إذا كان التوظيف الفني الخاص بالمواقع الأثرية بتعلق أساسا بالتنشيط الثقافي المتضمن لمختلف العروض الأدائية و المشهدية (الموسيقى و الغناء، المسرح، الكوريغرافيا، الرقص و الأهازيج الفلكلورية...)، ماهو نصيب الفن التشكيلي ضمن هذه التدخلات الإبداعية؟ في هذا الصدد، أذكر إحدى التجارب التي شاركت فيها بمناسبة اليوم العالمي للمعالم و المواقع العام 1995 (1)، باعتباره تخليدا يهدف إلى تحسيس الجمهور بأهمية صيانة التراث و المحافظة عليه، حيث يؤكد المجتمع الدولي إرادته في تكثيف الجهود من أجل إنقاذ التراث الإنساني. ضمن هذا التحسيس تم إنجاز لوحات و أعمال فنية في الهواء الطلق بفضاء شالة بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين المغاربة، انطلاقا من الإيحاءات الجمالية التي يثيرها هذا الموقع المفعم بالإيحاءات و الرموز التراثية و المعمارية، فاختلفت اللوحات في طرق الإنجاز و التقنيات و الرؤى، كما تنوعت الحوافز التي تثيرها المناظر، خاصة و أن رحاب منتزه شالة خضع بفضائه الطبيعي لحركة عمرانية صقلتها أياد مبدعة، حيث « تلوح صومعة مدرسة أبي الحسن متصاعدة إلى السماء، و يمتد شريط الأسوار في تناسق على أرضية الموقع، كلاهما ينم عن رغبة أكيدة في خلق الانسجام بين العمارة و الطبيعة» . إضافة إلى تظاهرة « فضاء الناس » التي نظمتها الجمعية الوطنية للفنون التشكيلية بالبيضاء العام 1991، حيث تم إنجاز لوحات في الفضاء العمومي ( حديقة ). و من بين التجارب التي عاينتها، المعرض الجماعي المقام بمخازن المولى إسماعيل ( هري سواني ) بمكناس في سنة 2003، ضم تجهيزات و لوحات و منحوتات كل من محمد القاسمي و فؤاد بلامين و عبد الكريم الوزاني، في إطار تظاهرة «جون جونيه و العالم العربي » (2). بالنسبة للتشكيلات الحجمية، لا بد من التذكير بالسمبوزيوم الدولي للنحت، الذي أشرفت على دوراته النحاتة إكرام القباج، بشراكة مع جمعية المحفل الدولي للنحت ( الجديدة 2000، طنجة 2001، فاس 2002 ) و بمساهمة نحاتين من مختلف الأقطار العربية و الدولية (3)، لتجنيب النحت من صبغته النخبوية المطبوعة بالاستحواذ، من خلال إخراجه إلى الفضاءات الشعبية و تثبيته فيها، بوصفه ملكا عاما يؤسس نمطا من أنماط متاحف الهواء الطلق. هذا الخروج الذي يروم تنوير الذائقة البصرية لدى الجمهور و تهذيب الساحات و الحدائق، يستجيب لقواعد الهندسة المدنية الحديثة التي تأخذ في اعتبارها البعدين السوسيولوجي و الجمالي للفن ضمن تصاميمها العمرانية للمدن، بتخصيصها أماكن للقطع النحتية و التماثيل و مختلف أشكال التعابير المجسمة في مواقع محددة تمليها طبيعة النسيج المديني باعتباره كُلاّ متماسكا. في حين، وجب التنويه بالتحويل الموفق الذي عرفته « مجازر الدارالبيضاء » Les abatoires de Casablanca التي أصبحت موقعا مفتوحا يستقبل التعدد الفني بكل أطيافه، و يحتضن مختلف الإبداعات البصرية المعاصرة من معارض تشكيلية و جداريات و تنصيبات Installation وأداءات مشهدية Performances و حركات Actions و سائر الأنماط الفرجوية، فيما أمسى فضاء لتجارب الشباب المهووسين بضروب الغرافيتي Graffiti و فنون الشارع ( Street-art ). وخارج المواقع المحلية، تنبغي الإشارة إلى إحدى التجارب الفريدة للفنان الراحل محمد القاسمي بتركيا: «ذاكرة نور » ( 1992 ) (4)، حيث عمل على إشراك اللغة المنطوقة و حركية الجسد و رمزية الموقع المتعلق بالمسرح الروماني لمدينة كاش Cash الذي يحيل على