على هامش دعوته لحضور فعاليات المؤتمر الجهوي لحزب الأصالة والمعاصر بطنجة، استضافت جريدة الاتحاد الاشتراكي الأستاذ قسام البرغوتي، نجل المناضل مروان البرغوتي، وقسام هو الإبن البكر لمروان، ازداد برام الله يوم 03/10/1985، حاصل على بكالوريوس اقتصاد وعلوم مصرفية، يشغل منصب مدير بوزارة المالية تخصص الجهات المانحة، وأحد أطر حركة فتح، اعتقل لأربع سنوات بسجون الاحتلال من 23/12/ 2003 إلى غاية شهر يونيو 2007، والتهمة الانتماء لحركة فتح. { من هو قسام البرغوتي؟ = قسام البرغوتي شاب ولد بفلسطين وعاش بها سنواته الأولى، ثم تعرض للطرد هو وعائلته، وعاش بالمنفى بين تونس والأردن لسبع سنوات, ثم كانت العودة سنة 1994، قسام البرغوتي مثله مثل باقي الشباب الفلسطيني عاش حلم السلام في ذلك الوقت إلى أن أدركنا جميعا أن هذا الحلم مجرد لعبة تستعملها إسرائيل فقط لتستمر في نهجها وعنصريتها وتضييقها على الفلسطينيين في محاولة منها لطردهم، و قسام الآن مثله مثل جميع شباب فلسطين يحاول أن يقدم شيئا لهذا الوطن، تعرض للاعتقال لأربع سنوات و خسر أحد أعضاء العائلة، وهو مؤمن أن النصر آت وأن الدولة الفلسطينية المستقلة سترى النور مهما كلفنا ذلك من ثمن. مرت عشر سنوات على اختطاف الزعيم مروان البرغوتي، نود لو تحدثنا قليلا عن هذا المناضل الفذ؟ = مروان البرغوتي هو الإنسان القريب من الناس، الفلسطيني إبن المخيمات والقرى والمدن، في المنزل كان هو الوالد الحنون الذي يحب أولاده ويعطيهم كل شيئ، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، هو القائد الفلسطيني الذي كان عن قناعة تامة يقول إذا كان ثمن حريته هو حرية الشعب الفلسطيني فهو مستعد لدفع هذا الثمن, مثله مثل جميع المقاومين والمناضلين الفلسطينيين الذين وقفوا ضد إسرائيل, التي تحاول بشتى الطرق محو فلسطين من الخريطة، كما وقفوا دفاعا عن كرامتهم وكرامة الدول العربية والإسلامية، وكرامة فلسطين والمسجد الأقصى. مران البرغوتي يعيش اليوم، مثله مثل آلاف المعتقلين الفلسطينيين، ظروف اعتقال قاسية جدا في السجون الإسرائيلية، ورغم إصرار الكيان الصهيوني على تشديد ظروف الاعتقال في محاولة لكسر إصراره والضغط عليه لتغيير قراره السياسي و رؤيته السياسية، إلا أن مروان البرغوتي لا زال يطمئن الشعب الفلسطيني كلما سنحت له الفرصة، برفع راية النصر التي نرى الأقصى من خلالها ونرى هذه الإرادة الصلبة للمقاومين الفلسطينيين ولدى القيادات الفلسطينية التي تتبنى النهج المقاوم الذي يرفض العربدة الصهيونية التي تحاول محو الشعب الفلسطيني عن أرضه وسلخه عن جذوره. مروان البرغوتي هو اليوم قوي، يمارس الرياضة، يقرأ ويطلع على الشؤون الفلسطينية والعربية بشكل يومي، وهو متابع ولديه ما يكفي من صفاء الذهن ليرى الأمور والمعادلات أكثر من غيره. { هل هناك تواصل منتظم بين مروان البرغوتي وعائلته الصغيرة؟ المحامي مسموح له بزيارته مرة واحدة في الأسبوع، أما الوالدة، فدوى البرغوتي، فمسموح لها بزيارته مرة في الشهر، بينما أختي ربى فيسمح لها بزيارته مرة كل ستة شهور، في حين أخوي شرف وعرب فمسموح لهما بزيارته مرة واحدة في السنة، أما أنا فممنوع من رؤيته تماما لدواعي أمنية اعتبارا لكوني أمضيت فترة من الاعتقال في السجون الإسرائيلية، ولم أتمكن من رؤيته منذ 2007 عندما كنت معه في نفس الزنزانة. { هل لك أن تحدثنا قليلا عن ظروف اعتقالك, أنت والوالد مروان في نفس الزنزانة؟ كانت ظروف صعبة جدا، اللقاء الأول كان جد قاس عليه، إذ لأول مرة نلتقي مع بعض بعد حوالي أربع سنوات من اعتقاله(اعتقل مروان بداية 2003 و قسام ابنه اعتقل نهاية 2006)، كانت لحظة صعبة عليه، ولكن كان متفهما، يحاول أن يشرح لي أني شاب أبلغ بالكاد 20 سنة, ولكني أعاني مثلي مثل جميع أبناء الشعب الفلسطيني، هو كان يدرك أن الإسرائيليين يحاولون كسر إرادته والتأثير على معنوياته من خلال اعتقال إبنه، لكن كنت أرى في عينه القدرة على الصمود والمقاومة، وجدته عصيا عن الانكسار، بل زادني قوة ورفع من معنوياتي، بقيت معه في الزنزانة ثلاثة شهور, ثم نقلوني لسجن آخر عقابا له على دوره الكبير في توقيع وثيقة الأسرى الفلسطينيين التي حظيت بإجماع كافة الفصائل الفلسطينية. { وماذا عن فدوى البرغوتي؟ فدوى البرغوتي هي المظلة والراعية، هي الأم الكبيرة والصغيرة للعائلة، هي المرأة المكافحة والمناضلة، سخرت بداية حياتها من أجل تربية الأولاد، خصوصا أن الوالد كان موجودا في معظم الأحيان بعيدا عن المنزل, إما مطرودا من البلاد أو أسيرا أو مطلوبا من الاحتلال، فكانت دائما تحاول المحافظة على بناء الأسرة والوصول بها إلى بر الأمان إلى أن تم اعتقال الوالد، فبذلت كل جهودها وأصبحت من النساء اللواتي يسجل لهن الحفاظ على هوية المرأة الفلسطينية التي شاركت بكل المناسبات ,سواء كانت أفراحا أو أحزانا بجانب الرجل، فدوى البرغوتي هي نموذج المرأة الفلسطينية التي تعاني وتقهر ولكنها تؤمن بالحياة وبالمستقبل وتعمل من أجل هذا المستقبل. منذ بداية اعتقال مروان البرغوتي و فدوى تتصدر حملة دولية لإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين عموما ومروان البرغوتي بالتحديد، وهي الحملة التي لقيت تجاوبا من مختلف المنظمات البرلمانات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية في مختلف أقطار العالم التي زارتها في محاولة لرفع صوت المطالبة بإطلاق المعتقلين الفلسطينيين. ونحن بصدد التحضير لمؤتمر دولي سينظم برام الله، وسنوجه الدعوات للعديد من الشخصيات من المملكة المغربية ونعول على دعم الإخوة في المغرب لنصرة قضية اعتقال مروان البرغوتي. فنحن بحاجة لكل صوت من أصوات الأحرار بالدول العربية وبمختلف أنحاء العالم.إننا كعائلة صغيرة لمروان البرغوتي مؤمنون بأن هذا دورنا بالحياة، ومؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية وهي التي تمدنا بالقوة كلما ضعفنا وكلما حاول الاحتلال الانقضاض على هاته العائلة من خلال منعنا من الزيارات ومن خلال التضييق على الوالد. { تم عقد العديد من صفقات إطلاق الأسرى الفلسطينيين مع الكيان الصهيوني, لكن في كل مرة كان يتم إسقاط إسم مروان البرغوتي، هل من تفسير على ذلك؟ مروان البرغوتي هو في النهاية كان يدرك منذ أن اختار هذا النهج في اليوم الأول أن هناك ثمنا كبيرا يجب دفعه في ظل هذا الاحتلال الذي يبطش بالطفل، يبطش بالمرأة وبالرجل. على المستوى السياسي يدرك الجميع أن مروان البرغوتي يحظى بثقة الشارع الفلسطيني، والجميع يعود إلى هذا الإسم كلما زادت حلكة الظلام في الأفق السياسي الفلسطيني، نحن ندرك أن هناك ضغوطات كبيرة مورست ضد المفاوضين الفلسطينيين في معظم الصفقات التي أبرمت مع الكيان الصهيوني، لكننا في نفس الوقت كنا سعداء بجميع الأسرى الفلسطينيين الذين تم تحريرهم بعدما أمضوا سنوات اعتقال طويلة، ويستحقون أكثر من ذلك من الثورة الفلسطينية ومن القيادة الفلسطينية، إلا أننا استغربنا وما زلنا نستغرب إغفال البعض لملف كبير مثل ملف مروان البرغوتي كقائد سياسي، وكعضو برلمان فلسطين وكعضو مؤسس للشبيبة الفتحاوية، وكقيادي بارز في اللجنة المركزية لحركة فتح. من كل هاته النواحي استغربنا عدم إدراجه في صفقة الجندي الإسرائيلي شاليط والقبول بالضغوط الإسرائيلية، على أساس أن الفصائل الآسرة لشاليط كانت تقول دائما أن لا صفقة مع إسرائيل لا تشمل مروان البرغوتي وأحمد سعدات، لكن في الأخير تم الخضوع لشروط الكيان الصهيوني، ونحن نأسف لكون صفقة مهمة للشعب الفلسطيني وانتظرها طويلا أغفلت قيادات فلسطينية من الصف الأول كمروان البرغوتي وأحمد سعدات. إلا أننا في النهاية نعلم جيدا أن العمل في مجال تحرير الأسرى هو عمل معقد وشائك ويتطلب الكثير من الجهد والخطوات، فإسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة وخطف الجنود، وهي أمور مطروحة على طاولة كافة فصائل المقاومة وهم بالنهاية يدركون تماما أن إسرائيل لا تفهم إلا هاته اللغة، وعلى صعيد آخر هناك مجهود لتعريف العالم بملف الأسرى السياسيين الفلسطينيين، فهناك الأطباء والمهندسون وأساتذة الجامعات، فإسرائيل تلجأ إلى اختطاف كل فئات الشعب الفلسطيني و تستعمل ورقة الأسرى للضغط على الجانب الفلسطيني. فمنذ 1967 إلى اليوم اعتقلت إسرائيل بسجونها أكثر من 750 ألف أسير فلسطيني، وكان الهدف من عمليات الاعتقال هاته تفريغ الشعب الفلسطيني من محتواه الوطني، لكن الأسرى الفلسطينيين الأبطال استطاعوا تحويل هاته المعتقلات إلى مدارس وجامعات لتعلم تاريخ وعمق القضية الفلسطينية، ولذلك فنحن نعتبر أن موضوع الإفراج عن مروان البرغوتي قادم لا محالة، ونحن مدركون أيضا أن إسرائيل مهما حاولت إغلاق معتقلاتها على الأسرى من أبناء الشعب الفلسطيني فسيرون النور وسيتم تحريرهم لا محالة. { احتضنتم وأنتم أطفال حلم ميلاد السلطة الوطنية الفلسطينية، وبعد سنوات عايشتم نكبة الانقسام بين غزة والضفة الغربية، ماهو شعوركم الآن إزاء هذا الواقع الفلسطيني؟ نحن جيل حلمنا و تربينا على أن ميلاد السلطة الوطنية الفلسطينية هو المشروع الصغير الذي سيوصلنا إلى تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة، شربنا الأفكار التي رسمها مؤسس الثورة الفلسطينية الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات، ودغدغت عواطفنا وأحلامنا في ذلك الحين ونحن أطفال وأشبال ننتمي لعائلات ضحت وناضلت في سبيل الثورة، فأصبحنا نرى أن حلم تحقيق الدولة الفلسطينية قد أصبح قريبا أكثر من أي وقت مضى. لكن الانقسام الفلسطيني