف أن الاتحاد، في هذا السياق يعيش ازمة داخلية لا تهفي علي احد اهم ميزاتها تعطيل ديموقراطيته الداخلية أو توضيفها غير السليم، ازمة في شروط انتخاب الاجهزة والممثلين المدنيين للاتحاد في الكمهام الاقتراعية. والصراع حول السلط بكل اشكالها عوض الانصات والاهمام بقضاي المغاربة الاجتماعيةج والقتضادية. وقال جماهري أن الاتحاد مطالب ايضا بتجديد تفكيره الاستراتيجي ، من حيث المفاهيم المؤسسة لهذا التفكير. وعلى رأسها اعادة التفكير في الدولة وطبيعتها وتركيبتها، وفي المشترك الديني للمغاربة وتراثهم الروحي ، كما فعل في مؤتمر 1975. ولا يمكن زن يقتصد في هذا البلبا لأن ذلك سيحدد طبيعة التحالفات وطبيعة العلاقة مع الدولة ومع موسساتها المركزية. الجلسة الرابعة: إشكالية التحالفات ووحدة اليسار عبد الجليل طليمات: إشكالية وحدة اليسار والتحالفات وتحديث العمل السياسي قدم عبد الجليل طليمات قراءة عميقة للمشهد السياسي المغربي الحالي عموما ولوضعية اليسارخصوصا،والسيناريوهات المحتملة لجمع اليسارفي قطب واحد، واعتبرمسألة توحيد اليسارالمغربي من أولى الأولويات التي يجب على الحزب أن ينكب عليها كمشروع أساسي لتحديث المجتمع،وقضية مركزية لايمكن تأجيلها أو عزلها. فاليسار لديه مفهوم واسع لايمكن اختزاله في بعض التيارات،بل هوحركة اجتماعية وفكرية رافضة للقمع والإستبداد والظلم،وهوذاكرة تمتد لسنوات الجمر و الرصاص، وذاكرة للنضال والكفاح من أجل الحرية والكرامة،وقلب نابض داخل المجتمع المغربي ،ويبقى السؤال الوجيه هوكيف نبني أدوات حزبية جديدة لتعبئة شعب اليسارفي هذه المعركة الجديدة التي سيقبل عليها الإتحاد الإشتراكي؟. ولهذا ألح طليمات على ضرورة أن يعطي الحزب الأولوية لتوحيد تنظيمات اليسار،لكن ذلك يقتضي في نظره شروطا كثيرة للجمع بين شتات هذا اليسارالذي يوجد في مواقع مختلفة ومتناقضة أحيانا،ومع ذلك فلابد من إعادة هيكلته ومشهده،لأن المجتمع في حاجة إلي مشروعه الحداثي والديمقراطي وإلى نضاله ضد العولمة الزاحفة بكل أشكالها والتي صارت تهدد الفئات الإجتماعية. ومن ثمة فلامحيد لنا عن هذا اليسارلمواجهة العولمة من جهة والتصدي لقيم الجمود والمحافظة التي صارت تخترق اليوم المجتمع المغربي وتهدد أفق الديمقراطي الذي بني على نضالات وكفاحات امتدت لسنين،ولامحيد لنا عن حركة 20فبراير التي يجب أن تستمر،وأن يقدمها لها الإتحاد الإشتراكي الدعم والحماية حتى لاتبتلعها الدولة،فهي رمز حقيقي لدينامية الشارع المغربي. وقدم في النهاية الصيغ التنظيمية الممكنة لوحدة اليسار،حددها في ربط علاقة قوية مع القوى الديمقراطية ببلادنا،وبناء تحالفات معها،الحفاظ على استقلالية الحزب تنظيميا وسياسيا،تجاوزمستوى التنسيق إلى الخيار الوحدوي،التفكيرفي الإندماج كأرقى صورة،التشبث بالإشتراكية كهوية وخيار ومكون أساسي من مكونات اليسارالمغربي، التبشث ببرنامج إصلاحي مشترك يجمع بين التيارات وأحزاب اليسار... جواد فرجي: الشباب المغربي،التحولات وأدوات التأطير في مستهل مداخلته «الشباب المغربي: التحولات وأدوات التأطير» ذكر جواد فرجي ,عضو المجلس الوطني للحزب والمكتب الوطني للشبيبة الاتحادية, أن جميع المؤشرات والأرقام المرتبطة بالشباب تتجه نحو اعتبار هذه الفئة مقصية عن الخدمات العمومية وليست ذات اهتمام بالنسبة للسياسات العمومية، وإن وجدت مبادرات في هذا المجال فتبقى ذات صبغة قطاعية أو ظرفية مرتبطة ببعض المسؤولين،وذلك خارج أية إستراتيجية وطنية متكاملة ومندمجة . وبالتالي لم تستطع الشبيبة المغربية التي تشكل قاعدة الهرم السكاني المغربي من الاستفادة من تحولات المغرب الجديد،وهو ما شكل حافزا لدى هذه الفئة من اجل الخروج إلى الشارع من أجل التعبيرعن مطالبها بلغت أوجها مع المعطلين و حركات السكن الاجتماعي والمظاهرات الطلابية