رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    "برلمانيو الأحرار" يترافعون عن الصحراء    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    "طلب رشوة" يورط عميد شرطة    حادث سير يصرع شابة في الناظور    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    السلطات المغربية تحدد موقع مدخل نفق لتهريب المخدرات بين سبتة المحتلة والفنيدق    نادي القضاة يصدر بلاغاً ناريا رداً على تصريحات وزير العدل بشأن استقلالية القضاء    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    طقس السبت .. امطار مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    صراع مغربي مشتعل على عرش هدافي الدوري الأوروبي    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    قرعة دور ال16 لدوري الأبطال .. ريال مدريد في معركة مع "العدو" وباريس يصطدم بليفربول … والبارصا ضد بنفيكا    استقر في المرتبة 50 عالميا.. كيف يبني المغرب "قوة ناعمة" أكثر تأثيرا؟    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    إيفاد أئمة ووعاظ لمواكبة الجالية المغربية بالمهجر في رمضان    الملك محمد السادس يحل بمطار سانية الرمل بتطوان استعدادًا لقضاء شهر رمضان في الشمال    الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تحدد تعريفة استخدام الشبكات الكهربائية للتوزيع ذات الجهد المتوسط    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    مليلية المحتلة تستقبل أول شاحنة محملة بالأسماك المغربية    نتنياهو يزور طولكرم ويهدد بالتصعيد    المغرب يشارك في الدورة ال58 لمجلس حقوق الإنسان    الرجاء يعلن منع تنقل جماهيره إلى مدينة القنيطرة لحضور مباراة "الكلاسيكو"    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    المندوبية السامية للتخطيط تسجل ارتفاعا في كلفة المعيشة في المغرب    المقاتلات الشبحية F-35.. نقلة نوعية في القوة العسكرية المغربية    حماس: جثة بيباس تحولت إلى أشلاء    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصريحات مسؤولين بالحركة الإسلامية المغربية وفاعلين ميدانيين في المجال الفني: وعي بالأهمية...وتفعيل ينتظر الخروج من دائرة الظل
نشر في التجديد يوم 24 - 11 - 2002

تختلف تصريحات الفاعلين في المجال الفني على مستوى التصور والرؤية المؤطرة للموضوع، ويزداد الاختلاف لدى الحركات الإسلامية المغربية ودرجة الاهتمام به، بين اهتمام باهت أو تنظير يوقن بأهميته الواقعية والشرعية، ولكن لا يواكب هذا التنظير بالمتابعة المادية والمعنوية.
أما المعطى الواقعي فهو سيطرة نوع من الفن غلب الاتجاه العاطفي والواقعي والربح المادي، ناسيا أن الفن مقياس لدرجة وعي أي مجتمع في سلم ترتيب الحضارات ازدهارا أو تقهقرا.
هذا إذا طرحنا جانبا النظرة التي جعلت من الفن ترويحا وتزجية وقت بدل دوره التثقيفي والتربوي، التصريحات التالية تحسس بخطورة الموضوع من خلال مواقع متباينة.
عمر احرشان(الكاتب العام لشبيبة العدل والإحسان):الفن رسالة ودعوة،لكن الحركة الاسلامية تعامات معه بمنطق سد الثغرة
لابد من الاعتراف ابتداء أن المجال الفني لم يحظ بعد بالاهتمام اللازم والمناسب ضمن أولويات الحركة الإسلامية مقارنة بباقي المجالات الأخرى (سياسية، وثقافية، واجتماعية، وفكرية..)، وحتى نسبة الاهتمام الضعيفة هذه لم تشمل كل الألوان الفنية، ولكنها اقتصرت على ألوان دون أخرى كالأنشودة مثلا، وأسباب ذلك متعددة منها: هناك تعاطى مع الفن من منطلق ضرورة سد ثغرة، وهذا ما جعله يعمل بدون برامج واضحة ورؤية مستقبلية، بل إن منهم من انساق وراء تصورات معينة للفن تحصر رسالته في أهداف سطحية وثانوية لا تخدم بالضرورة مشروع الحركة الإسلامية، وهذا ما لم يمكن لهذا المجال، ولم يجعله يحظى بأولوية.
حساسية المجال الفني، وخاصة بالنظر إلى ما يثيره من اختلاف بشأن التأصيل له، وهذا ما جعل العديد يتجنب الخوض فيه مخافة نقد المنتقدين...