وفصل غزة عن الضفة يبقى الصفحة السوداء المستمرة والتي لا يريد أي أحد طيها مع كامل الأسف، وأنا هنا إن كنت أمثل مروان البرغوتي فلابد لي أن أتمثل نهجه وفكره في هذا الملف، كان أول من دعا إلى التوحد على برنامج سياسي واحد وقام بتوقيع وثيقة الوفاق الوطني، وثيقة الأسرى، و هي الوثيقة التي حملت، لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني، تواقيع كل الفصائل الفلسطينية والذين أجمعوا فيها على نقاط كانت تعتبر شائكة، إلا أن المصالح الفئوية عند طرفي الانقسام طغت على مصلحة الوحدة الوطنية، وللأسف فالجميع يرى في الفترة الأخيرة أن محاولات فتح مكاتب لجنة الانتخابات في غزة، وهي الخطوة الأخيرة التي كانت تسبق عودة الوحدة والوئام لشطري الوطن، لكن للأسف تم في اللحظات الأخيرة طرد لجنة الانتخابات من غزة ولم نفهم ذلك، الآن غزة تمر من ظروف عصيبة و كارثية، حيث يكشر العدو الصهيوني عن أنيابه ويسقط عنه قناع الادعاء بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، حيث يظهر للعالم كله قوته الصاروخية في قصف الأطفال والنساء، وتدمير الجوامع والكنائس في خرق فاضح لكل مواثيق الشرعية الدولية. اليوم جميعا نحن نبكي غزة، لأن غزة يراد منها أن تكون شماعة ومظلة يستعملها الجميع في المحيط الإقليمي والدولي من أجل أن يلقى عليها اللوم ليبقى الضحية هو الإنسان الغزاوي الذي يعاني ويدفع ثمنا باهظا مقابل تمسكه بأن يبقى صوت الشعب الفلسطيني عاليا في المطالبة بالحرية والاستقلال. الانقسام أصبح أمرا مؤلما و قاسيا جدا على الاحتمال، وعلى القيادات في فتح وحماس أن يدركوا أن استمرار الانقسام يشكل خطرا مدمرا لمستقبل القضية الفلسطينية، وهم من سيتحمل المسؤولية أمام التاريخ، لم يعد هناك أي نقاط خلافية في البرامج السياسية لكل من فتح وحماس، لا يجوز أن تقود فتح معركة ديبلوماسية على مستوى العالم منفردة، ولا يجوز أن تنفرد حماس بقيادة المعركة على الأرض، ولا يجوز أن تكون تكتيكات الفصيلين مختلفة، فصيل ينظر إلى البعد و العمق العربي والآخر ينظر إلى البعد والعمق الإسلامي كإيران على سبيل المثال، لقد أصبح من الظلم ومن المعيب جدا لكافة أبناء الشعب الفلسطيني أن لا يتم تجاوز قضية الانقسام ,خصوصا في ظل استمرار العدوان الصهيوني على غزة وفي استمراره على اقتطاع أجزاء من الضفة ومصادرة الأراضي وهدم البيوت واعتقال أبناء الوطن وإقامة الحواجز العسكرية، كل هاته الاعتداءات تجبر القيادة الفلسطينية في شطري الوطن على العودة إلى رشدها والإقرار والارتقاء بأدائها إلى مستوى التضحيات التي يبذلها الشعب الفلسطيني. { كيف تقرأ العدوان الإسرائيلي على غزة؟ هذا العدوان الإسرائيلي مستمر منذ ما يزيد عن 10 سنوات ولا زال مستمرا، إسرائيل لم تترك أيا من أنواع الأسلحة إن كانت جوا، بحرا أو برا إلا وجربتها في عدوانها على غزة، وأصبحت غزة والضفة الغربية حقول تجارب لإسرائيل، ونحن يبكينا دائما كفلسطينيين هذا الصمت وهذه المؤامرة من المحيط الإقليمي، اليوم إسرائيل تدرك أن المعادلة تغيرت، اليوم هناك احتضان عربي لقضية الشعب الفلسطيني، العرب لم يعودوا يقبلوا بهذا القتل وهذا الدمار الذي تتعرض له فلسطين دون رادع، نحن نتمنى من كل أعماقنا أن تكون هناك وقفة تأمل جادة، فإسرائيل متمادية في غطرستها وفي إدارة ظهرها للثقل العربي ولما سمي بالربيع العربي وبالثورات العربية، ما يقع اليوم هو اختبار حقيقي لهاته الدول. { كيف تقرأ تأثيرات ما يسمى بالربيع العربي على مستقبل القضية الفلسطينية، خاصة بعد إسقاط النظام المصري، وما يقع في سوريا اليوم؟ نحن ما ننشده كفلسطينيين أن تكون جميع الدول العربية في كامل قوتها وعطائها، نحن ننشد القيادات الحكيمة في جميع أرجاء الوطن التي تراعي مصالح شعوبها وتسعى لتحقيق التنمية المستدامة لعموم مواطنيها، ونحن سعداء جدا ولا بد من الإشادة بالدور الحكيم للقيادة المغربية وعلى رأسها جلالة الملك محمد السادس، فهو مؤمن بتنمية الإنسان قبل الأوطان، وهذا ما ننشده في جميع الدول العربية الأخرى، هذا ما ننشده في مصر، أم الدنيا والحضن الكبير لفلسطين بحكم موقعها وبحكم شعبها وبحكم تاريخها، نتمنى لكل الدول العربية الأمان والاستقرار والتنمية المستدامة والحداثة والانفتاح على العالم بأكمله، اليوم كل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج لديها هاته الوقفة والفرصة للتفكير كيف تنمي هذا الوطن وكيف تتجاوز هاته النكبات التي امتدت لأكثر من 50 سنة. صراحة نحن تتبعنا الربيع العربي بحذر، كانت الأحداث سريعة ولم يتم استيعابها، في النهاية نحن كفلسطينيين قوتنا في قوة الدول العربية وقوة شعوبها وتماسك جبهتها الداخلية، فكل هاته العناصر ستساعد الشعب الفلسطيني وستشكل الحضن المساند لقضيته، لذلك نحن نريد أن تطبق رغبات الشعوب دائما وهذا ما نتمناه، ولكن لا نتدخل في الشؤون الداخلية لكافية الدول العربية ونحترم قرارات شعوبها في النهاية. تتبُعنا كان حذرا مشوبا بالتفاؤل, لأن أي تغيير في الأنظمة السابقة التي انهارت كان بالتأكيد سيجلب مردودا إيجابيا للقضية الفلسطينية وهذا ما نتمناه، ما زالت هاته الأنظمة أمام اختبار كبير، واليوم هو أكبر اختبار منذ قيام الربيع العربي، اليوم إسرائيل ترسل أوراق الامتحان لكل عاصمة عربية تغيرت أنظمتها وهي تنتظر الإجابة. ونحن نتمنى أن يكون هناك تجاوب يرتقي إلى مستوى التضحيات والدم الفلسطيني المسال. والشعب الفلسطيني يحلم أن يجد ظهرا يحميه ويقف إلى جانبه, لأنه لا يريد أن يشعر أنه وحيد في معركة الدفاع عن المقدسات العربية والإسلامية. { كيف تقرأ تداعيات تغيير النظام المصري وتأثيره على القضية الفلسطينية؟ بالتأكيد هناك تأثير كبير، فالنظام المصري السابق كان على علاقات أمنية وسياسية ودبلوماسية كبيرة مع إسرائيل، ومروان البرغوتي كان دائما يناشد القيادة المصرية بأن تنتبه أكثر للقضية الفلسطينية وأن توليها ما ينبغي من اهتمام في مجمل الاتفاقيات التي كانت تربط مصر بإسرائيل، لكن للأسف النظام السابق لطالما أدار ظهره للمصالح الفلسطينية بل وشكل شبكات أمان للكيان الإسرائيلي لتنفيذ اعتداءاته على الشعب الفلسطيني. اليوم القيادة المصرية الجديدة أمام امتحان كبير، لأنه إن كانت هناك نية وإرادة حقيقية لإحداث فرق ومعادلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، فبإمكان