وبلغت أوجها مع تفاعل فئات عريضة من هؤلاء الشباب بمختلف مشاربهم مع الحراك العربي والمغاربي متمثلا في 20 فبراير. وشدد فرجي على أن المنظومة الشبابية المغربية عرفت تحولات عميقة من ناحية التعبير وبنيات التأطير،وكذا ردود الفعل،فبنيات الاستقبال الكلاسيكية توسعت وأصبحت شديدة الحساسية، كما أن الجامعة المغربية في الستينات وحتى مستهل السبعينات لم يكن يتجاوزعدد روادها 50.000 طالب. وكانت البنيات الجامعية تعد على رؤوس الأصابع وهو ما سهل حينها إمكانية التعبئة والتسييس،أما اليوم ومع الانتشار الكبير للوحدات الجامعية من أقصى شرق المملكة إلى غربها،وهو ما صعب اليوم على مختلف الفاعلين من الادعاء بإمكانية التأطير وسط تشعب المطالب وهيمنة الفكر الأصولي والإثني وتسرب العنف إلى الجامعة. أما بنيات المجتمع المدني فقد عرفت كذلك تحولا خطيرا, منتقلة في ظرف عقدين من الزمن من»مبدأ العمل التطوعي»المبني على التضحية ونكران الذات إلى العمل الجمعوي»الاحترافي والمدر للدخل»وما تلا ذلك من تداعيات سلبية على آليات الاستقطاب و»حرفنة» التسول باسم العمل الجمعوي، وقد ندرج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في خانة «الريع الجمعوي» الذي قضى على المبادرات الخلاقة باسم»الجمعية المقاولة». وأمام هذه الوضعية المعقدة, يشدد عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية, هل نحن قادرون على تجاوز عوائقنا الذاتية؟والى أي حد يمكن اعتبار آليات التأطير وبنيات الاستقبال الحالية التي نتوفرعليها ( مؤتمر, مجلس وطني،مكتب فرع، قطاع طلابي...) وهل الحزب قادر على إرجاع إشعاعه إلى أحضان الشباب،ولدى الشباب المغربي ؟ فلابد إذن من صياغة أطروحة حول الشباب تأخذ بعين الاعتبار واقعه وتكون مجيبة على انتظاراته الحقيقية وليس الافتراضية أوالقصرية. إن آليات الاستقطاب والتأطير الحديثة،يقول فرجي، لم تعد تعتمد على الهياكل الجامدة والكلاسيكية،بل يجب أن يذهب الحزب إلى الشباب في مواقعه أينما كانوا في الجامعات, في الملاعب الرياضية في الشواطئ على الانترنت،المساجد،العالم القروي... ولهذا يجب تكييف تنظيماتنا وجعلها مرنة أمام ولوج الشباب إلى المسؤولية والتعبير عن الرأي،إن الهدف الاستراتيجي اليوم أمام زحف القيم الأصولية واليمينية المحافظة، ليس هيكلة أجهزة وعقد مؤتمرات بقدر ما هو خلق بنيات مرنة تسمح بتسريب ونشر الفكرة التقدمية والقيم الديمقراطية الاشتراكية في صفوف الشباب. عبد السلام رجواني: نحو رؤية جديدة للتنظيم على ضوء التحولات السوسيو ثقافية قال عبد السلام رجواني, يمكن النظر إلى المسألة التنظيمية من عدة مقاربات نظرية ومنهجية ومؤسساتية واستراتيجية،لأن التنظيم ليس مجرد هياكل وتنظيم فحسب،بل هو مؤسسة اجتماعية تخترقها تناقضات وتحركها دوافع،وهو أيضا جسر وأداة تواصل وتنزيل للبرنامج السياسي،يتيح مساحة للإبداع والإجتهاد،لا أن يكون تنظيما تحكمه ثقافة الوصاية والأبوية والتوجيه والشخصنة للقائد أو الزعيم. ورأى في قراءته أن التنظيم الحزبي أصبح متجاوزا لأنه جامد يعكس الجمود السياسي الذي يعتريه،ويعكس التآكل الداخلي وحرب الصراعات حول المواقع والقتال على المناصب،وتعتريه ثقافة الإنتقام بين الإخوة بالأمس،في غياب الإستقامة والكفاءة والمسؤولية،وفي غياب تخطيط استراتيجي ورؤية تنظيمية صارمة وغياب تربية سياسية. ولهذا وذاك نحن في حاجة إلى حملة تعبوية لتوضيح الرؤى وتشغيل الأداة التنظيمية التي تعطلت للأسف،وفي حاجة إلى خطة عمل وإلى ميزانية للتسيير والتجهيز لتفعيل آليات التنظيم على أحسن وجه،وبالتالي نحن في حاجة إلى تنظيم فاعل ومنتج للأفكار والمشاريع وإلا سنبقى نجتر وبدون فائدة هذا الموضوع،دون التفكير في إيجاد سبل جديدة كفيلة بإخراج تنظيمنا من هذه العطالة والشلل الذي كانت قدره.