لهذه الأسباب لم يعرف المجال الفني وسط الحركة الإسلامية تقدما موازاة بالتقدم الحاصل في المجالات الأخرى.
إن الفن، رغم الاختلاف في تحديد مفهومه وتوضيح مضمونه، يرتبط بالإبداع والجمال والذوق والإحساس، ويخاطب في الإنسان أرق ما فيه، أي إحساسه وعاطفته، بمعنى أنه يتجه إلى الجانب الحساس والمركزي فيه؛ ولهذا فإنه يشكل وسيلة للحفاظ على سلامة الفطرة ونقائها وتنمية الإحساس الرهيف والارتقاء بالذوق ليتذوق معاني الجمال والجلال، كما أنه وسيلة للتوعية والتكوين والتربية والإيضاح؛ وبالمقابل يمكن أن يفسد على الفطرة نقاءها وصفاءها، ويجعل الإنسان عبدا لشهواته وغرائزه، غارقا في الماديات.
لذا فهو حكمة إنسانية، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، والفن الإسلامي الرافع لراية الدعوة بين قوم غافلين لن يستحق نعت الإسلامية إن لم ينبه النفس الراقدة على وسادة الغفلة إلى الحقيقة الكبرى والنبأ العظيم، ولن ينجح إن لم يواجه طوفان المادية والإلحاد العابثين بالفطرة بفن رسالي المعنى جميل المبنى يحرص على صدق المضمون وجمالية الشكل، يبلغ رسالة القرآن ببيان النبوة، فن يشكل وسيلة للتربية للارتقاء بالإنسان من دوابيته وأعرابيته إلى تذوق كل المعاني السامية، حيث يكون كل جزء منه ذا مغزى ويحمل معنى ويبلغ رسالة لا أداة للتسلية أو بضاعة للاستهلاك، فن يأخذ من العصر ووسائله ثم يروضها ويزينها بزينة الإسلام حتى تتلطف بأشكال المقبول شرعا وعرفا.
وبهذا يكون للفن الإسلامي قوته ونفوذه وفضيلته لأن قيمة أي فن تكمن فيما يعبر عنه شكلا ومضمونا.وأعتقد أن فنا كهذا ينبغي يكون للفن الاسلامي قوته وفضيلته لأن قيمة أي فن تكمن فيما يعبر عنه شكلا ومضمونا أن يحتل الصدارة ضمن اهتمامات الحركة الإسلامية لأنه لن يشكل آنذاك إلا وسيلة، ضمن وسائل عديدة للتربية والارتقاء بالإنسان لتذوق أي شيء ذا معنى.
د. فريد الأنصاري (أستاذ جامعي مهتم بالتربية والجمال): الفن في الإسلام قائم على اتجاهين تجريدي وفطري، أما الفن الغربي فهو فن وثني
لابد من تسجيل ملاحظة منذ البداية وهي أن كثير من الميادين العلمية والفنية والثقافية، لم تستطع الحركة الإسلامية لحد الساعة أن تؤصل فيها التأصيل الحقيقي، فكانت في كل ذلك متبعة أكثر منها مجددة.
والاتباع هنا بالمعنى السلبي، أي اتباع للغرب في فكره وإبداعه. فنجد ضعف التأصيل في تبين الأصول القرآنية والسنية للتصورات الإسلامية لهذا المجال أو ذاك.
والحديث عن الفن يرجع إلى التذوق الجمالي، ذلك أن الأذواق السائدة في الأوساط الإسلامية يغلب عليها التأثر بالغرب سواء في مجال الأدب أو الشعر أو مجال الفن التصويري أو الفنون التشكيلية وسائر الفنون الجميلة بصفة عامة.
فالإسلام أولى اهتماما بالغا جدا لجانب الجمالية وله مقاييس ذوقية خاصة، فالله تعالى نص عليه في القرآن الكريم في كثير من المواطن، والقرآن نفسه منظومة جمالية، فالله تعالى هو الذي تكلم بهذا الكلام وهو موصوف بالجمال ومثل هذا قوله تعالى "وله الأسماء الحسنى". فالحسنى صيغة فضلى أي ليس هناك أحسن منها، فهي تتصف بالحسن والجمال، وفي الحديث النبوي: "إن الله جميل يحب الجمال" وحينما من الله تعالى على الناس بالخيرات ذكر من بين مقاصد المن الجانب الجمالي، فهو مقصد أساس من المقاصد الربانية من خلق الخليقة والإنعام على الإنسان كقوله تعالى عن الأنعام: (ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون)، فالاستفادة منها لا تنحصر في الفائدة المادية كاللحوم والصوف والوبر بل يستفيد منها التذوق والنظر إلى جمالها حين تسرح وحين ترجع وتروح في أوضاع يومية مختلفة.