تاريخ الفرجة Spectacle. من ثمة يمسي التدخل الصوتي - الجسدي رفقة الكوريغرافية كترين بوزي Cathrine Pouzet محدّدا ضمن ما يسمى بال « حركة » Action (5)، الشكل الفني الذي يَحْدُثُ فيه تطابق الفنان بالممثل Acteur. ضمن هذه التظاهرات الفرجوية العابرة والفعالة، يتعين التأكيد على التأثير الإيجابي الذي خلّفه « المعرض ذ البيان « بساحة جامع الفنا بمراكش العام 1969، بوصفه منعطفا في تاريخ الفن المغربي المعاصر، بتوقيع فناني جماعة 65 ( المنتمية لمدرسة الدارالبيضاء ) (6)، حيث تم الدفع بالعمل الفني من الداخل إلى الخارج لتوطيد العلاقة بين الفن و الجمهور الواسع، من خلال تنصيب لوحات تمثل نماذج من التشكيل الحديث، داخل أجواء مختلف أنماط الفرجة التي تشتهر بها أعرق ساحة شعبية بالمغرب. لذلك جاء في بيان الفنانين المشاركين، عزمهم على مجابهة الجمهور الشعبي هناك حيث يوجد مستعدا، باقتراحهم هذه التظاهرة الفنية الحية عليهم: « لوحات خرجت من الحلقات المغلقة للقاعات و الصالونات التي لم يدخلها قط مثل هذا الجمهور و لم يشعر أبدا أنها تعنيه. لوحات لا تخضع لنفس الجو و تتأقلم مع الناس و الجدران و الغبار، و الساحة كلها «. مع التنبيه إلى إعادة التجربة بتنظيم معرض بساحة 16 نونبر بالدارالبيضاء في نفس السنة. لعل هذه الرغبة الواعية المُحَمَّلة بهاجس الخروج بالعمل التشكيلي إلى الساحات العمومية، يُعَدُّ امتدادا للموجة المرتبطة بفن الجداريات ( Peinture murale )، كنتيجة لتحويل الفن إلى أداة تَبْليغ مع تطور الحضارات، كما هو الشأن بالنسبة للكنيسة التي سخرت الفنون التصويرية ( الجُدرانيات Fresques ) و المسرح و الكورال لأغراض تحسيسية و توجيهية تَمُسُّ الديانة المسيحية. غير أن الموجة المقصودة هنا، يمكن حصرها، انطلاقا من الجداريات المكسيكية التي عملت على إرساء قواعد تنفيذ الجداريات كممارسة تعبيرية بالمفهوم الحالي، خلال العُشرية الثانية من القرن العشرين؛ الحقبة التي واكبت سنوات ما بعد الثورة المكسيكية التي أخذت في اعتبارها المسألة الجمالية كمرحلة تلي المرحلتين المادية و العقلية، ضمن نظرتها لسيرورة التطور الاجتماعي. في هذا المنحى لعبت الجداريات الهائلة دورا كبيرا في تقريب الناس من جوهر الثورة، و في استغوار أشكال التراث المكسيكي. فصار للجداريات مشاهيرها الذين طوروا طرق صياغتها و تقنياتها، أذكر من بينهم ريفيرا ( 1886-1961 ) وسيكيروس ( 1896-1974 ) الذي لم يدّخر جهدا في معالجة ثبات الألوان أمام تقلبات المناخ و سبل التلاؤم مع البيئة المعمارية، وكل ما يتعلق بزوال الجداريات (7). و بتأثير من التجربة المكسيكية، و في إطار برنامج «العمل الفني الشعبي»، تم تشجيع التشكيليين على إنجاز الجداريات في العديد من المدن الأمريكية. كما تم إنجاز جداريات معبرة في مختلف الفضاءات العمومية إبّان حقبة الأزمة الاقتصادية (إلى حدود بداية الأربعينيات) بتحفيز الفنانين على تنفيذ الجداريات مقابل تعويض مادي. فيما ساعدت بعض الولايات ( كنيويورك و شيكاغو... ) عددا من الفنانين المنضويين تحت مجموعات للقيام بإنجاز ما نُعِت ب « الجداريات الأمريكية » ( 1965 - 1970 )، المشفوعة بطابع اجتماعي يستجيب لمطالب السود و الأقليات و السكان عموما. بعد أحداث ماي 1968، و بهدف تحسين حياة الساكنة، عملت جمعيات الأحياء بفرنسا على إشراك التشكيليين لإنجاز جداريات على شاكلة الجداريات الأمريكية التي عرفت مثيلاتها بمختلف الأقطار الأوروبية. بينما