على التلفزة أن تكون في خدمة تطوير الذوق الجمالي والثقافي والروحي للإنسان المغربي خلال العديد من المناسبات الثقافية والدينية، مثل شهر رمضان المبارك، الذي تشكلت لدينا والى حدود اليوم رؤية واضحة عن طبيعة المنتوجات التي تقدمها قنواتنا المغربية بشكل عام والقناة الأولى والثانية بشكل خاص. ضمن هذا السياق يمكن القول إن التلفزة المغربية،وبحكم تمويلها من المال العام. وجب، وطبقا أيضا لكونها موجهة إلى الجميع، أن تكون في خدمة تطوير الذوق الجمالي والثقافي والروحي للإنسان المغربي، في زمن عولمة موحشة ومرعبة ومخيفة جدا. لا أحد ينكر ما حققته التلفزة المغربية سواء الأولى أو الثانية على الأقل في تقديم منتوج فيلمي تلفزي وسينمائي مغربي، بالمقارنة مع ما كان سائدا، مع ضرورة فتح وتعميق نقاش نقدي وثقافي حول طبيعة ما يقدم على مستوى التيمات والرؤى الفنية والى أي مدى تساهم هذه المنتوجات السينمائية والتلفزية في تطوير الذوق الفني والثقافي والإنساني للمواطن المغربي؟ قبل الاسترسال في تقديم ملاحظاتنا ولو بشكل عام، حول طبيعة المنتوجات المقدمة خلال شهر رمضان الكريم ، لابد من الإشارة إلى ما حققته الإذاعة الوطنية، وكذا بعض المحطات الجهوية، من تنوع في المنتوج وتطوير له، وانفتاح ايجابي على العديد من الشرائح المجتمعية والهوامش الجغرافية، ولعل ذلك مرده إلى استفادة الإذاعة الوطنية من أطرها التي راكمت تجربة طويلة وزحمة تحرير المشهد الإذاعي الخاص، وضرورة شد المستمع المغربي إلى هذه الإذاعة التي لا أحد يتنكر لدورها المتعدد منذ أن كان الراديو الصديق الوحيد للمغربي. المتأمل لما يقدم من منتوجات خلال شهر رمضان المبارك من شأنه استنتاج الخلاصات التالية والتي نفضل تقديمها للقارئ الكريم على الشكل التالي: - ظاهرة تمديد/تمطيط بعض المواد الفنية المقدمة السنة الماضية وحتى ما قبلها، تمطيط أو تكرار يؤكد مدى غياب البحث عن أفكار جديدة وقضايا جديدة آتية من دراسات وبحوث ميدانية، تؤكد قيمة وأهمية ما ينبغي تقديمه. - ضعف البرامج الثقافية، وهي برامج علينا أن نراهن عليها في تطوير طبيعة المتلقي والسمو به وبذوقه وتكوينه وإحساساته. - عنف أو قوة الإشهار التي علينا أن نقول وبصراحة، إن التلفزيون يبيع ذوق المتفرج لهذه الشركات، التي تراهن على جر المشاهد إليها عير الصورة دون حضورها في تظاهرات وملتقيات ومهرجانات ثقافية هادفة، (إلا القليل)، بل نسجل على الكثير منها، أنها لا تقدم يد العون إلى تلك الموجودة في هوامش جغرافية بعيدة، ولنا ما نقوله هنا، بل راكمنا العديد من الملاحظات على هذه الشركات التي من المفروض أن تكون شركات مواطنة ومتضامنة مع الفعل الثقافي الآتي من مدن مغربية بعيدة على المراكز الكبرى، هنا لابد من التقليل من هذه الوصلات الاشهارية واللجوء إلى تقنيات تواصلية أخرى كالكتابة في أسفل الشاشة، بل حتى تمرير صورها في أسفل الشاشة وبشكل صامت،حتى نضمن طبعا مداخيل مالية ضرورية لتلفزاتنا، مع العلم انه من اللازم، قول إن العديد من المواد الاشهارية تشكل ضربة قاضية لطبيعة لغتنا العربية، إذ أن اللغة المستعملة هنا لن نجد بيننا خلافا حولها باعتبارها لغة تضرب في العمق التلقي اللغوي الضروري. - ضرورة تفعيل البرامج الفنية والتاريخية والاجتماعية التضامنية والآتية من عمقنا المغربي والعربي والامازيغي والأفريقي والإسلامي ككل. أين الحديث عن قيم أزيلت أو هي في الطريق إلى الذوبان. قيم عديدة ما أحوج تلفزتنا المغربية البحث فيها وتبسيطها إلى المتلقي من اجل تحسيسه بأهمية ذاكرته التراثية المغربية ككل. - ما أحوج تلفزتنا أن تبحث عن كوميديا هادفة، كوميديا تساهم في نقد مكونات مجتمعنا المغربي، عوض الرهان على برامج كوميدية متكررة وأصبحت معروفة مسبقا، لن نتنكر هنا إلى أن بعض المجهودات بين الفينة والأخرى لا تخلو من بعض العناصر الهادفة. لنتساءل ما طبيعة حضور المثقف المغربي، في هذه البرامج المقدمة ككل ماطبيعة الانفتاح على المغرب؟ العميق؟ الهوامش الجغرافية بكل امتدادتها الثقافية والاجتماعية والفنية والإنسانية ككل؟ إن دور المثقف المغربي موجود ليس فقط في برامج ثقافية محددة،بل أيضا حتى على مستوى تقريب ما ينبغي أن يقدم من عمال درامية وكوميدية وفنية وسينمائية إلى غير ذلك. انه أداة وصل علينا أن نفتح المجال، من اجل أن يكون حاضرا بشكل قوي. أهمية العودة إلى التراث المغربي، في العديد من مكوناته الكوميدية (الحلقة مثلا)، والأحاجي، وطرق العيش والفكر والموسيقى واللباس، إلى غير ذلك، لجعلها متونا ومواد فنية للاشتغال عليها،إنه السر في تعاطي المشاهد المغربي مع بعض السلسلات أو المواد الفنية أو الأفلام الآتية من هذه الذاكرة. البحث عن كفاءات فنية جديدة، ومغربنا زاخر في هذا المجال، كفاءات موجودة في مغربنا العميق. لكن كيف الوصول إليها؟ ضرورة منح الفرص للجميع، عوض الاقتصار على وجوه أصبحت مألوفة جدا لدى المشاهد.