والاتجاه الإسلامي في نظرته للفن يسير في مسارين: من حيث الطابع العام: هو طابع تجريدي وفطري. ---والمقصود بالاتجاه الفطري هو تبين مواطن الجمال في الفطرة والطبيعة كما خلقها الله دون تزييف ودون رتوش وأكد أن كل مظاهر الجمال يجب تتبعها وتذوقها والتخلق بها، فيكون الإنسان صديقا للطبيعة وليس عدوا لها بخلاف الإنسان الغربي الذي بنى ثقافته على فكرة الصراع بين الإنسان والآلهة كفكرة يونانية قديمة وهي مازالت منبثة في الفن الغربي،لكن الإسلام بين أن عناصر الطبيعة إخوان للإنسان فيما يسمى بالأخوة الكونية.
والاتجاه الثاني التجريدي أي عدم التشبيه والتجسيم فيتجلى في جمال الكلمة والهندسة، فالقرآن كتاب الله عز وجل كلمة، وحضارة الإسلام في عمومها كلمات القرآن والسنة، لهذا كان الإبداع في الكلام مطلبا إسلاميا تجريديا أي ما يمكن تسميته بالجمال الذهني الذي لا يجسم الطبيعة والجمال بل يحلق في السماوات والأبعاد الروحية والآفاق.
وهذا الجانب-مع الأسف- الحركة الإسلامية تشكو ضعفا في تبينه ثم في الإبداع فيه.
أما الهندسة الإسلامية تبعا للكلمة فهي أشكال هندسية تجلت في تخطيط المدن والتي هي في الأصل أحرف وجمل تنطق، فهندسة المدينة القديمة وعمرانها تقرأ صحفا مطهرة إذ نجد أشكال الدوائر والدروب وأداء بعضها لبعض، ثم أداءها جميعا إلى المسجد ثم إلى الصلاة وتلك جمالية أخرى، فيكون الإنسان في طواف من نوع آخر شبيه بطواف الكعبة، وهذه معاني تجريدية وليست ظاهرية أو مادية. وكلها تعبيرات جمالية.
والمسلمون القدامى لم يميلوا لنقش الأجسام بل إلى نقش الخطوط في المنازل والصوامع، وهذا إحساس بالجمال، والفكر الإسلامي يعود في كل أموره إلى العقيدة الإسلامية بما هي إيمان بالله عز وجل وإيمان بالغيب المطلق.
وهنا أقول أن ما تبدعه الحركة الإسلامية متأثر بالفلسفة الغربية الوثنية أي بالأشكال المادية وتجسيم الحياة والشهوات.
المصطفى المعتصم(نائب رئيس جمعيةالبديل الحضاري):آن الآوان للتعامل مع الفن كمبشر لمشروعنا الحضاري وليس كشعار
في الإسلام... الأصل في الأشياء الإباحة فما لم ينص القرآن الكريم أو أحاديث نبوية صحيحة ومتواترة على تحريمه فهو مباح حلال.هذا ما فهمه المسلمون الأوائل الذين انطلقوا ينشرون الإسلام وحضارته في مشارق الأرض ومغاربها.. فوقفوا على تعبيرات فنية كالنحت الذي يجسد المخلوقات فانصرفوا عنها من دون أن يجعلوا منها معركة بل حاولوا الاستعاضة عنها من خلال ابداع تعبيرات فنية اعتمدت الشكل الهندسي والخط وأدهشت وما تزال كل إنسان يقف أمامها.