يبقى جدار برلين ( قبل سقوطه )، أَبْرَز شاهد على الشرخ الأوروبي، و أكبر مساحة لاستيعاب مختلف مظاهر التشهير السياسي (8). استنادا إلى هذه الموجة العالمية المنحدرة إلى بداية القرن العشرين مع الجداريات المكسيكية، يمكن اعتبار معرض جماعة 65 بساحة جامع الفنا ضمن امتداداتها. و من هذه الزاوية نلامس دوافع هؤلاء المشاركين أنفسهم ( المليحي، شبعة، بلكاهية، حميدي بخاصة ) للانضمام إلى كوكبة المتحمسين لفكرة إنجاز الجداريات ضمن برنامج « موسم أصيلة الثقافي » السنوي، لإيمانهم بضرورة تحويل الفضاء العمومي إلى محترف، للكشف عن طبيعة ممارستهم الإبداعية بإدماج الجمهور، و ليس الاكتفاء بتقديم الأعمال الجاهزة. لذلك يتعين الوقوف عند هذا الملتقى المهم، لشهرته الوثيقة بالفنون التشكيلية من خلال تنظيم المعارض و تفعيل محترفات الحفر La gravure، والاهتمام الجاد بإنجاز الجداريات الذي أصبح تقليدا راسخا بالمدينة من جهة، و لكونه استطاع أن يحقق ديمومته منذ دورته الأولى العام 1978 من جهة أخرى. من هنا يتجدّد التأكيد على جدوى علاقة الفن بالفضاء العمومي. و من ثمة، يستدعي السياق تناول مدى أهمية علاقة الفن بالمدينة. منذ تأسيسها الذي ينحدر إلى غاية 844 م، ظلت أصيلة تشكل مركز عبور تجاري، و نقطة تقاطع بين الشرق و الغرب، نظرا لمكانة موقعها الاستراتيجي، حيث ب تقع في مدخل البحر المتوسط، سرة الدنيا و مهد حضارتها، و على ممر مائي دولي يربط القارات (...) و خلال القرنين الخامس عشر و السادس عشر تحولت أصيلة إلى قلعة محصنة ذات أسوار منيعة و بروج مليئة بالمدافع و مختلف الأسلحة النارية ا تحت الحكم البرتغالي (9). فيما لعبت دورا تاريخيا كأحد الثغور الإسلامية الإفريقية في وجه الزحف الأوروبي.. و كأحد قلاع الفكر الإسلامي العربي (10). هذا الوضع الجغرافي و الطبيعي الذي طبع البيئة الإنسانية و العمرانية للمدينة بصِبغة الأصالة و التميز، يمثل أرضية خصبة و ملائمة، سرعان ما تتجاوب مع فقرات الملتقى الفنية ( تشكيل، مسرح، موسيقى )، الموزعة عبر مختلف الفضاءات الخارجية، بما فيها الأسوار البرتغالية و زقاق المدينة و ساحاتها، و كذا الفضاءات الداخلية التي خضعت للترميم لتتكيف مع وظائفها الجديدة، كقصر الريسوني الذي تحول إلى « قصر الثقافة «؛ البناية الفاخرة و العتيقة التي أضحت تضم جناحا خاصا بالتشكيل الحفري، كأحد أهم معامل الحفر في إفريقيا، و كأحد المراسم الفاعلة في تكريس حلقات التبادل و التقارب بين فناني مختلف ربوع العالم. إضافة إلى إعادة ترتيب فضاءات المسرح و التراث و المتاحف كقيمة ثقافية و حضارية. في موسم أصيلة الثقافي، تبقى الجداريات من أبرز الأنشطة الفنية التي تعضد الإحساس بملكية الشارع لدى السكان، و هم يعيشون زمن انبثاق الجداريات من عذرية بياض منازلهم، لتؤلف ألوان مظاهر الزينة القائمة على جمالية التشكيل الجدراني القمين بالتفاعل مع مختلف الشرائح و المستويات الذوقية. من ثمة، يظل الموسم تلك التظاهرة التي ب أزالت عنصر الأسطورة و السحرية عن مفهوم « الثقافة » (...). فصباغة الجدران التي قام بها أقطاب الفنانين المغاربة بالتجاوب مع رؤيا أولئك الذين يستعملون الشارع ويعيشون خلف تلك الجدران، أعطت نظرة جمالية كبيرة للسكان الذين تبنوا بأنفسهم هذه التعابير التشكيلية ا (11). التبني الذي يتضح من خلال حرص السكان، و ضمنهم الأطفال، على تحصين محيطهم البيئي المشع بالجداريات التي أصبحت تمثل التميز الجمالي