القيادة المصرية تحقيق ذلك، والإخوة في مصر يدركون ذلك جيدا، وأنا أقول إن كانت مصر قوية وقادرة ولديها مؤسسات قوية وتحكم من قبل المؤسسات وليس الشخوص والأفراد، فإن وضع الشعب المصري سيتحسن بالتأكيد. الخطوة الأولى التي على القيادة المصرية الإقدام عليها هي حل مشكلة حصار غزة وفتح معبر رفح أمام حركة البضائع والأفراد، فهذه هي أبجديات مساعدة الشعب الفلسطيني، العدوان الإسرائيلي اليوم على غزة يجبر القيادة المصرية على إعادة حساباتها 50 مرة قبل توقيع على أي اتفاقيات أو تفاهمات جديدة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. { وماذا عن موقع إيران وتأثيرها على القضية الفلسطينية؟ نحن كفلسطينيين نشعر بأننا يملكنا الجميع ونملك الجميع، نحن بحاجة لكل الجهات لكي نوصل صوتنا إلى كافة أنحاء المعمور بغض النظر إن كانت في المشرق أو في المغرب، كانت تتبع هذا النهج أو ذاك، نحن نريد أن نوصل هاته القضية التي يجمع العرب والمسلمون جميعا على أحقية الفلسطينيين في الحياة وعلى أحقية الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، القدس التي تمثل عروس العروبة، وأنا أتكلم من المملكة المغربية الشقيقة وأدرك جيدا ما بذلته من الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على القدس، البلدة القديمة والقدسالشرقية بأكملها، تحت الرعاية الكاملة لجلالة الملك محمد السادس، ونحن كفلسطينيين نقدر جيدا التأثير الكبير الذي يلعبه صندوق القدس في إحداث الفارق على الأرض، لذلك نحن نقول أننا نريد أن تكون القدسوفلسطين تجمع الجميع إيران أو غير إيران، مع أننا نعلم جيدا أن هناك معادلات سياسية أكبر من أن يتدخل الفلسطيني فيها لأنها ستضر بمصالحه، ونحن عنواننا وبوصلتنا في كل الأمور التي نقوم بها هي مصلحة القضية الفلسطينية ولذلك نريد أن نكون جهة تجمع كافة التناقضات ولا تخلق تناقضات جديدة، نتمنى على إيران أن تلعب دورها في التأثير على حماس للعودة إلى المصالحة، وهذا دور نتوقع من إيران أن تقوم به لما لها من تأثير كبير على قيادات حماس. { ما هو تقييمكم للمعركة الدولية التي يقودها الرئيس الفلسطيني ابو مازن بالأممالمتحدة لانتزاع الاعتراف بدولة فلسطين وموقف حماس منها؟ نحن نمر هاته الأيام بالذكرى 65 على ما يسمى بقيام دولة إسرائيل، وإسرائيل حينها توجهت إلى الأممالمتحدة وانتزعت الاعتراف بدولتها، وهي إسرائيل نفسها اليوم التي تحارب هذا النهج وتقول أن أبو مازن يمارس الإرهاب الدبلوماسي، ولأول مرة نسمع أن هناك إرهابا دبلوماسيا، نحن نعتبر هاته المعركة اختراقا سياسيا للدبلوماسية الفلسطينية تحققه في هاته الفترة، الجهد الدبلوماسي عادة ما يجذب أنظار المنتظم الدولي، نتمنى أن تكون هاته المعركة خطوة في طريق تثبيت الحق الفلسطيني في سبيل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، موقف حماس من هاته الخطوة هو أحد العواقب التي تترتب على الانقسام وعدم تنسيق الجهود، فلا يجوز أن يخوض أبو مازن معركة دبلوماسية كبيرة ويزور العشرات من الدول في سبيل انتزاع اعترافها بدولة فلسطين وحماس ما زالت تشكك في هاته الخطوة و تشكك في مصداقيتها