الفن أو الفنون بقدر ما قد تكون مجالات لتفجير الكوامن والطاقات الإبداعية لدى الإنسان وبقدرما قد تساهم كوسائل تربوية في تنمية ذوق الإنسان وتساهم في سموه وسمو سلوكه إلى مستوى حضاري متميز، تساهم أيضا في البناء الحضاري. كما أن الفنون تلعب اليوم دورا بارزا في التعريف بالحضارات والحوار بينها وبالشعوب وقضاياها العادلة، خصوصا تلك التي تعتمد آليات الأنترنيت والسينما والتلفزة وكل آليات التواصل والاتصال الحديثة.لكن هناك الدور الآخر لهذه الفنون.. أي أن توظف في صراع الحضارات وأن تكون أدوات للغزو الثقافي والفكري ووسائل للتدمير والإفساد، تهدف إلى تشكيل إنسان انهزامي منحرف تائه فقد بوصلته الحضارية، إنسان غارق في الشهوانية والغريزية وأحيانا الشذوذ والعنف.. كما تعمل على صياغة إنسان بتصورات وأفكار بل وأذواق ومضمون قيمي غارق في التماهي مع الكفر والضلال والاستلاب.ولقد انتبهت الحركة الإسلامية إلى هذا الدور المدمر للفنون (خصوصا دورها في الغزو الثقافي والفكري الذي تتعرض له الأمة) ولكنها وقفت بنوع من العجز في توظيف الدور الإيجابي البناء لهذه الفنون. لم تراوح المسألة عند الحركة الإسلامية مسألة الشعار في المعركة
الفكرية والثقافية الدائرة داخل أوطاننا والمفروضة علينا من طرف أعداء داخليين وخارجيين.لقد آن الأوان أن ننتقل من التعاطي مع دور الفنون بالاعتبار الإيديولوجي، أي محاولة إبراز دورها في الغزو الثقافي والحضاري إلى محاولة توظيف هذه الفنون في التعريف بقضايانا، والتبشير بمشروعنا الحضاري وإصلاح ما اعوج من واقعنا وتصوراتنا.
إن الإنسان يصاغ اليوم في البيت والمدرسة ويمكن أن يؤطر في المسجد والحزب أو الحركة أو دار الشباب.. لكنه يصاغ أيضا في المقاهي ودور السينما وقاعات الأنترنيت ومن خلال السهرات الفنية وقاعات العرض التشكيلي وقاعات الموسيقى والرقص الجسدي.. لقد آن الأوان لأن تهتم الحركة الإسلامية بمجالات الفنون خصوصا الحديثة التي تعتمد ميادين الإعلام والاتصال الحديث في نقلها.. آن الأوان أن تنتقل الحركة الإسلامية ضمن ضوابط الإسلام الشرعية إلى مرحلة الفعل وطرح بدائل في جل مجالات الفنون خدمة للإنسان وللمشروع الحضاري الإسلامي وعدم والاكتفاء بالتوظيف الإيديولوجي لاستعمالات الفنون في الحرب على الإسلام ومشروعه الحضاري.
عبد الرحمان امغار: رئيس جمعية العرفان للثقافة والعمل الاجتماعي بالجرف الرشيدية
تكوين مجموعة الهدى للأناشيد جاء كبديل لغناء "المسوري" ولدينا طاقة فكاهية شابة نرعاها.
جاء تكوين مجموعة نور الهدى للأناشيد الإسلامية بالجمعية إجابة واقعية للفن الرائج بالبلد وهو الفن الشعبي والمشهور وطنيا ب"المسوري" وثانيا تقليدا لمجموعة الشروق بأرفود والتي لاقت إقبالا لدى شرائح المجتمع بالبلد في إحياء المناسبات كالأعراس والعقيقة. والحمد لله اليوم، فالفرقة تشق طريقها في إحياء بعض المناسبات وتسد حاجة الكفاية في الأنشطة التربوية التي تقوم بها الجمعية محليا سواء داخل مقرها أو من خلال الرحلات الترفيهية والتربوية التي تنظمها.
هذا على المستوى الإنشادي أو الأناشيد أما على المستوى المسرحي فلدينا طاقة محلية وهو الشاب مكرم عبد الكريم، وهو فكاهي ناشيء استطاع أن يسد بعض النقص في هذا المجال، وقد شارك أخيرا في تنشيط أسبوع ثقافي جامعي بفاس، ولقي استحسانا لدى الطلبة.
ولكن تبقى المتطلبات المادية عقبة أمام تطوير هذه الطاقات الفنية.
وهذه البوادر على ضآلتها تشكل بديلا مؤقتا يأخذ مواضيعه من البيئة المحلية في إبداعاته الفنية، سواء في الأناشيد أو من الأغاني التي لا تتعارض والمضامين الشرعية أو المستحسنة.