لحيهم. من هنا تتأسس الثقافة الجماهيرية في بعدها الإيجابي، من حيث خلق الجو الإنتاجي و التفاعلي الذي يخلق قيم التلاقي و التبادل و التعاون و التضامن و التعبير، بدرجة عالية من المشاركة التلقائية النابعة من رغبة إنسانية واعية في بناء الحدث و المساهمة في نجاحه، حيث يصبح ب كل شيء عبارة عن وليمة اختلط فيها الغني بالفقير و المتعلم بالأمي و العجوز بالشاب. عاشوا جميعهم تجربة جمالية دون أية شكليات طقوسية، و أية اعتبارات خاصة، تلك التي تطبع عادة التظاهرات الثقافية المغلقة ا يوضح الأستاذ المهدي المنجرة (12). من ثمة، تتحول لغة الفن إلى وسيط شاعري ينسج حوافز التقارب بين الأفراد و العقليات و الثقافات الوافدة على أصيلة التي أمست تتمتع بشهرة عالمية بفضل موسمها الجماهيري المفعم بالتظاهرات الثقافية التي توفق بين الانفتاح على الآخر و التداول الواعي بخصوصية المرجعيات المحلية ذات الامتدادات العربية و الأمازيغية و الإسلامية و الإفريقية. فمع توالي و ثبات دورات الموسم المواكبة للتطورات التي عرفتها البلاد، اتضحت فجاجة الصراعات السياسية، و تلاشت الإيديولوجيا لصالح الثقافة التي أصبحت مدمجة في الحياة العامة، ليتحول جمهور الفرجة إلى صانعها و مشاركا في تدبيرها، دون الاكتفاء بدور المتلقي الحيادي. من ثمة، نجح الموسم في خلق الخيط الرفيع الذي يربط بين الثقافة و السياحة؛ المزاوجة التي تضحى معها المدينة الصغيرة أكثر رحابة لاستقطاب زوارها المحليين و الأجانب الذين تستهويهم السياحة الثقافية التي تتداخل فيها المتعة و المعرفة و الاطلاع و التجربة الفعالة. هكذا تقدم أصيلة قواعد أصيلة في تفعيل الفضاءات المدينية و جعلها وعاء للفرجة و التجاور و التبادل عبر جاذبية الفن الذي مازال يحتاج إلى المزيد من التعريف بأبعاده الذوقية و الجمالية و الإنسانية في العالم العربي عموما. فقد قيل: ب إن العرب لم يروا في المآسي اليونانية إلا نصوصا بسيطة و أشعارا حوارية غريبة (13)؛ هذه الرؤية الضيقة، تقربنا من المؤثرات و الرواسب ( القديمة ) التي جعلت الإنسان العربي يظل مشدودا إلى المعالجات الإبداعية المباشرة ( التصوير التشخيصي مثلا )، بينما يستعصي عليه التجاوب مع أشكال الفن الحديث في التشكيل كما في السينما و المسرح الذي يراه منزوعا من صفته الموصولة بالتراكم الحضاري و ما تخلله من صور الصراع البشري. استنادا إلى نموذج أصيلة التي ترتدي لباس العواصم الثقافية في الصيف، يصح التسليم بكون المدينة تتخذ ملامحها و مِزاجها و عطرها و مُحياها، إذ يتم النظر إليها كالإنسان تماما، لها وجه قد يكون محببا أو مكروها، و لها شخصية كشخصيته، هي قريبة إلى القلب أو بعيدة عنه ا بحسب باحثين فرنسيين (14). هي إذن، انعكاس لصورة ساكنتها، إذ تدخل ضمن السيرورة الأنطولوجية للفرد. لذلك وجب اعتبارها مصدرا للتفكير الثقافي، لكونها لا تنحصر في بعدها المادي ككيان إسمنتي خاضع لهندسة معمارية/عمرانية، بل تُعَدُّ هندسة رمزية تتصل بالتمثلات البصرية كتشكيل جدراني وظيفي، كما تتصل بتأثيراتها الفاعلة في سلوكات قاطنيها على عدة أصعدة؛ ما يتعلق بالجوانب النفسية و الاجتماعية و التربوية على وجه الخصوص. لعلها الزاوية التي نلامس من خلالها أهمية الفضاء العمومي الذي يتجلى كخيال يمكن تقويمه و ترويضه لتحقيق التراكم القيمي المراد تحقيقه، خاصة و أنه صار - اليوم - أكثر حيوية كمكان للتواصل و الاستثمار ( المادي و الرمزي )، استجابة لمجرى الظروف و