الإشهار مادة تجارية بامتياز، مادة هدفها الأساس البحث عن كل الطرق المؤدية إلى الربح السريع، وتطوير وتقوية الأرقام المالية المحصل عليها. من هنا من الممكن القول، إن هذه الشركات الإشهارية، لا يهمها في المقام الأول أي مرجعية لغوية، أو أخلاقية، بل عيونها دوما على جيوب المواطن، البحث أولا وأخيرا على المال. حينما نتأمل هذه 'الخطابات' الإشهارية وما تنتجه من 'خطابات' لغوية، نستخلص مدى 'عنفها' اللغوي، ونقصد بهذا، كونها تلعب دورا سلبيا على مستوى طبيعة المكونات اللغوية الموظفة، وهي مكونات مستمدة من استعمالات لغوية عامية تختلف أحيانا من منطقة إلى أخرى ببلادنا، بل بعضها ممزوج بلغة فرنسية أحيانا. هنا من اللازم طرح السؤال التالي. هل تحترم هذه الشركات الإشهارية طبيعة المرجعيات اللغوية المغربية؟. وهل تعي هذه الشركات الإشهارية أنها تشكل سببا ما، في تدني قابلية التعلم لدى الأطفال الذين يتفاعلون مع هذه 'الخطابات' الإشهارية؟. وهل من الممكن البحث عن سن قوانين ما، من أجل إعادة النظر في طبيعة اللغة المستعملة من طرف هذه الشركات الإشهارية؟. أسئلة متعددة يمكن طرحها في هذا المجال، الغاية منها البحث في كيفية حماية المتلقي من طبيعة هذه اللغة المستعملة في الإشهار، بل ولم لا تصبح هذه الشركات الإشهارية، في زمن ما، أداة من أدوات تطوير الذوق اللغوي ببلادنا؟. المهم هنا، ومن خلال تتبع لطبيعة هذه الاستعمالات اللغوية، علينا أن نسجل، بأنها تساهم بشكل أو بآخر، في تحريف وإفساد ذوقنا اللغوي، لاسيما وأنها تستعمل قنوات عمومية، من المفروض أن تكون هذه القنوات، حريصة على المرجعية اللغوية الأصلية للبلاد، إذ هي مرهونة بتعاقدات عامة محددة لطبيعة ممارساتها ككل. ماذا لو تم العبث بلغة أجنبية كالفرنسية، مثلا، لدى هذه الشركات الإشهارية؟. سؤال نعرف مسبقا أنه من الصعب الإقدام عليه من طرف العديد من القنوات الإذاعية والإشهارية. إذن لم لا التفكير والاستعانة بمتخصصين في مجال اللغة، من أجل اختيار على الأقل كلمات، لها مرجعيتها اللغوية العربية القريبة والمفهومة والمحافظة على بنيتها الحقيقية؟. نحن نعي جيدا، أن وراء ذلك من يريد هدم طبيعة علاقاتنا اللغوية بلغتنا العربية، مع العلم أننا لسنا متقوقعين على أحادية الاستعمال اللغوي، ببلادنا، لكن هذا لايعني فتح المجال، أمام من يفسد طبيعة هذا الذوق اللغوي الأصيل. لغتنا العربية اليوم، تعرف العديد من"الضربات" المتعددة والموجهة لها ممن بقلوبهم مرض ما، يكفي أن نستمع إلى بعض المحطات الإذاعية الخاصة، لكي نتلمس كيفية" التفنن"، في المس بطبيعة هذه اللغة، كلمات من هنا وهناك، بعضها سوقي، وبعضها الآخر من الفرنسية. مما يساهم بشكل أو بآخر، في تدني مستوانا اللغوي، تدني من المفروض، أن تساهم في انتشالنا منه هذه المحطات الإذاعية الخاصة، والتي هي الأخرى، لا يهمها إلا لغة البحث عن أرقام مالية، تدفئ بها حساباتها البنكية. نعرف مسبقا، أننا أمام وضعية لغوية معقدة في بلادنا، ولكن من اللازم تشغيل،آليات متعددة للتفكير في صيغ قانونية لحماية لغتنا العربية من هذه الاستعمالات اللفوية المتدنية ببلادنا، حتى وإن استعملت هذه اللغة العربية، "لاقدر الله"، فإن بنية الجملة هنا، لا تخلو من مسخ متعدد، أخطاء هنا وهناك، دون الاستشارة مع من الممكن أن يقدم يد العون هنا. نتمنى صادقين، أن يعاد النظر في طبيعة استعمالاتنا اللغوية ببلادنا، وهنا من اللازم إن نعلنها وبصريح العبارة أننا مع كل الأشكال اللغوية المنفتحة، لكن على أساس أن تجد لغتنا العربية، في كل هذه الأنسجة اللغوية المستعملة ببلادنا، مكانتها الطبيعية بل والأساسية. وكل شيء، يمر من المدرسة، والتي يكتشف فيها التلميذ المغربي، أن لغته العربية لا تحتل المكانة الرئيسية فيها، منظومة تربوية، يودع فيها التلميذ لغته العربية مباشرة بعد أن يمتحن فيها في النة الأولى من الباكلوريا. بعد هذه المرحلة يدخل تلميذنا المغربي لغته العربية في خانة"المهملات"، لأنه سيجد نفسه أمام رؤية/لعبة لغوية أخرى يكتشفها بنفسه، وتتعمق هذه اللعبة بطبيعة ما يقدم في العديد من المظاهر الإشهارية ببلادنا. أما آن الآون أن نجعل من سؤال اللغة ببلادنا سؤالا جوهريا، بلورشا إصلاحيا حقيقيا وأساسيا؟