ويبقى صعبا التوفيق بين المضمون الجيد والأداء الجيد، مع قلة التجربة وضعف الإمكانات المادية وطبيعة البيئة الجرفية المحلية؛ المشهورة بالابداعات الشعبية المعبرة عن هموم الأفراد والتي شكلت في حد ذاتها مصدرا لبعض الأغاني الرائجة في الساحة الفنية اليوم.
مسرورالمراكشي (فكاهي مسرحي): لابد من لجنة فنية لدى كل الحركات الإسلامية
بداية لا يمكن تصنيف فن ما بأنه إسلامي أو غير إسلامي، فكل فن جميل ويحترم ذوق الإنسان فهو فن إسلامي.
وإذا نظرنا إلى الفن بالمغرب، نجد أن الحركة الإسلامية، لم تعطه اهتماما أكبر مثلما أعطاها، فهناك فنانون مقتدرون ولكنهم مهمشون، واللون الفني الواحد الذي حظي بالأهمية هو فن الأمداح أو المديح أو الأنشودة التي لم تطور نفسها وبقيت محصورة في الدف استنادا لحديث الدفوف، مقصدها هو الرد على من يبدع الأناشيد بالآلات.و
المسألة الأخرى أن المسؤولين الثقافيين في الحركة الإسلامية ليس لهم خريطة تضم لائحة خاصة بالفنانين ذوي الاتجاه الملتزم.
ونحن عند ما نود الحديث عن الفن من الأولى أن نتحدث عن الفنان، فهناك غياب استراتيجية في صورة لجنة فنية تتابع هذا الموضوع، إذ نجد تنظيرا في الهواء، فالقادة لهم رؤية متفتحة للموضوع لكن الواقع لا يجسد هذه النظرة.
والحل الذي اقترحه هو تشكيل لجنة تضم مهتمين بالميدان الفني كالمسرح والأنشودة والرسم، تستحضر الخطورة الآتية من الفن، وتأخذ به ليكون تنظيما موازيا أي أن يكون المسؤول الثقافي ناضجا حركيا.ونحن نرى
ففي الآونة الأخيرة، كيف أحدث مسلسل "فارس بلا جواد" زوبعة كبيرة مما يبرز دوره الهام.
وشخصيا أفاجأ بغياب لجنة فنية لدى الحركات الإسلامية، مما يفرض سرعة التحرك مثلما نلاحظه في الجانب السياسي والتربوي والنقابي. ولا نجد إلا بعض المبادرات التي تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي.
عبد العزيز الحمداوي (مسرحي وسينمائي ،أكادير):رسالة الفن عالمية تهدف في مجملها تغليب الحق عن الباطل والخير عن الشر.
في البداية كان تعامل الحركة الإسلامية مع الفن على قاعدة "الأًصل في الشيء التحريم إلا ما حلل "كممارسة، فكل إبداع مرتبط بالتأصيل له، فكان ضحية هذا القول الموسيقى والغناء، والفئة التي نجت من هذا الوضع هي فئة الأدباء والشعراء، حيث استطاعت التأصيل لأنماطها بالاستناد إلى السيرة وإبداع حسان بن ثابت الذي واجه الكفار، فتسير لهم النص والسيرة فاستطاعوا التمكن من الشعر وفرضوا أنفسهم في هذا المجال في الإبداع.
وتطور الأمر مع تخلص فئة الإنشاد بتقليد المشرق، ونحن المغاربة مولعون بالتقليد ونخشى من البدعة ونسعى إلى مسح الأخطاء في العلماء، وبالالتجاء إلى الشام أخذت الأشعار الصوفية وتطور استعمال الآلات لدى فئة الإنشاد من الدف إلى الموسيقى ومنهم من وصل إلى الإنشاد بالموشحات، والحقيقة، رغم هذا التطور، لم يرقوا إلى المستوى الشعبي والمستهلك، وكأن الشعر العربي هو الحلال أما شعر الزجل بالدارجة أو العروبية أو الجبلية فهو في مصاف التحريم باعتبار أن الموجود منه في الساحة هو الفن الماجن، فالملحون مثلا كان الفنانون لا ينشدونه إلا بعد وضوء، لأن فيه سيرة ودعوة إلى الخير والابتعاد عن الشر.
فنجد أن أي دخول إلى هذه الدوائر بمثابة مغامرة .