الضغوطات التي تحكم الحراك المجتمعي الذي يتفاعل في رحاب الشارع، حيث ب أصبح للساحة دورها، و للشارع دوره سواء في الثقافة أو التجارة أو السياسة. أصبح الشارع مكانا للعيش، ففيه تُستقطب الآراء السياسية، و فيه يمكن للمبدع أن يمتحن شعبيته،و أصبح ينافس المدرسة في تربية الناشئة. و كما أن الممارسات الإنسانية كلما وجدت لها مكانا في الشارع، فإن التشكيل أو الفن بعبارة أعم كان لابد أن يطالب بمكانه في هذا الفضاء الزنقوي ا كما يرى الباحث الجمالي موليم العروسي (15). في السياق ذاته، هل يعتبر الفضاء المديني حيزا مكانيا أحاديا؟ طبعا تتعدد طبيعة الفضاء الذي يضيق و يتّسع، يتحول بحسب كل شريحة مجتمعية معينة. إذا كان الأمر كذلك، فما هو الخيط الرابط بين هذا النسيج من الفضاءات المتعددة و المتنوعة؟ يتساءل الفنان محمد القاسمي: ب هل هو النَّفَس الإبداعي و الخيال؟ هل هو الإيمان؟ هل هي صيغة مركبة تسيرها إيقاعات مادية و روحية و جمالية آتية من رغبة الكائن في البقاء منسجما مع محيطه الحياتي؟ قد تكون هذه الأسئلة أجوبة حتى و لو كانت نسبية ومقلصة (16). قبل هذا و ذاك، تبقى حلقة المهندس رئيسة، أكان معماريا (Architecture) أو مدنيا (Géni-civil)، باعتباره مصمم المدينة و بانيها. فهل يأخذ في حسبانه منظوري الباحث الجمالي و الفنان؟ هوامش *المداخلة التي ساهم بها الباحث بها في الدورة السادسة للندوة الدولية ( طنجة المشهدية )، الذاكرة الثقافية والإبداعية المعاصرة: الفرجة الخاصة بالموقع في سياقات عربية إسلامية، المركز الدولي لدراسة الفرجة و جامعة عبد المالك السعدي، متحف البطحاء، طنجة، 21 ذ 22 ذ 23 ماي 2010 1. نظمتها وزارة الثقافة، شالة 18 أبريل 1995 2. نظمتها وزارة الثقافة و الاتصال و سفارة فرنسا بالمغرب 3. المغرب، سوريا، لبنان، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، ألمانيا، أوروبا الشرقية، أمريكا 4. أنظر: القاسمي ،« الأرض زرقاء مثل برتقالة » ( كاتالوغ )، الرباط، 26 و 28 ماي 1993 5. هذا الشكل التعبيري يندرج ضمن مختلف أنماط التصوير الحركي، و بخاصة في التوجه القائم على التعبيرية التجريدية. و ممارسة هذه « الحركات « في الفضاءات العمومية، لا تعتبر كمكملات للأشكال التعبيرية الأخرى، بقدر ما تعتبر أعمالا فنية قائمة بذاتها. 6. شبعة، المليحي، بلكاهية، حميدي، حفيظ، أطاع الله 7. عرف سيكيروس يمفهوم « فن الحديث بالرسم »، و بإنجازه الضخم تحت عنوان «البوليفورم »، و كذا بجداريته اللامتناهية المتمحورة حول موضوع « المسيرة البشرية »، لاقتناعه الراسخ بوجوب الإيمان بمصير الإنسان. 8. أنظر: عبد الإلاه بوعود، اختلاف و تكامل ذ علاقات الفنون التشكيلية و المسرح، دار القرويين، البيضاء، ط 1، 1999 9. عبد الوهاب ابن منصور، « أصيلة عبر التاريخ »، أصيلة ذ الموسم الثقافي الأول ذ يوليوز/غشت 1978، مؤسسة « شوف » للنشر، البيضاء، 1979، ص 11 - 14 10. محمد بنعيسى/محمد المليحي، « خلفية الموسم «، Ibid، ص 10 11. المهدي المنجرة، « ثقافة جماهيرية «، Ibid، ص 24 12. Ibid، ص 25 13. عبد الإلاه بوعود، Op-cit، ص 7 14. حميد سلاسي، « المدينة و الفلسفة أية علاقة؟ »، الفلسفة و المدينة ذ وقائع يوم دراسي، المدرسة العليا للأساتذة، ط 1، 2003، ص 74 15. موليم العروسي، « المدينة و التشكيل »، ملف التشكيل و المدينة، آفاق، اتحاد كتاب المغرب، ع 2، 1992، ص 51 16. محمد القاسمي، « تخطيطات أولية لجسد المدينة »، Ibid، ص 46