ارتبط تاريخ الجداريات بالمغرب بمهرجان أصيلة، الذي دأب على استضافة الفنانين المغاربة والعرب والأجانب للمشاركة في تأثيث وتزيين جدارياتها، فكانت هذه الجداريات سندا لكل التجارب الفنية، الرائدة منها والفتية، حيث تعرف المتلقي المغربي على كل الاتجاهات الحديثة محليا ودوليا. فبعد أصيلة، احتضنت مدينة آزمور، بدورها، أول تظاهرة عالمية تحت عنوان «ستريت آرت» تصب في موضوع محدد باختلاف تقنياته، حيث الرحالة ستيفانيكو أو سعيد بن حدو الزموري ( 1500 1539) المعروف أيضا باسم «إستيبان إلمورو» شارك في حملة استكشافية لجنوب غرب أمريكا في عام 1527 تحت قيادة «ألفار نونييز كابيزا دي باكا»، وكان واحدا من الأربعة الناجين من العطش والجوع والأمراض، فاستقر بأمريكا وتوفي بها بعدما اختلف المؤرخون حول ظروف عيشه وموته هناك. ولهذا كان الاحتفاء به من خلال جداريات تشكيلية هي نوع من التأريخ لأبناء هذه المنطقة، ووسيلة تعبيرية فنية عن موروث تم إحياؤه عن طريق اللون والشكل باختلاف التصورات المخيالية لهذه الشخصية التي أثارت فضول الفنانين. فبعد هذه التجربة، تعرف مدينة الرباط، بدورها، حاليا، إنجازا هو الأول من نوعه على المستوى الجمالي في علاقته بالفضاء، شارك فيه فنانون من المغرب، أمريكا، اليابان، فرنسا، الأرجنتين، إسبانيا، إيطاليا والشيلي، فحولوا أزقة وشوارع الرباط إلى متاحف، لتقريب الفن للمتلقي، في إطار الانفتاح على فضاءات خارجية بعدما كان الفن مقتصرا فقط على أماكن النخبة كالأروقة والمتاحف. غير أن هذه البادرة تأتي في سياق جمالي استنادا إلى «فن الكرافيتي»، الذي عرف أول الأمر في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي كان فيه الجدار سندا تعبيريا عن آراء وانشغالات الشباب الثائر على الوضع، ليتحول إلى مدرسة أو اتجاه معاصر كان من رواده الفنان «ميشيل باسكيا». بينما تجربة الرباط الجدارية، تدخل ضمن اهتمامات جمالية بالأساس، نتمنى أن يؤرخ لها عن طريق تثمينها بدليل أو كتاب أنيق، وأن تكون بداية لاهتمام جميع المدن المغربية بهذا النوع من التعبير، بإشراك كل الفنانين المغاربة الذين يهمهم أمر مدينتهم.