أما المسرح والسينما فلم يتحررهو أيضا من هذه القيود، وينتظر من يجدد له أمر دينه ويبحث له عن فتوى التحليل، حتى حدود الثمانينات، فحصل تلاقح مع الإخوة التونسيين، وشخصيا، عند لقائي معهم أكدوا لي أن الأصل في الأشياء الحلية إلا ما حرم" فنصحوني بالإبداع والإنتاج وترك التأصيل للعلماء، باعتبار عدم أهليتي الفقهية"، واتبعت النصيحة، فكانت الإبداعات الأولى حول إنتاجات تتناول السيرة كسيرة عمر بن عبد العزيز وابن تيمية، واعتبرت البديل الإسلامي للفن الإسلامي، هذا مع ما تحمله من سلبيات قاتلة منها:
أن هذه الأنماط الإبداعية تكرس مرحلة في التاريخ لا يمكن إعادتها على الإطلاق.
أنه يضع العالم أو الصحابي أو المجاهد كأنه ملك لا يخطئ بناء على تصنيف: إما ملك أو شيطان، فالقول الصحيح أنهم يخطئون ويصيبون. فكان هذا الرأي مكبل لكل إبداع إلى أن حصل تحرر.
وكل إبداع في هذا الشأن يحتاج إلى دعم وتخصص له ميزانية ولا يتوقف على الإمكانات الخاصة.
ورغم أن المبدع ينتج عملا ما فإن المسؤولين يأخذونه باعتباره أخف الضررين، ولا تجد من يعطي درهما واحدا لهذا العمل (هنا أشير إلى تجربة الأستاذ مصطفى المحمدي في إبداع مسرحية).
وأي عمل فني يتوقف على دعم مادي أكثر مما هو موجود في السوق نظرا لافتقار للأطر والتقنيين. وهذه أزمة العقل العربي والإسلامي حيث يضع أفكارا وبرامج دون أن تخصص لها ميزانية التنفيذ.
فضرب أمريكا لما تسميه إرهابا لاتتحرك إلا إذا رصدت له ثلاثة أضعاف ما يكلف، وفي العموم، فرسالة الفن رسالة عالمية تهدف في مجملها إلى تغليب الخير عن الشر والحق عن الباطل، وهذا الهدف من مسلمات الإسلام، ولكن الواجب أن يحترم شكلا شرعيا، ولدي أعمال إسلامية رغم أنها أنجزت من طرف أمريكيين أو شيوعيين.
محمد عاطفي ( مخرج سينمائي وممثل):الفنان قدوة وما يقدمه يجب أن يراعي فيه الصدق والاحترام
الفن بصفة عامة ينبني على الأخلاق، والأخلاق من شيمة العاملين فيه لأن الفنان يدخل إلى البيوت بواسطة التلفزة والإذاعة دون استئذان، إذن يجب أن يكون قدوة، وما يقدمه للناس يجب أن يراعي فيه الصدق والاحترام. احترام المتفرج وذوقه، وطبعا الترفيه عنه في حدود المعقول، وأن يعرف بتاريخ المغرب وبطولات رجالاته لأن هذا الجانب مع الأسف مقصر فيه. على كل حال الفن رسالة وهدف أساسه الأخلاق. فالله سبحانه وتعالى قال لرسوله الكريم: ( وإنك لعلى خلق عظيم)، وقيل في الشعر أيضا: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.من جهة أخرى فإن الحديث عن ضرورة توفر الإثارة الجنسية في الأعمال الفنية حتى تحقق النجاح، حديث غلط إذ أن السينما العالمية تجاوزت الآن الإثارة الجنسية واكتفت ب"الرمز" فقط، ولهذا يجب أن نواكب المركب ونتماشى مع العصر والتصور التقني والفني دون اللجوء إلى الإثارة الجنسية لأنها لا تفيد كثيرا.
إن السينما المغربية في طريقها إلى النضج والتقدم وأتفاءل لها بمستقبل حافل إذا ما أسندت الأمور إلى أهلها،
أما بخصوص السينما الإيرانية فإنها قطعت أشواطا كبيرة من حيث المواضيع والتقنيات وأصبح لها مكان محترم في العالم.(فيما يتعلق بآخر إنتاجات المخرج محمد عاطفي فهي مشاركته الفعالة في مسلسل "صقر قريش" من إنتاج سوريا الدولية للإنتاج الفني تأليف الدكتور وحيد سيف وإخراج حاتم علي).
إعداد:عبدلاوي لخلافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.