ووطنيتها، لا بد أن يفهم الفلسطينيون جميعا أن أرضية العمل المشترك هي الأرضية الوطنية التي تخدم القضية الفلسطينية، لذاك دور حماس وموقفها من هاته القضية هو أحد التداعيات المترتبة عن الانقسام، ونحن نعتبر أن هذا العدوان الإسرائيلي على غزة هو منبه لحماس ومؤشر لهم للحفاظ على الوحدة الوطنية، والحل لهذه المعضلة هو إنهاء الانقسام فورا دون أي تأخير ودون أي شروط مسبقة، لأن لا حماس ولا فتح يملكان رقاب الشعب الفلسطيني وحق تحديد مصيره في نهاية المطاف، الشعب الفلسطيني هو سيد نفسه لا ينتظر أحدا لتفجير انتفاضته ولا ليحدد له مساره السياسي. فالشعب الفلسطيني ليس عاقرا وهو قادر على إنجاب قياداته في كل يوم وهذا مصدر قوته، فالشعب الذي أنجب ياسر عرفات ومحمود درويش وغيره من القيادات قادر على إنجاب العشرات من العباقرة مثلهم. إننا في نهاية المطاف نستظل بمظلة تحظى باعتراف دولي هي منظمة التحرير الفلسطينية، ونتمنى على حماس وحركة الجهاد الإسلامي الانضمام لمنظمة التحرير على قاعدة الفهم المشترك للقضية الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام والتشرذم وفصل الوطن الجريح إلى شطرين، وإعطاء إسرائيل الفرصة للتفرد بكل مدينة وكل قرية على حدة لممارسة اعتداءاتها الهمجية، إسرائيل اليوم تقوم بأخطر عملية لتهويد القدس ومتمادية في سياستها الاستيطانية، فأكثر من مليون مستوطن إسرائيلي يوجد بالضفة الغربية مما يجعل من إمكانية قيام الدولة الفلسطينية عملية شبه مستحيلة. كل ذلك يحدث ونحن نناقش اليوم مسألة إنهاء الانقسام من عدمه ومسألة الحفاظ على مصالح حماس بغزة ومصالح فتح بالضفة، نحن نتمنى أن يصل الإخوة في حماس إلى تفاهمات جدية داخلية بينهم للانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية وفرض رأيهم والذهاب إلى صندوق الاقتراع وفي نهاية المطاف الشعب الفلسطيني هو الفيصل وهو من سيختار قياداته. نحن مدركون أن وثيقة الأسرى هي الأرضية الوحيدة التي اجتمعت عليها كل الفصائل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، هم جميعا يدركون أنها أذكي ما كتب لجمع الفلسطينيين، وأنها وثيقة تملك جميع عناصر ومقومات النجاح من الناحية العملية والفكرية وهي تمثل كافة أبناء الشعب الفلسطيني، ولنا اليقين أنه في النهاية سيتم العودة إلى وثيقة الأسرى. { ما هي عوائق عدم تنفيذ وثيقة الأسرى في نظركم؟ نحن مدركون أن هناك مستفيدون من الانقسام، ولو لم يكن هناك مستفيدون تغذيهم في بعض الأحيان رغبة الاحتلال في بقاء الانقسام لما كنا منقسمين الآن، للأسف هناك بعض المتنفذين في حماس، كما يعلم الجميع، يعملون في مسائل تجارية ويتحكمون في إدارة الأنفاق التي تذر عليهم أرباحا طائلة, وهؤلاء هم من يحاربون مسألة عودة السلطة الفلسطينيةلغزة بعد الانقلاب الذي نفذته حماس سنة 2007، وهناك بالمقابل بعض المتنفذين في السلطة الوطنية من يرون في إنهاء الانقسام عودة لحماس إلى البرلمان وعودة حماس للدخول إلى الضفة الغربية، وهم يرون في ذلك خطرا على مصالحهم، نحن كان موقفنا في البداية وقبل الانقسام أن الشركاء في الميدان يجب أن يكونوا شركاء في البرلمان وشركاء الدم, لا بد أن يكونوا شركاء في القرار، هذا ما يجب أن تدركه كل من حماس وفتح وتفهماه، وكل تأخير في إنهاء الانقسام سيسجل التاريخ المسؤول عن ذلك وسيعاقبه أبناء الشعب الفلسطيني على عرقلته لجهود المصالحة الفلسطيينية التي طال انتظارها. { كيف هي حركة فتح اليوم؟ فتح هي فتح ومازالت هي فتح, انطلقت في فاتح يناير 1965 بأفكار لا زال أبناء فلسطين مؤمنين بها، لا زالت شعاراتها ترفرف في عقولهم وهم يخوضون أشرس المعارك في مواجهة الاحتلال، مازالت فتح هي الحركة العملاقة التي قدمت الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى وقدمت النساء فداء للوطن، حركة فتح حركة كبيرة وعملاقة قدمت كل أنواع التضحيات وكانت ولا زالت خير وسيلة للوصول إلى التحرر الفلسطيني الذي ننشده، إلا أننا نرى اليوم مع كامل الأسف ترهلا كبيرا في صفوف الحركة، كنا مؤمنين أنه بعد المؤتمر السادس ستنطلق دينامية جديدة في صفوف الحركة، وإحياء العمل التنظيمي والمؤسساتي للحركة, لكن التهميش والتغييب لا زالت متبعة من طرف بعض قيادات الحركة، عدم اللجوء إلى المؤسسات وعدم الاعتماد على أطر وكوادر الحركة والذهاب إلى الإعلام كل هاته الممارسات أصابت فتح بالكثير من التعب والترهل، يضاف إلى ذلك فجيعة الانقسام وما تسببته من آلام لحركة فتح في غزة، فلم نكن نتصور يوما أن يتم إحراق صور الشهيد عرفات في غزة وأن يتم التنكيل بنساء فتح وبمناضليها، لكننا لا زلنا مؤمنين بأن حركة فتح مهما اشتد وطال عليها الظلام ستعاود الانطلاق من جديد, فحركة فتح حركة مرنة تستطيع دائما أن تلم شمل أبناء الشعب الفلسطيني وقيادته نحو تحقيق حلم الدولة الفلسطينية, ولذلك أنا لست قلقا على مستقبل حركة فتح. { كيف ترون مستقبل القضية الفلسطينية؟ نحن واعون بعبثية العودة للمفاوضات، وباعتقادي أن القيادة الفلسطينية مدركة تماما بعبثية هاته المفاوضات وهي عازمة على عدم استئنافها، فنحن علينا الآن الالتفات إلى جبهتنا الداخلية والانكباب على إنهاء ملف الانقسام، وحشد الدعم للمعركة الدبلوماسية التي نخوضها لانتزاع الاعتراف الأممي بدولة فلسطين، ودعم المقاومة ضد الاحتلال، نحن مؤمنون بخيار المقاومة السلمية، لكن لا يجب إسقاط خيار الكفاح المسلح، ففتح هي الرصاصة وهي الحجارة، ونحن واعون بأن المعركة طويلة ومازالت الطريق معبدة بالآلام وفي حاجة لنفس طويل، ومن يتعب فليتنحى جانبا كما كان يقول دائما الراحل ياسر عرفات. الفلسطيني عليه أن يعاني ويقاوم في سبيل تحقيق دولته المستقلة وهي آتية من دون شك وهذا جزء من هويتنا التي نحملها في قلوبنا وليس في جيوبنا. { كلمة أخيرة أود توجيه رسالة امتنان وتقدير لجلالة الملك محمد السادس على جهوده المتواصلة لخدمة القضية الفلسطينية، كما أتوجه بخالص الشكر لكل القوى الحية بالمملكة على دعمها ونصرتهما لقضية فلسطين، وهذا ليس بغريب على شعب قدم الكثير من التضحيات وحمل الهم الفلسطيني والمقدسي في قلبه منذ عقود، لقد رأيت كل الدفء في عيون المغاربة خلال مقامي هنا بالمملكة المغربية، وأتمنى أن تستمر هاته الروابط, الخيوط التي لا تنتهي بين المملكة المغربية وفلسطين، وشكرا على الاستضافة.